العذاب في عرصات القيامة
ان نيران جهنم سببها الجهل وفساد القلب والانحرافات العملية، ولم يشأ اللَّه الرحيم ان يعذّب كل أحدٍ تعذيباً الزامياً، وانما هي والرذائل الأخلاقية هي التي تظهر يوم القيامة بصورة عذاب يحيط بالمذنب، ولولا الذنوب والمعاصي والانكار والكفر ومعاندة اللَّه لم يكن ثمة وجود لعذاب البرزخ والقيامة.
جاء في دعاء الكميل:
فباليقين اقطع لولا ما حكمت به من تعذيب جاحديك وقضيت به من اخلاد معانديك لجعلت النار كلّها برداً وسلاماً وما كان لأحدٍ فيها مقراً ولا مقاماً لكنك تقدّست أسماؤك اقسمت ان تملأها من الكافرين من الجنة والناس أجمعين، وان تخلِّد فيها المعاندين.
بناءً على هذا فإنّ الناس هم الذين يمهدون العذاب لأنفسهم من خلال ارتكاب الذنوب والمعاصي، وليس اللَّه الرحيم، الغفور، الكريم، بل هو الذي هيأ جميع الوسائل اللازمة لحصول عباده على الحسنات التي تكون نتيجتها الأمان
الاسرة و نظامها فی الاسلام للعلامة حسین انصاریان، ص: 239
في الدنيا والآخرة.
على أية حالٍ، يتعين على الزوجين العمل على توفير الأمان المطلوب في الحياة الدنيا لهم ولأولادهم وارحامهم واقربائهم مستعينين بالايمان والأخلاق والعمل الصالح والصفاء والوفاء والصدق والحلم والصبر وسعة الصدر، لينالوا بذلك الأمان يوم القيامة بالاضافة إلى ما ينعمون به من أمان في هذه الدنيا حيث يقول النبي (صلى الله عليه و آله):
«الدنيا مزرعة الآخرة».
ويقول الامام الباقر (عليه السلام):
«ولنعم دار المتقين» «1».
فالمتقون يتزودون من دنياهم لآخرتهم، ويعمّرون آخرتهم بدنياهم، فيعيشون في الدنيا سعداء، وفي الآخرة أكثر سعادة.
ان المؤمنين والمتقين يتاجرون ويكسبون ويزرعون ويملكون ويتزوجون، ويديرون شؤون البيت والحياة على أحسن وجه ويقضون حوائج الناس ويتزاورون ويتصدقون، وخلاصة القول يتمتعون بدنياهم في أجواء ملؤها السلامة والأمان والايمان والاخلاق، ومن بعدها يحظون بآخرةٍ افضل.
ليت البيوت جميعها تعيش الأمان والسلامة، ويا ليت ديارنا باسرها يسودها الايمان والأخلاق والعمل الصالح، ويا ليت جميع الرجال والنساء مزينون بالمحاسن ومطهرون من الرذائل، لئلا يتعرض أحدٌ إلى المشاكل ويعيش الجميع سويةً مستظلين بظلال السلامة لاطمئنان ويهنئون بالمواهب الالهية.
وقد وصف جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) المؤمن الحقيقي قائلًا:
______________________________
(1)- البحار: 73/ 107.
الاسرة و نظامها فی الاسلام للعلامة حسین انصاریانص: 240
«الناس منه في راحةٍ ونفسه منه في تعب» «1».
source : دار العرفان