فيما رواه الشيخ المجلسيّ في « بحار الأنوار » ـ باب أحوال عشائر الإمام الكاظم عليه السّلام وأصحابه وأهل زمانه )
• في ( تفسير العيّاشي ): عن أحمد بن محمّد قال: وقف علَيّ أبو الحسن الثاني ( الإمام الرضا ) عليه السّلام في بني زُريق فقال لي وهو رافعٌ صوته: يا أحمد. قلت: لبّيك. قال: إنّه لمّا قُبِض رسول الله صلّى الله عليه وآله جَهِد الناس على إطفاء نور الله، فأبى الله إلاّ أن يُتمّ نورَه بأمير المؤمنين عليه السّلام، فلمّا مات أبو الحسن عليه السّلام ( أي الإمام الكاظم ) جهد ابنُ أبي حمزة ( البطائني ) وأصحابه على إطفاء نور الله، فأبى اللهُ إلاّ أن يُتمّ نورَه.
• في ( الكافي ) للشيخ الكليني: عن عبدالله بن المفضّل قال: لمّا خرج الحسين بن عليّ المقتول بـ « فَخّ » واحتوى على المدينة، دعا موسى بنَ جعفر عليه السّلام إلى البيعة، فأتاه فقال له ( أي الإمام عليه السّلام ):
يا ابن عمّ، لا تكلّفْني ما كَلَّف ابنُ عمِّك عمَّك أبا عبدالله ( أي الصادق ) عليه السّلام، فيخرج منّي ما لا أُريد كما خرج من أبي عبدالله عليه السّلام ما لم يكن يريد.
فقال الحسين: إنّما عَرَضتُ عليك أمراً، فإن أردتَه دخلتَ فيه، وإن كَرِهتَه لم أحملك عليه، والله المستعان.
ثمّ ودّعه، فقال له أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السّلام حين ودّعه:
يا ابن عمّ، إنّك مقتول فأجِدَّ الضِّراب؛ فإنّ القوم فسّاق يُظهِرون إيماناً ويُسرّون شركاً، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون، أحتسبكم عند الله مِن عُصبة!
ثمّ خرج الحسين، وكان مِن أمره ما كان، قُتِلوا كلُّهم كما قال عليه السّلام.
• في ( الكافي ) أيضاً: عن محمّد بن مسلم قال: دخل أبو حنيفة على أبي عبدالله ( الصادق ) عليه السّلام فقال له: رأيتُ ابنك موسى يصلّى والناس يمرّون بين يديه.. فلا ينهاهم، وفيه ما فيه!
فقال أبو عبدالله عليه السّلام: ادعُوا لي موسى.
فدُعي، فقال له: يا بُنيّ، إنّ أبا حنيفة يذكر أنّك كنتَ تصلّي والناس يمرّون بين يديك فلم تَنهَهُم. فقال: نعم يا أبتِ، إنّ الذي كنتُ أصلّي له كان أقربَ إليّ منهم، يقول الله عزّوجلّ: « ونحنُ أقرَبُ إليهِ مِن حَبلِ الوَريد ».
قال الراوي: فضمّه أبو عبدالله عليه السّلام إلى نفسه ثمّ قال: بأبي أنت وأُمّي يا مُودَعَ الأسرار.
• في ( تفسير القمّي ) لعليّ بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم قال: رأيت عبدَالله ابن جُنْدَب بالموقف، فلم أرَ موقفاً كان أحسنَ من موقفه.. ما زال مادّاً يديه إلى السماء ودموعُه تسيل على خدّه حتّى تبلغ الأرض، فلمّا انصرف الناسُ قلتُ له:
ـ يا أبا محمّد، ما رأيتُ موقفاً قطُّ أحسن من موقفك!
قال: واللهِ ما دعوتُ إلاّ لإخواني؛ وذلك أنّ أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السّلام أخبرني أنّه مَن دعا لأخيه بظَهر الغيب، نُوديَ من العرش: ها ولك مئة ألف ضِعفٍ مِثْله، فكرهتُ أن أدَعَ مئة ألف ضعف مضمونة، لواحد لا أدري يُستجاب أم لا.
• في ( الكافي ): عن زياد بن أبي سلمة قال: دخلتُ على أبي الحسن موسى ( الكاظم ) عليه السّلام فقال لي: يا زياد، إنّك لَتعمل عمل السلطان ؟! قلت: أجل، قال لي: ولِمَ ؟ قلت: أنا رجل لي مُروّة وعلَيّ عيال وليس وراء ظهري شيء.
فقال لي: يا زياد، لأن أسقُطَ مِن حالقٍ فأتقَطع قطعةً قطعة، أحَبُّ إليّ مِن أن أتولّى لأحدٍ منهم عملاً، أو أطأ بساط رجلٍ منهم، إلاّ.. لماذا ؟
قلت: لا أدري، جُعِلتُ فداك.
قال: إلاّ لتفريج كُربةٍ عن مؤمن، أو فَكِّ أسْرِه، أو قضاء دَينه.
يا زياد، إنّ أهون ما يصنع الله بمَن تولّى لهم عملاً أن يُضرَب عليه سُرادقُ مِن نارٍ إلى أن يفرغ اللهُ من حساب الخلائق.
يا زياد، فإن وُليتَ شيئاً من أعمالهم فأحسِنْ إلى إخوانك، فواحدة بواحدة، واللهُ من وراء ذلك.
يا زياد، أيّما رجلٍ منكم تولّى لأحدٍ منهم عملاً ثمّ ساوى بينكم وبينهم، فقولوا له: أنت منتحلٌ كذّاب!
يا زياد، إذا ذكرتَ قدرتك على الناس فاذكُرْ مقدرة الله عليك غداً، ونفادَ ما أتيتَ إليهم عنهم، وبقاءَ ما أتيتَ إليهم عليك.
بيان: « واللهُ مِن وراء ذلك » أي: عفوُه وغفرانه، أو حسابه وحقُّه تعالى لِما خالفتَ أمره.
• من كتاب ( قضاء حقوق المؤمنين ) لأبي علي بن طاهر الصُّوري: عن رجلٍ من أهل الري قال: وُلّي علينا بعض كتاب يحيى بن خالد، وكان علَيّ بقايا يطالبني بها، وخِفتُ مِن إلزامي إيّاها خروجاً عن نعمتي، وقيل لي: إنّه ينتحل هذا المذهب، فخِفتُ أن أمضي إليه فلا يكون كذلك فأقع فيما لا أحبّ، فاجتمع رأيي على أنّي هربتُ إلى الله تعالى وحَجَجت ولَقِيت مولاي الصابر ـ يعني موسى بن جعفر عليه السّلام ـ، فشكوتُ حالي إليه، فأصحبني، فأصحبني مكتوباً نُسختُه:
بسم الله الرحمن الرحيم، إعلَمْ أنّ لله تحت عرشه ظِلاًّ لا يسكنه إلاّ مَن أسدى إلى أخيه معروفاً، أو نفّس عنه كُربة، أو أدخل على قلبه سروراً، وهذا أخوك، والسلام.
قال: فعُدت من الحج إلى بلدي، ومضيت إلى الرجل ليلاً، واستأذنت عليه وقلت: رسول الصابر عليه السّلام. فخرج إلي حافياً ماشياً ففتح لي بابه وقبّلني وضمّني إليه وجعل يقبّل بين عينَيّ، ويكرّر ذلك كلّما سألني عن رؤيته عليه السّلام، وكلّما أخبرتُه بسلامته وصلاح أحواله استبشر وشكر الله، ثمّ أدخلني داره وصدّرني في مجلسه وجلس بين يدَيّ، فأخرجت إليه كتابه عليه السّلام فقبّله قائماً وقرأه، ثمّ استدعى بماله وثيابه فقاسمني ديناراً ديناراً ودرهماً درهماً، وثوباً ثوباً، وأعطاني قيمة ما لم يمكن قِسمتُه، وفي كلّ شيء من ذلك يقول:
ـ يا أخي، هل سَرَرتُك ؟ فأقول:
ـ إي والله، وزِدْتَ على السرور.
ثمّ استدعى ( ديوان ) العمل فأسقط ما كان باسمي، وأعطاني براءة ممّا يتوجّه علَيّ منه، وودّعتُه وانصرفت عنه، فقلت: لا أقدر على مكافاة هذا الرجل إلاّ بأن أحجّ من قابلٍ وأدعوَ له، وألقى الصابر عليه السّلام وأعرّفه فعله، ففعلت، ولقيتُ مولاي الصابر عليه السّلام وجعلت أحدّثه ووجهه يتهلّل فرحاً، فقلت:
ـ يا مولاي، هل سَرَّك ذلك ؟ فقال:
ـ إي واللهِ لقد سرّني، وسرّ أمير المؤمنين، واللهِ لقد سرَّ جَدّي رسول الله صلّى الله عليه وآله، ولقد سرّ اللهَ تعالى.
• في ( الدّرة الباهرة من الأصداف الطاهرة ) للشهيد الأول: قال نفيع الأنصاري لموسى بن جعفر ( الكاظم ) عليه السّلام ـ وكان نفيع مع عبدالعزيز بن عمر بن عبدالعزيز فمنعه من كلامه فأبى نفيع وقال ـ:
ـ مَن أنت ؟! فأجابه الإمام الكاظم عليه السّلام:
ـ إنّ كنتَ تريد النسب، فأنا ابنُ محمّد حبيب الله بن إسماعيل ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله. وإن كنتَ تريد البلد، فهو الذي فرَضَ الله على المسلمين وعليك ـ إن كنتَ منهم ـ الحجَّ إليه. وإن كنت تريد المناظرة في الرتبة، فما رضيَ مشركو قومي مسلمي قومك أكفاءَ لهم حين قالوا: يا محمّد، أخرِجْ إلينا أكفاءنا من قريش.
فانصرف نفيع مخزيّاً.
• في ( الاختصاص ) للشيخ المفيد: قال أبو حنيفة لموسى بن جعفر عليه السّلام:
ـ أخبرْني أيُّ شيء كان أحَبَّ إلى أبيك: العُود، أم الطُّنبور ؟! ( ولا ندري ماذا كان يقصد أبو حنيفة من طرحه مثل هذا السؤال الهجين ؟! ) فأجابه الإمام الكاظم موسى ابن جعفر عليهما السّلام:
ـ لا، بلا العُود.
فسُئل عليه السّلام عن معنى ذلك فقال: يُحبّ عودَ البخور، ويبغض الطنبور. ( أجل فالأئمّة يحبّون ما يقرّب الملائكة إلى الأرض ومنه البخور، ومخالفوهم يحبّون ما يقرّب الشياطين إليهم، ومنه الطنبور! ).
نقلاً من موقع شبكة الإمام الرضا عليه السلام
source : alhassanain