تمرّد الأطفال
لأميرالمؤمنين علي عليه السلام مقولة حول النفس الانسانيّة وطبيعتها التمرديّة يقول فيها:
«النَّفْسُ مَجْبُولَةٌ عَلى سُوءِ الأَدَبِ وَالعَبْدُ مَأمُورٌ بِمُلازِمَةِ حُسْنِ الأَدَبِ "
______________________________
(1)- الكافى: 6/ 47، باب تأديب الولد، حديث 3؛ تهذيب الأحكام: 8/ 111، باب 5، حديث 29؛ وسائل الشيعة: 17/ 331، باب 105، حديث 22688.
نظام العشرة فى المنظور الاسلامى،للعلامة انصاریان ص :271
وَالنَّفْسُ تَجرى بِطَبْعِهَا فى مَيْدانِ المُخَالَفَةِ وَالعَبْدُ يَجْهَدُ بِرَدِّهَا عَن سُوءِ المُطالَبَةِ فَمَتى أطلَقَ عِنانَهَا فَهُوَ شَريكٌ فِى فَسَادِها وَمَنْ أعَانَ نَفْسَهُ فِى هَوى نَفْسِهِ فَقَدْ أشْرَكَ نَفْسَهُ فِى قَتْلِ نَفْسِهِ» «1».
إن الطفل بسبب رغبته إلى التمرد وارضاء حاجاته الفطرية لا يستطيع أن يهذّب نفسه المتمرّدة ويزيّنها بالخصال الحميدة ولذلك تقع مسؤولية تحديد عمر اللعب واختيار الصديق واختيار أنواع الألعاب واللعب على عاتق الوالدين- طبعاً على قدر طاقاتهم وامكانياتهم- حتى يوفقا في تحليته بالاخلاق الحسنة والخصال الفاضلة فينبغي عليهما أن يتخذا من المنطق والحكمة وسيلة لتربية ابنائهما وتنميتهم ورشدهم.
فتوجيه غريزة الطفل وميله إلى اللعب والصداقة مع أقرانه- في هذه المرحلة- هي مسؤولية إلهية وانسانية قد ألقيت على عاتق الآباء والأمّهات والتكاسل والتقصير في أداء هذه المسؤولية سوف يؤدّيان إلى ضياع الطفل وانحرافه، فتنجم من ذلك خسارة لا يمكن أن تتلافى أبداً.
قصّة وعِبرة
حُكي أنّه قضى حاكم مدينة بالشنق على شاب بسبب أفعاله السيّئة من قتل وسرقة وجرائم اخرى مثلها.
في ساعة تنفيذ الحكم، سمحوا له بأن يوصي أو يطلب ما شاء، فقال لهم: لا أريد منكم شيئاً إلّاأن تحضروا والدتي إلى جنب المشنقة لكي
______________________________
(1)- مشكاة الأنوار: 247، فصل اول؛ مستدرك الوسائل: 11/ 137، باب 1، حديث 12642.
نظام العشره فى المنظور الاسلامى، ص:272
أراها في آخر لحظات حياتي.
ذهب الحراس إلى بيت والدته وأتوا بها إلى جنب المشنقة لترى ولدها قبل الشنق، فقال الولد لأمه: أرجوك في هذه اللحظات الأخيرة أن تضعي لسانك في فمي وتتفضلي علي بذلك! عند ما وضعت الأم لسانها في فم الولد عضّ الولد بقوّة لسان أمّه وترك جرحاً عميقاً على لسانها حتّى وامتلأ فمها من الدم! استنكر الجميع هذا العمل الشنيع فردّ الولد قائلًا:
هذه المشنقة هي حصيلة تربية أمّي لأنها كانت تشجّعني في أيام طفولتي على سرقة البيض وبالتالي أصبحت سارقاً وقاتلًا.
يقول أميرالمؤمنين علي عليه السلام في حكمة له يخاطب بها الانسان:
«فِكْرُكَ يَهْدِيْكَ إلَى الرَّشَادِ» «1»
. هل للأم والأب في هذه الدنيا شيء أثمن وأغلى من الأولاد؟ أوَ ليس المسؤولية الخطيرة والحساسة للوالدين تجاه الطفل تلزمهم أن يفكروا ويتأملوا في توجيهاتهم وارشاداتهم للطفل حتى يختاروا الأساليب الحكيمة والرصينة في تربيتهم؟
فاذا حكم الوالدان التعقل الصحيح والكلام الحكيم في القول والفعل وانتقلت ثمرات ذلك إلى الطفل فبالتأكيد يتحول الطفل مصدراً للخير ونبعاً صافياً للأدب وسوف يكون في المستقبل عنصراً مفيداً لمجتمعه.
______________________________
(1)- غرر الحكم: 63، حديث 777.
نظام العشرة فى المنظور الاسلامى،للعلامة انصاریان ص: 273
source : دار العرفان