عربي
Saturday 7th of December 2024
0
نفر 0

عن النبی ( ص ): مَن أَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْراً رَزَقَهُ خَلِيْلًا صَالِحا

 عن النبی ( ص ): مَن أَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْراً رَزَقَهُ خَلِيْلًا صَالِحا


 "مَن أَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْراً رَزَقَهُ خَلِيْلًا صَالِحا"


الخير العظيم‌


اذا حضر مناخ حياة الآدمي في مثل هذا الانسان وبزغ من أفق حياته وأضاء مثل الشمس على أرض وجوده، فعند ذلك يطمئن الى أنّه قد وصله من الباري سبحانه خير عظيم، قال نبي الاسلام صلى الله عليه و آله:
 «مَن أَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْراً رَزَقَهُ خَلِيْلًا صَالِحاً إنْ نَسِىَ ذَكَّرَهُ وَإنْ ذَكَرَ أَعَانَهُ» «2».
قيمة صداقة الطيبين‌
إن النبي صلى الله عليه و آله شجّع ورغّب في معاشرة مثل هؤلاء الأناس الأجلاء- الذين عبّر عنهم صلى الله عليه و آله بالخير العظيم- وفي رواية يشير إلى‌ قيمة مثل هذه‌
______________________________
 (1)- القلم (68): 4.
 (2)- الالمحجة البيضاء: 3/ 285، كتاب آداب الصحبة والمعاشرة.

الصداقة:


 «مَن آخى‌ أخاً فِى اللَّهِ رَفَعَ اللَّهُ لَهُ دَرَجَةً فِى الجَنَّةِ لَايَنَالُهَا بِشَى‌ءٍ مِنْ عَمَلِهِ» «1».
إن الصداقة والعِشرة في سبيل اللَّه وللَّه ولأجل الفوز برضى اللَّه مع من تتوفر فيه الشرائط في مكانة من القيمة بحيث يقول الرسول صلى الله عليه و آله عنها:
 «يُنْصَبُ لِطَائِفَةٍ مِنَ النّاسِ كَراسىَ حَوْلَ العَرْشِ يَوْمَ القِيَامَةِ، وُجُوهُهُمْ كَالقَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ يَفْزَعُ النّاس وَلَا يَفْزَعُونَ وَيَخَافُ النّاس وَلَا يَخَافُونَ، هُم أولياءُ اللَّهِ لَاخَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَاهُمْ يَحْزَنُونَ، فَقِيْلَ مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟
قَالَ هُمُ المُتَحَابُّونَ فِى اللَّهِ» «2».


وردت رواية هامة جداً في هذا المجال، تقول:
 «انَّ اللَّهَ تَعَالى‌ يَقُولُ: حَقَّتْ مَحَبَّتى لِلَّذِينَ يَتَزَاوَرُونَ مِنْ أجْلِى، وَحَقّت مَحَبَّتى لِلَّذِينَ يَتَناصَرونَ مِنْ أجْلِى، وَحَقّت مَحَبَّتِى لِلَّذِينَ يَتَحَابُّونَ مِن أجْلِى، وَحَقَّت مَحَبَّتِى لِلَّذِينَ يَتَبَاذَلُونَ مِن أجلِى» «3».
أن قيمة هذا النمط من الصداقات والمصاحبات في درجة من الأهميّة بحيث تطلب الملائكة من الرب الرحيم سبحانه أن يحققه بين عباده الصالحين.
قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله:


______________________________
 (1)- الالمحجة البيضاء: 3/ 285، كتاب آداب الصحبة والمعاشرة.
 (2)- مجمع الزوائد: 10/ 277؛ الالمحجة البيضاء: 3/ 286، كتاب آداب الصحبة والمعاشرة.
 (3)- مسند احمد: 4/ 386؛ المحجة البيضاء: 3/ 286، كتاب آداب الصحبة والمعاشرة.



 «إنَّ للَّهِ مَلَكاً نِصْفُهُ مِنَ النّارِ وَنِصْفُهُ مِنَ الثَّلِجِ يَقُولُ: اللّهُمَّ كَمَا ألَّفْتَ بَيْنَ الثَّلجِ وَالنّارِ ألِّفْ بَيْنَ عِبَادِكَ الصّالِحِينَ» «1».
وفي اقتناء هذا النوع من الأصدقاء- الذي هو حقاً مصدر لخير دنيا الانسان وآخرته- يقول الامام أميرالمؤمنين علي عليه السلام:
 «عَلَيْكُمْ بِالإخوَانِ فَانَّهُمْ عُدّةٌ فِى الدُّنيَا وَالآخِرَةِ، أَلا تَسْمَع إلى‌ قَولِ أهْلِ النّارِ [
فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ‌* وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ‌] «2». «3» إن اختيار معاشر قيم وصديق ايجابي في موقع بحيث ورد في أخبار النكاح: من تزوج امرأة لائقة وقرينة صالحة، كان في الذين يحبون ويعشقون للَّه‌وفي سبيل اللَّه كما في هذا الخبر:
 «مَنْ نَكَحَ إمْرَأَةٍ صَالِحَةٍ لِيَتَحَصَّنَ بِهَا عَنْ وَسواسِ الشَّيطَانِ وَيَصُونُ بِهَا دِينَهُ أو لِيُولَدَ لَهُ وَلَدٌ صَالِحٌ يَدعُو لَهُ وأحبَّ زَوْجَتَهُ لأنَّهَا آلَتَهُ فِى هِذِهِ المَقَاصِدِ الدينِيَّةِ فَهُوَ مُحبٌّ فِى اللَّهِ تَعَالى‌» «4».
إن الصديق والجليس الذي يكون ايجابياً ويخطو خطاه في طريق الحق ويحظى‌ بخلق نظيف وعمل ظاهر، لا يستطيع أبداً أن يكون محايداً أمام حالات واعمال وانماط وعادات الانسان؛ فانه لأجل ايمانه واهتمامه باليوم الآخر وحنانه لصديقه وشفقته عليه، يرى‌ نفسه مسؤولًا على‌ أن لا
______________________________
 (1)- المحجة البيضاء: 3/ 289، كتاب آداب الصحبة والمعاشرة.
 (2)- الشعراء (26): 100- 101.
 (3)- المحجة البيضاء: 3/ 289، كتاب آداب الصحبة والمعاشرة؛ مستدرك الوسائل: 8/ 323، باب 7، حديث 9559 (مع اختلاف يسير).
 (4)- المحجة البيضاء: 3/ 297، كتاب آداب الصحبة والمعاشرة.

يترك صديقه وحيداً فريداً حيال اخطار الفتن، ووساوس وحبائل الشياطين وفساد الزمن والعواصف الاجتماعية فيحميه كالدرع الفولاذي؛ فإنّه يعطف عليه في أجواء: [تَواصَوْا بِالْحَقِّ وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ] «1» [وَ تَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ] «2»، ويسدده في الدواهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وينمية في تربة الحسنات كما يصنع البستاني الماهر ويوصله إلى‌ غاية كماله الانساني.
إن الصديق الايجابي والصاحب المشفق، داعية للانسان إلى اللَّه يكفل خير دنياه وآخرته، لأن الانسان الايجابي يَعدّ نظيره أمانة ربانية في عنقه ولذلك يعطي الأمانة حقها على‌ أحسن وجه.
وينبغي الانتباه إلى‌ هذه الحقيقة الناصعة بأنه لا صديق ايجابي للانسان إلّا اللَّه والأئمّة والمؤمنين حقاً:
 [... وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً] «3».
هؤلاء لا يريدون للانسان إلّاخيره وعمران دنياه وآخرته ونموّه وكماله وتربيته وأن يبلغ وجوده مستواً من النضوج بحيث يأتي بثماره المرجوة.
هؤلاء أربّة مدرسة الوحي التي مصدرها هو الرب الذي وصف نفسه بارحم الراحمين؛ وارِبّة نبي يوصف بأنه رحمة للعالمين؛ واربّة أهل بيت‌
______________________________
 (1)- العصر (103): 3.
 (2)- البلد (90): 17.
 (3)- النساء (4): 69.
يُعدّون سفينة النجاة وخزانة العلم ومعدن الرحمة.
هؤلاء يُعطّرون طينة وجود الانسان برائحة وردة وجودهم الذي هو طيب التربية والنمو والروحانية وهم الذين يحيلون مناخ حياة الانسان إلى‌ روضة مفعمة بورود الاخلاق والعمل الصالح والعقائد الحقة والايمان الإيجابي.
إن سعدي الشيرازي قد أنشد أبياتاً صور فيها هذا المعنى الدقيق فهو يقول:
 
 وبيناي في الحمام إذ وصَلت إلى‌         يدي طينةٌ فوّاحة من يدي حبّي‌       
فقلت أمِسْكٌ أنت أم أنت عنبر         فنفحك هذا قد تعشَّقهُ قلبي‌       
فقال تراب لستُ شيئاً وإنما         جلست بظل الورد حيناً على العُشبِ‌       
فصحَبتُه أعلَت مقامي كما ترى‌         وإن كنتُ طيناً لا أزالُ من التُّرب‌  

 

نظام العشرة فى المنظور الاسلامى،للعلامة حسین انصاریان ص: 98


source : دار العرفان
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

صدور كتاب "من القصص القرآنى" في مصر
القاهرة تستضيف مؤتمراً حول أئمة المساجد ...
قراءة للقرآن داخل كنيسة تتحول لحوار تعريفي ...
إنطلاق “جمعة الصمود ٢” في البحرين تؤكد على ...
إصدار كتاب "دور السياق في تفسير القرآن الكريم"
ديبل.. باب الإسلام إلى بلاد السند والهند
كربلاء المقدسة تستعد لافتتاح أكبر وأحدث مدينة ...
اعتقال عنصر "داعشي" يخطط لتنفيذ 50 تفجيرا في ...
فيلم أمريكي بعنوان "الأربعين العظمية" عن ...
سماحة العلامة انصاریان: ان المسلمين هم مسؤولون ...

 
user comment