معنى كشف الساق
قال الشيخ أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي المتوفى سنة 381- ه في رسالة اعتقاداته في معنى قوله تعالى يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَ يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ الساق وجه الأمر و شدته. قال الشيخ المفيد معنى قوله تعالى يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ يريد به
تصحيح الاعتقاد ص : 29
يوم القيامة يكشف فيه عن أمر شديد صعب عظيم و هو الحساب و المداقة على الأعمال و الجزاء على الأفعال و ظهور السرائر و انكشاف البواطن و المداقة على الحسنات و السيئات فعبر بالساق عن الشدة و لذلك قالت العرب فيما عبرت به عن شدة الحرب و صعوبتها قامت الحرب على ساق و قامت الحرب بنا على ساق و قال شاعرهم أيضا و هو سعد بن خالد
كشفت لهم عن ساقها و بدا من الشر الصراح
و بدت عقاب الموت يخفق تحتها الأجل المتاح
و من ذلك قولهم قد قامت السوق إذا ازدحم أهلها و اشتد أمرها بالمبايعة و المشاراة و وقع الجد في ذلك و الاجتهاد
تصحيح الاعتقادص : 30
تأويل اليد فصل
و مضى في كلام أبي جعفر رحمه الله شاهد اليد عن القدرة قوله تعالى وَ اذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ فقال ذو القوة. قال الشيخ المفيد رحمه الله و فيه وجه آخر و هو أن اليد عبارة عن النعمة قال الشاعر
له علي أياد لست أكفرها و إنما الكفر ألا تشكر النعم
فيحتمل أن قوله تعالى داوُدَ ذَا الْأَيْدِ يريد به ذا النعم و منه قوله تعالى بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يعني نعمتيه العامتين في الدنيا و الآخرة
تصحيح الاعتقاد ص : 31
نفخ الأرواح
أبو جعفر رحمه الله في قوله تعالى وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فقال هي روح مخلوقة أضافها إلى نفسه كما أضاف البيت إلى نفسه و إن كان خلقا له.
تصحيح الاعتقاد ص : 32
قال الشيخ المفيد رحمه الله ليس وجه إضافة الروح و البيت إلى نفسه و النسبة إليه من حيث الخلق فحسب بل الوجه في ذلك التمييز لهما بالإعظام و الإجلال و الاختصاص بالإكرام و التبجيل من جهة التحقق بهما و دل بذلك على أنهما يختصان منه بكرامة و إجلال لم يجعله لغيرهما من الأرواح و البيوت فكان الغرض من ذلك دعاء الخلق إلى اعتقاد ذلك فيهما و الإعظام لهما به
تصحيح الاعتقاد ص : 33
حكمة الكناية و الاستعارة فصل
و الذي قاله أبو جعفر رحمه الله في تفسير قوله تعالى ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أن المراد بقدرتي و قوتي. قال أبو عبد الله ليس هذا هو الوجه في التفسير لأنه يفيد تكرار المعنى فكأنه قال بقدرتي و قدرتي أو بقوتي و قوتي إذ القدرة هي القوة و القوة هي القدرة و ليس لذلك معنى في وجه الكلام و الوجه ما قدمناه من ذكر النعمة
تصحيح الاعتقاد ص : 34
و أن المراد بقوله ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ إنما أراد به نعمتي اللتين هما في الدنيا و الآخرة و الباء في قوله تعالى بِيَدَيَّ تقوم مقام اللام فكأنه قال خلقت ليدي يريد به لنعمتي كما قال وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ و العبادة من الله تعالى نعمته عليهم لأنها تعقبهم ثوابه تعالى في النعيم الذي لا يزول و في تأويل الآية وجه آخر و هو أن المراد باليدين فيها هما القوة و النعمة فكأنه قال خلقت بقوتي و نعمتي و فيه وجه آخر و هو أن إضافة اليدين إليه إنما أريد به تحقق الفعل له و تأكيد إضافته إليه و تخصيصه به دون ما سوى ذلك من قدرة أو نعمة أو غيرهما و شاهد ذلك قوله تعالى ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ و إنما أراد ذلك بما قدمت من فعلك و قوله تعالى وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ و المراد به فبما كسبتم و العرب تقول في أمثالها يداك أوكتا و فوك نفخ يريدون به أنك فعلت ذلك و توليته و صنعته و اخترعته و إن لم يكن الإنسان استعمل به جارحتيه اللتين هما يداه في ذلك الفعل
تصحيح الاعتقاد ص : 35
source : دارالعرفان