توسل الانبياء بربوبية اللَّه ورحمته
لقد توسل الانبياء- وهم الذين لم يعرفوا رباً ومالكاً ومدبراً ومراداً غير اللَّه ولم يتصوروا رحمةً ولطفاً غير رحمته ولطفه واعتبروا انفسهم ملكاً ومربوباً وعباداً له تعالى وقارعوا الارباب المتفرقة ومن ادعى الربوبية زيفاً بكل ما اوتوا من قوة حتى ان بعضهم قضى قتيلًا في ميادين هذا الصراع من أجل التمسك بمالكية اللَّه وتعاليمه ورحمته- خلال تعرضهم للحوادث والابتلاءات أو عند
الاسرة و نظامها فی الاسلام،للعلامة انصاریان ، ص: 96
شعورهم بالحاجة، برحمة اللَّه وربوبيته، فقد دعا آدم (عليه السلام):
«رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَ تَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ» «1».
وقال نوح (عليه السلام) في معرض دعائه من أجل نجاته ونجاة المؤمنين واهلاك الظالمين:
«رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً» «2».
وكان ابراهيم (عليه السلام) يقول في دعائه:
«رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ» «3».
وتوجه موسى (عليه السلام) عند شدته على ابواب مدينَ بالدعاء قائلًا:
«رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ» «4».
ودعا يوسف (عليه السلام) قائلًا:
«رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَ عَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَ أَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ» «5».
ودعا زكريا (عليه السلام):
«رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَ أَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ» «6».
وقد علَّم تعالى نبيه (صلى الله عليه و آله) بأن يقول في دعائه:
__________________________________________________
(1)- الاعراف: 23.
(2)- نوح: 26.
(3)- ابراهيم: 37.
(4)- القصص: 24.
(5)- يوسف: 101.
(6)- الانبياء: 89.
الاسرة و نظامها فی الاسلام،للعلامة انصاریان ، ص: 97
«رَبِّ اغْفِرْ وَ ارْحَمْ وَ أَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ» «1».
وينقل تعالى في كتابه الكريم ما يردده أولياؤه واحباؤه وهم يحيون الليل قياماً وقعوداً متفكرين في خلق اللَّه:
«رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلًا» «2».
وقد تكررت كلمة «رب» في الادعية الواردة عن الائمة المعصومين (عليهم السلام) لا سيما دعاء كميل وابي حمزة الثمالي وعرفة والمناجاة الخمسة عشر للامام السجاد (عليه السلام)، وانّ توسل الانبياء (عليهم السلام) بهذا المقام الربّاني وتكرار هذه الكلمة في الادعية ليلٌ على عظمة الربوبية وتجليها في مفاصل حياة الانسان وجوانبها، ولم يكتف الداعون بالتوسل بهذا المقام الرباني اثناء الادعية، بل ان ربوبية الحق تعالى تتجلى عملياً ونظرياً في اجواء حياتهم ومعتقداتهم وافعالهم واخلاقهم.
source : دار العرفان