عربي
Monday 22nd of July 2024
0
نفر 0

العلامة انصاریان :لقد كان بوسع هؤلاء ان يحوّلوا براعم وجودهم إلى دوحةٍ طيبة

العلامة انصاریان :لقد كان بوسع هؤلاء ان يحوّلوا براعم وجودهم إلى دوحةٍ طيبة

                        الناقص مطرود من رحمة اللَّه‌

ورد في رواية عن رسول اللَّه (صلى الله عليه و آله) انّه قال:
 «الناقص معلون».
لا شك في ان الناقص لا يعني من فقد عينه أو يده أو رجله، أو مَنْ وُلد بعاهةٍ، بل الناقص من لم يبادر إلى طلب العلم ولم يتخلق بفضائل الاخلاق ولم يقم بالاعمال الصالحة ولا همَّ له سوى الاكل والنوم وارضاء الشهوة.
ان الانسان يمتلك الأرضية اللازمة لبلوغ كافة الكمالات والحقائق، وعليه السعي والتحرك في هذا المجال، وان يكون مثابراً ونشيطاً ويعمل على سدّ ما يعتريه من نواقص على الصعيد الفكري والروحي ما دام حياً، ولا يركن إلى الخمول والسكون، فهو ان لم يبادر إلى ازالة ما فيه من نواقص وبقي خاملًا فاقداً للحركة يغدو كالماء الراكد الذي تعفن واصبح كريه الرائحة، وبذلك يلعنه اللَّه ويطرده عن بحبوحة رحمته.
وللاسف فإنّ البعض يبلغ من العمر سبعين أو ثمانين عاماً الّا انّه لم يزل من حيث العقل كالطفل في سنته الأولى، وكالطفل في الخامسة من عمره من حيث الاخلاق والسلوك، إذا انهم لم يتزودوا من المواهب المعنوية التي افاض بها الباري تعالى كالكتب السماوية والأنبياء والأئمة والعرفاء والحكماء، وانكبوا على حشو بطونهم كالحيوانات والاعتناء بشكلهم الظاهري ونفخوا نطفتهم التي لا تعدل في وزنها بضعة غرامات حتى بلغت ثمانين أو تسعين كيلو غرام!!
لقد كان بوسع هؤلاء ان يحوّلوا براعم وجودهم إلى دوحةٍ طيبةً ويصنعوا من‌


                        الاسرة و نظامها فی الاسلام،للعلامة انصاریان  ص: 140

ذواتهم معيناً لا ينضب من الكمالات والحقائق، بيد ان الامور المادية قد عزّتهم ولم يهمّوا بشي‌ء سوى بناء الجسد الحيواني، وبقوا يراوحون منذ أول يوم جاؤوا فيه إلى هذه الدنيا فقراء ناقصين، وبالرغم مما في حوزتهم من اعمال وتجارة ومراكز ادارية واموال وثروات وعيال وذراري إلّاانهم ناقصون.
وبسبب نقصهم فهم مضرون، إذ انهم يرتكبون ما شاؤوا من المعاصي والموبقات، فيتجاوزون على حقوق الآخرين ولا يتورعون عن ارتكاب المظالم، وفي الوقت الذي يقتاتون على مائدة الانعام الالهي يضعون ايديهم بيد اعداء اللَّه، أي‌شياطين الجن والانس دون حياد وعلى كافة الاصعدة.
نقرأ في رواية عن الامام موسى بن جعفر (عليه السلام) ما يلي:
 «من استوى يوماه فهو مغبون، ومن كان آخر يوميه شرّهما فهو ملعون، ومن لم يعرف الزيادة في نفسه فهو في نقصان، ومن كان إلى النقصان فالموت خيرٌ له من الحياة» «1».
وثمة رواية أخرى عن الامام الصادق (عليه السلام) مقاربة في مضمونها إلى الرواية المتقدمة وردت في الكتب الشيعية المعتبرة «2».
وفي رواية أخرى عن الرسول الاكرم (صلى الله عليه و آله) نقرأ:
 «الكاسب حبيب اللَّه».
لا شك في ان ارقى الكسب وافضل التجارة يتمثل في كسب الفضائل والحقائق والمبادرة إلى التزود من المعارف الالهية والكمالات والمحاسن الأخلاقية والانسانية.
والكاسب في مثل هذه المجالات يعد حبيب اللَّه، هذه المنزلة التي حازها
__________________________________________________
 (1)- البحار: 78/ 327، البحار: طبعة بيروت 75/ 327.
 (2)- البحار: 71/ 173.


                        الاسرة و نظامها فی الاسلام،للعلامة انصاریان  ص: 141

رسول اللَّه (صلى الله عليه و آله)، ويصبح وجوده زاخراً بالعظمة ويتحول إلى مخلوقٍ بالغ الاهمية.
هيا بناكي نتحرز عن النقصان ونجنب انفسنا ان يتساوى يومانا وان لا نقنع بالقليل من الكمال، اذ من قلَّ نصيبه من الامور المعنوية والنمو العقلي والكمال الاخلاقي والعملي فهو ملعون ومغبون وخفيف الميزان عند الحساب، وبالتالي فهو مستحق للعذاب، أما من ثقلت موازينه المعنوية أو بتعبير آخر ثقل ايمانه واخلاقه وفعله فهو الفائز والناجي.
وفي هذا المجال تأمّلوا هاتين الآيتين:
 «وَ الْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ* وَ مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ». «1»

                        الاسرة و نظامها فی الاسلام،للعلامة انصاریان  ص:141


source : دار العرفان
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

المؤتمر الثاني للدراسات القرآنية والحديثية في ...
إقامة ندوة"التصوير فى الإسلام" في القاهرة
القوى الشيطانية تحيك المؤامرات ضد الشعب ...
الشيخ قبلان يدعو للابتعاد عن الخلافات وحماية ...
علماء اهل السنة يؤكدون على المستوى العلمي للإمام ...
مؤتمر دعم الإنتفاضة من شأنه إعادة القضیة ...
تقام محافل الأنس بالقرآن الکریم علی هامش معرض ...
مسجد بکندا یفتح أبوابه لغیر المسلمین !؟
العدوان السعودي يمنع طائرة تابعة لمنظمة أطباء ...
مقتل "وزير الحرب" في داعش التكفيري على يد ...

 
user comment