إنّ نزول القرآن نجوماً ، وتوزع الآيات الراجعة إلى أكثر الموضوعات في سور القرآن يقتضي نمطاً آخر من التفسير غير تفسير القرآن سورة فسورة وآية فآية ، وهذا النمط عبارة عن تفسيره حسب الموضوع بجمع آيات كلّ موضوع في محلّ واحد وتفسير مجموعتها مرّة واحدة ، مثلاً المفسّر الذي يحاول التعمق في الحديث عن السماء والأرض ، أو عن المعاد ، أو قصص الأنبياء ، أو في أفعال الإنسان من جهة الجبر والاختيار ، لابدّ أن يتبع هذا النمط الذي ذكرناه ليتمكّن من جمع أطراف الموضوع جمعاً كاملاً وشاملاً.
إنّ من جملة الأسباب التي دعت إلى ظهور عقائد مختلفة بين المسلمين ، وتشبّث صاحب كلّ مذهب بآيات القرآن ، هو أنّهم اهتمّوا بقسم خاص من آيات الموضوع دون الأخذ بكلّ ما يرجع إليه ، ولو أنّهم اهتموا في كلّ مسألة من المسائل الاعتقادية بمجموع الآيات لدرؤوا عن أنفسهم الوقوع في المهاوي السحيقة.
ومن باب المثال نذكر أصحاب عقيدة الجبر في أفعال الإنسان ، أو مذهب التفويض فيها ، فانّهم ابتلوا بما ذكرناه ، وخبطوا خبطة عشواء في فهم المقاصد الإلهيّة وتفسيرها. إنّ الرجوع إلى الفهارس ومعاجم الكتب خصوصاً فيما ألّف في أحوال رجال كانوا يعيشون في القرون الأُولى الإسلامية إلى رابعة القرون وخامستها يكشف عن أنّ هناك لفيفاً من علماء الشيعة وفطاحلهم اهتموا بهذا النمط من التفسير في إطار خاصّ ، فترى أنّهم ألّفوا كتباً تفسيريّة في خصوص موضوعات محدودة ، فجمعوا آياتها في رسائلهم وكتبهم وأدّوا حقّ الكلام في الموضوع الذي لا يمكن في النمط الآخر من التفسير ، ونذكر في المقام بعض ما ألّف في ذلك المجال :
أ : المحكم والمتشابه
إنّ القرآن الكريم يصنّف الآيات القرآنية ويقسّمها إلى محكم ومتشابه ، فالمحكم هو أُمّ الكتاب ، والمتشابه ما يجب أن يرجع إليها في تبيين مفهومه ، فكأنّ المحكم أصل ، والمتشابه فرع ، ويجب أن نستعين في فهم المتشابه بالأُمّ ، قال سبحانه : ( هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ).
ثمّ إنّه وقع الاختلاف في تفسير المتشابه إلى أقوال كثيرة ذكرها الفخر الرازي في تفسيره ، وأنهاها إلى قرابة عشرين قولاً لا يسع المقام ذكرها ونقدها ، وإنّما الغرض هو الإشارة إلى ما قام به الشيعة الإمامية طوال القرون من تأليف رسائل خاصّة في ذلك الموضوع ، والبحث عن الآيات المتشابهة إلى جانب الآيات المحكمة ، ونذكر في هذه القائمة مشاهير المؤلّفين ونترك الباقي لأصحاب
المعاجم :
1. متشابه القرآن : لإمام القرّاء أحد البدور السبعة ، أبي عمارة ، حمزة بن حبيب الزيّات الكوفي ، من أصحاب الإمام الصادق عليهالسلام ، والمتوفّى أيّام المنصور ، عام ( 158 ه ) ، ذكره ابن النديم. (1)
2. محكم القرآن ومتشابهه : لسعد بن عبد الله بن أبي خلف الأشعري القمي. قال النجاشي : شيخ هذه الطائفة وفقيهها ووجهها ، إلى أن قال : ولقي مولانا أبا محمد عليهالسلام ، له كتاب ناسخ القرآن ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه ، والظاهر أنّ كتابه في فصلين أحدهما : الناسخ والمنسوخ ، والثاني : في المحكم والمتشابه ، أو هما رسالتان جمعهما في جزء واحد ، توفّي سعد عام ( 301 ه ).
3. متشابه القرآن : تأليف أبي محمد الحسن بن موسى النوبختي. قال النجاشي : شيخنا المتكلّم المبرز على نظرائه في زمانه قبل الثلاثمائة وبعدها ، ثمّ عدّ كتبه الكثيرة وقال : « ... متشابه القرآن ، وله مجالس مع الشيخ أبي القاسم البلخي المعتزلي ( المتوفّى 319 ه). (2)
4. متشابه القرآن : للشيخ أبي عبد الله محمد بن هارون ، أُستاذ الشيخ محمد ابن المشهدي ، صاحب « المزار » ، ( المتوفّى عام530 ه). (3)
5.متشابه القرآن ومختلفه : تأليف الشيخ رشيد الدين محمد بن علي بن شهر آشوب السروي المازندراني ، المولود عام ( 488 ه ) ، والمتوفّى عام ( 588 ه ) ، وهو كتاب نفيس ينبئ عن طول باعه ، وسيوافيك الكلام فيه في قائمة أعلام التفسير في القرن السادس.
6.متشابه القرآن : لصدر المتألّهين المولى محمد بن إبراهيم الشيرازي ، المولود عام ( 979 ه ) ، والمتوفّى عام ( 1050 ه ). (4)
7. متشابهات القرآن ومحكماته : تأليف العلاّمة محمد هادي معرفة ، وهو يشكّل جزءاً خاصّاً من موسوعته : « التمهيد في علوم القرآن» ، وقد درس الآيات المتشابهة حسب ترتيب السور ، وهو كتاب ممتع.
8. أضواء على متشابهات القرآن : تأليف الشيخ خليل ياسين المعاصر ، طبع في بيروت في جزءين عام ( 1388 ه ).
ونكتفي بما ذكر ، وقد قام المعاصرون بتأليف رسائل مستقلة حول متشابهات القرآن ، وفيما ذكرنا غنى وكفاية.
ب : الناسخ والمنسوخ
إنّ البحث عن الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم من الموضوعات التي لفتت نظر الباحثين والمحقّقين ، وقد ألّف في ذلك الموضوع كتب ورسائل ، وقد قام أبو بكر النحّاس بجمع الآيات التي ادّعى نسخها في كتاب أسماه « الناسخ والمنسوخ » فبلغت (138) آية.
إنّ النسخ في الاصطلاح عبارة عن « رفع أمر ثابت » في الشريعة المقدّسة بارتفاع أمده وزمانه ، والمعروف بين الإلهيين ، جواز النسخ أي رفع الحكم عن موضوعه في عالم التشريع والإنشاء ، وخالف في ذلك اليهود ، فادّعوا استحالة النسخ ، واستندوا في ذلك إلى شبه واهية. (5)
والمقصود في المقام هو نسخ الأحكام الواردة في القرآن الكريم ، لا مطلق نسخ الأحكام وإن لم يرد في القرآن الكريم ، فانّ القسم الثاني ممّا لا كلام فيه ، فقد صرّح القرآن الكريم بنسخ لزوم التوجّه إلى القبلة الأُولى في الصلاة ، والكلام في أن يكون شيء من أحكام القرآن منسوخاً بالقرآن أو بالسنّة القطعية أو بالإجماع ، وقد قسّموا النسخ إلى ثلاثة أقسام :
1. نسخ التلاوة والحكم.
2. نسخ التلاوة دون الحكم.
3. نسخ الحكم دون التلاوة.
والأوّل : بيّن الفساد لا يقول به إلاّ القائل بالتحريف في الكتاب العزيز ، والمسلمون برآء منه إلاّ الحشوية من العامّة وبعض الأخباريّين من الخاصّة.
ومُثّل للثاني : بآية الرجم ، وانّه كان في القرآن الكريم ثمّ نسخ ، والقول به أيضاً يلازم القول بالتحريف المصون عنه كتاب الله العزيز.
والقسم الثالث : هو المشهور بين العلماء والمفسّرين ، فأنكر جماعة وجوده ، وخالفهم بعض آخر بعد الاتّفاق على الإمكان ، والعدد الذي ذكره النحّاس إفراط ، كما أنّ نفيه من رأس تفريط ، والتحقيق موكول إلى محلّه ، وها نحن نذكر في هذا المقام الرسائل المؤلّفة في هذا الموضوع من غير فرق بين أن يكون المؤلّف مثبتاً ، أو نافياً وإليك البيان :
1. الناسخ والمنسوخ : لعبد الله بن عبد الرحمن الأصم المسمعي ، المنسوب إلى طائفة من العرب باسم المسامعة ذكره النجاشي ، وقال : وله كتاب الناسخ والمنسوخ (6) يروي عنه محمد بن عيسى بن عبيد المتوفّى عام ( 262 ه ) ، ويروي هو عن مسمع بن كردين ، وهو من أصحاب الإمام الصادق عليهالسلام .
2. الناسخ والمنسوخ : تأليف حسن بن واقد الذي هو أخو عبد الله بن واقد المعدود من أصحاب الإمام الصادق عليهالسلام . (7)
3. الناسخ والمنسوخ : لدارم بن قبيصة التميمي الدارمي السائح ، وهو ممّن روى عن الإمام الرضا عليهالسلام وله كتاب آخر باسم الوجوه والنظائر.
4. الناسخ والمنسوخ : تأليف حسن بن علي بن فضّال الكوفي ، من أصحاب الإمام الرضا عليهالسلام 3 المتوفّى عام ( 422 ه ).
5. الناسخ والمنسوخ : لأحمد بن محمد بن عيسى الأشعري. قال النجاشي : شيخ القميين ووجههم وفقيههم غير مدافع ، وكان أيضاً الرئيس الذي يلقى السلطان ، ولقي الرضا عليهالسلام وله كتب ، ولقي أبا جعفر الثاني وأبا الحسن العسكري ، له كتاب الناسخ والمنسوخ 4 توفي بعد سنة (274) ، أو (280).
6. الناسخ والمنسوخ : لسعد بن عبد الله بن أبي خلف الأشعري القمي ، شيخ هذه الطائفة وفقيهها ووجهها ، ولقي مولانا أبا محمد العسكري ، ثمّ ذكر كتبه ، منها ناسخ القرآن ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه ، توفّي عام ( 299 ه ) أو ( 301 ه ).
7. الناسخ والمنسوخ : لشيخ القميين علي بن إبراهيم بن هاشم الذي كان حيّاً عام ( 307 ه ) ، وقد أكثر الكليني النقل عنه. (8)
8. الناسخ والمنسوخ : لعبد العزيز بن يحيى بن أحمد بن عيسى الجلودي الأزدي البصري ، شيخ البصرة وأخباريها ، وكان عيسى الجلّودي من أصحاب أبي جعفر عليهالسلام ذكره النجاشي وذكر له كتباً كثيرة ، منها كتاب الناسخ والمنسوخ ، كما ذكر له كتاب التفسير وسيجيء في محلّه ، وهو من شيوخ محمد بن جعفر بن قولويه ، مؤلّف كامل الزيارات ( المتوفّى عام 367 ه ).
9. الناسخ والمنسوخ : لمحمد بن العباس المعروف بابن الحجام يروي عنه التلعكبري سماعاً عنه سنة ( 328 ه ).
10. الناسخ والمنسوخ : للشيخ الصدوق ، ( المتوفّى عام381 ه ) ، والنسخة موجودة بالنجف الأشرف مكتبة الشيخ علي كاشف الغطاء واحتمل شيخنا المجيز الطهراني أن تكون النسخة للناسخ والمنسوخ تأليف الشيخ عبد الرحمن بن محمد العتائقي الحلي ، كما سيجيء. (9)
11. الناسخ والمنسوخ من القرآن العظيم : لقطب الدين سعيد بن هبة الله ابن الحسن الراوندي ( المتوفي عام573 ه ) توجد منه نسخة في طهران ، وهو مؤلّف « الخرائج والجرائح » المعروف.
12. الناسخ والمنسوخ : لعبد الرحمن بن محمد العتائقي الحلي ، المتوفى عام ( 760 ه ) ، والنسخة موجودة في النجف. (10)
13. الناسخ والمنسوخ : لجمال الدين أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن الحسن بن المتوّج البحراني من أجلاّء تلاميذ فخر المحقّقين ( المتوفّى عام 771 ه ) ، والمعاصر للشهيد الأوّل ، ( المتوفّى عام 786 ه ) ، وقد بسط في الكتاب القول في بيان الآيات الناسخة والمنسوخة ، قال سليمان الماحوزي : « وقد قرأته على بعض مشايخي في حداثة سنّي ، سنة ( 1091 ه ) » والنسخة موجودة في النجف الأشرف.
14. الناسخ والمنسوخ : لعلي بن شهاب الدين الحسيني العلوي الهمداني ، ( المتوفّى عام 786 ه ) ، ومنه نسخة في مكتبة المرعشي بقم.
15. الناسخ والمنسوخ من الآيات القرآنية : لفخر الدين أحمد بن عبد الله بن سعيد بن المتوّج البحراني ، شيخ ابن فهد الحلي ، ( المتوفّى عام 841 ه ) ، وتلميذ فخر المحقّقين ، ( المتوفي عام 771 ه ) وهو غير جمال الدين أحمد بن عبد الله الذي مضى برقم 13.
16. الناسخ والمنسوخ : لشهاب الدين أحمد بن فهد الاحسائي مؤلّف خلاصة التنقيح ( المتوفّى 806 ه ) شرحه عبد الجليل الحسيني القاري ، شارح الجزرية في التجويد سنة ( 972 ه ) ، وقد شرح هذا الكتاب سنة ( 976 ه ) ، وطبع في طهران ( عام 1384 ه ).
17. الناسخ والمنسوخ : للشيخ محمد مهدي بن جعفر الكاشاني الموسوي ، ألّفه عام ( 1250 ه ) ، وهو حفيد الوحيد البهبهاني.
18. الناسخ والمنسوخ : للشيخ محمد شريف الموسوي الاصفهاني المجاز من الفاضل الايرواني ، ( المتوفي عام 1206 ه ) ، والشيخ زين العابدين المازندراني الحائري ، طبع مع رسالته « نسيم السحر » في سنة ( 1323 ه ). هؤلاء مشاهير المؤلّفين في الناسخ والمنسوخ ، ومن أراد التوسّع فليرجع إلى المعاجم والفهارس ، غير أنّ هنا لفيفاً من أعلام الطائفة درس مسألة الناسخ والمنسوخ في الذكر الحكيم دراسة معمّقة في ثنايا تفسيرهم أو مقدّماته ، وأخصّ بالذكر مادبّجته يراعة المرجع الإسلامي الكبير السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي ـ رحمه الله ـ ، فقد طرح القسم الثالث من الناسخ والمنسوخ في كتابه « البيان في تفسير القرآن » ، واقتصر في البحث على 36 آية ، وخرج بأنّها غير منسوخة.
والجدير بالذكر أنّه لم يبحث عن آية العدّة ، أعني قوله سبحانه : ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِم مَّتَاعًا إِلَى الحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ ) ، فانّ هذه الآية ناظرة إلى الحول المعروف في الجاهلية الذي كان عدّة للنساء فيها ، وقد أقرّ القرآن هذا الحكم مؤقّتاً ونسخ حكماً بقوله سبحانه : ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ) ، فقد تضافرت النصوص على ذلك من أئمّة أهل البيت.
ج : آيات الأحكام
الآيات التي تقع ذريعة لاستنباط الأحكام الشرعية المتعلّقة بعمل المكلّف في حياته الفردية والاجتماعية هي الآيات المعروفة بآيات الأحكام ، وهي على المشهور ثلاثمائة آية تقريباً ، وهناك أُناس يستنبطون من كثير من الآيات القرآنية أحكاماً عملية ، ولا تعدّ من آيات الأحكام وقد تعرّفت على بعضها في الأحاديث المرويّة عن الإمام الجواد والإمام الهادي عليهماالسلام.
وقد أفردها لفيف من علماء الشيعة بالتأليف والتفسير بين رسائل صغيرة إلى كتب حافلة بالتحقيق ، وربّما حازوا قصب السبق في هذا المضمار كما سيتضح ، وإليك أسماء مشاهيرهم في هذا الفصل مقتصرين عليهم :
1. آيات الأحكام : لأبي نصر محمد بن السائب بن بشر الكلبي من أصحاب أبي جعفر الباقر وأبي عبد الله الصادق عليهماالسلام ( المتوفّى عام 146 ه ) ، وهو والد هشام الكلبي النسابة الشهير ، وصاحب التفسير الكبير الذي هو أبسط التفاسير كما أذعن به السيوطي في الإتقان.
قال ابن النديم في الفهرست عند ذكره للكتب المؤلّفة في أحكام القرآن ما لفظه :
« كتاب أحكام القرآن للكلبي رواه عن ابن عباس ، وهو أوّل من صنّف في هذا الفن لا الإمام الشافعي محمّد بن إدريس المتوفّى سنة ( 204 ه ) كما زعم السيوطي ، وكيف لا يكون كذلك وقد توفّي الكلبي قبل ولادة الشافعي بأربع سنين حيث ولد الشافعي عام 150. (11)
2. آيات الأحكام ، الموسوم بمنهاج الهداية : للشيخ جمال الدين أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن الحسن بن المتوّج البحراني ، تلميذ فخر المحقّقين.
3. آيات الأحكام ، الموسوم بالنهاية في تفسير خمسمائة آية : للشيخ فخر الدين أحمد بن عبد الله بن سعيد بن المتوّج البحراني ، وهذا المؤلّف ، والمؤلِّف المتقدّم من أُسرة واحدة ، وكلاهما من تلامذة فخر المحقّقين.
4. آيات الأحكام : للشيخ ناصر بن الشيخ أحمد بن الشيخ عبد الله بن المتوّج البحراني ، ووالده الشيخ أحمد من تلامذة فخر المحقّقين ابن العلاّمة الحلّي ( المتوفّى عام 771 ه ) ، حكى شيخنا المجيز في « الذريعة » عن أُستاذه المجيز السيد حسن الصدر أنّه رآه في مكتبات النجف.
5. آيات الأحكام : للشيخ أبي عبد الله المقداد بن عبد الله بن محمد بن الحسين بن محمد السيوري الأسدي الحلي ( المتوفّى عام 826 ه ) ، وقد طبع باسم « كنز العرفان في فقه القرآن » ، وهو من أنفس الكتب في موضوعه ، وقد ترجم إلى الفارسيّة والاردية حسب ما حكاه السيّد شهاب الدين المرعشي قدسسره في تقديمه على مسالك الأفهام.
6. آيات الأحكام ، الموسوم بمعارج السؤول ومدارج المأمول : لكمال الدين حسن بن شمس الدين محمد الاسترآبادي النجفي ، ألّفه سنة ( 891 ه ). (12)
7. آيات الأحكام ، للمولى شرف الدين علي بن محمد الشيفنكي ( المتوفّى عام907 ه ) حكاه شيخنا المجيز عن رياض العلماء ، وحكاه هو عن تاريخ حسن بيك روملو. (13)
8. آيات الأحكام ، للمحقّق أحمد بن محمد الأردبيلي ثمّ النجفي ، ( المتوفّى عام 993 ه ) ، وطبع باسم « زبدة البيان في براهين أحكام القرآن » مرّتين ، مرّة بطهران عام ( 1305 ه ) ، وأُخرى في سنة ( 1386 ه ) ، محقّقة منقّحة.
9. آيات الأحكام ، للعلاّمة الأمير أبو الفتح بن الأمير مخدوم بن الأمير شمس الدين محمد الحسيني ألّفه للسلطان محمد قطب شاه سنة ( 1021 ه ) ، وطبع في تبريز.
10. آيات الأحكام ، للسيد ميرزا محمد الحسيني الاسترآبادي ، صاحب الكتب الرجالية الشهيرة : « الكبير » و « الوسيط » و « الصغير » ، وقد توفّي عام ( 1026 ه ) ، ومنه نسخة في مكتبة المرعشي. (14)
11. آيات الأحكام : للشيخ أبي عبد الله محمد بن الجواد شمس الدين الكاظمي ، والمشتهر بالفاضل الجواد من تلاميذ شيخنا البهائي ( المتوفّى 1030 ه ) ، وقد شرح كتاب أُستاذه في الحساب ، أعني : خلاصة الحساب ، وطبع الشرح بطهران عام ( 1273 ه.ق ) ، وقد طبعت آيات الأحكام باسم « مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام » في جزءين كبيرين وعنيت بنشره وتحقيقه المكتبة المرتضوية.
12. آيات الأحكام : للشيخ أحمد بن إسماعيل بن العلاّمة الشيخ عبد النبيّ الجزائري النجفي ( المتوفّى سنة 1150 ه ) طبع باسم « قلائد الدرر » ، وقد طبع مرّتين ، مرّة في طهران وأُخرى بالنجف الأشرف عام ( 1386 ه ) ، شكر الله مساعي الجميع.
هذه اثنا عشر تأليفاً حول آيات الأحكام اكتفينا بها ، ومن أراد التوسّع والوقوف على ما ألّفه أصحابنا حول آيات الأحكام من رسائل وكتب وموسوعات ، فعليه الرجوع إلى معاجم الكتب.
وهذه الكمّيّة الهائلة تعرب عن عناية الشيعة بفهم القرآن الكريم ، وتبويب مفاهيمه.
د : ما نزل من القرآن في حقّ النبيّ والآل عليهم السلام
لم ينحصر هذا النمط من التفسير ( أي التفسير الموضوعي ) فيما سبق من الموضوعات (المحكم والمتشابه ، الناسخ والمنسوخ ، وآيات الأحكام ) ، بل توجّهت همم الأصحاب وعنايتهم إلى تأليف رسائل وكتب في موضوعات قرآنية ، نظير ما نزل من الآيات في حقّ أهل البيت ، وإليك نزراً يسيراً ممّا أُلّف في هذا المجال من الأقدمين ، وأمّا المتأخّرين فهو على عاتق المعاجم القرآنيّة.
إنّ أهل البيت عليهمالسلام ممّن خصّهم الله سبحانه بالذكر في غير واحد من الآيات ، فقال : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) وقال سبحانه : ( قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ المَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ) ، وقال سبحانه : ( وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا ) إلى غير ذلك من الآيات ، فلا عتب على المفسّر الواعي أن يخصّ أهل البيت بالتفسير الموضوعي ويفرد آياته بالتأليف ، وكيف لا يكون كذلك وقد روى عكرمة عن ابن عباس ، وقال : ما نزل من القرآن ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) إلاّ وعليٌّ رأسها وأميرها ، وقد عاتب الله أصحاب محمد في غير مكان ، وما ذكر عليّاً إلاّ بخير.
وروى سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : ما نزل في أحد من كتاب الله ما نزل في علي.
وقال ابن عباس : نزلت في عليّ أكثر من ثلاثمائة آية في مدحه.
ولأجل هذا وذاك قام لفيف من المفسّرين والمحدّثين من العامّة والخاصّة بتأليف رسائل مفردة في هذا المجال ، وفي الحقيقة كلّها تفاسير موضوعيّة نذكر منها ما يلي :
1. ما نزل من القرآن في علىّ عليهالسلام : تأليف هارون بن عمر بن عبد العزيز ابن محمد ، أبو موسى المجاشعي ، صحب الإمام الرضا عليهالسلام وله هذا الكتاب.
2. ما نزل من القرآن في عليّ عليهالسلام : تأليف عبد العزيز بن يحيى بن أحمد ابن عيسى الجلودي الأزدي البصري من أصحاب الإمام الجواد عليهالسلام فله تآليف كثيرة ذكرها النجاشي ، وله كتاب التفسير كما سيوافيك في قائمة التفاسير الروائيّة.
3. ذكرما نزل من القرآن في أهل البيت عليهمالسلام : تأليف أحمد بن الحسن الاسفرائيني ، المفسّر الضرير ، قال النجاشي : له كتاب المصابيح في ذكر ما نزل من القرآن في حقّ أهل البيت عليهمالسلام ، وهو كتاب حسن كثير الفوائد ، سمعت أبا العباس أحمد بن علي بن نوح يمدحه ويصفه.
4. ما نزل من القرآن في أمير المؤمنين عليهالسلام : تأليف إبراهيم بن محمد بن سعيد بن هلال بن عاصم بن سعد بن مسعود الثقفي ، أصله كوفي ، وسعد بن مسعود أخو أبي عبيد بن مسعود عم المختار ، وانتقل إلى إصفهان وأقام بها ، وقد وفد إليه أحمد بن خالد المتوفّى عام ( 274 ه ) وسألوه الانتقال إلى قم فأبىٰ ، وله كتب ممتعة في التاريخ والسيرة ، وهو مؤلف « الغارات » المعروفة.
5. كتاب ما نزل من القرآن في أهل البيت عليهمالسلام : تأليف محمد بن العباس بن علي بن مروان الماهيار المعروف بابن الحجام ، قال النجاشي : ثقة ثقة ، من أصحابنا عين ، سديد ، كثير الحديث ، له كتاب ما نزل من القرآن في أهل البيت ، وقال جماعة من أصحابنا : إنّه كتاب لم يصنّف في معناه مثله ، قيل : إنّه ألف ورقة ، وذكره الشيخ في رجاله في باب من لم يرو عنهم عليهمالسلام برقم 71 ، وقال : سمع منه التلعكبري سنة ( 328 ه ) ، وله منه إجازة ، وذكره في الفهرست برقم 649. (15)
6. كتاب ما نزل من القرآن في أمير المؤمنين عليهالسلام : تأليف محمد بن أحمد بن عبد الله بن إسماعيل الكاتب ، أبو بكر يعرف بابن أبي الثلج ، وأبو الثلج هو عبد الله بن إسماعيل ، ثقة ، عين ، كثير الحديث ، وذكر النجاشي فهرس كتبه ، ومنها تاريخ الأئمّة عليهمالسلام ، وقد طبع أخيراً ، وذكره الخطيب في تاريخه وذكره الشيخ في رجاله في باب من لم يرو عنهم برقم 64 ، وقال : سمع منه التلعكبري سنة ( 322 ه ) ، وما بعدها إلى سنة ( 325 ه ) ، وفيها مات ، وله منه إجازة.
7. ما نزل من القرآن في أهل البيت عليهمالسلام : تأليف الحسين بن الحكم الجبري الكوفي ، وطبع عام ( 1375 ه ) ، وقدّم له : العلاّمة السيد أحمد الحسيني استقصى فيها ما ألّف من التفاسير في أهل البيت من القدماء فبلغ (44) كتاباً 3 حياه الله وبياه.
هذه نماذج ممّا أُلّف حول أهل البيت من الكتب والرسائل بشكل التفسير الموضوعي نقتصر على ذلك ، وانّ التوسّع يخرجنا عمّا هو الهدف ، وهو الإشادة بذكر المفسّرين من الشيعة في المجالات المختلفة ، ومن سبر المعاجم ، وكتب التراجم وقف على أنّ موضوع مناقب أهل البيت وفضائلهم ـ كتاباً وسنة ـ كان موضع اهتمام العلماء منذ الصدر الأوّل وفي القرون التالية إلى القرن الحاضر.
ولو جمعت تلك الكتب المطبوعة والمخطوطة الموجودة منها ، لشكّلت مكتبة كبرى ، والجدير بالذكر أنّ المحقّق السيد عبدالعزيز الطباطبائي ـ رحمه الله ـ قام مشكوراً بفهرسة كبيرة في خصوص مناقب آل البيت ، وأسماه ب « أهل البيت في المكتبة العربية » ، ولو ضمّ إليها ما أُلّف بسائر اللغات لضاق النطاق على المحصي والمؤلّف.
ه : التأليف حول أمثال القرآن وأقسامه وقصصه
قد ورد في القرآن الكريم قرابة ستين مثلاً ، والمثل بطبعه يقرب البعيد ، ويصبّ المعقول في قالب المحسوس ، وقد أفرد غير واحد من علماء الشيعة أمثال القرآن بالبحث والتأليف. هذا ابن النديم يعرف أبا علي بن أحمد بن الجنيد ( المتوفّى 381 ه ) بأنّه قريب العهد ، من أكابر الشيعة ، ثمّ يذكر كتبه ويقول في موضع آخر منه عند تسمية الكتب المؤلّفة في معان شتّى من القرآن ما لفظه : « وكتاب الأمثال لابن الجنيد ».
فلو قام ابن الجنيد وهو من قدماء علمائنا بهذا المجهود ، فقد قام الشيخ أحمد بن عبد الله التبريزي النجفي ( المتوفّى عام 1327 ه ) بجمع الأمثال القرآنية وتفاسيرها وما يتعلّق بها وأسماه « روضة الأمثال » وطبع عام ( 1325 ه ) ، وقد تضافر التأليف حول أمثال القرآن في العصر الحاضر من أكابر الشيعة باللغتين العربية والفارسية ، وطبع الأكثر باسم أمثال القرآن.
كما قد ورد في القرآن الكريم قرابة أربعين قسماً حلف فيه سبحانه بالشمس والقمر والليل والنهار إلى غير ذلك من عظائم الموجودات ، المليئة بالأسرار ، وما هذا إلاّ ليتدبّر الإنسان فيها ويقف على ما فيها من العجائب والغرائب ، حتى أنّه سبحانه حلف في سورة الشمس أحد عشر مرّة بأشياء كالشمس والقمر والليل والنهار والسماء والأرض والنفس ، ثمّ رتّب عليها جواباً ، وقال : ( قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا ) ، وقد بحث المفسرون عن هذه الأقسام وتركوا البحث عن أمر مهم ، وهو ما هو الصلة بين المقسم به وجوابه ، حتى أنّ ابن القيّم ( المتوفّى 751 ه ) أفرد كتاباً في أقسام القرآن ، طبع باسم أقسام القرآن ، ولكنّه بحث عن المقسم به في جميع الآيات ، وأهمل البحث عن الصلة بينه وبين جوابه في شتّى الآيات. نعم قام أخيراً ولدنا الفاضل الروحاني الشهيد أبو القاسم الرزاقي بتأليف كتاب حول أقسام القرآن ، وسدّ هذا الفراغ الموجود في التفاسير ، وقد أغرق نزعاً في التحقيق ، وطبع حديثاً.
إنّ قصص القرآن من المواضيع الهامّة التي تحتاج إلى دراسات فنية ، وفيها من العبر ما لا يحصى ، وقد أفرد غير واحد من أصحابنا قصص القرآن قديماً وحديثاً بالتأليف ، أخيرهم ما ألّفه الدكتور محمود البستاني ، فبحث عن القصص القرآنية حسب تسلسلها في السور الكريمة ، وطبع عام ( 1408 ه ) وقد خصّصنا الجزء التاسع من هذه الموسوعة بالأمثال والأقسام.
و : معارف القرآن واحتجاجاته
معارف القرآن تشكّل قسماً هامّاً من مفاهيمه ، خصوصاً فيما يرجع إلى المبدأ والمعاد ، وقد ورد أكثر ما يرجع إلى المعارف الغيبية في السور المكيّة حيث كان النبي يحتج على المشركين ، كما ورد فيما يرجع إلى الكتب والشرائع السماوية وديانات اليهود والنصارى في السور الطوال حيث نزلت أوائل الهجرة.
فقد أفرد غير واحد من أصحابنا كتباً ورسائل حول معارف القرآن أخيرها ـ لا آخرها ـ معارف القرآن للشيخ محمد تقي المصباح ، طرح فيه الآيات المتعلّقة بمعرفة العالم والملائكة والجنّ والشيطان ، نقله إلى العربية عبد المنعم الخاقاني ، وطبع في بيروت.
كما أنّ الحوار والاحتجاج في القرآن له أساليبه ومعطياته ، فقد قام بالاحتجاج على الملحدين والمشركين وعلى أهل الكتاب ، فقد أفرد غير واحد من أصحابنا بالتأليف أخيرها ـ لا آخرها ـ الحوار في القرآن للسيد محمد حسين فضل الله العاملي ، طبع في بيروت.
ز : أسباب النزول
إنّ التعرّف على أسباب النزول يسلّط الضوء على مفاد الآية ومفهومها وهو غير خفي على من له إلمام بالتفاسير ، فقد قام غير واحد من أصحابنا بالتأليف حوله ، نذكر نموذجين :
1. أسباب النزول ، للشيخ قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي ، ( المتوفّى عام573 ه ) ، وهو من مصادر بحار الأنوار.
2. الأسباب والنزول على مذهب آل الرسول ، للشيخ رشيد الدين محمد بن علي شهر آشوب السروي ( المتوفّى عام 588 ه ).
هذه نماذج من التفسير الموضوعي أتينا بها إيقافاً للقارئ على جهود علماء الشيعة في العصور السابقة والعصر الحاضر ، وقد تركنا كثيراً من الموضوعات القرآنيّة التي أفردت بالتأليف كالأخلاق والسياسة والمسائل العائلية وغير ذلك من الموضوعات الهامّة التي تداولتها أقلام المحقّقين في العصر الحاضر بالبحث والتحقيق ، ومن راجع المكتبات العربية ، أو استعرض فهارس مكتبات العالم يقف على مجموعة كبيرة من الكتب تبحث عن موضوعات قرآنيّة حسب التفسير الموضوعي ، وبما أنّ الهدف هنا الإيجاز تركنا التفصيل في ذلك.
التفسير الموضوعي في العصر الحاضر
لقد استقطب « التفسير الموضوعي » للقرآن الكريم في العصر الحاضر قسطاً كبيراً من اهتمام العلماء نظراً لأهميّة هذا النهج من التفسير ومساعدته على درك المفاهيم القرآنيّة ، والمعارف الإلهية الدقيقة العميقة ، فانّ القرآن كما أسلفنا ذكر هذه المعارف بصورة متفرّقة تبعاً للمناسبات ، ولو جمعت هذه المعارف في محل ، ثمّ درس المفهوم القرآني المعيّن في ضوء كلّ ما يرتبط به من آيات ، لأمكن الحصول على فكرة متكاملة وصورة شاملة لذلك المفهوم.
ولهذا اندفع العلماء المهتمون بالثقافة القرآنية في عصرنا هذا إلى خوض هذا الميدان الشريف الهام بمختلف الصور ، وأتوا بنتائج طيّبة ، وأثمرت جهودهم ثماراً يانعة ، ومن وقف على الدراسات القرآنيّة في جامعة « قم » يرى أنّ لهذا القسم من الدراسات قسطاً كبيراً.
وقد اتّبعنا هذا المنهج منذ عام ( 1389 ه ) وكانت حصيلة هذه السنوات عشرة أجزاء من التفسير الموضوعي تحت عنوان « مفاهيم القرآن » ، تناولت بالترتيب قضايا التوحيد والشرك ، والحكومة الإسلامية ، والأسماء والصفات ، والنبوة العامّة والخاصّة ، وما يرتبط بالسيرة النبوية في ضوء القرآن الكريم.
ولقد لقيت هذه الدراسات إقبالاً واسعاً ممّا يكشف عن أهمية هذا المنهج من التفسير.
ومن الجدير بالذكر أنّ العلاّمة المجلسي هو أوّل من فتح هذا الباب على مصراعيه في جمع موضوعات القرآن والبحث عنها بحثاً قرآنياً. فانّ ما وصل إلينا من القدماء هو تخصيص موضوع خاصّ بالتفسير ، وأمّا غوّاص بحار درر الأحاديث الشيخ محمد باقر المجلسي ، ( المتوفّى عام 1111 ه ) ، اتّبع هذا المنهج في جميع أبواب كتابه وموسوعته النادرة ، فجمع الآيات المربوطة بكلّ موضوع في أوّل الأبواب وفسّرها تفسيراً سريعاً ، وهذه الخطوة وإن كانت قصيرة لكنّها جليلة في عالم التفسير ، وقد قام بذلك مع عدم توفّر المعاجم القرآنية الرائجة في هذه الأعصار.
وتجدر الإشارة إلى أنّ جهاز الكمبيوتر الذي ثبتت له قدرة كبرى في عملية فرز المعلومات وتجميعها وتحضيرها وبالتالي تقديم تسهيلات هامّة في مجال التحقيق العلمي في شتّى حقول المعرفة ... لو أنّ هذا الجهاز الفعّال استخدم في مجال التفسير الموضوعي لحصل الباحث على نتائج باهرة.
وكلّ أملنا أن تهتمّ الشخصيّات والمؤسسات المهتمة بالمسائل القرآنيّة بهذا الاقتراح ، أو توليه المزيد من العناية به لنستطيع مواكبة العصر الحديث في تقدّمه الصاعد وتلبية حاجاته الماسّة الملحّة.
الشيعة والتفسير الترتيبي
قد تعرّفت على منهج التفسير الموضوعي فهلمّ معي ندرس المنهج الرائج بين المفسّرين وهو المنهج الترتيبي ، وأظنّ أنّ القارئ في غنى عن تعريفه لشيوعه.
وقد قام المسلمون بهذا النمط من التفسير على اختلاف مشاربهم في تفسير القرآن ، وقام فضلاء الشيعة من أصحاب أمير المؤمنين عليهالسلام وسائر الأئمّة المعصومين بهذا النمط من التفسير ، وقد أخذوا علوم القرآن وتبيين مفاهيمها عن أئمّتهم ، فأوّل من دوّن أقواله في التفسير منهم هو عبد الله بن العباس ( المتوفّى سنة 68 ه ) ، وأوّل من كتب تفسيراً تلميذه سعيد بن جبير ( المتوفّى عام 95 ه ) ، واستمرّ الأمر إلى عصرنا هذا ، بل لم يكتف كثير منهم بتأليف تفسير واحد حتى ضمّ إليه آخر ، بل كثير منهم عزّزهما بثالث ورابع ، وقد استخرج أسماء هؤلاء المعزّزين شيخ الباحثين « آغا بزرگ الطهراني » في معجمه.
والغالب على التفاسير المدوّنة في القرون الأُولى هو تفسير القرآن بالأثر ، ومن نماذجه تفسير « فرات بن إبراهيم الكوفي » الراوي عن جعفر بن محمد بن مالك البزاز الفزاري الكوفي ( المتوفّى حوالي 300 ه ) ، والمعلّم لأبي غالب الزراي ( المولود 285 ه ) ، وتفسير « علي بن إبراهيم القمي » ( حياً عام 307 ه ) ، و« تفسير العياشي » محمد بن مسعود أُستاذ الشيخ الكليني ( المتوفّى عام 329 ه ) ، إلى غير ذلك من التفاسير المؤلّفة في العصور الأُولى ، فانّ الجلّ لولا الكلّ تفاسير روائية ، وكأنّهم كانوا يجتنبون تفسير القرآن تفسيراً فكرياً تحليليّاً علمياً تحرّزاً من وصمة التفسير بالرأي ، وقد كان هذا النمط سائداً إلى أواخر القرن الرابع بين الشيعة ، حتى أحسّ العلماء بالحاجة الشديدة إلى التفسير العلمي والتحليلي ، منضمّاً إلى ما روي عن النبيّ والأئمّة عليهمالسلام ، وأوّل 3 من فتح هذا الباب الشريف الرضي ( المتوفّى 406 ه ) فألّف كتاب « حقائق التأويل » ، في عشرين جزءاً ، ثمّ أخوه الشريف المرتضى ( المتوفّى 436 ه ) في أماليه المسمّى ب « الغرر والدرر » ، ثمّ تلميذه الأكبر الشيخ الطوسي مؤلف « التبيان » ( المتوفّى 460 ه ) إلى أن صار هذا المنهج هو المنهج المتّبع الشائع في جميع الأعصار إلى عصرنا هذا ، وقلّت العناية بالمنهج الروائي المحض إلاّ في بعض الأعصار ( القرنين الحادي عشر والثاني عشر ) ، كما سيوافيك تفصيله ، وبذلك حصل التطوّر الواضح في تفسير القرآن الكريم ، ولعلّ العناية بالأثر وصيانة تلك الكنوز عن الاندراس حملت المفسّرين في تلك الأعصار على تفسير القرآن بنمط واحد ولون فارد ، وهو التفسير بالأثر من غير فرق بين السنّة والشيعة حتى أنّ أبا جعفر الطبري ( المتوفّى 310 ه ) ، وضع تفسيره على ذلك المنهج ، وقلّما يتّفق أن يستكشف أسرار الآيات ويبسط الكلام فيها.
غير أنّ احتكاك الثقافات والضرورات الاجتماعية فرضت على المفسّرين المنهج العلمي من التفسير حتى يكون ملبّياً لحاجاتهم ، فانّ القرآن بحر لا ينزف.
فأدخلوا في التفسير قراءة القرآن ، وإعرابه ، وغوامضه ، ومشكلاته ، ومعانيه ، وجهاته ، ونزوله ، وأخباره ، وقصصه ، وآثاره ، وحدوده ، وأحكامه ، وحلاله وحرامه ، والكلام على مطاعن المبطلين ، والاستدلال على ما يتفرّد به المفسّر في المذهب الفقهي أو الاعتقادي ، وقد ألّف في أواسط القرن الرابع علي بن عيسى الرماني تفسيره المعروف ، وهو بمنهجه العلمي تفوّق على التفاسير المتقدّمة عليه.
وها نحن نذكر أسماء أعلام المفسّرين بالأثر المروي عن النبيّ والآل ، ثمّ نبتعهم بسرد أسماء مشاهير المفسّرين بالتفسير العلمي ، فالمنهج الأوّل يمتد إلى نهاية القرن الرابع ، كما أنّ المنهج الثاني يبتدئ بطلوع القرن الخامس حسبما وصل إلينا من كتبهم ، وبما أنّ أكثر ما أُلّف في العصور الأُولى غير واصلة إلينا ، لا يمكن لأحد القضاء الباتّ في الموضوع ، وأنّ جميع ما في تلك القرون تفاسير روائيّة ، وإنّما نعتمد في ذلك على الحدس وما ذكره الشيخ في أوّل التبيان ، والله العالم.
المصادر :
1- فهرست ابن النديم : 61.
2- رجال النجاشي : 1 / 401 برقم 465.و1 / 179 برقم 146.
3- أمل الآمل : 2 / 311 برقم 947
4- الذريعة إلى تصانيف الشيعة : 19 / 62 برقم 328.
5- قوانين الأُصول : 2 / 92 ، المقصد الخامس في النسخ.
6- رجال النجاشي : 2 / 15 برقم 564 ؛ الذريعة إلى تصانيف الشيعة : 24 / 12 برقم 59.
7- فهرست ابن النديم : 57 ؛ الذريعة إلى تصانيف الشيعة : 24 / 11 برقم 52 .
8- رجال النجاشي : 1 / 372 برقم 427.و 1 / 127 برقم 71. و 1 / 216 برقم 196.و 1 / 401 برقم 465.و 2 / 86 برقم 678.
9- رجال النجاشي : 2 / 54 برقم 638 و 2 / 311 برقم 1050.؛ الذريعة إلى تصانيف الشيعة : 24 / 11 برقم 56.و55. فهرست الطوسي : 177 برقم 652..
10- الذريعة إلى تصانيف الشيعة : 24 / 11 برقم 57.. و : 24 / 14 برقم 69.
11- فهرست ابن النديم : 57 ؛ تأسيس الشيعة لفنون الإسلام : 321. لاحظ الذريعة إلى تصانيف الشيعة : 1 / 40 برقم 192.
12- الذريعة إلى تصانيف الشيعة : 1 / 42 برقم 211. برقم 213. برقم 220.برقم 217.
13- مقدّمة مسالك الأفهام ( تقديم آية الله المرعشي ) : 10.
14- الذريعة : 1 / 43 ؛ مقدمة مسالك الأفهام : 11.
15- رجال النجاشي : 1 / 238 برقم 229.و : 1 / 90 برقم 18 و : 2 / 294 برقم 1031 .فهرست الطوسي : 27 ـ 29 برقم 7
source : rasekhoon