طول الأمل نوع آخر من الغرور
وقد يصاب الإنسان بنوع من الغرور هو أخطر على مستقبله الإيماني وعاقبته، ألا وهو الأمل وطول الأمل الذي قيل عنه:
يـا مـن بدنيـاه أشتغـل قـد غـرّه طـول الأمـل ***فـالمـوت يـأتـي بغتـة و القبـر صنـدوق العمـل
فأحدنا قد يؤمّل نفسه قائلاً: لقد فاتتني ليلة القدر لهذا العام، وسأتوب في السنة القادمة، أو قد يوفّقني الله لأزور بيته الحرام فأتوب حينئذ هناك، وربّما يجد في نفسه الذنوب والانحراف عن الجادّة فيتماهل في توبته وقت إحساسه هذا ويقول؛ أمامي أعوام أخرى سأتوب الى الله فيها!
وهذه هي الوسوسة التي يحدّث الشيطان بها الإنسان، ولا أدري متى كان الشيطان يحبّ ويريد التوبة للانسان وهو عدوّ لدود له، فالأولى للإنسان المؤمن أن يحذر الشيطان حينما يسوّف له التوبة.
وهناك حقيقة أخرى ذكرتها الروايات وانتبه إليها علماء النفس بتجاربهم، وهي أنّ حالة الوثوق بالنفس تنمو لدى الإنسان كلّما مرّت عليه سنّي العمر، فيزداد إصراره على ما يؤمن ويعتقد به، ولذلك فمن الصعب عليه أن يبدّل عاداته، ومعنى ذلك أنّه لو كان في شبابه لسهلت عليه التوبة، ولكنّه حينما يتقدّم في العمر يزداد رسوخاً في كفره وعصيانه كما يشير إلى ذلك الدعاء الشريف:
"يا ويلتا كلّما كبر سنّي كثرت معاصي، فكم ذا أتوب وكم ذا أعود، ما آن لي أن أستحيي من ربّي". ([48])
وكما يقول تعالى: «أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ» (الحديد/16).
ولا أدري متى سنعود الى صوابنا ونعزم على التوبة؟ وإن كانت هذه الفرص والساعات التي نعيشها في ليلة القدر حيث المجالس والاجتماعات الروحانية والأجواء الإيمانية المعطّرة برياحين القرآن والأحاديث الشريفة والأدعية المباركة والمناجاة. أقول: إن كانت هذه الفرص لا تؤثّر في نفوسنا وقلوبنا ولا تطهّر أرواحنا إذن فما أقسى قلوبنا والعياذ بالله!
فلتكن لدينا الهمّة والعزيمة، ولنتّكل على الله في ولوج أبواب رحمته سبحانه وهو أرحم الراحمين
source : sibtayn