دور الأب في تكامل الولد
اهتموا باربع حقائق
يستفاد من الآيات «33- 37» من سورة آل عمران، والآية «28» من سورة مريم، ان تكامل الانسان ورقيّه يرتبط باربع اطراف وهي: الاب المؤمن، والام المؤمنة، والمعلم النزيه الحريص، وأكل الحلال.
لما رأى اليهود عيسى (عليه السلام) فى حضن مريم- و كانت بنتاً لم تتزوج- اصابتهم الدهشة فقالوا لها:
«يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَ ما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا» «1».
لقد جهلوا حقيقة الأمر بأن المسيح كلمة اللَّه القاها إلى مريم الطاهرة، فكانوا يتصورون ان العملية وقعت خلافاً للشرع، فمن خلال معرفتهم بأبي مريم بأنه رجل مؤمن وقورٌ ملتزم بالآداب الالهية، رجلٌ عظيم كريم، وبامها بأنها امرأة مؤمنة عفيفة طاهرة، لم يكن يُتصور ان تلجأ ابنتهما إلى الرذيلة، فقد كان من الثابت لدى الناس ان الولد تجسيد لمزايا الوالدين واخلاقهم وحقائق وجودهم، حتى نطق عيسى (عليه السلام) فاتضح ان من الحتم ان يلد هذان الابوان مثل هذه البنت الجليلة ذي المقامات السامية التي اصبحت أماً لنبي من اولي العزم.
لاحظتم ان ما كانوا يتوقعونه من طهارة في مريم انما يرجع بالدرجة الاولى إلى طهارة أبيها لذا فقد قالوا لها:
__________________________________________________
(1)- مريم: 28.
الاسره و نظامها فد الاسلام، ص: 370
«ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ».
والام التي تحظى بميزة خاصة ايضاً كانت موضع اهتمامهم، من هنا قالوا لها:
«وَ ما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا».
خلال الفصل السابق تطرقت بالتفصيل إلى الام وواجباتها، ولا أرى في هذا الفصل حاجة للمزيد من التفصيل، وقد نوهت في ما مضى من بحوث إلى الحلال والحرام والرزق الطيب الطاهر، كما لا يخفى على أحد تأثير المعلم واحواله واخلاقه على الاولاد.
وما يحتاج إلى مزيد من التوضيح في هذا الفصل هو تأثير الاب في اخلاق الطفل وسلوكه وتربيته.
يتعين على الاب ان يهتم أولًا بتربية الولد الدينية واخلاقه وتعليمه، ومن ثمّ ان يحيا مع زوجته بنحوٍ لا يعكّر صفو حياة أولادهما، ومن جهة اخرى عليه التزام جانب الحيطة فلا يطعم عياله لقمةً من الحرام.
ورد في الروايات عن أهل البيت (عليهم السلام) ما مفاده: ان عدة من الناس يدخلون جهنّم بغير حساب منهم الآباء الذين لا يعتنون بتربية أولادهم الدينية والأخلاقية.
لقد خلق اللَّه سبحانه الناس جميعاً من اجل بلوغ مقام خلافة اللَّه والهدى والبصيرة وبالتالي دخول الجنّة، والناس هم الذين يمهّدون لعذابهم.
source : دار العرفان