المجلس الحسيني وأمر أهل البيت(عليهم السلام)
ينبغي أن نفهم أن إقامة المجالس الحسينية فيه إحياء لأمر أهل البيت(عليهم السلام)، وأنهم ترحموا على من يحيي أمرهم، وهذه مسألة بسيطة جداً، الإسلام ومفاهيم الشريعة الإسلامية ـ ولو معرفة بسيطة ـ عندما تسأله ما هو أمر أهل البيت(عليهم السلام)؟ فإنه يستطيع الإجابة على هذا السؤال، بأن الحسين(عليه السلام) الذي قدم نفسه للقتل والشهادة هو وأصحابه وأهل بيته الصغار والكبار، وعرض عيالاته للآلام، فلأي شيء ولأي هدف؟
فهل الهدف هو أن نبكي أو نلطم ونأكل في المجالس؟ أو لكي يحصل الخطيب الفلاني على المبلغ الفلاني؟ أو الجماعة الفلانية يأكلون الأكل الفلاني؟ أو ينيرون الضياء الفلاني؟ أو يعمرون الحسينية الفلانية؟ أو أن هناك هدفاً آخر؟
نعم، هناك هدف آخر وهو: إحياء الإسلام وترسيخ دعائمه، وحث الناس على التقوى والورع والالتزام بالشريعة الإسلامية، ومواجهة الظالمين، ومقاومة الظلم والطغيان، وغير ذلك من الأشياء التي أعلنها الحسين(عليه السلام) في حركته، وهي واضحة من خلال تحركه، ومن خلال تأكيدات الأئمة(عليهم السلام) وهذا هو أمرهم، فنحن بهذه المجالس نبكي من أجل أن نحيي أمرهم.
فزين العابدين (عليه السلام) عندما كان يمر بأسواق المدينة ويجد قصاباً قد أخذ كبشاً للذبح، فيوقف هذا القصاب في وسط السوق يقول له: هل سقيت الكبش ماءً؟ فيقول له: نعم سقيته الماء.
فيبكي زين العابدين(عليه السلام) في وسط السوق وأمام الناس، ثم يقول: إن أبي الحسين(عليه السلام) ذُبح ولم يُسق الماء.
فالإمام السجاد (عليه السلام) لا يريد بذلك أن يبكي ونبكي فقط، بل يريد بيان مظلومية الإمام الحسين (عليه السلام)، الذي رفع راية الإسلام، وأراد تطبيق أحكامه، هذا الإنسان ـ الذي وقف في مقابل يزيد ومظلومية ـ ذبح بهذه الطريقة.
إذن، فهو يبكي من أجل إحياء أمر الحسين (عليه السلام)، ومن أجل تنبيه الناس إلى طغيان بني أمية وظلمهم وجرائمهم، وابتعادهم عن الإسلام وشعائره.
وهكذا نحن نبكي، ولكن نبكي من أجل إحياء أمرهم، ونحزن من أجل إحياء أمرهم، ونبذل الطعام وندعو الناس له من أجل إحياء أمرهم.
إذن، فهذه كلها أساليب ومظاهر هناك هدف من ورائها، وذاك الهدف هو الذي يمثل أمر الأئمة (عليهم السلام)، ولذلك يجب أن نحتفظ بالمضمون والهدف، وأما أن ننسى المضمون والهدف وننسى إحياء أمرهم، ونتصور القضية من أولها لآخرها فقط وفقط هو الأسلوب، فهذا غفلة عن الهدف الذي وضعه الحسين (عليه السلام) أمام عينه، وأراده الأئمة (عليهم السلام) من هذا الأسلوب.
فالأصل في الشعائر الحسينية هو ذلك الهدف والمضمون، وما تلك الأمور إلا أساليب توصلنا إلى ذلك المضمون.
طبعاً نحن لا نتخلى عن هذا الأسلوب، ولا عن ضرورة التمسك به، أي: من الضروري التمسك بإطعام الطعام في الشعائر الحسينية، وقراءة أشعار الحزن، وذكر مصيبة الحسين (عليه السلام)، ولكن يجب أن يكون لهذا البكاء هدف، وهذا العشر الذي نقرأه على الحسين (عليه السلام) يجب أن يكون له مضمون وهدف، وهذا الجلوس يجب أن يكون له هدف، وإطعام الطعام يجب أن يكون له هدف.
وأما أن نطعم الطعام ونغفل عن الصلاة التي ينادي لها الحسين (عليه السلام)، أو نغفل عن المخالفات أو عن بعض القضايا غير المناسبة التي لا تتناسب مع الآداب العامة، فهذا لا ينبغي صدوره لمن يريد أن يتعبد الله سبحانه وتعالى بهذه الأعمال، ويحي أمر الأئمة (عليهم السلام) وأمر الحسين (عليه السلام).
المصدر: مجلة الفرات العدد(70)
source : alhassanain