السؤال: أنا طالبة في المرحلة الثانوية ، موالية لأهل البيت (عليهم السلام) ، وفي يوم عاشوراء نضطرّ للتغيّب عن المدرسة ، لإحياء ذكرى الحسين (عليه السلام) ، فنجد أنفسنا في اليوم التالي محاصرين بأسئلة ، واتهامات لا تحصر ، أحاول أن أجيب عليها قدر معلوماتي ، ولكنّي أتمنّى أن تفيدوني بإجابات أكثر دقّة وصحّة ، والأسئلة غالباً ما تكون محصورة في :
1-لماذا تهتمّون بذكرى الإمام الحسين أكثر من الرسول والأنبياء ؟ فتتغيّبون عن الدوام في هذا اليوم بالذات ؟
2-لماذا تحيون ذكرى الحسين ؟ وتبكون عليه رغم مرور كثير من السنين على استشهاده ؟
الجواب : نحن نبكي على الإمام الحسين (عليه السلام) ، ونقيم المأتم عليه ، لأنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بكى على الإمام الحسين (عليه السلام) قبل استشهاده ، لمّا أخبره جبرائيل بما سيجري على الإمام الحسين (عليه السلام) .
أيبكي رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبل الفاجعة ، ونحن لا نبكي بعدها ؟!
ما هذا شأن المتأسّي بنبيّه ، والمقتصّ لأثره ! إن ترك الحزن والبكاء خروج عن قواعد المتأسّين ، بل عدول عن سنن النبيّين .
فإنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) يستيقظ يوماً من النوم فزعاً ، وفي يده تربة حمراء يقلبّها بيده ، وعيناه تهراقان من الدموع ، وهو يقول : " أخبرني جبرائيل أن ابني
|
الصفحة 456 |
|
الحسين يقتل بأرض العراق " (1) .
ولمّا ترى أُمّ سلمة النبيّ (صلى الله عليه وآله) يقلّب شيئاً في كفّه ، ودموعه تسيل ، والحسين نائم على صدره ، تسأله عن ذلك ، فيقول (صلى الله عليه وآله) : " إنّ جبرائيل أتاني بالتربة التي يقتل عليها ، وأخبرني أنّ أُمّتي يقتلوه " (2) .
وكذلك يستيقظ رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يبكي ، فتقول له عائشة : ما يبكيك ؟
فيقول : " إنّ جبرائيل أراني التربة التي يقتل عليها الحسين .... يا عائشة والذي نفسي بيده ، إنّه ليحزنني ، فمن هذا من أُمّتي يقتل حسيناً بعدي " ؟! (3) .
فنحن نهتمّ بالحسين (عليه السلام) لاهتمام النبيّ (صلى الله عليه وآله) به ، ونبكي عليه لبكاء النبيّ عليه ، ونحزن عليه لحزن النبيّ عليه .
( ياسر العسبول . البحرين ... )
السؤال: من أين جاءت عادة التطبير التي يستخدمها بعض الناس للتعبير عن الحزن ؟
الجواب : إنّ غالب مظاهر العزاء ، ومبرزات الحزن والولاء ، من اللطم وضرب الزنجيل ، وضرب الطبول ، وغيرها قديمة جدّاً بقدم الواقعة .
ويعسر بيان أو تحديد فترة زمنية خاصّة بها ، إذ هي تختلف من مكان لآخر ، ومن زمن لغيره ، بحسب الظروف الاجتماعية ، والضغوط السياسية التي كانت تسمح لأبناء الطائفة إبراز مظاهر ولائهم .
____________
1- مجمع الزوائد 9 / 188 .
2- المصنّف لابن أبي شيبة 8 / 632 ، المعجم الكبير 3 / 109 و 23 / 328 ، كنز العمّال 13 / 657 .
3- كنز العمّال 12 / 127، تاريخ مدينة دمشق 14 / 195، سبل الهدى والرشاد 10 / 154 .
|
الصفحة 457 |
|
وفي المقام ، لابأس بدراسة حياة البويهية قبل نحو ألف سنة ، ودخولهم بغداد ، وفسح المجال لهذه الأُمور ، ثمّ قمّة ذلك أيّام الحكم الصفوي في إيران ، لفسحه وإباحته إبراز بعض مظاهر الولاء والعزاء بدون خوف من الحكّام .
( عبد الله. عمان )
السؤال: هل هناك أحاديث تدلّ على استحباب اللطم ؟ أحاديث فيها كلمة اللطم صراحة ، والاستحباب كذلك .
الجواب : نحن لا نحتاج إلى حديث يدلّ على استحباب اللطم مادامت المسألة راجعة إلى العرف ، ففي العرف كلّ شيء يكون من مظاهر الحزن على الإمام الحسين (عليه السلام) فيكون مستحبّاً ، وكما تعلمون فإنّ لكلّ أُناس عادات وتقاليد في إظهار الحزن ، ومن عاداتنا وتقاليدنا في إظهار الحزن اللطم ، فيكون داخلاً تحت العمومات التي تحثّ على إحياء أمر أهل البيت (عليهم السلام) ، وإظهار الحزن عليهم .
وبعد هذا ، فنذكّركم بورود روايات وردت عن فعل اللطم من قبل السيّدة زينب (عليها السلام) ، وسائر الهاشميات وغيرهن .
( عبد السلام . هولندا . سنّي )
مشروعية الاحتفال بمولد النبيّ :
السؤال: هل صحيح ما يقوله علماء السنّة : إنّ لا أحد من صحابة رسول الله احتفل بعيد المولد النبويّ ؟ وإنّ الاحتفال بهذه المناسبة الشريفة بدء في عهد الدولة الفاطمية ؟ ولكم جزيل الشكر .
الجواب : نقول في مشروعية الاحتفال بذكرى مولد النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، وغيره من المناسبات الإسلامية :
1-الاحتفال لغة هو : الاهتمام والاجتماع على الأمر ، فإن كان هذا الأمر المهتمّ به ، والمجتمع عليه من الأُمور المشروعة ، والتي فيها ذكر لله سبحانه
|
الصفحة 458 |
|
وتعالى ، وتعظيم لرسوله الكريم (صلى الله عليه وآله)، وأمثال ذلك من الأُمور المشروعة ، والمرضية في الشريعة ، فهو أمر مندوب ومستحبّ ، وقد رغّب الشارع المقدّس فيه ، فقال تعالى : { ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ } (1) .
2-بالنسبة للصحابة فسواء عملوا بهذا الأمر ، واحتفلوا بهذه المناسبة ، أو لم يعملوا ، فليس فعلهم وتركهم حجّة شرعية ، يجب العمل بها ، ولذلك نجد أنّ علياً (عليه السلام) ، حينما عرضوا عليه الخلافة في قضية الشورى بين الستة ، بشرط العمل بكتاب الله وسنّة النبيّ وسيرة الشيخين ، فرفض (عليه السلام) ذلك ، ولم يقبل العمل إلاّ بكتاب الله وسنّة نبيّه .
3-إنّ القاعدة الفقهية تقول : " كلّ شيء لك حلال حتّى تعلم أنّه حرام " ، فما لم يوجد نهي في القرآن ، أو السنّة النبوية على أمر فهو مباح ، يجوز العمل به ، ولا يعتبر بدعة ، كما يدّعيه بعض المذاهب الشاذّة .
وهكذا القاعدة الأُصولية العقلية القائلة : بأصالة البراءة ، وأنّ الإنسان بريء الذمّة ، لا يعاقب على شيء يعمله حتّى يرد فيه نهي شرعي .
كما يمكن أن نؤيّد المسألة ببعض الروايات الدالّة على استحباب تعاهد هذا اليوم 17 ربيع الأوّل بالصيام ، والتوسعة على العيال ، وأمثال ذلك ، ممّا فيه إشعار بالاهتمام بمثل هذه المناسبات ، وإن اختلفت صور الاهتمام من زمان إلى آخر ، فاختلاف مصاديق الاهتمام لا يدلّ على اختلاف الحكم الشرعي ، كما نرى ذلك في كثير من المواضيع الخارجية ، كالوسيلة النقلية ، وطرق المواصلات ، وما شاكل ذلك ، فلا يعدّ هذا خلافاً لم يعمله الأصحاب ، فكذا موردنا في إظهار البهجة والسرور ، وإنشاد الأشعار والمدائح في حقّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، في ذكرى ولادته .
هذا مضافاً إلى أنّ مثل هذه المجالس ، لا تخلو من قراءة القرآن والوعظ والإرشاد ، والتقرّب إلى الله تعالى ، وهذا كلّه من الأُمور المستحبّة بشكل
____________
1- الحجّ : 32 .
|
الصفحة 459 |
|
مؤكّد .
( عقيل أحمد جاسم . البحرين . 32 سنة . بكالوريوس )