وقال (عليه السلام) أيضاً:
«لا عقلَ كالتجاهل، لا حلم كالتغافل» «2».
ان التدقيق والشدة في المحاسبة وتصور عصمة الطرف المقابل من جميع الجوانب وعدم الصفح وتثبيت الاخطاء وكما تعارف عليه التنقيب عن الخطأ كل ذلك مما ينافي
الاخلاق، وكما يعبّر أميرالمؤمنين (عليه السلام):
ان العفو والصفح والاسمى منهما التغافل والتجاهل هي من الامور الضرورية التي لابد للرجل والمرأة التحلي بها وعن طريق هذه الخصال الحميدة والاخلاق الفاضلة تهنأ
الحياة وتعمّها السعادة، وتتمتع الاعصاب بالراحة التامة، ويسلمُ كلٌّ من البدن والروح من الكثير من الامراض.
ان العفو والصفح والتجاهل والتغافل ما هي الّا ثمرة طيبة لكبح جموح الغضب أو ما عبر عنه القرآن الكريم «كظم الغيظ»، وتجنب الحدّة والهروب من نيرانها.
والغضب والحدّة والمراء والعناد والجدال غير المبرر، انما هي مما يرفضه الحق تعالى، ومن شعب جهنم، وصفات ذميمة، وخُلقٌ عدوانيَّ، ومما يؤدي إلى انهيار صرح
الحياة ودافعٌ ينتهي إلى الطلاق والانفصال، والغرق في وحل الكثير من المعاصي والموبقات، والانغماس بكل ما هو شرٌ وباطل.
وقد ورد بشأن المراء بالباطل والعناد:
ان رجلًا قال للحسين بن علي (عليه السلام) اجلس حتى نتناظر في الدين، فقال (عليه السلام): يا هذا انا بصيرٌ بديني مكشوفٌ عليَّ هُداي فإنّ كنتَ جاهلًا بدينك
فاذهب واطلبه، مالي
__________________________________________________
(1)- ميزان الحكمة: 7/ 268.
(2)- نفس المصدر.
الاسرة و نظامها في الاسلام،للعلامة انصاريان ص: 202
وللمماراة، وان الشيطان ليوسوس للرجل ويناجيه... «1».
مما لا شك فيه ان الجدال والنقاش إذا كان من أجل اثبات الحق ومن مصاديق الجدال بالتي هي احسن، فذلك مما لا اشكال به، بل يمثل السبيل للتطور العلمي واستجلاء
الحقيقة ومما يقره العلم والعقل والشرع، اما إذا كان من باب العناد ومحاولة تحطيم الطرف الآخر والنيل من كرامته وخلخلة الاستقرار، فلا شك في انّه محرّمٌ يعتبر مرتكبه
عاصياً ويستحق عليه العقاب.
قال الامام الرضا (عليه السلام) لعبد العظيم الحسيني.
يا عبداالعظيم! ابلغ عنّي اوليائي السلام وقل لهم ان لا يجعلوا للشيطان على انفسهم سبيلًا، ومُرهُمْ بالصدق في الحديث واداء الامانة، ومرهم بالسكوت وترك الجدال فيما
لا يعنيهم «2».
الاسرة و نظامها في الاسلام،للعلامة انصاريان ص: 202
source : دار العرفان