عربي
Sunday 24th of November 2024
0
نفر 0

أهل البيت وطريق شكران النعمة

أهل البيت وطريق شكران النعمة

يتضمن القرآن الكريم دعوة للناس جميعاً على شكر المنعم والى جانب هذه الدعوة والحثّ عليها نجد تحذيراً من الكفران بالنعم، لما يترتب على الكفر بالنعم مصير أسود.

ولذا فإن الروايات الواردة عن أهل البيت^ تشير إلى ضرورة اجتناب استثمار هذه النعم الإلهية في ما لا يرضي الله عز وجل.

شكر نعمة الوالدين

وهناك آيتان في شكر نعمة الوالدين

{وَوَصَّيْنَا الإِْنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}([1]).

وروي عن الإمام الصادق×:

>إن رجلاً أتى النبي’ فقال: يا رسول الله، أوصني فقال: لا تشرك بالله شيئاً وإن حرقت بالنار وعذبت إلا وقلبك مطمئن بالإيمان، ووالديك فأطعهما وبرهما حيين كانا أو ميتين، وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك فافعل، فإن ذلك من الإيمان<([2]).


وجود أهل البيت^ نعمة كبرى

عندما يكون للوالدين كل هذا الحق في أعناق الأبناء فإن من الطبيعي أن يكون حق أهل البيت أعظم شأواً

فهم الأئمة الهداة وسبل الخلاص وسفن النجاة، وبحبهم والسير على خطاهم يبلغ الإنسان درجة الفوز يوم القيامة.

ومن المؤكد أن حق أهل البيت على الإنسانية هو أعظم الحقوق بعد حق الله عزّ وجلّ.

إن أهل البيت^ هم مصابيح الدجى والنور الذي يضيء طريق الحائرين.

والأب الحقيقي للإنسان هو النبي’ ووصيّه علي.

ولذا جاء عن النبي’ قوله:

>أنا وعلي أبوا هذه الأمة<([3]).

وقد جاء في تفسير الآية الكريمة من قوله تعالى: {يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}([4]).

إن طاعة أهل البيت^ والسير على خطاهم هي طاعة للرسول’ وعلي× هو أفضل أهل البيت× بعد النبي’ والمؤمنين به’ وأنصاره هم أفضل من كل أمم الأنبياء الآخرين<([5]).

وأن إكرام النبي والوصي عبادة.

إن طاعة النبي’ هي طاعة لله عزّ وجلّ قال تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ}

وقال سبحانه: {... وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ ...}([6]).

وقد تضافرت الأحاديث والروايات على أن أهل البيت^ هم النِعم وهم النعمة الإلهية من نعم الله التي لا تحصى.

قال الإمام الباقر×: >... ونحن من نعمة الله على خلقه ...<([7]).

فالنبوّة والإمامة من نعم الله عزّ وجلّ([8]) وإن من واجب الإنسانية شكران النعمة من خلال الاستجابة لأمرهم ونهيهم والاقتداء بهم([9]).

وقد روى الشيخ الحر العاملي في وسائل الشيعة عن كتاب عيون أخبار الرضا: أن الشيخ الصدوق يروي عن أحد أصحاب الرضا× سبّ الذين حاربوا علياً ولعنهم.

فقال الإمام الرضا×:

>إلا من تاب وأصلح<.

ثم بين أن من عصى الله ورسوله ولم يتبع أهل بيت رسول الله أكثر إثماً ممن حاربه.



 

 

 



 

 

 

نتائج الانفصال عن أهل البيت^

قال تعالى: {... أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَْمْرِ}([10]).

إن من لا يطيع الراسخين في العلم ومن لا يطيع أولي الأمر فإنه بمثابة متمرد على الله ورسوله وهذا ما تؤكده روايات الفريقين على حدّ سواء.

والآن نحاول أن نتعرف على مصير أولئك الذين يبتعدون عن مسار أولي الأمر والراسخين في العلم.

وانطلاقاً من قوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَْمْرِ مِنْكُمْ} فإن الإيمان والحب لله أهل البيت واجب ومقابل هذا فإن قطع العلاقة معهم والانفصال عنهم سيكون حراماً ومن يتورط في القطيعة مع أهل البيت سيبوء بالخسران المبين قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَْرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ}([11]).

والتأمل في الآية الكريمة: {... أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَْمْرِ مِنْكُمْ} يقودنا إلى إدراك أنه لا حكم وحاكم يمثل خطاً موازياً امتداداً طولياً لحكم الله وقيادة رسوله’ ولذا فإن حكومة أبي بكر كانت فلتة وهي قولة قالها عمر بن الخطاب: عندما قال


كانت بيعة أبي بكر فلتة وقانا الله شرّها([12]).

هذا من جهة ومن جهة أخرى أن وصايا النبي’ تؤكّد أن أهل البيت هم عدل القرآن وهم أهل الذكر وأن عدم أتباعهم والسير في طريقهم يقود إلى الهلكة، ولذا فإن القطيعة مع أهل البيت^ هو قطع الرحم الرسول’ وهو إثم كبير ومعصية خطيرة.

أحاديث هامّة حول صلة الرحم

عن الإمام أبي الحسن× قال: إن رحم آل محمد’ معلق بالعرش يقول: اللهم صل من وصلني واقطع من قطعني وهي تجري في كل رحم([13]).

وعن عمرو بن جميع قال: كنت عند أبي عبدالله الصادق× مع نفر من أصحابه فسمعته يقول: أن رحم الأئمة^ من آل محمد’ ليتعلق بالعرش يوم القيامة وتتعلق بها أرحام المؤمنين تقول يا رب صل من وصلنا واقطع من قطعنا. قال: فيقول الله تبارك وتعالى: >أنا الرحمن وأنت الرحم شققت اسمك من اسمي، فمن وصلك وصلته ومن قطعك قطعته ولذلك قال رسول الله’: الرحم شجنة من الله تعالى.

وعن أبي بصير عن أبي عبدالله الصادق× قال: سمعته يقول: أن الرحم معلقة بالعرش يقول: اللهم صل من وصلني وأقطع من قطعني وهي رحم آل محمد وهو قول الله عز وجل {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ}([14]).


وجاء في تفسير الإمام العسكري× في تفسير آية البقرة: {وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ} المأخوذ عليهم بالربوبية ولمحمد بالنبوّة ولعلي بالإمامة {مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ} من الأرحام والقرابات أن يتعاهدوهم وأفضل رحم وأوجبهم حقاً رحم محمد’ فإن حقهم بمحمد’ كما  أن حق قرابات الإنسان بأبيه وأمه ومحمد أعظم حقاً من أبويه (أبوي الإنسان المسلم) كذلك حق رحمه أعظم وقطيعته أفظع وأفضح وقد أحتج بذلك الإمام علي× على المهاجرين والأنصار في إحدى المناسبات وخلص إلى هذه النتيجة في قوله: >فإذا حقُّ رسول الله’ أعظمُ من حق الوالدين، وحق رحمه أيضاً أعظم من حق رحمهما، فالويل كل الويل لمن قطعها، والويل كل الويل لمن لم يعظم حرمتها<([15]).




([1]) سورة لقمان: الآيتان 14 ـ 15.

([2]) الكافي: 2/158، باب البر بالوالدين، حديث 2؛ مشكاة الأنوار: 159، الفصل الرابع عشر في حقوق الوالدين؛ وسائل الشيعة: 21/489، باب 92، حديث 27666؛ تفسير الصافي: 1444.

([3]) عيون أخبار الرضا: 2/85، باب22، حديث 29؛ علل الشرائع: 1/127، باب 106، حديث 2؛ المناقب: 3/105؛ بحار الأنوار: 36/11، باب 26، حديث 12.

([4]) سورة البقرة: الآية 21.

([5]) تأويل الآيات الظاهرة: 44؛ تفسير الإمام العسكري×: 135؛ بحار الأنوار: 65/286، الأخبار، حديث 44.

([6]) سورة النساء: الآية 80.

([7]) بصائر الدرجات: 62، باب 3، حديث 10؛ بحار الأنوار: 26/248، باب 5، حديث 19.

([8]) تفسير الصافي: 1/131.

([9]) المصدر السابق: 2/461.

([10]) سورة النساء: الآية 59.

([11]) سورة الرعد: الآية 25.

([12]) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2/29؛ الصواعق المحرقة: 137؛ الاحتجاج: 1/256؛ بحار الأنوار: 30/125، باب 19، حديث 5.

([13]) بحار الأنوار: 74/89 ج3.

([14]) سورة محمد: الآية 21.

([15]) تفسير الإمام العسكري: 34 ح12؛ مستدرك الوسائل: 12/377، باب 17 ح14340.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الخوف من سوء العاقبة
النفس ومراحلها السبعة:
حديث من العرفاء:
أهل البيت^ والعبودية-2
وَالْحُبُّ فَرْعُ الْمَعْرِفَةِ
أهل البيت النور المطلق
التوسل بأهل البيت -2
10. علل اختفاء النعم
11.استكمال البركة
مراحل عبادة العارفين:

 
user comment