عربي
Saturday 27th of April 2024
0
نفر 0

السؤال: كيف يمكن إقناع أحد المادّيين بوجود الله عزّ وجلّ ؟

بحث مبسّط في إثبات وجود الله :

السؤال: كيف يمكن إقناع أحد المادّيين بوجود الله عزّ وجلّ ؟

الجواب : لابدّ لمن يريد أن يقنع الآخرين على عقيدة ما كالعقيدة بوجود الله تعالى أن يكون على مستوى عال من المعرفة والثقافة بتلك العقيدة ، حتّى يمكنه أن يؤثّر ويقنع ، كما له القوّة على ردّ الشبهات ، والاعتراضات الواردة حول هذه العقيدة التي يريد طرحها .

فباعتبار أنّ المادّي لا يؤمن بالأدلّة النقلية من الكتاب والسنّة على وجود الله تعالى ، فلابدّ من ذكر الأدلّة العقلية التي يؤمن بها ، الدالّة على وجوده تعالى ، وبعد الإيمان بوجوده تعالى ، حينذاك يمكن أن نثبت له من خلال الأدلّة النقلية والعقلية على وجود الحياة البرزخية ، والحياة الأخروية .

وتعميماً للفائدة ، نذكر لكم ما كتبه أحد المؤمنين في هذا المجال :

يقول المادّيون : لا إله ، فمن الموجد ؟

أنّا نرى الأبناء يولدهم الآباء ، ونرى النبات تنبته الشمس والماء والتربة ، ونرى الحيوان يخلق من حيوانين ، و ... أمّا قبل ذلك فلم نر شيئاً ، فإنّ العمر لم يطل من قبل ...


الصفحة 519


إذاً كلّ قول يؤيّد الإله ، ويؤيّد عدم الإله ، يحتاج إلى منطق غير حسّي .

المادّي الذي يقول : لا إله ، يحتاج إلى الدليل .

والمؤمن الذي يقول : الله تعالى يحتاج إلى برهان .

لكن الأوّل لا دليل له ، فإنّ العين لم تر الإله ، أمّا أنّها رأت عدمه فلا ، وكذا الأذن ، واللمس ، وغيرها ... .

ومن الهراء : أن يقول أحد : إنّ الصناعة الحديثة دلّت على عدم الإله ؟

هل القمر الاصطناعي يدلّ على عدم الإله ؟ هل الذرّة تدلّ على عدم الإله ؟ هل الكهرباء والصاروخ والطائرة تدلّ على عدم الإله ؟

القمر الاصطناعي ليس إلاّ كالسكين الحجري الذي يقولون عنه : صنعه الإنسان البدائي ، لا يرتبط هذا ولا ذاك بالإله نفياً أو إثباتاً .

ولنا أن نقول : نفرض أنّ الإله موجود ، فما كان حال القمر الاصطناعي ؟ بل : القمر الاصطناعي الذي يصرف عليه ملايين ، ويجهد في صنعه ألوف من العلماء ، ثمّ لا ينفع إلاّ ضئيلاً أدلّ على وجود الإله ، إذ كيف هذا له صانع ، وليس للقمر المنير صانع ؟

إنّ من يطلب منّا الإذعان بعدم الإله للكون ، ثمّ هو لا يذعن بعدم الصانع للطائرة ، مثله كمن يطلب من شخص أنّ يقول بعدم بانٍ لقصر مشيّدة ، ثمّ هو لا يقول بعدم صانع لآخر .

عالم وملحد :

قال الملحد : الحواس خمس : الباصرة ، السامعة ، الذائقة ، اللامسة ، الشامّة ، وكلّ شيء في العالم لابدّ وأن يدرك بإحدى هذه الحواس :

فالألوان ، والأشكال ، والحجوم ، تدرك بالباصرة .

والأصوات ، والألحان ، والكلام ، تدرك بالسامعة .

والطعوم ، والمذوقات ، والأطعمة ، تدرك بالذائقة .


الصفحة 520


والخشونة ، واليبوسة ، والرطوبة ، والحرارة ، تدرك باللامسة .

والروائح ، والمشمومات ، والعطريات ، تدرك بالشامّة .

فمن أين نثبت وجود الله ؟ والحال أنّا لم نره ، ولم نسمع صوته ، ولم نذق طعمه ، ولم نلمس جسمه ، ولم نشمّ ريحه .

فصنع العالم كرتين ، إحداهما من حديد ، والأُخرى من خشب ، وصبغهما، ثمّ أتى بهما إلى الملحد ، وقال : أنا أخبرك بأنّ إحدى هاتين الكرتين حديد ، والأُخرى خشب ، أنظر وعيّن ؟!

نظر الملحد ، وعجز عن التعيين بالنظر .

قال العالم : فأصغ وعيّن ؟ أصغى الملحد ، وعجز عن التعيين بالسمع .

قال العالم : ذق وعيّن ؟ ذاق الملحد ، وعجز عن التعيين باللسان .

قال العالم : اشمم وعيّن ؟ شمّ الملحد ، وعجز عن التعيين بالأنف .

قال العالم : ألمس وعيّن ؟ لمس الملحد ، وعجز عن التعيين باللمس .

ثمّ وضعهما العالم في يد الملحد ، وحينذاك أدرك أنّ الأثقل الحديد ، فقال : هذا هو الحديد ، وهذا الأخف هو الخشب .

قال العالم : من أخبرك أنّ الأثقل الحديد ، والأخف الخشب ؟

قال الملحد : عقلي هو الذي أرشدني إلى ذلك .

قال العالم : فليست المعلومات منحصرة بالحواس الخمس ، وإنّ للعقل حصّة مهمّة من العلوم ، والله تعالى الذي نقول به إنّما هو معلوم للعقل ، وان لم يكن مدركاً للحواس .

فانقطع الملحد ، ولم يحر جواباً !!

طالب وزميل :

قال الطالب : لا وجود لله إطلاقاً .

الزميل : من أين تقول هذا ؟ ومن علّمك ؟

الطالب : أمّا من علّمني ؟ فما أنت وهذا ؟ وأنّا لا أتحاشى من أن أقول : إنّ


الصفحة 521


المدرسة هي التي أوحت إليّ بهذه الفكرة ، وإنّي جدّاً شاكر لها ، حيث أنقذتني من التقاليد إلى سعة العلم .

وأمّا من أين أقول ؟ فلأنّي لم أر الله ، وكلّ غير مرئي لا وجود له .

الزميل : إنّي لا أريد أن أناقشك في دليلك الآن ، لكن أقول : هل أنت ذهبت إلى الكواكب ؟ هل أنت ذهبت إلى القطب ؟ هل أنت ذهبت إلى قعر البحار ؟

الطالب : كلا !

الزميل : فإذا قال لك قائل : إنّ الله تعالى في الكواكب ، أو في قعر البحر، أو في القطب ، فبماذا كنت تجيبه ؟

الطالب ، فكّر ملياً !! ولم يحر جواباً .

فقال الزميل : إنّ من الجهل أن ينكر الإنسان شيئاً لم يره ، أو لم يسمع به ، وأنّه لجهل مفضوح .

كان بعض الناس قبل اختراع السيارة والطائرة ، والراديو والتلفون ، والكهرباء والتلفزيون ، إذا سمعوا بها أقاموا الدنيا وأقعدوها إنكاراً على من يقول ، واستهزاءً به ، وكانوا يجعلون كلامه مثار ضحك وسخرية !! فهل كان لهم الحقّ في ذلك ؟

إنّهم كانوا يقولون : لم نر هذه الأشياء .

وأنت مثلهم تقول : لم أر الله .

الطالب : أشكرك جدّاً على هذه اللفتة العلمية ، وإنّي جدّاً شاكر لك ، حيث أخرجتني عن خرافة غرسها في ذهني معلّم جاحد منذ دخلت المدرسة ، وهي : إنّ الله حيث لم نره يجب علينا إنكاره ، والآن فهمت الحقيقة .

مؤمن ومنكر :

كان علي وجميل يتناظران في وجود الله تعالى ، فكان علي يسرد الأدلّة على الإثبات ، وجميل يردّها ، أو لا يقبلها .

ولما طالت المجادلة بينهما ، قال علي : إنّ في جارنا رجلاً من علماء الدين


الصفحة 522


، اسمه أحمد ، فهيا بنا نذهب إليه ونجعله الحكم فيما بيننا .

قبل جميل مقالة علي ولكن بإكراه ، لأنّه كان يزعم أن لا حجّة لمن يقول بوجود الله إلاّ التقليد ، وذهبا معاً إلى دار العالم للقضاء بينهما ، وبعد أن استقرّ بهما المجلس .

قال العالم : خيراً ؟

جميل : إنّي وصديقي علي نتباحث حول وجود الله ، ولم يتمكّن علي من الإثبات ، أو بالأحرى : أنا لم أقتنع بأدلّته ، فهل الحقّ معي أم معه ؟ وأقول قبل كلّ شيء : إنّي لا أقتنع بالقول المجرّد ، وإنّما أريد الإثبات ، مع العلم أنّي خرّيج مدرسة فلسفية عالية ، لا أقبل شيئاً إلاّ بعد المناقشة والجدال ، وأن يكون محسوساً ملموساً .

أحمد : فهل لك في دليل بسيط ، وبسيط جدّاً تقتنع به ، بدون لفّ ودوران .

جميل : ما هو ؟ هات به ، وإنّي أنتظر مثل هذا الدليل منذ زمان !!

أحمد : إنّي أخيّرك بين قبول أحد هذه الشقوق الأربعة ، فاختر إحداها : إنّك موجود بلا شكّ ، فهل :

1-أنت صنعت نفسك ؟

2-أم صنعك شيء جاهل عاجز ؟

3-أم صنعك شيء عالم قادر ؟

4-أم لم يصنعك شيء ؟

فكّر جميل ساعة بماذا يجيب : هل يقول : أنا صنعت نفسي بنفسي ، وهذا باطل مفضوح !

أم يقول : صنعني شيء جاهل ؟ وهذا أيضاً مخالف للحقيقة ، فإنّ التدابير المتخذة في خلق الإنسان فوق العقول ، فكيف يركّب هذه الأجهزة بهذه الكيفية المحيرة ، شيء جاهل ؟!

أم يقول : لم يصنعني شيء ؟ وهو بيّن البطلان ، فإنّ كلّ شيء لابدّ له من صانع .


الصفحة 523


أم يعترف بأنّه مصنوع لشيء عالم وقادر ، وحينئذ ينهار كلّ ما بناه من الأدلّة المزعومة لعدم وجود الله تعالى .

وبعد فكر طويل ، رفع رأسه وقال : لابدّ لي من الاعتراف ، بأنّي مصنوع لعالم قدير .

أحمد : ومن هو ذلك العالم القدير ؟

جميل : لا أدري .

أحمد : ولكن ذلك واضح معلوم .

لأنّ من صنعك ليس من البشر ، فإنّ البشر لا يقدرون على خلق مثلك ، ولا من الجمادات ، فانّ الجماد لا عقل له ، إذاً : هو الله تعالى .

علي : هل قنعت يا جميل بهذا الدليل ؟

جميل : إنّه دليل قوّي جدّاً ، لا أظنّ أحداً يتمكّن من المناقشة فيه ، وإنّي شاكر لك وللعالم أحمد .

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

السؤال : لماذا هذا السكوت من الإمام علي (عليه ...
السؤال: أُريد ترجمة المغيرة بن شعبة مع المصادر .
السؤال: نشكركم على جهودكم في إفادة الناس ...
سؤال: لماذا يستخدم القرآن الكريم في بعض الآيات ...
ما معنى « كلمة اللّه‏ » في قوله تعالى : « ...
هل يشترط اتّحاد الاُفق؟
السؤال : ما معنى : " علي خير البشر ، فمن أبى فقد كفر ...
السؤال : يقول مخالفوا أهل البيت : بأنّ الشيعة ...
السؤال : سادتي الأفاضل كيف يمكننا الجمع بين ما ...
السؤال: ما الفرق بين الأُصول والعقيدة والشريعة

 
user comment