ويتجسّد الولاء لله سبحانه وتعالي عبر الارتباط به سبحانه من خلال:
1 - الطاعة والانقياد والتسليم:
فقال تعالي:
أ - (اءنّما كان قولَ المؤمنين اءذا دعوا اءلي الله ورسوله ليحكم بينهم ان يقولواسمعنا واطعنا واُولئك هم المفلحون)
ب - (.. واءن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من اعمالكم شيئاً)
ج - (ومن يطع الله ورسوله يدخله جنّات تجري من تحتها الانّهار خالدينفيها)
د - (قل اطيعوا الله والرسول...)
ه - (واطيعوا الله والرسول لعلّكم تُرحمون)
و - (يا ايّها الذين آمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واُولي الامر منكم...)
ز - (قل اطيعوا الله واطيعوا الرسول...)
وكما انّ الولاء لله يتطلّب الطاعة لله وللرسول والانقياد والتسليم، فاءنّهيتطلّب كذلك رفض الطاعة لغير الله.
قال تعالي: (فاتقوا الله واطيعون، ولا تطيعوا امر المسرفين).
2 - الحب والاءخلاص لله سبحانه وتعالي:
فقال تعالي:
أ - (قل اءن كان آباؤكم وابناؤكم واءخوانكم وازواجكم وعشيرتكم واموالاقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها احبّ اءليكم من الله ورسولهوجهاد في سبيله فتربّصوا حتّي يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين).
ب - (ومن الناس مَن يتّخذ من دون الله انداداً يحبّونهم كحبّ الله والذين آمنوااشدّ حُبّاً لله...).
3 - النصرة لله ولرسوله وللمؤمنين:
فقال تعالي:
أ - (يا ايّها الذين آمنوا اءن تنصروا الله ينصرْكم ويثبّت اقدامكم).
ب - (ولينصرنّ اللهُ مَن ينصره اءنّ الله لقوّي عزيز).
ج (... والذين آووا ونصروا اُولئك بعضهم اولياءُ بعض..).
د - (..والذين آووا ونصروا اُولئك هم المؤمنون حقّاً...)
ه - (...فالذين آمنوا به وعزّروه ونصروه واتّبعوا النور الذي اُنزل معه اُولئكهم المفلحون).
والولاء بهذا المعني الشامل يقوم باستقطاب كلّ قدرات الاءنسانواءمكاناته ومواهبه وميوله حول محور واحد، ويؤدّي اءلي توجيه كافّةافعال الاءنسان وتحرّكاته ورغباته في خدمة ذلك المحور... وبالتالي فاءنّه -ايّ الولاء - يفرض هيمنة شاملة لهذا المحور علي كلّ الكينونة الاءنسانية،فينقذ الاءنسان من التشتّت والتمزّق والضياع الذي يعاني منه كثير منالناس حيث تتوزّعهم اُمور متباينة وعوامل مختلفة وجهات شتّي.
فاوّل ما يصنع توحيد الولاء في كيان الاءنسان هو انّه يجمع كلّ كيانهالداخلي والخارجي حول نقطة واحدة.
ثم يوجّه - ثانياً - هذه المجموعة المنسجمة من الاءمكاناتوالطاقات من ميول ورغبات وافعال باءتجاه واحد، وهو الصراط المستقيمالذي يأمر به الله تعالي، فيتحوّل الاءنسان حينئذ - من كائن ضعيف متشتّتالبال والاحوال ومتوزّع القوي والقدرات اءلي كائن قويّ فاعل في الاتجاهالذي يسير فيه، لا تتنازعه العوامل المختلفة ولا يصيبه الضعف او التردّداو الوهن، ولا يعاني من الحيرة في العمل ولا يلابسه لبس او غموض اوشك في التحرك.
فيحرّره - ثالثاً - من جميع المحاور المختلفة والعوامل المتباينة التيتهدّد باحتواء حياة الاءنسان وجهده وحركته، كالاهواء والانا والطاغوتوالمال والمتاع.
ويمنحه - رابعاً - الانسجام التام بين الجوارح والجوانح، بين الظاهروالباطن، بين الخارج والداخل، اءذ انّ الولاء لا يفرض هيمنة قسرية عليجوارح الاءنسان وعمله وتحرّكه، واءنّما يمنح الاءنسان الانسجام النفسي معالطاعة والاءقبال والحبّ والرغبة؛ وذلك لانّه يشكّل هيمنة كاملة علي كلّالكينونة الاءنسانية، ويشكّل محوراً ثابتاً لكلّ اهتمامات الاءنسانوتحرّكاته وجميع ميوله النفسية ورغباته.
ومن اهمّ خصائص هذه «الهيمنة» و «المحورية» هي انّها لا تأتيعن حشر واءرغام وقسر، واءنّما تصدر عن انسجام نفسي كامل للاءنسان معهذا المحور، وانجذاب شامل نحوه، حيث اءنّ حركة الجوارح يمكن انتخضع للحشر والضغط، ولكنّ الميول والرغبات والحبّ والبغض لايمكن ان تخضع للعوامل الخارجية القاهرة.
ولذلك، فاءنّ حبّ الله والحب في الله هي من اهمّ عناصر الولاءومقوّماته، حيث اءنّه هو الذي يمنح الاءنسان هذا الانسجام مابين عملجوارحه وتوّجه جوانحه، وهو الذي يجعل طاعة الاءنسان لله وانقياده له:وعبادته اءياه تعالي تصدر عن رغبة وحبّ وشوق.
ضرورة الممارسة الفعلية للحاكمية:
وهناك مسألة اساسية في الولاء لابدّ ان نشير اءليها لكي نفهم معنيالولاء، وندرك دوره وقيمته في حياة الاءنسان المسلم.
فيجب ان نعرف بانّ الممارسة الفعلية للحاكمية ضرورة لابدّ منوجودها في حياة الاُمة المسلمة، وان حياة الاُمة وحركتها لا تنتظم مندون هذه الحاكمية والممارسة القيادية.
اءذ انّ الاءسلام شريعة قائدة في حياة الاءنسان، تتولي تنظيم المجتمعواءدارة شؤونه وتوجيه الناس باتّجاه تحقيق اهداف الدعوة وغاياتها، ولايمكن ان يتحقق شيء من ذلك من دون وجود ممارسة فعلية للقيادةوالحاكمية في المجتمع المسلم، وهذه القيادة والحاكمية هي التي يسميهاالقرآن الكريم ب «الاءمامة» او «الخلافة»، وهي ليست نفس الجانبالتشريعي من هذا الدين، واءنّما هي شيء آخر يختلف عنه، حيث اءنّالطاعة فيما يبلغ الناس من احكام الله وتشريعاته، اءنّما هي طاعة لله تعالي،وامّا الانبياء: فهم مبلِّغون لتلك الاحكام، ولا تمثل طاعة تلك الاحكاموالتكاليف طاعة لهم: في حين انّنا نري بانّ القرآن الكريم يصرّحبوجوب اءطاعة الرسول(ص) واءطاعة اُولي الامر من بعد الرسول(ص) كامتدادلطاعة الله، حيث قال تعالي:
(اطيعوا الله واطيعوا الرسول واُولي الامر منكم).
فهذه الطاعة ليست هي طاعة الله في امتثال احكامه والالتزامبالحلال والحرام، واءلاّ لما امر الله بها وجعلها شيئاً مستقلاّ يختلف عنطاعته تعالي، ولما كان هناك معني لطاعة الرسول واُولي الامر.
فطاعة الرسول(ص) واُولي الامر - اءذن - هي غير طاعة الله - واءن كانتمن امتدادها، وانّها تكون في دائرة الفراغ التي تتركه الشريعة السمحاءلاولياء اُمور المسلمين فيما تتطلبه مصلحة الاءسلام والاُمة المسلمة، ممالايمكن ضبطها في الشريعة باحكام ثابتة.
ومن اجل ان يمارس هذا الدين دوره القيادي في حياة الاءنسان، فاءنّهلابدّ من وجود ممارسة فعلية للقيادة والحاكمية في حياة الناس.
ولكي يؤدّي الحاكم مهماته الصعبة ويتمكن من مواجهة التحدياتواءزالة العقبات والاستمرار بالاُمة في المسيرة الصعبة - مسيرة ذاتالشوكة - فاءنه:
1 - لابدّ وان يكون موضع نصرة المؤمنين.
2 - لابدّ وان يكون موضع حبّ المؤمنين وتقديرهم واحترامهم.
حيث اءنّ المهمات الكبيرة التي يجب علي الحاكم الاءسلامي انّيحقّقها تتطلب انسجاماً كاملاً وتفاهماً تاماً بين الاُمة والاءمام، فمن دونان تسود المحبّة والمودّة والانسجام النفسي بين الرعية والحاكم، فاءنالحاكم لا يستطيع ان يوجّه المسيرة ويواجه العقبات.
معني البراءة:
وليس ثمة شكّ في انّ الطاغوت سوف يعمل بكلّ جهده لعرقلةمسيرة هذا الدين وتطويقه وتلغيم دربه، وسوف يستنفذ كلّ اءمكاناته فيالدس في هذا الدين والدس في هذه الاُمة، لكي تفقد الاُمة اصالتهاوصلابتها ومناعتها الفكرية وتتحوّل من اُمة رسالية تريد ان تؤديرسالتها، اءلي اُمّة تريد ان تعيش حياة هادئة وديعة بعيدة عن هموم الرسالةومتاعب الدعوة اءليها.
ولكي تستطيع الاُمّة ان تحفظ مناعتها واصالتها في مواجهةالمحاولات التي يبذلها اعداؤها لتمييع اصالتها وحرفها عن مسيرتهاالقويمة ومصادرة اهدافها ورسالاتها؛ لابدّ وان تتمتع بمناعة قويّة ضدّاي عنصر دخيل او فكر غير اصيل.
وهذه المناعة هي الضمان الوحيد الذي يحمي الاُمّة من الانصهاروالميوعة والانحراف.
ولا تتحقّق هذه المناعة ابداً، ما لم تكن المفاصلة بين المسلمينوالكفار كاملة، وما لم يكن الابتعاد عن ائمة الشرك ومنطقة نفوذه وتأثيرهابتعاداً تاماً.
اءذ ان هذه المفاصلة كفيلة بمصادرة كلّ فرص التأثير السلبي عليهذه الاُمّة، وتجعل الاُمة في حصانة كاملة من كلّ التأثيرات الانحرافيةالتي يريدها اعداء الاءسلام بها، وتحمي اصالة الاُمة وعقيدتها من الانهيار،وتمنع رشدها الفكري ورسالتها المتينة من الانصهار والذوبان.
وهذه المفاصلة بين المسلمين وبين المشركين وائمة الكفر هي التييصطلح عليها القرآن الكريم بـ «البراءة».
(براءةٌ من الله ورسوله اءلي الذين عاهدتم من المشركين).
(واذان من الله ورسوله اءلي الناس يوم الحج الاكبر انّ الله بري من المشركينورسولُه).
ومن الطبيعي ان البراءة تجب في حالة مواجهة نوايا عدوانية منالطرف الا´خر، وفي حالة تحصين الاُمّة ضد التأثيرات السلبية.
ولكي تستطيع الاُمة ان تواجه العدوان والتحديات من قبل اعدائها،وتتمكّن من اجتياز العقبات، لابدّ لها من التماسك والترابط، ولابدّ لها منان تكون كتلة متراصّة وصفّاً مرصوصاً كما يقول القرآن الكريم.