اللهتعالي وحده هو مصدر الولاية والحاكمية والسلطان:
فالولاية - اءذن - محور ثابت لا يتعدّد ولا يتجزّأ ولا يتغيّر.. وهي للهسبحانه وتعالي، ولكنّ الله سبحانه وتعالي يمنح هذه الولاية اءلي مَن يشاءمن عباده، واءلي مَن يرتضي من الناس.
فلن تكون ثمة ولاية - اءذن - في قبال ولاية الله.
ولن تكون هناك ايّ ولاية - ابداً - بغير اءذن الله، ولا حاكمية مندون امره.
حيث اءنّ الولاية المشروعة في حياة الاُمّة، لمّا كانت امتداداً لولايةالله، فاءنّها لابدّ وان تكون باءذن الله وامره.
وما لم يأذن الله لاحد من الناس بان يلي امر عباده لن يكون له الحقّفي ان يتولّي شيئاً من اُمور الاُمة.
وبمراجعة القرآن الكريم نجد هذه الحقيقة واضحة فيما يحكي اللهتعالي لنا من تنصيب عباد له اولياء وائمة وخلفاء علي الناس، وانّه لم تتمّلهم اءمامة ولا ولاية علي الاُمّة لولا انّ الله تعالي قد خصّهم بذلك واناطاءليهم هذا الامر.
ففي قصّة اءبراهيم(ع)، يقول تعالي:
(قال اءنّي جاعلك للناس اءماماً قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين)
والاءمامة - هنا - بمعني الولاية.. فقد جعله الله تعالي اءماماً بعد ان كاننبيّاً.
وفي قصّة داود(ع)، يقول تعالي:
(يا داود اءنا جعلناك خليفة في الارض فاحكم بين الناس بالحق..)
والخلافة هنا بقرينة قوله تعالي: (فاحكم بين الناس بالحق) تعنيالولاية والحاكمية.
ويقول تعالي عن ذرية اءبراهيم(ع) لمّا نجّاه الله تعالي من القومالظالمين:
(ووهبنا له اءسحق ويعقوب نافلة وكلاّ جعلنا صالحين وجعلناهم ائمة يهدونبامرنا واوحينا اءليهم فعل الخيرات واءقام الصلاة واءيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين)
ولا نريد - هنا - ان نسهب في هذا القول، فله مجاله الخاص فيالبحث، واءنّما نريد - فقط - ان نشير اءشارة سريعة اءلي انّ مصدر الحاكميةوالسلطان في حياة الاءنسان هو الله تعالي وليس الاُمّة - كما تذهبالاتجاهات الديمقراطية اءلي ذلك - وليس لاحد من دون اءذن الله تعالي انيتولّي امراً من اُمور المسلمين، كما ان الله تعالي لم يفوّض الاُمّة بهذهالصلاحية في اختيار مَن تراه هي اهلاً للولاية والاُمة الاءمامة.
فالاصل في الامر هو انّ الله سبحانه وتعالي هو مصدر السلطةوالحاكمية في حياة الناس، وليس هناك في النصوص الشرعية ما يشير اءليانّ الله عزّ وجلّ قد فوّض الاُمة بهذا الامر.
فولاية الله تعالي - في حياة الناس لا يقتصر امرها - اءذن - علي نفوذالاحكام الشرعية المحدّدة من قبل الله تعالي في حقّ عباده، واءنّما تعنيالممارسة الفعلية للحاكمية والامر والنهي في حياة الاءنسان من خلالاُولئك الذين اتّخذهم الله اولياء له، وجعلهم ائمة للبشر وخلفاء علي الناس.
دور الولاية واهميتها في حياة الاُمّة:
هناك بعض النصوص الاءسلامية التي وردت في اهميّة الولايةوقيمتها في حياة الاُمة، وموقعها في هذا الدين الحنيف، ومنها:
عن ابي جعفر(ع) انّه قال: «بُنِي الاءسلام علي خمس: علي الصلاة والزكاةوالصوم والحجّ والولاية، ولم يناد بشيء كما نودي بالولاية».
وعن مجلان بن صالح قال: قلت لابي عبدالله(ع) اوقفني علي حدودالاءيمان، فقال(ع): شهادة ان لا اءله اءلاّ الله وانّ محمّداً رسول الله والاءقرار بماجاء من عند الله وصلاة الخمس واداء الزكاة وصوم شهر رمضان وحجّالبيت وولاية وليّنا وعداوة عدوّنا والدخول مع الصادقين.
وعن ابي جعفر(ع) انّه قال: بُنِي الاءسلام علي خمسة اشياء: عليالصلاة والزكاة والصوم والحجّ والولاية، قال زرارة (راوي الحديث)فقلت، وايّ شيء من ذلك افضل؟ قال(ع): الولاية افضل لانّها مفتاحهن،والوالي هو الدليل عليهنّ... ثم قال(ع): ذروة الامر وسنامه ومفتاحه وبابالاشياء، ورضي الرحمن الطاعة للاءمام بعد معرفته انّ الله عزّ وجلّ يقول:(مَن يُطع الرسول فقد اطاع الله ومَن تولي فما ارسلناك عليهم حفيظاً)، امّا لو انّرجلاً قام ليله وصام نهاره وتصدّق بجميع ماله وحجّ جميع دهره ولميعرف ولاية وليّ الله فيواليه، وتكون جميع اعماله بدلالته اليه ما كان لهعلي الله حقّ في ثوابه، ولا كان من اهل الاءيمان. ثم قال(ع): اُولئكالمحسن منهم يدخله الله الجنة بفضل رحمته)
وهذا الحديث يتوقّف الاءنسان للتأمّل فيه طويلاً، فمن قام ليله وصامنهاره، ولم يعرف ولاية الله ماكان له علي الله حقّ في ثوابه، ولا كان مناهل الاءيمان، وذلك لانّ جوهر الدين ليس عبارة عن مجموعة تعليماتمن العبادات والمعاملات والعقود والاءيقاعات، واءنّما هو الارتباط باللهورسوله واوليائه.
وعن طريق هذا الارتباط يتمّ للاءنسان المؤمن تحديد معالم دينه.
وقد امر الرسول(ص) اُمته من بعده بالارتباط باهل بيته: بعد كتابالله لتحديد معالم دينهم.
يقول رسول الله(ص): «الا ايّها الناس، فاءنّما انا بشر يوشك ان يأتي رسول ربيفاجيب، وانا تارك
فيكم ثقلين؛ اولهما: كتاب الله، فيه الهدي والنور فخذوا بكتاب اللهواستمسكوا به، فحثّ علي
كتاب الله
ورغّب فيه. ثم قال(ص): واهل بيتي، اُذكركّم اللهفي اهل بيتي، اُذكّركم الله في اهل بيتي،
اُذكّركم الله في اهل بيتي»
وعن طريق هذا الارتباط يتمّ تنظيم المجتمع وتحريك الاُمّةوتوجيهها وقيادتها باتجاه تحرير الاءنسان من عبودية الهوي والطاغوت،وتعبيده لله الواحد الاحد وترسيخ الدعوة اءلي الله علي وجه الارض.
فمسألة الولاية - اءذن - مسألة اساسية في هذا الدين، ولا يستطيعهذا الدين ان يؤدّي دوره الاساسي في ربط الاءنسان بالله تعالي، وفي قيادةالاءنسان اءلي تحقيق اهداف هذا الدين في الحياة، وتعبيد الاءنسان لله، واءزالةالحواجز التي يزرعها الطاغوت في طريق هذه الدعوة. من دون«الولاية».
وهذه الحقيقة تقرّر حتمية الصراع بين محوري «الولاية» و«الطاغوت»، بشكل دائم في تاريخ الاءنسان.