السيد المرتضى أبو القاسم علي بن السيد أبي احمد الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبى طالب (عليهم السلام). ولد في شهر رجب سنة 355هـ.
دراسته وعلومه:
قرأ هو وأخوه الرضي على ابن نباتة وهما طفلان، ثم قرأ كلاهما على الشيخ المفيد (قدس سره)، ويروى أن المفيد كان قد رأى في منامه أن فاطمة الزهراء (عليها السلام)، دخلت عليه وهو في مسجد بالكرخ، ومعها ولداها الحسن والحسين (عليهما السلام)، صغيرين، فسلمتهما إليه، وقالت: علمهما الفقه، فانتبه الشيخ وتعجب من ذلك. فلما تعالى النهار في صبيحة تلك الليلة التي رأى فيها الرؤيا، دخلت إليه في المسجد ذاته فاطمة بنت الناصر، وحولها جواريها وبين يديها إبناها علي المرتضى ومحمد الرّضي صغيرين، فقام إليها وسلم عليها، فقالت له: أيها الشيخ هذان ولداي قد أحضرتهما إليك لتعلمهما الفقه. فبكى الشيخ وقص عليها المنام، وتولى تعليمهما وأنعم الله عليهما، وفتح الله لهما من أبواب العلوم والفضائل ما اشتهر عنهما في آفاق الدنيا وهو باق ما بقيّ الدهر.
مكانته العلمية :
كان شريف العراق والمجتهد على الإطلاق ومرجع فضلاء الآفاق، وقد نهل من علمه علماء الأمامية من زمانه حتى زماننا، كان ركنا للعلم ومعلماً للعلماء، وكتب كتباً كثيرة، وقد أمتدح علماء العامة بأجمعهم السيد المرتضى وقالوا عنه بأنه أعلم الناس بالعربية، ووصف النسابة العمري بيت آبائه بأنه أجل بيت بني الإمام موسى الكاظم…. وقال عنه صاحب جامع الأصول بأنه مجدد مذهب الإمامية في مطلع القرن الرابع الهجري.
قال الصفدي إنه: كان السيد المرتضى فاضلاً ماهراً أديباً متكلماً .
وقال السيوطي: أن المرتضى توحد في علوم كثيرة مجمع على فضله مثل الكلام والفقه وأصول الفقه والأدب من النحو والشعر ومعانيه واللغة وغير ذلك وله تصانيف، وعن السيد علي خان الشيرازي قال: كان الشريف المرتضى أوحد أهل زمانه فضلاً وعلماً وكلاماً وحديثاً وشعراً وخطابة وجاهاً وكرماً إلى غير ذلك .
وقال الشيخ الطوسي في حقه أيضاً: أكثر زمانه أدباً وفضلاً متكلم فقيه جامع للعلوم كلها مد الله في عمره. وعن الشيخ أبي جعفر الحمصي أنه قال: قد كان شيخنا عز الدين أحمد بن مقبل يقول لو حلف إنسان أن السيد المرتضى كان أعلم بالعربية من العرب لكان محقاً.
منزلته وكراماته:
نقل من خط السيد العالم صفي الدين محمد بن محمد الموسوي بالمشهد الكاظمي المقدس في سبب تسمية السيد المرتضى بـ(علم الهدى) أنه مرض الوزير أبو سعيد محمد بن الحسين بن عبد الصمد في سنة 420، فرأى في منامه أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) يقول له: قل لعلم الهدى يقرأ عليك حتى تبرأ، فقال الوزير: يا أمير المؤمنين ومن علم الهدى؟ فقال (عليه السلام): علي بن الحسين الموسوي، فكتب إليه الوزير بذلك، فقال المرتضى: الله الله في أمري فإن قبولي لهذا اللقب شفاعة عليّ، فقال الوزير: والله ما كتبت إليك إلا بما لقبك به جدك أمير المؤمنين، فعلم الخليفة القادر بذلك، فكتب إلى المرتضى: يا علي تقبل ما لقبك به جدك، فقبل واسمع الناس .
ولشرفه وجلالة منبته وانتسابه إلى بيت شريف فوّض إليه الخلفاء آنذاك نقابة الطالبيين بعد وفاة أخيه الشريف الرضي ويعتبر هذا المنصب حساساً حيث توان فيه المرجعية العامة على العلويين في جميع أنحاء العالم الإسلامي والنظر في أمورهم كافة.
شعره :
شعره في غاية الجودة وحكي عن جامع ديوانه أنه قال: سمعت بعض شيوخنا يقول ليس لشعر المرتضى عيب إلا كون الرضي أخاه فانه إذا أفرد بشعر له كان أشعر أهل عصره ومن شعره قوله:
وطرقنني وهناً بأجـــــواز الربــا***وطروقهن على النوى تخييـل
في ليلة وافى بها متمنـــــــــــــع***ودنت بعيدات وجاد بخيــــــل
يا ليت زائرنا بغاصمة الدجـــــى***لم يأت إلا والصباح رســــول
فقليله وضح الضحى مستكثـــــر***وكثيره غلس الظـــلام قليـــــل
وقوله أيضاً:
تجاف من الأعداء بقيا فربمــا***كفيت فلم تجرح بناب ولا ظفر
ولا تبر منهم كل عود تخافـــه***فإن الاعادي ينبتون من الدهر
وقوله:
بيني وبين عواذلــــــــــي***في الحب أطراف الرماح
أنا خارجي في الهـــــوى***لا حكم الا للمــــــــــــلاح
مصنفاته :
كانت مصنفات السيد المرتضى (قدس سره ) غير مسبوقة من قبل من تقدمه من العلماء الأعلام، فقد كتب في الأصول، والرسائل، وأجوبة المسائل، والتفسير، والعقائد، والحديث .
وكان من السابقين إلى فتح باب الاجتهاد، وأول الذين كتبوا في الفقه المقارن، ويعتبر السيد المرتضى أول واضع لأصول الفقه، لذلك يعد من المجددين للمذهب الشيعي، وله مؤلفات كثيرة تجاوزن الثمانين مصنفاً منها مخطوط ومنها مطبوع نذكر جملة منها:
1- الشافي في الإمامة
2- تنزيه الأنبياء والأئمة
3- المقنع في الغيبة
4- الذريعة في الأصول
5- الأمالي ويسمى الغرر والدرر
6- شرح القصيدة المذهبة
7- شرح الخطبة الشقشقية
8- النصرة لأهل الرؤية
9- المسائل الناصرية
10- فنون القرآن
11- تفسير الحمد والبقرة
12- الانتصار
13- مسألة في أصول الدين
14- المسائل الطرابلسية
15- المسائل الموصلية
16- المسائل الصيداوية
17- المسائل الحلبية
18- المسائل المصرية
19- المسائل الجرجانية
20- المسائل الديلمية
21- المسائل الطوسية
22- المسائل الدمشقية
23- المسائل الرازية
24- الخلاف في أصول الفقه
25- ديوان شعره (اكثر من عشرين الف بيت )
26- المسائل المفردة في أصول الفقه
وفاته :
توفي الشريف المرتضى (رحمه الله ) في الخامس والعشرين من شهر ربيع الأول سنة 436 هـ في مدينة الكاظمية المقدسة، ودفن أولاً في داره ثم نقل إلى كربلاء المقدسة ودفن إلى جوار جدّه الإمام الحسين (عليه السلام) في مقبرة أبيه وأخيه (رضوان الله عليهما).