معرفة الله تعالى لكُلّ إنسان بمقدار عقله :
السؤال: التعبّد المحض لله عن طريق ماذا يكون ؟ إذا علمنا أنّ معرفته مستحيلة لأنّه مجهول ، ما عرفناك حقّ معرفتك ، وكيف للعاجز أن يعرف الكامل ؟
الجواب : إنّ كُلّ إنسان مؤمن بالله تعالى ، معرفته به على قدر وسعه ، وعلى مقدار فهمه وعقله ، والتعبير عن الله تعالى بأنّه مجهول غير صحيح ، فإنّ كُلّ أحد يعلم بوجوده ، ويعتقد بقدرته وخالقيته ورازقيته ، وإلى آخره .
نعم ذات الله تعالى لا يتوصّل إليها أحد ، ولا يمكن الاطلاع عليها ، والنبيّ (صلى الله عليه وآله) في هذه العبارة يقول : " ما عرفناك حقّ معرفتك " (1) ، فلم ينكر أصل المعرفة ، إذاً حقّ المعرفة أمر ، وأصل المعرفة أمر آخر ، فكُلّ يعرف ربّه وخالقه ورازقه على قدر عقله وفهمه وإلى آخره .
( ... ... ... )
حقيقة الموضوع مهمّ جدّاً لأنّه عقائدي ، وله وجهان : الظاهر والباطن ، فظاهره يثير الفضول ، وباطنه يمحّص الإيمان .
أردت التدخّل لوجود شبهة في هذا الموضوع ، رؤية الله وهو طريق لا مفرّ منه ، وأضرب على ذلك مثال ، قال الرسول الأعظم : " الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا " (2) .
وللجواب المقنع على هذا السؤال هو السير ، أي من العلم إلى الإيمان ، من الظاهر إلى الباطن ، وليس البقاء في الظاهر ، والسؤال على الباطن فمهما أجاب المجيب ، ووصف الباطن فمحال أن يصدق من هو في الظاهر ، ولو اقتنع بالأدلّة العقلية الجدلية المتناهية ، وخاض بحر التفلسف ، إنّك لا تهدي من أحببت .
____________
1- التوحيد : 114 .
2- بحار الأنوار 50 / 134 .
|
الصفحة 540 |
|
إنّ الإمام (عليه السلام) أجاب بحسب ما يقتضيه ظاهر القوم : " خاطبوا الناس على قدر عقولهم " ، وفي كلامه سرّ لا يكشف ، وإن أظهره ، ففي إظهاره كتمانه على الباحث الطالب للحقّ حمل المفاتيح ، والسير حتّى الوصول إلى الله ، وهو سبب الوجود مرتبة الإنسانية .
والسلام والصلاة على محمّد وآله .
( السيّد حسين الجزائري . إيران )