معنى النور :
السؤال: إذا كان النور يعني الإيجاد ، فما معنى الآية الكريمة : { يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء } (3) و { اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ } (4) ؟
الجواب : النور مصطلح يستعمل في موارد مختلفة ، لبيان مفاهيم غامضة ، فيعطي صورة واضحة عن مراد المستعمل ، والحكمة في الموضوع ، أنّ معنى النور في اللغة ، هو المصدر الذي يضيء ، وفي نفس الوقت هو مضيء ، ومنه قد
____________
1- الكافي 2 / 278 .
2- المصدر السابق 2 / 331 .
3- النور : 35 .
4- البقرة : 257 .
|
الصفحة 544 |
|
استعير في كُلّ مورد يحتوي على صفة من جهة ، وهو يعطي تلك الصفة من جهة أُخرى .
وعلى هذا الأساس ، تفسّر آية { اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } ، فإنّ النور هنا الموجد الذي له الوجود ، إذ إنّ صفة الخالقية في الله تعالى ، تقتضي إعطاء الوجود للمخلوق ، مضافاً إلى كونه الوجود عنده تبارك وتعالى ، وهذا يمثل في عالم المادّة بالنور الذي يضيء ما حوله مع اضائته في نفسه .
وأمّا النور في الآيتين الأخريتين ، فهو بمعنى الهداية والصراط المستقيم ، وهنا أيضاً ، بما أنّ الله تعالى يعطي الهداية ، وهو مهتدٍ في نفس الوقت ، استعمل النور في تصوير معنى الهداية .
( عبد المنعم عبد الباقي الصادق . السعودية )
السؤال: مع دعائي لكم بالتوفيق والسداد ، سؤالي هو : لله تعالى أسماء وصفات ، فكيف نفرّق بين الاسم والصفة ؟ وما هي الأسماء ؟ وما هي الصفات ؟
الجواب : إنّ الفرق بين الصفة والاسم هو : أنّ الاسم يعني الذات مأخوذ بوصف من أوصاف تلك الذات ، فلفظ العالم اسم من أسماء الله تعالى ، يعني ذات مأخوذة بوصف العلم .
أمّا الصفة : فهي النظر إلى ذات الصفة من حيث هي صفة ، مع قطع النظر على اتصاف الذات بها .
ربما يتبيّن الفرق جيّداً بمقال نأخذه على الإنسان ، حيث يسمّى الإنسان من حيث هو هو حيواناً ناطقاً ، ولكن إذا نظرنا إليه من حيث صفة الطبابة ، أو النجارة ، فلا يسمّى إنساناً ، بل طبيباً ونجّاراً .
كما أنّ الفرق بين الصفة والاسم عبارة عن : أنّ الأوّل لا يحمل على الموضوع ، فلا يقال : زيد عِلم ، بخلاف الثاني ، فيحمل عليه ، ويقال : زيد عالم .
|
الصفحة 545 |
|
وعلى ذلك جرى الاصطلاح في أسمائه وصفاته سبحانه ، فالعلم والقدرة والحياة صفات ، والعالم والقادر والحيّ أسماؤه تعالى .
( محمّد . العراق ... )
معنى عالم الغيب : { اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ }
السؤال: ما هو عالم الغيب والشهادة الذي ذكر في القرآن الكريم ؟
الجواب : إنّ المراد بعالم الغيب والشهادة هو الله تعالى ، كما في قوله : { وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّوَرِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ } (1) ، وإنّما ورفع { عَالِمُ الْغَيْبِ } لأنّه نعت ل { الَّذِي } ، أو كونه فاعل لمن قرأ { يُنفَخُ } بالفتح .
والمراد منه : يعلم السرّ والعلانية ، وورد عن ابن عباس : " عالم الغيب والشهادة ، أي ما يشاهده الخلق وما لا يشاهدونه ، وما يعلمونه وما لا يعلمونه ، ولا يخفى عليه شيء من ذلك " (2) .
( عبد العزيز محمّد . السعودية ... )
إرادة الخير للإنسان لا تعارض وجود الشرّ فيه :
السؤال: كيف نوفّق بين قولنا : بأنّ الله تعالى يريد للإنسان خيراً ، مع خلقه تعالى للشيطان ، والنفس الأمّارة بالسوء ، والشهوات ، والتي تشكّل أسباباً مساعدة للانحراف والفجور والفسوق ؟
الجواب : إنّ مقتضى كون الإنسان مختاراً في سيره التكاملي يفرض عليه انتخاب أحد الطريقين ، ولابدّ عندها من مواجهة الشيطان ، والشهوات ،
____________
1- الأنعام : 73 .
2- التبيان في تفسير القرآن 4 / 174 .
|
الصفحة 546 |
|
والهوى ، حتّى إذا ما تمكّن فيها وانتصر عليها استطاع أن يرتقي سُلّم كماله بنفسه ، ويحصل على لقب أشرف الموجودات بفضل صبره ، وتحمّله في طريق كان مليئاً بالاختبار ، والامتحان والمعاناة .
فالغرائز والشهوات المودعة عند الإنسان كالشهوة الجنسية مثلاً تلعب دوراً هامّاً في بقاء واستمرار الوجود الإنساني ، وهي بالإضافة إلى ذلك ، تشترك مع هوى النفس والشيطان ، باعتبارها عناصر فاعلة ومؤثّرة في معادلة تكامل الإنسان ، وقربه من الله تعالى .
ومن هنا : فإنّ الله تعالى لا يخلق إلاّ الخير ، ولا يريد لعباده إلاّ خيراً ، ولكن إيجاده للخير في كثير من الأحيان يلازمه ويرافقه وجود الشرّ .
نظير غريزة حبّ الأولاد ، فإنّ وجودها في حياة الإنسان ممّا لا يمكن الاستغناء عنها ، ولولاها لانعدمت الرعاية التي نلاحظها عند الأبوين ، فيما يتعلّق بأبنائهما ، ولوجدت الكوارث تلو الكوارث إلى أن تنتهي بانعدام النسل الإنساني .
وممّا هو مسلّم ، فإنّ آثاراً سلبية توجد مع وجود هذه الغريزة ، وذلك حينما تنعدم الضوابط الإلهية والأخلاقية ، فتجعل من الأبناء بسبب حبّ الآباء المفرط لهم صنم ينسيهم ذكر الله تعالى .
وفي النهاية : نؤكّد على أنّ الله تعالى متفضّل ومتكرّم على عباده ، وليس لهم عليه تعالى حقّ من الحقوق ، حتّى إذا ما منعهم نعمة أو سلبهم عافية ، قيل : بأنّ الله سبحانه قد ظلمهم ، وبخس حقّهم ، لأنّه تعالى معط بلا عوض ، وآخذ بلا جور .
|
الصفحة 547 |
|
( جوزيف . لبنان . مسيحي . 22 سنة . طالب جامعة )