ان أصعب حالات العقم الوراثية النوع الناتج عن خلل في عدد الكروموسومات التي تحمل الصفات الوراثية في هذا الرجل، وأكثرها شيوعاً هو ما يسمى بمتلازمة كلاينفلتر الذي يحمل فيه الشخص المصاب صبغياً واحداً زائداً عن العدد الطبيعي، وتكون تركيبته الوراثية 47.XY بدلاً من 46.Y كباقي الرجال.
وهذا الصبغي X الزائد لا يمنعه من الزواج وممارسة العلاقة الجنسية بطريقة طبيعية، لكنه يمنع تكوين الحيوانات المنوية في خصية المريض الصغيرة حجماً بالإضافة الى بعض الأعراض الثانوية مثل كبر حجم الثديين وعدم نمو الذقن أو الشارب بصورة طبيعية.
وغالباً ما تنتج هذه الحالة عن الانجاب في سن متأخرة، (الأم تخطت الأربعين أو الأب تخطى الستين) حيث تكون قدرة الأب أو الأم على تكوين أمشاج طبيعية قد ضعفت وتأثرت بعوامل السن والبيئة والأمراض المختلفة على مر السنين.
وفي بعض حالات مرض كلاينفلتر يكون فيها خليط من الخلايا الطبيعية والخلايا التي تحتوي على الصبغي الزائد وتكون لديهم القدرة على الإنجاب ولكن بنسبة ضعيفة.
ويمكن التغلب على هذا الضعف ونقص أعداد الحيوانات المنوية عن طريق الحقن المجهري للحيوانات المنوية القليلة العدد في البويضات التي يتم استخراجها من مبيض الزوجة بعد تحضيرها بطريقة خاصة يتم فيها تنشيط المبايض بأدوية تسمح بالحصول على 15 أو 20 بويضة في الشهر الواحد.
من المستحيل عملياً معرفة الحيوان المنوي السليم من المريض قبل حقنه في البويضة، ولكن، هناك طريقتان لحل هذه المشكلة أولاهما هي أخذ خلية واحدة من الجنين الذي تكون بعد الحقن المجهري ودراسة تركيبتها الوراثية بما يسمح بتشخيص وجود المرض من عدمه في بعض هذه الأجنة وبالتالي يتم إرجاع الأجنة السليمة فقط الى الأم ولكن هذه الطريقة تتطلب تقنية عالية جداً
وبالتالي فهي مكلفة للغاية والبديل هو الانتظار حتى يتقدم الحمل الى الشهر الثالث ثم يتم أخذ عينة من مشيمة الجنين نفسه أو من السائل الأمنيوسي المحيط به ويتم تشخيص المرض بها وهنا يتعين على الأم والأب اتخاذ القرار الصعب بالتخلص من الجنين في حالة ما إذا كان مصاباً.
وهناك حالات من العقم في الرجال لا يوجد بها عيوب في الكروموسومات ولكن بها عيوب أخرى لا يمكن تشخيصها إلا بطرق كيميائية صعبة لدراسة الحامض النووي للمريض. وهي نوعان، أولها ناتج عن حدوث طفرات وراثية في أبو المريض مما ينتج عنه تحوير للصفات الوراثية الموجودة على كروموسوم (Y) وبالتالي نقص أو عدم تكوين الحيوانات المنوية تماماً، أما النوع الثاني فهو الناتج عن زواج الأقارب الذي يؤدي الى ظهور الصفات المعيبة المتنحية، ويتم التعامل مع هذه الحالات بطريقة الحقن المجهري كما أسلفنا.
والأسباب الوراثية التي تؤدي الى العقم في السيدات ان أهمها هو ما يعرف بمرض تيرنر (Turner) ويكون نشاط المبيض فيها معدوماً تقريباً مما يؤدي الى عدم نزور الطمث أو حدوث التبويض نهائياً بالإضافة الى قصر القامة، وتنتج هذه الحالة عن الإنجاب المتأخر كما هو الحال في مرض كلاينفلتر في الرجال، ولكن بعض هذه الحالات يبقى لديها بعض الخلايا الطبيعية مما يسمح لها بفترة قصيرة من التبويض وحدوث الطمث ما بين 18 ـ 25 سنة وبالتالي يجب أن تتزوج مبكراً قبل ان يفوتها قطار الإنجاب.
وفي حالات أخرى يكون تكوين ا لمبيضين فيها طبيعياً ولكن ينقصها تكوين الرحم والأنابيب المتصلة به.
كما ان هناك حالات بها عيوب لا تسمح بحدوث الدورة الشهرية لوجود حواجز خلقية على مستوى المهبل أو عنق الرحم.
ويتفق معظم الباحثين في مجال الخصوبة والعقم على ان الخصوبة في المرأة هي صفة تنتقل من الأم الى بناتها كما تتشابه بينهن السن التي تنقطع فيها الدورة الشهرية.
من كل ما سبق يمكن القول ان الاستشارات الوراثية قبل الزواج يمكن ان تكون وسيلة مفيدة لتفادي الوقوع في مشاكل كثيرة بعد الزواج. والاستشارات قبل الزواج تفيد أيضاً في اتخاذ الخطوات اللازمة لتفادي الكثير من العيوب الوراثية الموجودة في بعض العائلات خاصة في حالات زواج الأقارب. والتحاليل المطلوبة قبل الزواج ينطبق عليها المثل القائل بأن أوقية وقاية خير من قنطار علاج لأنها ليست كثيرة ولكنها تتفادى حدوث الكثير من المشاكل العائلية.