ليلة العقد ليلة مهمة في حياة الشاب والفتاة ، حيث انهما ينتقلا من حالة العزوبة المذمومة حالة الخطر ، إلى حالة الزواج الممدوحة شرعاً وعرفاً .. حالـة الحصانة والرزانة .. حالـة الأنس واللذة ، فينبغي لكل منهما أن يكون عنـده استعداد لهذه النقلة المباركـة ، وأن يتـوجها إلى الله سبحانه بالدعـاء وطلب الخير والبركة وقراءة القرآن ، لذلك قد ورد في الأحاديث الإتيان بالخُطبة ( بالضم ) أمام العقد وفيها الحمد والثناء على المولى سبحانه والصلاة على محمد وآله .
والمعصم : موضع السوار من الساعد ، والجمع : معاصم .
وصحيحـة يونس بن يعقوب قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : الرجل يريد أن يتزوج المرأة يجوز له أن ينظر إليها ؟ قـال : ( نعم وترقق له الثياب لأنه يريد أن يشتريها بأغلى الثمن )( 2 ).
قـال العلامة المجلسي: " أجمع العلماء كافـة على أن من أراد نكاح امرأة يجوز له النظر إلى وجهها وكفيها مـن مفصل الزند واختلوا فيما عدا ذلك " ( 3 ).
وقال صاحب الجواهر " لا خـلاف بين المسلمين في أنه ( يجوز أن ينظر إلى وجه امرأة يريد نكاحها وإن لم يستأذنها ) وكفيها ، بل الإجماع بقسميه عليه ، بل المحكي منهما مستفيض أو متواتر " ( 4 ).
وعن السيد الرضي في : ( المجازات النبويـة ) عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : للمغيرة بن شعبة وقـد خطب امرأة : ( لو نظرت إليها فإنه أحرى أن يُؤدَمَ بينكما )( 5).
وعنه صلى الله عليه وآله ، أنه قال لرجل مـن أصحابه وقد خطب امـرأة : ( انظر إلى وجهها وكفيها ، فإنه أحـرى أن يُؤدَمَ بينكما المودة والألفة )( 6 ).
" يُؤدَمَ بينكما : أي تكون بينكما المحبـة والاتفـاق . يقال أدَمَ الله بينهما يأدِم أدْماً – بالسكون – أي ألَّفَ ووفّـَق. وكذلك يُودمُ – بالمد – فَعَلَ وأفْعَل" ( 7 ).
2 – يستحب أن يختار الليلة المناسبـة لاجراء العقد وهذه لها أهمية كبرى في الحياة الزوجية .
3 – أن يكون العقد في الليل . ففي خبر الحسن بن علي الوّشاء ، عن أبي الحسن الرضاعليه السلامقال سمعته يقول في التزويج قـال : ( من السنّة التزويج بالليل لأن الله جعل الليل سكناً ، والنساء إنما هنّ سكن )( 8 ).
بناءً على أن المراد بالتزويج هو العقد ، أوما يشمله ، لا الزفاف .
4 – إقامة الشهود على إجراء العقد وهو مستحب عندنا لا واجب.
فقد جاء في صحيحة هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( إنّما جعلت البينات للنسب والمواريث )( 9 ).
5 – إعطاء الصدقة للفقراء قبل العقد : فإن الصدقـة حسنة في أي وقت ، والصدقة في مثل هذه الليلة مهمة لدفع البلاء وجلب الخير والبركة .
6 – الإتيـان بالخُطبة ( بالضم ) أمام العقد ، وأقلها الحمد والثاء على المولى والصلاة على النبي صلى الله عليه وآلـه ، وخطبـه وخطب الأئمـة عليهم السلام في هذا المجال كثيرة ( 10 ).
7 – ويستحب دعاء الحاضرين للزوجين ، كما في ( التذكرة ) من أنه روي أنه صلى الله عليه وآله قال : ( يا جابر تزوجت ؟ فقلت : نعم ، فقال : بارك الله عليك وجمع بينكما في خير )( 11 ).
ويوجد خلاف بين العلماء هل المراد به البروج أو المنازل والاحتياط حسن فيهما .
2 – يكره إيقاعه في كوامل الشهر وهي : 3 و5 و13 و16 و21 و 24 و 25 .
3 – يكره إيقاعه في محاق الشهر وهو : الليلتان أو الثلاث في آخر الشهر .
قال الشيخ الصدوق وروي أنه يكره التزيج في محاق الشهر)( 13).
وفي الخبر عن علي بن محمد العسكري عن آبائـه عليهم السلام في حديث قال : ( من تزوج في محاق الشهر فليسلم لسقط الولد )(14).
بناءً على أن المراد من التزويج حقيقة في العقد وإلاّ فلا .
4 – يكره إيقاعه في ساعة حارة من النهار ؛ ففي خبر ضريس بن عبد الملك قال : لمّا بلغ أبا جعفر صلوات الله عليه أنّ رجلاً تزوج في ساعة حارًة عند نصف النهار ، فقال : أبو جعفرعليه السلام: ( ما أراهما يتفقان ، فافترقا )( 15 ).
والإنسـان في حال الفرح ، كثيراً ما يغفل عن الله سبحانه وتتحول تلك الفرحة إلى عكسها ، كما قد تحصل انتكاسات – لا سمح الله – بسبب ما يحصل في تلك الليلة من المنافيات الشرعية والخلافات الإلهية ، لذلك ينبغي للعروسين ولأهلهما أن يتوجهوا إلى الله سبحانه ، بفعل الطاعات ، والخيرات ، من الدعاء والصدقات ، لدفع البليات وجلب الخيرات والبركات ، ومنها التوجه لعمل المستحبات في مثل هذه الليلة المباركة ، وترك المحرمات : التي بدورها تؤدي إلى نزع البركـة وجلب الشر وحصول الكوارث . كالأغاني واستعمال الطبول والزمور والرقص والتبرج والإختلاط.
بل وينبغي ترك المكروهات : التي سوف نذكرها فيما بعد.
مستحبات ليلة الزفاف :
المستحبات كثيرة فلنذكر بعضها :
اما الإستحباب : فهو مطلق الوليمـة ، والاستحبـاب يصدق بالقليل كما يصدق بالكثير كما ان الاستحبـاب لا يختص بنـوع معين من الطعام بل يشمل أي نوع من أنواع الأكـل المحلل على ما هو المتعارف فيه في البلد وحسب حال الشخص من غناه وفقره .
فإن الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام لما تزوج بعض نساءه أطعم الحَيْس .
والحَيْس : هو تمر يخلط بسمن وأقط ويعجن شديداً وربما يجعل فيـه سويق( 16 ). وقد يكون مثل الفتيت عندنا .
فقد جاء في الصحيح عن هشام بن سالم عن الإمام الصادق عليه السلام :
( أن رسـول الله صلى الله عليه وآله حين تزوج ميمونة بنت الحارث أولَمَ عليها واطعم الناس الحَيْس )( 17 ).
وقال صاحب الجواهر في الوليمة : " والظاهر أن المدار على مسماها في الكم والكيف فقد سمعت ان رسـول الله صلى الله عليه وآله أولم وأطعم الناس الحَيْس . وروي عنه صلى الله عليه وآله ايضاً أنه : ( أولم على صفية بسويق وتمر ) … وعنـه صلى الله عليـه وآله ايضاً ( أنه أولم على بعض نسائه بمُدّين من شعير )" ( 18 ).
والمد : ثلاثة أرباع الكيلو .
وروي : ان الرسول صلى الله عليه وآله لم يولم على بعض نسائه( 19 )
وينبغي ان يدعى إلى الوليمـة المؤمنـون والفقراء للأكل منها فإنهم أفضل من غيرهم وأولى بالمودة وأقرب إلى إجابة الدعاء ، قال السيد اليزدي في مستحبات التزويج : " ومنها الوليمة ، يوماً أويومين لا أزيد فإنه مكروه ، ودعاء المؤمنين والأولى كونهم فقراء " (20).
* أما الكراهة : فقد يتحول استحباب الوليمة إلى الكراهة وذلك إذا كان يـؤدي إلى المشقة عليه ، أو التبذير في حالـة الإطعام مـع عدم توفر الامكانية له .
* وأما الحرمة : فإذا كانت الوليمة سبباً إلى تأخير الزواج وهو بحاجة إليه وقد يوقعه في العسر والحرج الشديدين الذين لا يتحملان عادة ، أو أن التأخير قد يوقع الشاب أو الشابة في الحرام فتكون الوليمة محرمة .
كما قد يحصل في بعض الحالات في زماننـا هذا ؛ فـإن كثيراً من الشباب قد يتأخر لسنـوات عديدة لإجل تكاليف الزواج من المَهر ، وأثاث المنزل ، والوليمة وقد تكون الوليمـة مساويـة للمَهر إن لم تكن في بعض الحالات أكثر ، وأصبحت الوليمة عائقاً من عوائق الزواج خصوصاً في بعض البلدان والذين ينظرون إليها بمنزلة الواجب .
لذلك ورد – حتى للمتمكن – أن لا يتمادى في الإطعام لأيام عديدة فإنّ ذلك يصل إلى الرياء والسمعة .
كما عن الإمـام الباقرعليه السلام قال : ( الوليمة يوم ، ويومان مكرمة ، وثلاثة أيام رياء وسمعة )( 21 ).
وفي خبر السكوني عن الإمام الصادق عليه السلام قال : ( قال رسول الله صلى الله عليه وآله : الوليمة أول يوم حق ، والثاني معروف ، وما زاد رياء وسمعة )( 22).
وقد تقدم في الخبر عن الإمام الصادق عليه السلام: ( من بركة المرأة خفة مؤنتها ، وتيسير ولادتها ، ومن شؤمها شدة مؤنتها وتعسير ولادتها )( 23).
وعن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( من بركة المرأة خفّة مؤنتها وتيسير ولدها ، ومن شومها شدّة مؤنتها وتعسير ولدها )( 24) .
الذبيحة التي تذبح عنـد دخول الزوج إلى منزله – كما يفعله بعض الناس – ينبغي أن توزع على الفقراء والمساكين وتكون صدقة .
يستحب للزوج أن يخلع خُفُّ العروس إذا دخلت البيت ، وغسل رجليها ، وصب الماء من باب الدار إلى آخرها ، للخبر الذي رواه الشيخ الصدوق بسنده عن أبي سعيـد الخدري قال: أوصى رسول الله صلى الله عليه وآله علي بن أبي طـالب عليه السلامفقال : ( يا علي إذا دخلت العروس بيتك فاخلـع خفيها حين تجلس ، واغسل رجليها ، وصب الماء من باب دارك إلى أقصى دارك … )( 25 ).
يستحب منـع العروس في أسبـوع العرس : من الألبان ، والخل والكزبرة ، والتفـاح الحامض لأجـل الأضرار التي يكون في هذه الأشياء على العروس ؛ كما في الخبر عـن أبي سعيد الخدري في وصية النبي صلى الله عليه وآله لعليعليه السلام أنه قال: ( وامنـع العروس في أسبوعها من الألبان والخل والكزبرة والتفاح الحامض من هذه الأربعة الأشياء .
فقال عليعليه السلام : يـا رسول الله ولأي شيء أمنعها من هذه الأشياء الأربعة ؟
قـال : لأن الرحم يعقم ويبرد من هذه الأشياء الأربعة عن الولد ، ولحصير في ناحية البيت خير من امرأة لا تلد …)( 26).
ومن الأمور المستحبة أن يكون الزفاف في الليل فإنه أوفق بالستر لما ورد في خبر الحسن بن علي الوشّاء ، عـن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : سمعته يقول في التزويج قال : ( من السنـة في التزويج بالليل لأن الله جعل الليل سكناً والنساء إنما هنّ سكن )( 27 ).
وفي خبر السكوني ، عـن أبي عبد اللهعليه السلام قال : ( زفوا عرايسكم ليلاً وأطعموا ضحى )( 28 ).
أن يكون الزوج على وضوء .
أن يصلي الزوج ركعتين قربـة إلى الله تعالى ،وبعد الصلاة يحمد الله سبحانه ويمجده ويصلي على محمد وآله ثم يدعو بهذا الدعاء:
( اللّهم ارزقني إلفَها ، وودَّها ، ورضاها ، وأرضني بها واجمع بيننا بأحسن إجتماع ، وآنس إيتلاف ، فإنك تحب الحلال وتكره الحرام )( 29).
أن تكون العروس على وضوء أيضاً.
أن تصلي العروس ركعتين قربة إلى الله وتدعو بنفس الدعاء مع إبدال الضمير من المؤنث إلى المذكر وتقول : اللهمّ ارزقني إلفه ، ووده ، ورضاه ، وأرضني به ، واجمع بيننـا بأحسن اجتماع وأنفسِ ائتلاف ، فإنك تحب الحلال وتكره الحرام.
وأن هـذا مما يوجب المحبـة والإلفـة بين الزوجين ويديم السعادة الزوجية.
فقد جـاء في صحيحة أبي بصير قال : سمعت رجلاً وهو يقول لأبي جعفرعليه السلام: جعلت فداك ، إني رجل قد أسننت ، وقد تزوجت امرأة بكراً صغيرة ولم أدخل بها ، وإني أخاف إذا دخلت عليّ فرأتني أن تكرهني لخضابي وكبري ؟ قـال أبو جعفرعليه السلام: ( إذا أُدْخِلَتْ عليك إن شاء الله ، فمرهم قبل أن تصـل إليك أن تكون متوضيّة ، ثمّ لاتصل إليها أنت حتّى توضأ وتُصليّ ركعتين ، ثمّ مرهم يأمروها أن تصلي أيضاً ركعتين ، ثمّ تحمد الله وتصليّ على محمد وآله ، ثمّ ادع الله ، ومُرْ من معها أن يؤمنوا على دعائك ، ثمّ ادع الله وقل : اللهمّ أرزقني إلفها ، وودّها ، ورضاها بي ، وأرضني بها ، واجمع بيننـا بأحسن اجتمـاع وأنفسِ ائتلاف ، فإنك تحب الحلال وتكره الحرام .
واعلم أن الإلف من الله والفِرْك من الشيطان ليكرّه مـا أحل الله عزّ وجلّ )( 30).
والفِرْك : هوالبغض .
أقـول : إذا كانت العروس تـذهب إلى الكوافير قبـل ليلة الزفاف بساعات كثيرة أو يوم ، وهي تصفف شعرها والأصباغ التي تعلو بشرتها متى تتمكن أن تصلي الواجبة مـن صلاة المغرب والعشاء فضلاً أن تصلي ركعتي الزواج وحتى تحصـل الإلفـة والمحبة .. ألا تكون الكوافير مانعة من فعل الواجبات والمستحبات ؟ ومانعة للخيرات والبركات ؟
يستحب للحـاضرين أن يؤّمنـوا على دعاء العروسين ، كما تقدم في صحيحة أبي بصير ( 31).
أن يضـع الزوج يـده على ناصية زوجته وهو مستقبل القبلة ويدعو بهذا الدعاء : ( اللهم بأمانتك أخذتُها ، وبكلماتك استحللتُها ، فإن قضيتَ لي منها ولداً ، فاجعله مباركاً تقياً ، من شيعة آل محمد ، ولا تجعل للشيطان فيه شركاً ولا نصيباً )( 33 ).
وكذلك يقول : ( اللهم على كتـابك تزوجتُها وفي أمانتك أخذتُها وبكلماتك استحللتُ فرجَها فإن قضيتَ في رحمها شيئـاً فاجعلـه مسلماً سويـاً ، ولا تجعلـه شرك شيطان )( 34 ).
العروس العاقلة في ليلة الزفاف :
ولا شك أن الرجل الذي يقع في امرأة عاقلة ، ينال نصف الدنيا إن لم يكن معظمها.
ومـن هؤلاء المحظوظين في الدنيا أحد القضاة المشهورين ، فقد قابل بعض أصحابه يوماً ، فسأله عن حاله في بيته ، فقال القاضي :
( من عشرين عاماً لم أر ما يغضبني من أهلي .
قال له : وكيف ذلك ؟
قـال شريح : مـن أول ليلة دخلت على امرأتي ، رأيت فيها حسناً فاتناً ، وجمالاً نادراً .. قلت في نفسي : فلأتطهر وأصلي ركعتين شكراً لله.
فلما سلمت وجدت زوجتي تصلي بصلاتي ، وتسلم بسلامي .
فلما خلا البيت من الأصحاب والأصدقاء ، قمت إليها فمددت يدي نحوها ، فقالت : على رسلك يا أبا أمية ، كما أنت.
ثم قـالت : الحمد لله أحمده وأستعينه ، وأصلي على محمد وآله ، إني امرأة غريبة لا علم لي بأخلاقك ، فبيّن لي ما تحب فآتيه ، وما تكره فأتركه.
وقالت : إنه كان لك في قومك مَنْ تتزوجه من نسائكم ، وفي قومي من الرجال مَنْ هـو كف لي ، ولكن إذا قضى الله أمراً كان مفعولاً ، وقد ملكت فاصنع ما أمرك الله به : إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان .. أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولك!! .
قال شريح : فأحوجتني والله يا شعبي إلى الخُطبة في ذلك الموضع! .
فإنكِ قلتِ كلاماً إن ثَبَتّ عليه يكن ذلك حظك ، وإن تدعيه يكن حجـة عليك .. أحب كـذا وكذا .. وأكره كذا وكذا ..وما رأيتِ من حسنة فانشريها ، وما رأيت من سيئة فاستريها !
فقالت : كيف محبتك لزيارة أهلي ؟
قلت : ما أحب أن يملني أصهاري .
فقالت : فمن تحب من جيرانك أن يدخل دارك ، فـآذن له .. ومن تكره ، فأكره ؟
قلت : بنو فلان قوم صالحون ، وبنو فلان قوم سوء .
قال شريح: فبت معها بأنعم ليلة، وعشت معها حولاً لا أرى إلا ما أحب.
فلما كان رأس الحول جئت من مجلس القضاء ، فإذا بفلانة في البيت.
قلت : من هي ؟
قالت : ختنك ..أي أم زوجتك .
فالتفتت إليّ وسألتني : كيف رايت زوجتك؟
قلت : خير زوجة .
قالت : يا أبا أمية ، إن المرأة لا تكون أسوأ حالاً إلا في حالين : إذا ولدت غلامأً ، أو حظيت عند زوجها ؛ فو الله مـا حاز الرجال في بيوتهم شراً مـن المرأة المدللة .. فأدب مـا شئت أن تؤدب ، وهذّب ما شئت أن تهذب.
قال شريح : فمكثت معي عشرين عاماً لم أعتب عليها في شيء إلا مرة وكنت لها ظالماً !!! ).
وإذا كـانت موافقة المرأة للرجل وتوافقها معه ، أكثر العوامل فاعلية في استمرار انجذاب الرجل نحو المرأة ودوام العلاقة بينهما ، فإن مخالفتها له تؤدي إلى كراهيته المتزايدة لها ، وتعمل على تصديـع مـا بينهما من رباط وميثاق( 35).
المصادر :
1- الكافي كتاب النكاح باب النظر لمن أراد أن يتزوج ج 5 ص 365 .
2- الوسائل كتاب النكاح باب 36 من أبواب مقدمات النكاح ح 11 .
3- هامش الكافي ج 5 ص 365 .
4- جواهر الكلام ج 29 ص 63 مع متن الشرائع .
5- الوسائل كتاب النكاح باب 36 من أبواب مقدمات النكاح ح 13 ، والجامع الصحيح للترمذي كتاب النكاح ح1087 ، وسنن ابن ماجه ح1865 و1866 ، والسنن الكبرى للبيهقي ح13488 ، وكنز العمال ح44526 و 44572 .
6- جواهر الكلام ج 29 ص 64 .
7- النهاية لابن الأثير ج 1 ص 35 .
8- الوسائل كتاب النكاح باب 37 من أبواب مقدمات النكاح حديث 3 .
9- الوسائل كتاب النكاح باب 43 من أبواب مقدمات النكاح حديث 1 .
10- الكافي كتاب النكاح باب خطب النكاح ج5 ص 369 ، والمستحبات في هذه الليلة يرجع فيها إلى العروة الوثقى ج2 والجواهر ج29 .
11- مدارك العروة للشيخ علي الإجتهاردي ج 29 ص 35 . ودعاء النبي صلى الله عليه وآله لجابر بن عبدالله موجود في صحيح مسلم كتاب الرضاع باب 16 ح1466 . والدعاء للمتزوج موجود في : الجامع الصحيح للترمذي كتاب النكاح ح1091 ، وسنن ابن ماجه ح1905 ، وسنن أبي داود ح230.
12- الوسائل كتاب النكاح باب54 من أبواب مقدمات النكاح ح1 .
13- الفقيه كتاب النكاح باب116 ح 2.
14- الوسائل كتاب النكاح باب54 من أبواب مقدمات النكاح ح 3 .
15- الكافي كتاب النكاح باب الوقت الذي يكره فيه التزويج ج 5 ص 366 ح1 .
16- مجمع البحرين ج4 ص64 .
17- الكافي ج5 ص368 .
18- الجواهر ج29 ص47 ، والبخاري ح5172 ، والسنن الكبرى للبيهقي ح14506 و14507 ، وفي الجامع الصحيح للترمذي ح1095 : ( أن النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم أولَمَ على صفية بنت حيي بسويق وتمر ) .
19- الجواهر ج29 ص47 .
20- العروة الوثقى كتاب النكاح ج 2 .
21- الكافي ج5 ص 368 .
22- الكافي ج5 ص 368 ، والسنن الكبرى للبيهقي ح14509 ، وكنز العمال ح44623 ، وقريب منه ح44619 و 44620 و 44628 و 44630 و44634 .
23- من لا يحضره الفقيه كتاب النكاح باب 109 فضل التزويج ج 3 ص 236 ح 1 ، الوسائل كتاب النكاح باب 5 من أبواب المهور ح3.
24- الوسائل كتاب النكاح باب 52 من أبواب مقدمات النكاح ح 2 .
25- الفقيه كتاب النكاح باب 178 النوادر ج 3 ص 354 ح 1 ، الوسائل كتاب النكاح باب 147 من أبواب مقدمات النكاح ح 1.
26- الفقيه كتاب النكاح باب178 النوادر ج 3 ص 354 ح 1 ، الوسائل كتاب النكاح باب148 من أبواب مقدمات النكاح ح 1 .
27- الكافي كتاب النكاح باب ما يستحب من التزويج بالليل ج5 366 ح 1.
28- الكافي كتاب النكاح باب ما يستحب من التزويج بالليل ج 5 ص 366 ح 2.
29- وسائل الشيعة كتاب النكاح باب55 من أبواب مقدمات النكاح ح1 بسند صحيح .
30- التهذيب للطوسي كتاب النكاح ج 7 باب 36 ص 365 ، .
31- كنز العمال ح444521 .
32- الإصابة لابن حجر ج8 ص265 ترجمة فاطمة الزهراء رقم : 11587 ، وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير ج2 ص20 ح1153 بسند صحيح .
33- وسائل الشيعة كتاب النكاح باب55 من أبواب مقدمات النكاح ح2 بسند صحيح .وبمعناه في : سنن ابن ماجه ح1918 ، وسنن أبي داود ح2160 ، والمستدرك للحاكم ج2 ص202 ح2757 .
34- وسائل الشيعة ج14 ص81 كتاب النكاح باب53 من أبواب مقدمات النكاح ح1 . .
35- المرأة المثالية في أعين الرجال ص 44 – 45 .
مستحبات ليلة العقد :
1 - رؤية المخطوبة :
قبل إجراء عقد النكاح ينبغي لكل من الزوج والزوجة أن يتعرف كل واحـد منهما على الآخر وينظر إليه ، ولامانع أن ينظر الرجل إلى المرأة التي يريد أن يتزوجها بل قد يستحب ذلك ؛ فقد جاء في صحيحة هشام بن سالم ، وحماد بن عثمان ، وحفص بن البختري كلهم ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( لابأس بأن ينظر إلى وجهها ومعاصمها إذا أراد أن يتزوجها )( 1).والمعصم : موضع السوار من الساعد ، والجمع : معاصم .
وصحيحـة يونس بن يعقوب قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : الرجل يريد أن يتزوج المرأة يجوز له أن ينظر إليها ؟ قـال : ( نعم وترقق له الثياب لأنه يريد أن يشتريها بأغلى الثمن )( 2 ).
قـال العلامة المجلسي: " أجمع العلماء كافـة على أن من أراد نكاح امرأة يجوز له النظر إلى وجهها وكفيها مـن مفصل الزند واختلوا فيما عدا ذلك " ( 3 ).
وقال صاحب الجواهر " لا خـلاف بين المسلمين في أنه ( يجوز أن ينظر إلى وجه امرأة يريد نكاحها وإن لم يستأذنها ) وكفيها ، بل الإجماع بقسميه عليه ، بل المحكي منهما مستفيض أو متواتر " ( 4 ).
وعن السيد الرضي في : ( المجازات النبويـة ) عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : للمغيرة بن شعبة وقـد خطب امرأة : ( لو نظرت إليها فإنه أحرى أن يُؤدَمَ بينكما )( 5).
وعنه صلى الله عليه وآله ، أنه قال لرجل مـن أصحابه وقد خطب امـرأة : ( انظر إلى وجهها وكفيها ، فإنه أحـرى أن يُؤدَمَ بينكما المودة والألفة )( 6 ).
" يُؤدَمَ بينكما : أي تكون بينكما المحبـة والاتفـاق . يقال أدَمَ الله بينهما يأدِم أدْماً – بالسكون – أي ألَّفَ ووفّـَق. وكذلك يُودمُ – بالمد – فَعَلَ وأفْعَل" ( 7 ).
2 – يستحب أن يختار الليلة المناسبـة لاجراء العقد وهذه لها أهمية كبرى في الحياة الزوجية .
3 – أن يكون العقد في الليل . ففي خبر الحسن بن علي الوّشاء ، عن أبي الحسن الرضاعليه السلامقال سمعته يقول في التزويج قـال : ( من السنّة التزويج بالليل لأن الله جعل الليل سكناً ، والنساء إنما هنّ سكن )( 8 ).
بناءً على أن المراد بالتزويج هو العقد ، أوما يشمله ، لا الزفاف .
4 – إقامة الشهود على إجراء العقد وهو مستحب عندنا لا واجب.
فقد جاء في صحيحة هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( إنّما جعلت البينات للنسب والمواريث )( 9 ).
5 – إعطاء الصدقة للفقراء قبل العقد : فإن الصدقـة حسنة في أي وقت ، والصدقة في مثل هذه الليلة مهمة لدفع البلاء وجلب الخير والبركة .
6 – الإتيـان بالخُطبة ( بالضم ) أمام العقد ، وأقلها الحمد والثاء على المولى والصلاة على النبي صلى الله عليه وآلـه ، وخطبـه وخطب الأئمـة عليهم السلام في هذا المجال كثيرة ( 10 ).
7 – ويستحب دعاء الحاضرين للزوجين ، كما في ( التذكرة ) من أنه روي أنه صلى الله عليه وآله قال : ( يا جابر تزوجت ؟ فقلت : نعم ، فقال : بارك الله عليك وجمع بينكما في خير )( 11 ).
مكروهات العقد :
1 – يكره إيقـاع العقـد والقمر في العقرب . فعن الإمام الصادق عليه السلام: ( من تزوج امرأة والقمر في العقرب لم ير الحسنى )( 12 ).ويوجد خلاف بين العلماء هل المراد به البروج أو المنازل والاحتياط حسن فيهما .
2 – يكره إيقاعه في كوامل الشهر وهي : 3 و5 و13 و16 و21 و 24 و 25 .
3 – يكره إيقاعه في محاق الشهر وهو : الليلتان أو الثلاث في آخر الشهر .
قال الشيخ الصدوق وروي أنه يكره التزيج في محاق الشهر)( 13).
وفي الخبر عن علي بن محمد العسكري عن آبائـه عليهم السلام في حديث قال : ( من تزوج في محاق الشهر فليسلم لسقط الولد )(14).
بناءً على أن المراد من التزويج حقيقة في العقد وإلاّ فلا .
4 – يكره إيقاعه في ساعة حارة من النهار ؛ ففي خبر ضريس بن عبد الملك قال : لمّا بلغ أبا جعفر صلوات الله عليه أنّ رجلاً تزوج في ساعة حارًة عند نصف النهار ، فقال : أبو جعفرعليه السلام: ( ما أراهما يتفقان ، فافترقا )( 15 ).
ليلة الزفاف :
ليلة الزفاف ليلة الفرحـة ، والانس ، واللذة لكل مـن العروسين ، والأهل والأقرباء والأصدقاء ، وهي ليلة تذكارية في حياة العروسين ، وتلك الذكريـات لا ينسيانها طيلة حيـاتهما ، وينبغي أن تمر هذه الليلة في أحسن حال وعلى أتم وجه والفرحة شاملة والابتسامة مستمرةوالإنسـان في حال الفرح ، كثيراً ما يغفل عن الله سبحانه وتتحول تلك الفرحة إلى عكسها ، كما قد تحصل انتكاسات – لا سمح الله – بسبب ما يحصل في تلك الليلة من المنافيات الشرعية والخلافات الإلهية ، لذلك ينبغي للعروسين ولأهلهما أن يتوجهوا إلى الله سبحانه ، بفعل الطاعات ، والخيرات ، من الدعاء والصدقات ، لدفع البليات وجلب الخيرات والبركات ، ومنها التوجه لعمل المستحبات في مثل هذه الليلة المباركة ، وترك المحرمات : التي بدورها تؤدي إلى نزع البركـة وجلب الشر وحصول الكوارث . كالأغاني واستعمال الطبول والزمور والرقص والتبرج والإختلاط.
بل وينبغي ترك المكروهات : التي سوف نذكرها فيما بعد.
مستحبات ليلة الزفاف :
المستحبات كثيرة فلنذكر بعضها :
الوليمة ليلة الزفاف :
وهي من الأمور المستحبة وينبغي أن يراعي المتزوج حالـه وإلا فقد تتحول إلى مكروهة أو محرمة .اما الإستحباب : فهو مطلق الوليمـة ، والاستحبـاب يصدق بالقليل كما يصدق بالكثير كما ان الاستحبـاب لا يختص بنـوع معين من الطعام بل يشمل أي نوع من أنواع الأكـل المحلل على ما هو المتعارف فيه في البلد وحسب حال الشخص من غناه وفقره .
فإن الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام لما تزوج بعض نساءه أطعم الحَيْس .
والحَيْس : هو تمر يخلط بسمن وأقط ويعجن شديداً وربما يجعل فيـه سويق( 16 ). وقد يكون مثل الفتيت عندنا .
فقد جاء في الصحيح عن هشام بن سالم عن الإمام الصادق عليه السلام :
( أن رسـول الله صلى الله عليه وآله حين تزوج ميمونة بنت الحارث أولَمَ عليها واطعم الناس الحَيْس )( 17 ).
وقال صاحب الجواهر في الوليمة : " والظاهر أن المدار على مسماها في الكم والكيف فقد سمعت ان رسـول الله صلى الله عليه وآله أولم وأطعم الناس الحَيْس . وروي عنه صلى الله عليه وآله ايضاً أنه : ( أولم على صفية بسويق وتمر ) … وعنـه صلى الله عليـه وآله ايضاً ( أنه أولم على بعض نسائه بمُدّين من شعير )" ( 18 ).
والمد : ثلاثة أرباع الكيلو .
وروي : ان الرسول صلى الله عليه وآله لم يولم على بعض نسائه( 19 )
وينبغي ان يدعى إلى الوليمـة المؤمنـون والفقراء للأكل منها فإنهم أفضل من غيرهم وأولى بالمودة وأقرب إلى إجابة الدعاء ، قال السيد اليزدي في مستحبات التزويج : " ومنها الوليمة ، يوماً أويومين لا أزيد فإنه مكروه ، ودعاء المؤمنين والأولى كونهم فقراء " (20).
* أما الكراهة : فقد يتحول استحباب الوليمة إلى الكراهة وذلك إذا كان يـؤدي إلى المشقة عليه ، أو التبذير في حالـة الإطعام مـع عدم توفر الامكانية له .
* وأما الحرمة : فإذا كانت الوليمة سبباً إلى تأخير الزواج وهو بحاجة إليه وقد يوقعه في العسر والحرج الشديدين الذين لا يتحملان عادة ، أو أن التأخير قد يوقع الشاب أو الشابة في الحرام فتكون الوليمة محرمة .
كما قد يحصل في بعض الحالات في زماننـا هذا ؛ فـإن كثيراً من الشباب قد يتأخر لسنـوات عديدة لإجل تكاليف الزواج من المَهر ، وأثاث المنزل ، والوليمة وقد تكون الوليمـة مساويـة للمَهر إن لم تكن في بعض الحالات أكثر ، وأصبحت الوليمة عائقاً من عوائق الزواج خصوصاً في بعض البلدان والذين ينظرون إليها بمنزلة الواجب .
لذلك ورد – حتى للمتمكن – أن لا يتمادى في الإطعام لأيام عديدة فإنّ ذلك يصل إلى الرياء والسمعة .
كما عن الإمـام الباقرعليه السلام قال : ( الوليمة يوم ، ويومان مكرمة ، وثلاثة أيام رياء وسمعة )( 21 ).
وفي خبر السكوني عن الإمام الصادق عليه السلام قال : ( قال رسول الله صلى الله عليه وآله : الوليمة أول يوم حق ، والثاني معروف ، وما زاد رياء وسمعة )( 22).
وقد تقدم في الخبر عن الإمام الصادق عليه السلام: ( من بركة المرأة خفة مؤنتها ، وتيسير ولادتها ، ومن شؤمها شدة مؤنتها وتعسير ولادتها )( 23).
وعن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( من بركة المرأة خفّة مؤنتها وتيسير ولدها ، ومن شومها شدّة مؤنتها وتعسير ولدها )( 24) .
الذبيحة التي تذبح عنـد دخول الزوج إلى منزله – كما يفعله بعض الناس – ينبغي أن توزع على الفقراء والمساكين وتكون صدقة .
يستحب للزوج أن يخلع خُفُّ العروس إذا دخلت البيت ، وغسل رجليها ، وصب الماء من باب الدار إلى آخرها ، للخبر الذي رواه الشيخ الصدوق بسنده عن أبي سعيـد الخدري قال: أوصى رسول الله صلى الله عليه وآله علي بن أبي طـالب عليه السلامفقال : ( يا علي إذا دخلت العروس بيتك فاخلـع خفيها حين تجلس ، واغسل رجليها ، وصب الماء من باب دارك إلى أقصى دارك … )( 25 ).
يستحب منـع العروس في أسبـوع العرس : من الألبان ، والخل والكزبرة ، والتفـاح الحامض لأجـل الأضرار التي يكون في هذه الأشياء على العروس ؛ كما في الخبر عـن أبي سعيد الخدري في وصية النبي صلى الله عليه وآله لعليعليه السلام أنه قال: ( وامنـع العروس في أسبوعها من الألبان والخل والكزبرة والتفاح الحامض من هذه الأربعة الأشياء .
فقال عليعليه السلام : يـا رسول الله ولأي شيء أمنعها من هذه الأشياء الأربعة ؟
قـال : لأن الرحم يعقم ويبرد من هذه الأشياء الأربعة عن الولد ، ولحصير في ناحية البيت خير من امرأة لا تلد …)( 26).
ومن الأمور المستحبة أن يكون الزفاف في الليل فإنه أوفق بالستر لما ورد في خبر الحسن بن علي الوشّاء ، عـن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : سمعته يقول في التزويج قال : ( من السنـة في التزويج بالليل لأن الله جعل الليل سكناً والنساء إنما هنّ سكن )( 27 ).
وفي خبر السكوني ، عـن أبي عبد اللهعليه السلام قال : ( زفوا عرايسكم ليلاً وأطعموا ضحى )( 28 ).
أن يكون الزوج على وضوء .
أن يصلي الزوج ركعتين قربـة إلى الله تعالى ،وبعد الصلاة يحمد الله سبحانه ويمجده ويصلي على محمد وآله ثم يدعو بهذا الدعاء:
( اللّهم ارزقني إلفَها ، وودَّها ، ورضاها ، وأرضني بها واجمع بيننا بأحسن إجتماع ، وآنس إيتلاف ، فإنك تحب الحلال وتكره الحرام )( 29).
أن تكون العروس على وضوء أيضاً.
أن تصلي العروس ركعتين قربة إلى الله وتدعو بنفس الدعاء مع إبدال الضمير من المؤنث إلى المذكر وتقول : اللهمّ ارزقني إلفه ، ووده ، ورضاه ، وأرضني به ، واجمع بيننـا بأحسن اجتماع وأنفسِ ائتلاف ، فإنك تحب الحلال وتكره الحرام.
وأن هـذا مما يوجب المحبـة والإلفـة بين الزوجين ويديم السعادة الزوجية.
فقد جـاء في صحيحة أبي بصير قال : سمعت رجلاً وهو يقول لأبي جعفرعليه السلام: جعلت فداك ، إني رجل قد أسننت ، وقد تزوجت امرأة بكراً صغيرة ولم أدخل بها ، وإني أخاف إذا دخلت عليّ فرأتني أن تكرهني لخضابي وكبري ؟ قـال أبو جعفرعليه السلام: ( إذا أُدْخِلَتْ عليك إن شاء الله ، فمرهم قبل أن تصـل إليك أن تكون متوضيّة ، ثمّ لاتصل إليها أنت حتّى توضأ وتُصليّ ركعتين ، ثمّ مرهم يأمروها أن تصلي أيضاً ركعتين ، ثمّ تحمد الله وتصليّ على محمد وآله ، ثمّ ادع الله ، ومُرْ من معها أن يؤمنوا على دعائك ، ثمّ ادع الله وقل : اللهمّ أرزقني إلفها ، وودّها ، ورضاها بي ، وأرضني بها ، واجمع بيننـا بأحسن اجتمـاع وأنفسِ ائتلاف ، فإنك تحب الحلال وتكره الحرام .
واعلم أن الإلف من الله والفِرْك من الشيطان ليكرّه مـا أحل الله عزّ وجلّ )( 30).
والفِرْك : هوالبغض .
أقـول : إذا كانت العروس تـذهب إلى الكوافير قبـل ليلة الزفاف بساعات كثيرة أو يوم ، وهي تصفف شعرها والأصباغ التي تعلو بشرتها متى تتمكن أن تصلي الواجبة مـن صلاة المغرب والعشاء فضلاً أن تصلي ركعتي الزواج وحتى تحصـل الإلفـة والمحبة .. ألا تكون الكوافير مانعة من فعل الواجبات والمستحبات ؟ ومانعة للخيرات والبركات ؟
يستحب للحـاضرين أن يؤّمنـوا على دعاء العروسين ، كما تقدم في صحيحة أبي بصير ( 31).
الدعاء للعروسين :
قـال ابن حجر وأخرج الدولابي في الذرية الطاهرة بسند جيد عن عبدالله بن بريدة ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليلة بنى عليّ بفاطمة لا تحدث شيئاً حتى تلقاني ) فدعا بماء فتوضأ منه ، ثم أفرغه عليهما ، وقال: ( اللهم بارك فيهما ، وبارك عليهما ، وبارك لهما في نَسْلِهِما )( 32 ).أن يضـع الزوج يـده على ناصية زوجته وهو مستقبل القبلة ويدعو بهذا الدعاء : ( اللهم بأمانتك أخذتُها ، وبكلماتك استحللتُها ، فإن قضيتَ لي منها ولداً ، فاجعله مباركاً تقياً ، من شيعة آل محمد ، ولا تجعل للشيطان فيه شركاً ولا نصيباً )( 33 ).
وكذلك يقول : ( اللهم على كتـابك تزوجتُها وفي أمانتك أخذتُها وبكلماتك استحللتُ فرجَها فإن قضيتَ في رحمها شيئـاً فاجعلـه مسلماً سويـاً ، ولا تجعلـه شرك شيطان )( 34 ).
العروس العاقلة في ليلة الزفاف :
ولا شك أن الرجل الذي يقع في امرأة عاقلة ، ينال نصف الدنيا إن لم يكن معظمها.
ومـن هؤلاء المحظوظين في الدنيا أحد القضاة المشهورين ، فقد قابل بعض أصحابه يوماً ، فسأله عن حاله في بيته ، فقال القاضي :
( من عشرين عاماً لم أر ما يغضبني من أهلي .
قال له : وكيف ذلك ؟
قـال شريح : مـن أول ليلة دخلت على امرأتي ، رأيت فيها حسناً فاتناً ، وجمالاً نادراً .. قلت في نفسي : فلأتطهر وأصلي ركعتين شكراً لله.
فلما سلمت وجدت زوجتي تصلي بصلاتي ، وتسلم بسلامي .
فلما خلا البيت من الأصحاب والأصدقاء ، قمت إليها فمددت يدي نحوها ، فقالت : على رسلك يا أبا أمية ، كما أنت.
ثم قـالت : الحمد لله أحمده وأستعينه ، وأصلي على محمد وآله ، إني امرأة غريبة لا علم لي بأخلاقك ، فبيّن لي ما تحب فآتيه ، وما تكره فأتركه.
وقالت : إنه كان لك في قومك مَنْ تتزوجه من نسائكم ، وفي قومي من الرجال مَنْ هـو كف لي ، ولكن إذا قضى الله أمراً كان مفعولاً ، وقد ملكت فاصنع ما أمرك الله به : إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان .. أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولك!! .
قال شريح : فأحوجتني والله يا شعبي إلى الخُطبة في ذلك الموضع! .
فإنكِ قلتِ كلاماً إن ثَبَتّ عليه يكن ذلك حظك ، وإن تدعيه يكن حجـة عليك .. أحب كـذا وكذا .. وأكره كذا وكذا ..وما رأيتِ من حسنة فانشريها ، وما رأيت من سيئة فاستريها !
فقالت : كيف محبتك لزيارة أهلي ؟
قلت : ما أحب أن يملني أصهاري .
فقالت : فمن تحب من جيرانك أن يدخل دارك ، فـآذن له .. ومن تكره ، فأكره ؟
قلت : بنو فلان قوم صالحون ، وبنو فلان قوم سوء .
قال شريح: فبت معها بأنعم ليلة، وعشت معها حولاً لا أرى إلا ما أحب.
فلما كان رأس الحول جئت من مجلس القضاء ، فإذا بفلانة في البيت.
قلت : من هي ؟
قالت : ختنك ..أي أم زوجتك .
فالتفتت إليّ وسألتني : كيف رايت زوجتك؟
قلت : خير زوجة .
قالت : يا أبا أمية ، إن المرأة لا تكون أسوأ حالاً إلا في حالين : إذا ولدت غلامأً ، أو حظيت عند زوجها ؛ فو الله مـا حاز الرجال في بيوتهم شراً مـن المرأة المدللة .. فأدب مـا شئت أن تؤدب ، وهذّب ما شئت أن تهذب.
قال شريح : فمكثت معي عشرين عاماً لم أعتب عليها في شيء إلا مرة وكنت لها ظالماً !!! ).
وإذا كـانت موافقة المرأة للرجل وتوافقها معه ، أكثر العوامل فاعلية في استمرار انجذاب الرجل نحو المرأة ودوام العلاقة بينهما ، فإن مخالفتها له تؤدي إلى كراهيته المتزايدة لها ، وتعمل على تصديـع مـا بينهما من رباط وميثاق( 35).
المصادر :
1- الكافي كتاب النكاح باب النظر لمن أراد أن يتزوج ج 5 ص 365 .
2- الوسائل كتاب النكاح باب 36 من أبواب مقدمات النكاح ح 11 .
3- هامش الكافي ج 5 ص 365 .
4- جواهر الكلام ج 29 ص 63 مع متن الشرائع .
5- الوسائل كتاب النكاح باب 36 من أبواب مقدمات النكاح ح 13 ، والجامع الصحيح للترمذي كتاب النكاح ح1087 ، وسنن ابن ماجه ح1865 و1866 ، والسنن الكبرى للبيهقي ح13488 ، وكنز العمال ح44526 و 44572 .
6- جواهر الكلام ج 29 ص 64 .
7- النهاية لابن الأثير ج 1 ص 35 .
8- الوسائل كتاب النكاح باب 37 من أبواب مقدمات النكاح حديث 3 .
9- الوسائل كتاب النكاح باب 43 من أبواب مقدمات النكاح حديث 1 .
10- الكافي كتاب النكاح باب خطب النكاح ج5 ص 369 ، والمستحبات في هذه الليلة يرجع فيها إلى العروة الوثقى ج2 والجواهر ج29 .
11- مدارك العروة للشيخ علي الإجتهاردي ج 29 ص 35 . ودعاء النبي صلى الله عليه وآله لجابر بن عبدالله موجود في صحيح مسلم كتاب الرضاع باب 16 ح1466 . والدعاء للمتزوج موجود في : الجامع الصحيح للترمذي كتاب النكاح ح1091 ، وسنن ابن ماجه ح1905 ، وسنن أبي داود ح230.
12- الوسائل كتاب النكاح باب54 من أبواب مقدمات النكاح ح1 .
13- الفقيه كتاب النكاح باب116 ح 2.
14- الوسائل كتاب النكاح باب54 من أبواب مقدمات النكاح ح 3 .
15- الكافي كتاب النكاح باب الوقت الذي يكره فيه التزويج ج 5 ص 366 ح1 .
16- مجمع البحرين ج4 ص64 .
17- الكافي ج5 ص368 .
18- الجواهر ج29 ص47 ، والبخاري ح5172 ، والسنن الكبرى للبيهقي ح14506 و14507 ، وفي الجامع الصحيح للترمذي ح1095 : ( أن النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم أولَمَ على صفية بنت حيي بسويق وتمر ) .
19- الجواهر ج29 ص47 .
20- العروة الوثقى كتاب النكاح ج 2 .
21- الكافي ج5 ص 368 .
22- الكافي ج5 ص 368 ، والسنن الكبرى للبيهقي ح14509 ، وكنز العمال ح44623 ، وقريب منه ح44619 و 44620 و 44628 و 44630 و44634 .
23- من لا يحضره الفقيه كتاب النكاح باب 109 فضل التزويج ج 3 ص 236 ح 1 ، الوسائل كتاب النكاح باب 5 من أبواب المهور ح3.
24- الوسائل كتاب النكاح باب 52 من أبواب مقدمات النكاح ح 2 .
25- الفقيه كتاب النكاح باب 178 النوادر ج 3 ص 354 ح 1 ، الوسائل كتاب النكاح باب 147 من أبواب مقدمات النكاح ح 1.
26- الفقيه كتاب النكاح باب178 النوادر ج 3 ص 354 ح 1 ، الوسائل كتاب النكاح باب148 من أبواب مقدمات النكاح ح 1 .
27- الكافي كتاب النكاح باب ما يستحب من التزويج بالليل ج5 366 ح 1.
28- الكافي كتاب النكاح باب ما يستحب من التزويج بالليل ج 5 ص 366 ح 2.
29- وسائل الشيعة كتاب النكاح باب55 من أبواب مقدمات النكاح ح1 بسند صحيح .
30- التهذيب للطوسي كتاب النكاح ج 7 باب 36 ص 365 ، .
31- كنز العمال ح444521 .
32- الإصابة لابن حجر ج8 ص265 ترجمة فاطمة الزهراء رقم : 11587 ، وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير ج2 ص20 ح1153 بسند صحيح .
33- وسائل الشيعة كتاب النكاح باب55 من أبواب مقدمات النكاح ح2 بسند صحيح .وبمعناه في : سنن ابن ماجه ح1918 ، وسنن أبي داود ح2160 ، والمستدرك للحاكم ج2 ص202 ح2757 .
34- وسائل الشيعة ج14 ص81 كتاب النكاح باب53 من أبواب مقدمات النكاح ح1 . .
35- المرأة المثالية في أعين الرجال ص 44 – 45 .
source : راسخون