عربي
Thursday 26th of December 2024
0
نفر 0

إسماعيل بن محمد (السيد الحميري) الكيساني([1])

إسماعيل بن محمد (السيد الحميري) الكيساني([1])

عتنق مذهب الشيعة الإماميّة على يد الإمام جعفر بن محمد الصادق(عليه السلام)، الإمام السادس من أئمـّة أهل البيت(عليهم السلام).

روى الشيخ الصّدوق ـ طاب ثراه ـ مسنداً عن حيّان السرّاج([2])، قال: سمعت السيّد بن محمد الحميري يقول: كنت أقول بالغلوّ، وأعتقد غيبة محمد بن عليّ (إبن الحنفية)([3])، قد ضللت في ذلك زماناً، فمنّ الله عليّ بالصادق جعفر بن محمد(عليهما السلام)، وانقذني به من النار، وهداني إلى سواء الصراط.

فسألته بعدما صحّ عنّي بالدلائل التي شاهدتها منه أنّه حجّة الله عليّ وعلى جميع أهل زمانه، وأنه الإمام الذي فرض الله طاعته، وأوجب الاقتداء به.

فقلت له: يا ابن رسول الله، قد روي لنا أخبار عن آبائك: في الغَيبة وصحة كونها، فأخبرني بِمَن تقع؟

فقال(عليه السلام): «إن الغيبة ستقع بالسادس من ولدي وهو الإمام الثاني عشر من الأئمة الهداة بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله)، أوّلهم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، وآخرهم القائم بالحقّ، بقيّة الله في الأرض، وصاحب الزمان، والله لو بقي في غيبته ما بقي نوح في قومه لم يخرج من الدنيا حتى يظهر، فيملأُ الأرض قسطاً وعدلا، كما ملئت ظلماً وجوراً».

قال السيّد: فلمّا سمعت ذلك من مولاي الصادق جعفر بن محمد(عليهما السلام)تبت الله تعالى ذكره على يديه، وقلت قصيدتي التي أوّلها:

فلمّا رأيت الناس في الدين قد غووا***تجعفرت باسم الله فيمن تجعفروا

وناديت باسم الله والله اكبر***وأيقنت أنّ الله يعفو ويغفر

ودنت بدين الله ما كنت ديّنا***به ونهاني سيّد الناس جعفر

فقلت فهبني قد تهوّدت برهة***وإلاّ فديني دين مَن يتنصّر

وإنّي إلى الرحمن من ذاك تائب***وإنّي قد أسلمت والله أكبر

فلست بغال ما حييت وراجع***إلى ما عليه كنت اُخفي واُظهِرُ

ولا قائلٌ حيٌّ برضوى محمّد***وإن عاب جهّالٌ مقالي وأكثروا

ولكنّه ممّن مضى لسبيله***على أفضل الحالات يقفي ويخبر

مع الطيّبين الطاهرين الأولى لهم***من المصطفى فرعٌ زكيٌّ وعنصر

الى آخر القصيدة، (وهي طويلة) وقلت بعد ذلك قصيدة اُخرى:

أيا راكباً نحو المدينة جسرة***عذافرة يطوى بها كلّ سبسب([4])

إذا ما هداك الله عاينت جعفراً***فقل لوليّ الله وابن المهذَّب

ألا يا أمين الله وابن امينه***أتوب إلى الرحمن ثمّ تأوّبي

إليك من الأمر الذي كنت مطنباً***اُحارب فيه جاهداً كلّ معرب

وما كان قولي في ابن خولة مطنبا***معاندة مني لنسل المطيّب

ولكن روينا عن وصيّ محمد***وما كان فيما قال بالمتكذّب

بأن وليّ الأمر يُفقد لا يُرى***ستيراً كفعل الخائف المترقّب

فتقسم أموال الفقيد كأنّما***تغيّبه بين الصفيح المنصّب([5])

فيمكث حيناً ثمّ ينبع نبعة***كنبعة جدّي من الأفق كوكب

يسير بنصر الله من بيت ربّه***على سؤدد منه وأمر مسبّب

يسير إلى أعداءه بلواءه***فيقتلهم قتلا كحرّان مغضب([6])

فلمّا روى أنّ ابن خولة غائب***صرفنا إليه قولنا لم نكذّب

وقلنا هو المهدي والقائم الذي***يعيش به من عدله كلّ مجدب

فان قلت لا فالحق قولك والذي***أمرت فحتم غير ما متعصّب

وأشهد ربي أنّ قولك حجة***على الناس طرّاً من مطيع ومذنب

بأنّ وليّ الأمر والقائم الذي***تطلّع نفسي نحوه بتطرّب

له غيبة لابدّ من أن يغيبها***فصلّى عليه الله من متغيّب

فيمكث حيناً ثمّ يظهر حينه***فيملك من في شرقها والمغرّب

بذاك اُدين الله سرّاً وجهرةً***ولست وإن عوتبت فيه بمعتب

قال الشيخ الصدوق طاب ثراه: فلم يزل السيد (إسماعيل الحميري) ضالاّ في أمر الغيبة، يعتقدها في محمد بن الحنفية حتى لقي الصادق جعفر بن محمد(عليهما السلام)، ورأى منه علامات الأمامة، وشاهد فيه دلالات الوصيّة، فسأله عن الغَيبة، فذكر له أنّها حق ولكنّها تقع في الثاني عشر من الأئمة:، وأخبره بموت محمد بن الحنفية، وأنّ اباه شاهد دفنه.

فرجع السيد عن مقالته، واستغفر من إعتقاده، ورجع إلى الحقّ عند إتضاحه له، ودان بالأمامة([7]).

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

[1] ـ الكيسانية: هم القائلون بامامة محمد بن الحنفية بن أمير المؤمنين(عليه السلام)، وهم أصحاب المختار ابن أبي عبيدة، يقال: إنّ لقبه كيسان.

[2] ـ قال الشيخ الصدوق: حيّان السرّاج الراوي لهذا الحديث من الكيسانية.

[3] ـ وله في ذلك من الشعر قوله:

ألا إنّ الأئمة من قريش***ولاة الأمر أربعة سواء

عليّ والثلاثة من بنيه***همُ أسباطنا والأوصياء

(يريد بهم أمير المؤمنين والإمامين الحسن والحسين:، ورابعهم محمد بن الحنفية بن أمير المؤمنين(عليه السلام)).

فسبط سبط إيمان وبرّ***وسبط قد حوته كربلاء

وسبط لا يذوق الموت حتى***يقود الجيش يقدمه اللواء

يغيبُ فلا يرى عنا زمانا***برضوى عنده عسل وماء

وقال ايضاً:

ألا حيّ المقيم بشعب رضوى***واهد له بمنزله السلاما

وقل يا ابن الوصي فدتك نفسي***أطلت بذلك الجبل المقاما

فمرّ بمعشر والوك منّا***وسمّوك الخليفة والإماما

فماذاق ابن خولة طعم موت***ولا وارت له ارض عظاما

[4] ـ الجسرة: البعير الذي أعيا وغلظ من السير. والعذافرة: العظمة الشديدة من الابل، والناقة الصلبة القوية. والسبسب: المفازة، أو الأرض المستوية البعيدة.

[5] ـ الصفيح: المعرض عن الأمر فلا يكاد يرى، والمنصب: العالي المرتفع.

[6] ـ حرن بالمكان: لزمه ولم يفارقه.

[7] ـ كمال الدين وتمام النعمة صفحة 33 طبع طهران عام 1390 م مطبعة حيدري من منشورات مكتبة الصدوق.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

السيد احمد بن علي محمود شرف الدين
مفهوم الزمن بين صدر الدين الشيرازي وآينشتاين
سعید السامرائی - العراق – حنفی
طباعة سلسلة كتب "الأنبياء والصحابة" للأطفال ...
د. مونتسدات روفيرا
صائب عبد الحميد ( العراق ـ حنفي )- 2
الدكتور مسعود جهرمي يُنقل بالقوة إلى المطار ...
ساندرا جونسون (سارا)
قصة استشهاد الحاج أبو إدريس
إصدار كتاب "السلم والحرب في القرآن الكريم "

 
user comment