مشكلة الفقر في زمن الإمام علي(ع) كانت تتردّد حول مشكلة الفرد في عدم تأمين حاجاته المعيشية من مأكل وملبس ومسكن وقدرة شرائية. ويمكن تشخيص هذه الظاهرة من خلال زهد الإمام(ع) في هذه الجوانب تأسّياً بضعفاء الناس.
لقد كانت الأحاديث والخُطب والرسائل والمواقف المختلفة التي سطّرها الإمام في مواجهة الفقر تنمّ عن وجود آلية للكسب غير المشروع، والإثراء عند فريق من الناس على حساب فئات اُخرى، الأمر الذي شكّل في وجود تفاوت مفرط بين الأغنياء والفقراء.
هذه الظاهرة الاجتماعية ساهمت في إيجادها عوامل مختلفة لعلّ أبرزها غياب الروح الاجتماعية المتعاونة والمتحسّسة لأوجاع الفقراء، والتوزيع غير العادل للثروة، والإسراف والتبذير وما إلى ذلك.
الدولة كانت تملك ثروات كبيرة بالقوّة وبالفعل، أما المجتمع فكان بحاجة الى سياسة وتثقيف من أجل تفعيل دوره في محاربة الفقر وبناء مجتمع ينعم بالرفاهية. وقد عمل الإمام علي(ع) في هذا الإتّجاه، من أجل إزالة الفقر وآثاره ، وكما يلي:
تعريف بسيط لرفاهية الإنسان
الإنسان يطمح أن يعيش عيشة راضية في بلدٍ آمن، لقد صوّر الرسول الأعظم(ص) لعليّ(ع) شكل مبسّط لحياة متواضعة رغيدة قائمة على ثلاثة أضلاع حياتية ضرورية، وهي:
1 ـ المسكن الوسيع، «دار قوراء»([1]).
2 ـ المرأة الحسناء، «جارية حسناء».
3 ـ وسيلة النقل، «فرس قباء»([2]).
وقد جاء هذا الشكل الهندسي بقوله(ص) علي(ع): «يا علي العيش في ثلاثة: دار قوراء، وجارية حسناء، وفرس قباء»([3]).
خطوط عامّة للتخفيف من الفقر
وطأة الفقر ثقيلة على الفقراء المعدمين، وقد وضع الإمام(ع) خطوات تساعد في التخفيف من سطوته عليهم، وذلك من خلال ما ورد في الأحاديث وكما يلي:
1 ـ قلّة العيال، أو ما يسمّى تحديد النسل؛ بقوله(ع):« قلّة العيال أحد اليسارين»([4]).
2 ـ التقدير الحسن، أو البرمجة ، كما جاء عنه: «التقدير نصف العيش»([5]) وقوله: «قوام العيش حسن التقدير، وملاكه حسن التدبير» ([6]).
3 ـ التفكير الإيجابي، والابتعاد عن الهمّ أو التفكير السلبي، بقوله: «الهمّ نصف الهرم»([7]).
4 ـ الاقتصاد، أو الابتعاد عن الإسراف بقوله(ع): «كم من متعب نفسه مقتر عليه، ومقتصد في الطلب قد ساعدته المقادير»([8]).
إنّ هذه الأُطر الأربعة لها دور مؤثّر في النهوض بوضع الإنسان المعاشي، أو الحد من حالة الفقر التي تلقي بظلالها القاتمة عليه.