كل جزء من الوجود الذى تحقق بالأسماء الحسنى وأصبح له ظهور عينى هو تحت اسم له مجد ذلك الإسم، ولا شك أنه يتوجب وجود فرد يكون مظهراً تاماً للإسم الأعظم، وذلك من أجل تنظيم العلاقة بين الأسماء العينية للحق، بحيث لا يكون مجد اسم من الأسماء يزاحم غيره من الأسماء.
بعبارة أخرى لزوم وجود إنسان كامل يكون مظهراً لجميع الأسماء الحسنى والصفات العليا ويكون تجلياً للاسم الأعظم، وليكون خليفة الله عز وجل، ومن خلاله يحصل تدبير العالم، أى من خلال روحانيته ونورانيته يكون تدبير الخلق بما فى ذلك الملائكة التى هىهويات نورية عقلية والتى لكل منها واجب يؤديه:
«وما منّا إلا له مقام معلوم» «1»، فالملائكة تحتاج إلى من يدبّر أمورها وشؤونها ويوجهها ويعلمها وتكون مؤتمرة بأمره.
وخلاصة القول إنّ نظام الخلق كما تفيد الروايات والآيات بحاجة إلى خليفة لله حتى لو أن الله عز وجل لم يخلق إنساناً؛ سواء إذن كان الإنسان أم لم يكن، فإن وجود خليفة لله أمر لازم، ولقد كان آدم (ع) أول إنسان فهو أبو البشر وكان بحاجة إلى روحانية ونورانية خليفة الله لكى تدبّر أموره بالعدل، لهذا فقد كان هو نفسه خليفة الله فيكون بذلك مرتبطاً بالله عز وجل، ومن خلال هذا الإتصال يتلقى أوامر الحق تبارك وتعالى ويجسدها فى حركته، ويضمن لهذه الحركة التوازن والعدالة المطلوبة.
وعلى أساس هذه الحاجة الأكيدة واللازمة للوجود لهذه الحقيقة، فقد شاء الله سبحانه أن يجعل له خليفة ينوبه فى تدبير الوجود والخليقة ويسخر له من أجل ذلك كل شىء ومن هنا ينبغى أن نفهم مقام الخلافة والولاية.
إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً «2».
وهذا الخليفة من مركز الأرض ومن صعيد هذا التراب، بدأت حركته ليصل إلى أعلى مراتب نظام الوجود ويكون هو خليفة الله فى تدبير أمور العالم، وبالرغم أن الأرض تبدو فى ظاهر الأمر مكان سفلى، بل الأسفل فى سلم درجات الوجود، ولكنها من حيث القوى والقابليات، ومن حيث الاستيعاب للدرجات تشغل أعلى المحال؛ لأن التراب أكثر العناصر انفعالًا هو العنصر الذى يمكنه استيعاب جميع الأسماء الإلهية، ويكون بقدرة الإنفعال المحض أكثر هوّيات الوجود فعالية.
وَ عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها «1».
source : اهل البيت (ع) ملائكه الارض