إن زيادة العدد الكمي للنساء على الرجال كما تقول به الإحصائيات العالمية مما يقلل الفرص لها في هذا المجال ، ولكن مع ذلك بالنسبة إلى الفتاة التي تريد أن تقـدم على الحياة الزوجية في البداية ينبغي لها أن تتوجه إلى الله سبحانه بنية خالصة وبانقطاع إليه وتدعوه أن يوفقها إلى زوج صالح يسعدها في حياتها الزوجية وتعيش حيـاة الإطمئنان ، والبنت باعتبار مجالها وفرصها أضيق من الشاب حيث إذا تزوجت تكون محكومة إليه ولا يمكن لها أن تفكر في غيره ؛ فيجب عليها اللجوء إلى الله أكثر وتفويض الأمر إليه .
وبالرغم من أن الأحاديث ركزت على أهمية إختيار الزوجة أكثر من تركيزها على إختيار الزوج لعل ذلك يكشف لنا عن حقيقة واقعية وهو أن السعادة الزوجية بل وسعادة المجتمع وصلاحه منوط بصلاح المرأة فمفتاح السعادة العائلية موجود بيدها فعليها أن تستعمل قدراتها الفنية والإبداعية في إصلاح بيتها والمحافظة عليه ؛ فيكون مجالها في هذا الجانب وتأثيرها أكثر من الرجل ؛ فلابد للرجل عند الزواج من الاهتمام باختيار شريكة حياته .
أما بالنسبة للبنت : فولاية الأب على البنت الباكر ولا يمكن لها أن تبت في العقد إلاّ بموافقته والمشاورة معه ، وباعتبار تجارب الأب في الحياة فلا يوافق إلاّ إذا كان الزواج في صالح ابنته، كل ذلك مما يمهد الأرضية الصالحة لاختيـار الزوج الصالح الموافـق لها . ومع ذلك ينبغي للبنت إذا أرادت أن تتزوج أن تختـار الزوج الصـالح المؤمن المتدين ولا يكون نظرها على المال والمنصب.
الصفات الحسنة للزوج :
الإيمان والتدين :فبهما ينصف الزوج زوجته من نفسه ويعطها حقوقها ولا يظلمها ، ويكون مثل هذا الزوج فخراً لها ولأولادها في الحاضر والمستقبل ، وهذا ما عبرت عنـه الروايـة القائلة : ( إذا جـاءكم من ترضـون خُلُقَـه ودينه فزوجوه …. ) .
حُسن الخُلُق :
إن من أهم الصفات في الزوج هو حُسن الخُلُق مع زوجتـه وأهله ؛ فقد يكون حسن الأخـلاق في خـارج المنزل دون داخله ، إلا أن الأهمية الكبرى لحسن الخلق هـو مع أهله وزوجتـه لذلك ركز الإسلام على هذه الصفة في الزوج عند أول اختيـاره في الزواج واستمراريتها فيـه بعد ذلك وتطويرها إلى الأفضل والأحسن ، وقد تعددت الآيات والروايات في ذلك :
قال تعالى خطاباً لنبيـه الكريم صلى الله عليه وآله :[وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ[ ( 1 ).
1 – وعـن الرسول صلى الله عليه وآله قـوله : ( إنما بُعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق ).
2 – وقد جاء في الصحيح عن عبدالله بن سنان عن الإمام الصادق عليه السلام قال : ( الِبّر وحسن الخلق يعمران الدّيار ويزيدان في الأعمار )( 2 ).
ومن الواضـح من هذه الصحيحة أن حسن الخلق مع البِر للوالدين والزوجة والأهل يعمران الديـار ، لان الانسان إذا حسن خلقه مع زوجته والزوجة حسّنت خلقها مـع زوجها ، فـدارهما تعمر وتستقر ويعيشان في انسجـام حتى آخر حيـاتهما ، ونتيجة ذلك هو طول عمرهما وهذه نتيجة طبيعية.
3 – وفي الصحيح عن حبيب الخثعمي عن الإمام الصادق عليه السلامقال : ( قال رسـول الله صلى الله عليه وآله : افـاضلكم أحسنكم أخلاقاً الموطؤون أكنافـاً الذين يـألفون ويُؤلفون وتوطأ رحالهم )( 3).
الأكناف : الجانب والناحيـة ، وهـذا مثل يضرب ، وحقيقته من التوطئة وهي التمهيد والتذلل ، وفراش وطيء لا يؤذي جنب النائم .
والأكناف : الجوانب ، أراد الذين جـوانبهم وطيئة يتمكن منها من يصاحبهم ولا يتأذى .
وبالأخص الزوجة مع زوجها والزوج مع زوجته لابد من تذلل كل واحد منهما للآخر ويكون ليناً ويألف كل واحد الآخر.
4 – وعن الإمام الصادق عليه السلام قال :( لا عيش أهنا من حسن الخلق )( 4 ).
5 – وعن الإمـام أمير المؤمنين عليه السلام قال: ( مـن حسنت خليقته طابت عشرته )(5).
6 – وعن أمير المؤمنين عليه السلام قـال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ( أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحسنكم خُلقاً وخيركم لأهله )( 6 ).
7 – وعـن أمير المؤمنين عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : (أحسن الناس إيماناً أحسنهم خُلقاً وألطفهم بأهله ، وأنا ألطفكم بأهلي)(7)
بل يكره للرجـل أن يزوج أبنتـه من رجـل سيء الخلق لأن ذلك ينعكس على حياتها الزوجية .
8 – فقد جـاء عن الحسين بن بشار الواسطي قال : كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام:( إن لي قرابة قد خطب إليّ وفي خلقه سوء . قال : لا تزوجه إن كان سّيء الخلق )( 8 ).
ولا عجب حينئذ إذا عد حسـن الخلق من الايمان بل لا يكمل إيمان المؤمن إلا مع حسن الخلق ، وأن حسن الأخلاق من العبادة .
9 – فقد جاء في الصحيح عن محمد بن مسلم عن ابي جعفر ( الباقر )عليه السلامقال : ( إن أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خُلقاً )(9).
10 – وعن الرسول صلى الله عليه وآله:( الخلق الحسن نصف الدين )(10).
11 – وفي الصحيح عن عبدالله بن سنـان عن الإمام الصادق عليه السلام: ( إن حسن الخلق يبلغ بصاحبه درجة الصائم القائم )( 11).
والنتيجة الحاصلة من الاخلاق الحسنة هو :
12 – عن الرسول صلى الله عليه وآله :( إن حسن الخلق ذهب بخير الدنيا والآخرة )(12).13 - وتفسير حسـن الخلق ما جاء في الخبر الآتي : عن بعض أصحاب الإمـام الصادق عليه السلامعـن الإمام الصادقعليه السلامقال : ( قلت له : ما حد حسن الخُلق ؟ قـال : تلين جناحك ، وتطيب كلامك ، وتلقى أخاك ببشر حسن )( 13).
وإذا اتصف الـزوج بحسن الخلق معها تتمكن الزوجة أن تعيش معه عيشة سعيدة.
أن يكون كفواً لها :
والمؤمن كفو المؤمنة ؛ فالإشتراك في الإيمان والعقيدة يحصل التكافؤ بينهما .
الكفو :
1 – عن الإمام الصادق عليه السلام: ( الكفو أن يكون عفيفاً وعنده يسار )(14).
2 – عـن الرسـول صلى الله عليه وآله : ( إذا جاءكم من ترضون خُلقه ودِينه فزوجوه ، إلاّ تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير )( 15).
3 – عن الإمام البـاقر عليه السلام : ( مـن خطب إليكم فرضيتم دِينه وأمانته فزوجوه ، إلاّ تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير )( 16).
المصادر :
1- سورة القلم آية : 4
2- الكافي ج2 ص100 كتاب الإيمان والكفر باب حسن الخلق ح8 .
3- الكافي ج2 ص100 كتاب الإيمان والكفر باب حسن الخلق ح16 .
4- البحار ج68 ص389 عن علل الشرائع .
5- ميزان الحكمة ج3 ص139 عن غرر الحكم .
6- البحار ج68 ص387 .
7- البحار ج68 ص387 .
8- الوسائل كتاب الحج باب 30 من مقدمات النكاح ح1 .
9- الكافي ج2 ص99 كتاب الإيمان والكفر باب حسن الخلق ح1 .
10- البحار ج68 ص385 .
11- البحار ج68 ص384 .
12- البحار ج68 ص384 .
13- الكافي ج2 ص103 .
14- وسائل الشيعة كتاب النكاح باب 28 من مقدمات النكاح ح7 .
15- وسائل الشيعة كتاب النكاح باب 28 من مقدمات النكاح ح1 . الجامع الصحيح للترمذي ح1085 ، وسنن ابن ماجه ح1967 ، والسنن الكبرى ح13481 ، كنز العمال ح44701 .
16- وسائل الشيعة كتاب النكاح باب 28 من مقدمات النكاح ح3 . وقريب منه في : الجامع الصحيح للترمذي ح1084 ، وكنز العمال ح44702 .
source : راسخون