عربي
Saturday 18th of May 2024
0
نفر 0

الأجواء العائلية للسيدة زينب

الأجواء العائلية للسيدة زينب
 

لا شك أن البيئة والأجواء العائلية التي ينشأ فيها الانسان تلعب دوراً أساسياً في بناء شخصيّته فهي التي تغرس في نفسه قيمها وافكارها ، وتربيه على سلوكياتها وعاداتها .
ولنلق نظرة عابرة على الأجواء العائلية التي نشأت من خلالها السيدة زينب ( عليها السلام ) .

الوضع الحياتي المعيشي

قد تختلف تأثيرات حياة الترف والرفاه على نفس الطفل عن تأثيرات حياة التقشف والبساطة ، ففي الحالة الأولى ينشأ الطفل على الدّلع والدلال ، وينعدم لديه الشعور بقيمة الأشياء لتوفرها أمامه ، ولا تنمو في نفسه حساسية ولا شفاهية تجاه حالات الفقر والحرمان لأنه لم يتذوق مرارتها ، كما أن مشاكل الحياة قد تصدمه بقوة لعدم استعداده النفسي لمواجهة الصعوبات والمشاكل .
اما في الحالة الثانية فان شخصية الطفل قد تكون أكثر اتزاناً وأقوى جلداً ، وأقل استهانة بالأشياء والأمور ، وأقرب الى التفاعل النفسي مع الطبقات المحرومة والضعيفة في المجتمع .
كما أننا يجب أن نفرق بين البساطة والتقشف اللذين يفرضهما الفقر والحاجة وبينها في حالة الأختيار والطواعية ، ففي اُولى الحالتين قد تسبب حالة البساطة والتقشف عند الأنسان وجود التطلعات والتمنيّات لرغد العيش ورفاهية الحياة ، كما قد يتسرب الى نفس الطفل شيء من عدم الارتياح تجاه الموسرين المترفين كارضية للحقد والحسد والانتقام .
بينما توجد حالة البساطة المختارة كنمط للحياة عند العائلة توجد المشاعر والانعكاسات الايجابية دون تلك السلبيات حيث يرى الطفل ان عائلته تمتلك القدرة على الرفاه لكنها لا ترغبه لمنطلقات أخلاقية ، كما لو كانت العائلة تؤثر الفقراء والمحتاجين ، وتجود على الضعفاء والمعوزين .
والسيدة زينب نشأت في أفضل جو عائلي من هذا الجانب فأسرتها لم تكن فقيرة معوزة ، فلربما سمعت زينب في فترة طفولتها عن ثروات جدتها خديجة ، كما ترى الموقع القيادي لجدها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حيث ولدت ونشأت في فترة الانتصارات العسكرية والسياسية والتي كانت تعود على المسلمين بالغنائم الكثيرة ولجدها النبي ( صلى الله عليه وآله ) فيها التصرف المطلق الى جانب استعداد المسلمين لبذل كل امكانياتهم ووضعها تحت تصرّف رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .
وتلاحظ السيدة زينب امتلاك عائلتها لبعض الأمكانيات ثم تنازلها عنها لصالح الآخرين ، ويخلد القرآن الحكيم نموذجاً لهذه الحالة عند عائلة زينب مشيداً بها في سورة الانسان ، حيث يقول ( تعالى ) : (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا) (1) .
ففي كثير من التفاسير أن هذه الآيات نزلت في حق أهل البيت ( عليهم السلام ) ونثبت منها عبارة الرازي بنصها :
ذكر الواحدي من أصحابنا ـ أي السنة ـ وصاحب ( الكشاف ) من المعتزلة : ان الحسن والحسين مرضا فعادهما الرسول في أناس معه ، فقالوا : يا أبا الحسن لو نذرت على ولدك .
فنذر علي وفاطمة وجارية لهما إن شفاهما الله تعالى أن يصوموا ثلاثة أيام ، فشفيا فاستقرض علي ثلاثة اصوع من شعير ، فطحنت فاطمة صاعاً ، واختبزت خمسة أقراص على عددهم ، ووضعوها بين ايديهم ليفطروا فوقف عليهم سائل ، فقال : السلام عليكم يأهل بيت محمد مسكين أطعموني ، أطمعكم الله من الجنة .
فآثروه ولم يذوقوا الا الماء ، وأصبحوا صائمين ، فلما امسوا ووضعوا الطعام بين ايديهم وقف يتيم فآثروه ، وجاءهم اسير في الليلة الثالثة ، ففعلوا مثل ذلك ، فلما أصبحوا ابصرهم رسول الله يرتعشون كالفراخ ، فقال : ما أشد ما يسوءني ما أرى بكم .
فنزل جبرئيل وقال : خذها يا محمد هناك الله في أهل بيتك ، فقرأ هذه السورة (2) .
وقد سجّل الشيخ الأميني في موسوعته ( الغدير ) قائمة تحتوي على المصادر التي روت هذه الحادثة من كتب التفسير والحديث لأهل السنة والجماعة بلغت ( 34 مصدراً ) (3) .
ونموذج آخر تسجّله الروايات يعطينا صورة عن بساطة الحياة والزهد المتعمد الذي اختارته عائلة زينب انطلاقاً من منهجية خاصة في فهم الحياة والتعامل معها .
عن زرارة عن أبي جعفر الباقر ( عليه السلام ) قال : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إذا أراد سفراً سلم على من أراد التسليم عليه من أهله ، ثم يكون آخر من يسلم عليه فاطمة ، فيكون وجهه الى سفره من بيتها ، وإذا رجع بدأ بها ـ أي يزورها قبل كل أحد ـ فسافر مرة وقد أصاب علي شيئاً من الغنيمة ورفعه الى فاطمة ، فأخذت سوارين من فضة ، وعلقت على بابها ستراً ـ أي ألبست الباب ثوباً للزينة ـ فلما قدم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) دخل المسجد ، فتوجه نحو بيت فاطمة كما كان يصنع ، فقامت الى أبيها صبابة وشوقاً اليه ، فنظر فاذا في يدها سواران من فضة وإذا على بابها ستر ، فقعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حيث ينظر اليها ، فبكت فاطمة وحزنت وقالت : ما صنع هذا بي قبلها .
فدعت ابنيها ، فنزعت الستر عن بابها ، وخلعت السوارين من يديها ثم دفعت السوارين الى احدهما والستر الى الآخر ، ثم قالت لهما :
انطلقا الى أبي فأقرئاه السلام وقولا له : ما أحدثنا بعدك غير هذا فشأنك به .
فجاءاه فأبلغاه ذلك عن أمهما ، فقبلهما رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) والتزمهما وأقعد كل واحد منهما على فخذه ، ثم أمر بذينك السوارين فكسراً فجعلهما قطعاً ، ثم دعا أهل الصفة وهم قوم من المهاجرين لم يكن لهم منازل ولا أموال فقسمه بينهم .
وروى ابن شاهين في ( مناقب فاطمة ) عن أبي هريرة وثوبان هذا الحديث مع تغيير يسير الى أن قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فعلت فداها أبوها ـ ثلاث مرات ـ مالآل محمد والدنيا ؟ فانهم خلقوا للآخرة وخلقت الدنيا لهم .
وفي رواية أحمد بن حنبل : فان هؤلاء أهل بيتي ولا أحب أن يأكلوا طيباتهم في حياتهم الدنيا .
وقد روى هذا الحديث الخطيب العمري في ( مشكاة المصابيح ) والطبري في ( ذخائر العقبى ) والثوري في ( نهاية الارب ) والقندوزي في ( ينابيع المودة ) والطبراني في ( المعجم الكبير ) ، والزبيدي في ( أتحاف السادة ) وغيرهم (4) .
لم تكن عائلة زينب تمتلك بيتاً تقطنه لكن أحد الصحابة المتمكنين من أهل المدينة وهو ( حارثة بن النعمان ) وضع أحد منازله تحت تصرف علي حينما أراد الزواج من بنت الرسول فاطمة ، وبعد فترة بنى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بيتاً ملاصقاً لمسجده له باب شارع الى المسجد ، كبقية الحجرات التي بناها لزوجاته ، وانتقلت عائلة زينب الى ذلك البيت الجديد الملاصق لبيت الله المجاور لبيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) (5) .
ويُروى أن سلمان الفارسي رأى فاطمة الزهراء مرة فبكى ، وقال : إن قيصر وكسرى في السندس والحرير وابنة محمد في ثياب بالية (6) .

الأنسجام والمحبة:

لماذا نرى بعض الناس وديعين أليفين قادرين على التعاون والأنسجام مع الآخرين ، ونرى بعض الآخر عدائيين مزعجين يتعاملون مع الآخرين بخشونة وقسوة ؟ .
إن من أبرز العوامل والأسباب التي تؤثر في صنع نفسية الأنسان وتوجيهها نحو الإلفة والوداعة أو العداء والإساءة ، هي الأجواء العائلية التي يعيشها الأنسان في طفولته ، فاذا عاش الطفل جواً عائلياً تسوده المحبة والأنسجام فانه يتربى ضمن ذلك النموذج ، أما اذا ما نشأ في أجواء المشاحنة والبغضاء بين أبيه وأمه ، أو بينه وبين والديه ، أو فيما بين اخوته ، فان ذلك يزرع في نفسه بذور الحقد والقسوة ، ويدفعه لممارسة العنف والأيذاء دفاعاً عن ذاته وحقوقه .
يقول الأستاذ الفلسفي : « إن سلوك جميع أفراد البشر وأساليب معاشرتهم مع الناس انما هو خلاصة للأساليب التربوية التي اتخذت معهم في دور الطفولة ، من قبل الآباء أو الأمهات في الأسرة أو من قبل المعلمين في المدرسة . فكل خير أو شر لقّنوه أياهم في أيام الطفولة يظهر على سلوكهم عند الكبر ، وعندما يصبحون أعضاء في هذا المجتمع الإنساني الكبير وبعبارة اخرى فان الوضع الروحي والخلقي والسلوكي للناس في كل عصر إنما هو حصيلة البذور التربوبية التي نثرت في أدمغتهم أيام الطفولة » (7) .
لذلك يؤكد الإسلام على أن يغمر الأطفال بالعطف والحنان وأن يتعامل معهم الوالدان بالمحبة والشفقة ، وأن يجنبوا ابناءهم حصول المشاكل أمامهم .
وقد عاشت السيدة زينب وترعرعت في جو يغمره العطف والحنان وتسوده المحبة والإنسجام ، فعمدا البيت وقطباه علي وفاطمة والدا زينب كانت علاقتهما قمة في الصفاء والحب لا تدانيها أية علاقة زوجية في تاريخ البشر .
يقول الإمام علي ( عليه السلام ) عن حياته مع الزهراء ( عليها السلام ) :
« فوالله ما أغضبتها ولا أكرهتها على أمر حتى قبضها الله ( عز وجل ) ولا أغضبتني ولا عصت لي أمراً ، لقد كنت أنظر اليها فتنكشف عني الهموم والأحزان » (8) .
وفي آخر ساعة من حياتها تخاطب الزهراء علياً ( عليهما السلام ) قائلة :
« يابن عم ! ما عهدتني كاذبة ولا خائنة ولا خالفتك منذ عاشرتني » ؟ ! .
فيجبيها الإمام علي : « معاذ الله أنت أعلم بالله وأبر وأتقى وأكرم وأشد خوفاً من الله من أن اُوبّخك بمخالفتي » (9) .

الأجواء الرسالية :

نشأت العقيلة زينب ضمن عائلة قد نذرت نفسها للجهاد في سبيل الله ، وتربت في أجواء رسالية ما كان يدور فيها غير الأهتمامات القيمية المبدئية ، فجدها الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) قاد بنفسه حوالي ( 28 غزوة ومعركة ) (10) وأبوها الإمام علي ( عليه السلام ) رافق الرسول ( صلی الله عليه وآله وسلم ) في جميع تلك المعارك عدا واحدة وهي غزوة تبوك حيث تخلف بأمر من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .
كما قاد الإمام بنفسه العديد من السرّايا والمعارك المحدودة .
إن ذلك يعني أن بيب وعائلتها كانوا يعيشون ظروف الجهاد في أغلب فترات حياتهم ، فحينما يغادرهم الجدّ أو الأب الى ساحة المعركة فستكون نفوسهم منشدّة ومرتبطة بما يدور على ساحات القتال .
ولا يقتصر الأمر على تفاعل الأسرة مع قضايا الحرب والجهاد بل انها كانت معنية بكل أوضاع المجتمع ، فعائلة زينب هي في موقع القيادة والقلب .
وهكذا عاشت السيدة زينب ( عليها السلام ) فترة طفولتها في بيت تتموّج فيه هموم مجتمعها ، وفي أجواء مفعمة بالمسؤولية والتضحية
الفاجعة الكبرى بعد خمس سنوات عاشتها زينب في كنف عائلتها الحنون ، وفي ظل أجواء المحبّة والعطف ، حيث كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يظلل بيت زينب برعايته ، ويغمر أفراد ذلك البيت بعنايته واجلاله . فلا يكاد يمر يوم لا يلتقي فيه محمد بأهل بيته ، واذا ما سافر كان بيتهم آخر محطة ينطلق منها لسفره ، واذا ما عاد كان بيتهم أول منزل يدخله .
روى الحاكم في ( المستدرك ) بسنده عن أبي ثعلبة الخشني : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) اذا رجع من غزوة أو سفر أتى المسجد فصلى فيه ركعتين ثم ثنى بفاطمة ثم يأتي أزواجه .
وبسنده عن ابن عمران : ان النبي ( صلى الله عليه وآله ) كان إذا سافر كان آخر الناس عهداً به فاطمة ، واذا قدم من سفر كان أول الناس به عهداً فاطمة » (11) .
ويقول الشيخ مغنية : وكان النبي لا يصبر عن بيته هذا ، ولا يشغله عنه شاغل ، بخاصة بعد ان نبتت فيه رياحينه ، فاذا دخله قبل هذا ، وشمّ ذاك وابتسم لتلك . . . ودخله ذات يوم فأخذ الحسن وحمله ، فأخذ علي الحسين وحمله ، فأخذت فاطمة زينب وحملتها (12) ، فإهتزت أركان البيت طرباً لجوّ الصفوة المختارة ، وابتهاج الرسول بآله وابتهاجهم به ، وتدلنا هذه الظاهرة وكثير غيرها ان محمداً كان أكثر الأنبياء غبطة وسعادة بأهل بيته » (13) .
وشاء الله ( سبحانه وتعالى ) أن يكون حظ السيدة زينب من تلك الحياة الهانئة السعيدة محدوداً بالسنوات الخمس الأولى من حياتها ، فما ان دخلت السنة الحادية عشر للهجرة ، وتصرّمت أيام شهرها الثاني شهر صفر ، الا وشمس السعادة في بيت زينب قد آذنت بالغروب ، فرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يلبّي نداء ربه ويفارق الحياة ويلتحق بالرفيق الأعلى في الثامن والعشرين من شهر صفر سنة ( 11 هـ ) .
واذا كان فقد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يشكل صدمة كبرى وفاجعة مهولة عظمى على المسلمين جميعاً فانه ولا شك أشد وقعاً وأعظم أثراً على أهل بيته الملتصقين به والمتنعمين برعايته وعطفه .
وزينب الصغيرة في السن المرهفة الأحساس الرقيقة المشاعر وجدت نفسها في مواجهة هذه الرزية الكبرى ، ورأت كيف انقلبت الأجواء في بيتها رأساً على عقب من بهجة وغبطة وسرور الى كآبة وحزن واضطراب .
لقد صحبت زينب أمها الزهراء وهي تنكّب على أبيها رسول الله عند مصارعته لسكرات الموت نادبة .
« واويلتاه لموت خاتم الأنبياء ، وامصيبتاه لممات خير الأتقياء ، ولإنقطاع سيد الأصفياء ، واحسرتاه لإنقطاع الوحي من السماء ، فقد حرمت اليوم كلامك » (14) .
ورأت زينب أخويها الحسنين حينما القيا بنفسيهما على جدهما الرسول يودعانه وهما يذرفان الدموع ، فجعل يقبلهما وهما يقبلانه واراد عليّ أن ينحيهما عنه ، فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
« دعهما يتمتعان مني وأتمتع منهما فستصيبهما بعدي اثرة » (15) .
وتوالت مشاهد الألم الحسرة أمام ناظري زينب فهذه أمها الزهراء تنكب على جثمان أبيها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بعد وفاته تبكي أمر البكاء قائلة : « واأبتاه ، الى جبرئيل أنعاه ! واأبتاه جنة الفردوس مأواه ! واأبتاه أجاب رباً دعاه ! ! » (16) .
وتقول أيضاً : « واأبتاه وارسول الله ، وانبي الرحمتاه ، الآن لا يأتي الوحي ، الآن ينقع عنا جبرئيل ، اللهم إلحق روحي بروحه ، واشفعني بالنظر الى وجهه ، ولا تحرمني أجره وشفاعته يوم القيامة » (17) .
وهذا أبوها علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) وهو الجبل الأشم في صموده وبطولته لكنه تذوب نفسه أمام هذه المصيبة ، فيقول : « إن الصبر لجميل الا عنك ، وإن الجزع لقبيح إلاّ عليك ، وان المصاب بك لجليل ، وإنه قبلك وبعدك لجلل » (18) .
وقال أيضاً وهو يلي غسل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وتجهيزه : « بأبي أنت وأمي يا رسول الله ! لقد انقطع بموتك مالم ينقطع بموت غيرك من النبوة والإنباء وأخبار السماء ، خصّصت حتى صرت مسلياً عمن سواك ، وعممت حتى صار الناس
فيك سواء ، ولولا انك أمرت بالصبر ، ونهيت عن الجزع ، لأنفذنا عليك ماء الشئون ، ولكان الداء مماطلا ، والكمد محالفاً ، وقلا لك ، ولكنه ما لا يملك رده ، ولا يستطاع دفعه بأبي أنت وأمي ! اُذكرنا عند ربك ، واجعلني من بالك ! » (19) .
ويتحدث الامام جعفر الصادق ( عليه السلام ) عن مدى وقع المأساة على بيت زينب ، فيقول : « لما مات النبي ( صلى الله عليه وآله ) سقط سطران ؟ ؟ خمسة وسبعين يوماً لم تر كاشرة ولا ضاحكة تأتي قبور الشهداء في كل جمعة مرتين الاثنين والخميس ، فتقول : « ها هنا كان رسول الله ، وها هنا كان المشركون » .
وقال ابن شهر اشوب في ( المناقب ) روي أنها مازالت بعد أبيها معصبة الرأس ناحلة الجسم منهذة الركن باكية العين محترة القلب يُغشى عليها ساعة بعد ساعة ، وتقول لولديها : أين أبوكما الذي كان يكرمكما ويحمكما مرة بعد مرة ؟ أين أبوكما الذي كان أشد الناس شفقة عليكما فلا يدعكما تمشيان على الأرض ولا أراه يفتح هذا الباب أبداً ولا يحملكما على عاتقه كما لم يزل يفعل بكما .
وروي أنه لما قبض النبي ( صلى الله عليه وآله ) امتنع بلال من الأذان ، وقال : لا اُؤذن لأحد بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وإن فاطمة قالت ذات يوم : ( أشتهي أن أسمع صوت مؤذن أبي بأذان ) .
فبلغ ذلك بلالاً فأخذ في الاذان فلما قال : الله أكبر الله أكبر . ذكرت أباها وأيامه ، فلم تتمالك من البكاء ، فلما بلغ الى قوله : أشهد أن محمداً رسول الله ) .
شهقت فاطمة وسقطت لوجهها وغشي عليها ، فقال الناس لبلال : امسك فقد فارقت ابنة رسول الله الدنيا .
وظنوا أنها قد ماتت ، فلم يتم الاذان . فأفاقت فسألته اتمامه فلم يفعل ، وقال لها : يا سيدة النسوان إني أخشى عليك مما تنزلينه بنفسك اذا سمعت صوتي بالاذان .

فأعفته من ذلك .

وعن علي ( عليه السلام ) قال : غسلت النبي في قميصه فكانت فاطمة تقول : أرني القميص . فاذا شمته غشي عليها ، فلما رأيت ذلك غيبته (20) .
ورأت الزهراء ( عليه السلام ) يوماً أنس بن مالك ، فقالت : يا أنس كيف طابت أنفسكم أن تحثوا على النبي التراب ؟ (21) .
ولك أن تتصور حالة السيدة زينب وهي طفلة ذات خمس سنوات من العمر لابد أنها كانت ملتصقة بأمها الزهراء ( عليه السلام ) وتعايش معها هذه الصدمة العاطفية الكبيرة .

المحنة السياسية

حينما تحل بالإنسان مصيبة أو كارثة فإن من أهم العوامل التي تساعده على التحمل والصمود في مواجهتها هو توفر التعاطف والمؤاساةله من قبل ذويه وأصحابه وجيرانه وأبناء مجتمعه .
إن ما يلقاه المصاب من تعاطف انساني ومواساة اجتماعية يكون بمثابة البلسم لجراحه ، والسّلوة لنكبته ، لذلك ورد التشجيع من قبل الاسلام على مواساة المصابين ، كما يندفع الناس بفطرتهم للتعاطف مع المصابين على اختلاف أديانهم ومللهم .
وعائلة زينب التي نكبت بفقد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بدل أن يغمرها المسلمون بتعاطفهم ومواساتهم خاصة مع كثرة توصيات الرسول بذريته وأهل بيته ، بدل ذلك ألمت بهم محنة سياسية رهيبة بعد وفاة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مباشرة ، ضاعفت عليهم المصاب وزادت آلامهم ومأساتهم .
وتسجل كتب التاريخ والحديث الكثير من تفاصيل تلك المحنة مع اختلاف المؤرخين والمحدثين والكتاب في تفسير وقائعها ، ولسنا الآن بصدد مناقشة الآراء والتفسيرات لكننا نعرض بإيجاز ما اتفق عليه المؤرخون والمحدثون عن تلك المحنة لتكتمل لنا صورة الأجواء والحياة التي مرّت بها السيدة زينب في تلك الفترة .
فهناك قضيتان مهمتان تعتبران جوهر المحنة في أعقاب وفاة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لدى أهل بيته :
الأولى : قضية خلافة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : فقد كان الامام علي يرى نفسه الأجدر بمقام الخلافة والإمامة بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وكان بنو هاشم وبعض الصحابة يرون ذلك ، إما لنصوص سمعوها من الرسول في حق علي وأولويته في الخلافة ، أو لأنه الأكفأ والأجدر من بين الصحابة .
لكن اجتماعاً حصل في سقيفة بني ساعدة لم يحضره علي وبنو هاشم لانشغالهم بتجهيز رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ثم فوجئوا بأن ذلك الاجتماع في سقيفة بني ساعدة انتهى بمبايعة أبي بكر بخلافة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
ورأى الامام علي وأهل بيته فيما حصل اغتاصباً لحقهم الشرعي في الخلافة ، وانتزاعاً لدور علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، ولذلك لم يقبل علي بنتائج اجتماع السقيفة وتأخّر لفترة يختلف المؤرخون في تحديدها حتى خضع وبايع أبا بكر .
يقول ابن الأثير : لما توفي رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة ليبايعوا سعد بن عبادة ، فبلغ ذلك أبا بكر فأتاهم ومعه عمر وأبو عبيدة بن الجراح ، فقال : ما هذا ؟
فقالوا : منّا أمير ومنكم أمير . .
فقال أبو بكر : منّا الأمراء ومنكم الوزراء . .
ثم قال أبو بكر : قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين عمر وأبا عبيدة أمين هذه الأمة . .
فقال عمر : أيكم يطيب نفساً أن يخلُف قدمين قدمهما النببي ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ . .
فبايعه عمر ، وبايعه الناس . .
فقالت الأنصار أو بعض الأنصار : لا نبايع الا علياً . .
قال : وتخلّف علي وبنو هاشم والزبير وطلحة عن البيعة . .
وقال الزبير : لا اُغمد سيفاً حتى يبايع علي . .
فقال عمر : خذوا سيفه واضربوا به الحجر . .
ثم أتاهم عمر فأخذهم للبيعة . .
وقيل : لما سمع علي بيعة أبي بكر خرج في قميص ما عليه ازار ولا رداء عجلاً حتى بايعه ، ثم استدعى ازاره ورداءه فتجلّله (22) .
والصحيح : ان أمير المؤمنين ما بايع الا بعد ستة أشهر ، والله أعلم . .
ويقول المؤرخ المسعودي : ولما بويع أبو بكر في يوم السقيفة وجددت البيعة له يوم الثلاثاء على العامة ، خرج علي فقال :
أفسدت علينا أمورنا ولم تستشر ، ولم ترع لنا حقاً . .
فقال أبو بكر : بلى ، ولكني خشيت الفتنة . .
وكان للمهاجرين والأنصار يوم السقيفة خطب طويل ، ومجاذبة في الامامة ، وخرج سعد بن عبادة ولم يبايع ، فصار الى الشام ، فقتل هناك في سنة خمس عشرة ، وليس كتابنا هذا موضعاً لخبر مقتله . .
ولم يبايعه ـ أبا بكر ـ أحد من بني هاشم حتى ماتت فاطمة ( رضي الله عنها ) (23) .
وقال أحمد أمين : تمت البيعة في هذا المجلس لأبي بكر التيمي القرشي ، لم يكن علي حاضراً هذا الاجتماع لاشتغاله هو وأهل بيته في جهاز رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وأخذ العدة لدفنه ، فلما بلغه خبر البيع لأبي بكر لم يرض عنها ، وتكون أمر ثالث وهو أن تكون الخلافة في بيت النبي ، وأقرب الناس اليه ( صلى الله عليه وسلم ) عمه العباس بن عبد المطلب وابن عمه علي بن أبي طالب ، ولكن العباس لم يكن من السابقين الى الاسلام ، فقد حضر غزوة بدر مع المشركين ، ولم يسلم الا آخراً ، فأولى الناس من قرابة النبي علي بن أبي طالب ، وهو من أول الناس اسلاماً ، وزوج فاطمة بنت النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، وجهاده وفضله وعلمه لا ينكر ، وحجة أصحاب هذا الرأي ان أقرب الناس الى النبي أولى أن يخلفوه ، وان بيت بني هاشم خير من بيت أبي بكر ، فالقرب للأولين أطوع ، وان المهاجرين احتجوا على الأنصار بأنهم قوم النبي وعشيرته فآل النبي وأقربهم اليه أولى ، كما جاء في ( نهج البلاغة ) أن علياً سأل عما حدث في سقيفة بني ساعدة ، فقال : فماذا قالت قريش ؟ .
قالوا : احتجت بأنها شجرة الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) . .
فقال علي : « احتجوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة » . .
يريد أن المهاجرين احتجوا بأنهم من شجرة النبي ، فأولى بالاحتجاج من يجمعهم والنبي أنهم من ثمرة قريش ، وهم قرابته ، وسواء صح هذا القول عن علي أم لم يصح فهو تعبير صادق عما في نفسه . ودعا الى هذا الرأي علي ، وأيده بعض بني هاشم ، وأيده الزبير بن العوام ، وعطف عليه بعض الأنصار لما كان موقفهم وموقف علي سواء في ضياع الأمر من أيديهم ، ولم يبايع علي أبا بكر الا بعد لأي (24) .
هذه بعض المقتطفات مما نقله المؤرخون حول موضوع الخلافة وموقف أهل البيت منها ولا يخلو كتاب يؤرخ تلك الفترة أو ينقل الأحاديث عن الخلافة من الاشارة الى هذا الموضوع . .
وما يهمنا الآن الاشارة اليه التأكيد على أن أهل البيت كانوا يعتقدون بأحقيّة علي بالخلافة بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وإن ما حصل من بيعة أبي بكر كان أشبه بالانقلاب على علي . .
1 ـ قال الامام علي ( عليه السلام ) في خطبة له بعد انصرافه من صفين :
« لا يقاس بآل محمد ( صلى الله عليه وآله ) من هذه الأمة أحد ، ولا يسوى بهم من جرت نعمتهم عليه أبداً : هم أساس الدين ، وعماد اليقين . اليهم يفيء الغالي ، وبهم يلحق التالي ، ولهم خصائص حق الولاية ، وفيهم الوصية والوراثة ، الآن اذا رجع الحق الى أهله ، ونقل الى منتقله » (25) .
وقد أثبت هذه الخطبه الشريف الرضي في ( نهج البلاغة ) ، كما ذكرها محمد بن طلحة الشافعي في الجزء الأول من ( مطالب السؤل ) ، ونقل بعض المقاطع من هذه الفقرات الآمدي في ( غرر الحكم ) ، كما روى الطبري في ( المسترشد ) قوله ( عليه السلام ) : « لهم خصائص حق الولاية والوراثة » (26) .
وواضح من خلال هذه الكلمات تمسك علي ( عليه السلام ) في الخلافة بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فمن حيث الأفضلية لا يعدل أهل البيت أحد ، كما أن كفاءات الإمرة والولاية تتوفر فيهم فقط ، ووصية رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فيهم وهم ورثته ، وأخيراً فإن علياً بعد أن بويع بالخلافة يرى أن الحق رجع الى أهله . . .
2 ـ وفي خطبته المعروفة بـ « الشقشقيّة » يقول ( عليه السلام ) :
« أما والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة ، وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى ، ينحدر عني السيل ، ولا يرقى اليّ الطير ، فسدلت دونها ثوباً ، وطويت عنها كشحاً ، وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جّذاء ، أو أصبر على طخية عمياء ، يهرم فيها الكبير ، ويشيب فيها الصغير ، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه ، فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى ، فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شجاً ، أرى تراثي نهبا » (27) .
وهذه الخطبة من خطبه المشهورات حتى قال المفيد ( رحمه الله ) : هي أشهر من أن ندل عليها لشهرتها وقد روتها العامة والخاصة ، وشرحوها ، وضبطوا ألفاظها من دون غمز في متنها ولا طعن في أسانيدها . فهناك أكثر من 17 مصدراً معتمداً نقل هذه الخطبة غير الشريف الرضي في ( نهج البلاغة ) ، وبعضهم قبل الشريف الرضي ، والآخرون بطرق وأسانيد غير طرقه وأسانيده (28) .
وهذه الخطبة تحكي بصراحة عن رأي الامام علي ( عليه السلام ) وموقفه من الخلافة ، فهو الأجدر بها ، والذين تولوا الخلافة يعلمون ذلك ، وقد جعلته الظروف يعدل عن المواجهة لهم ، فصبر مضطراً غير راض عمن نهبوا تراثه . .
3 ـ وقال ( عليه السلام ) في خطبة له : « فوالله مازلت مدفوعاً عن حقي ، مستأثراً عليّ منذ قبض الله نبيه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حتى يوم الناس هذا » (29) .
وقد استفاضت هذه الخطبة عنه ( عليه السلام ) ورواها المؤرخون واستشهد بها اللغويون قبل الرضي وبعده كالطبري في ( تاريخه ) ، وابن سلام في ( غريب الحديث ) ، والجوهري في ( الصحاح ) ، وغيرهم (30) .
4 ـ وفي خطبة أخرى يقول ( عليه السلام ) : « حتى اذا قبض الله رسوله رجع قوم على الأعقاب ، وغالتهم السبل ، واتكلوا على الولائج ، ووصلوا غير الرحم ، وهجروا السبب الذي اُمروا بمودته ، ونقلوا البناء عن رصّ أساسه ، فبنوه في غير موضعه » (31) .
وقد روى الطبري فقرات من أواخر هذه الخطبة في المسترشد / ص 74 (32) .
5 ـ ومن كلام له ( عليه السلام ) لبعض أصحابه وقد سأله : كيف دفعكم قومكم عن هذا المقام وأنتم أحق به ؟ فمما أجابه :
« أما الاستبداد علينا بهذا المقام ، ونحن الأعلون نسباً ، والأشدون بالرسول ( صلى الله عليه وآله ) نوطاً ، فانها كانت اثرة شحت عليها نفوس قوم ، وسخت عنها نفوس آخرين ، والحكم لله والمعول اليه يوم القيامة » (33) .
هذه بعض النماذج من كلمات الامام علي ( عليه السلام ) وغيرها كثير مما يؤكد اعتقاد علي ( عليه السلام ) بأحقيته بالخلافة وأنها اغتصبت منه ، وقد جمع الدكتور سعيد السامرائي من ( نهج البلاغة ) ما يؤيد هذا الموقف ضمن كتابه الجميل ( حجج النهج ) وطبع سنة 1987 م في بيروت في 450 صفحة . .
وكذلك كان رأي فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) وقد أعلنت موقفها واضحاً أمام الخليفة أبي بكر وأمام نساء المهاجرين والأنصار ففي خطبتها المشهورة في المسجد ، قالت ( عليها السلام ) : « وإطاعتنا نظاماً للملة ، وإمامتنا أماناً للفرقة » (34) .
كما تحدثت في خطبتها بإسهاب عن تفسيرها للتطورات التي حصلت بعد وفاة أبيها وأنها انحراف ومؤامرة على حق أهل البيت كقولها ( عليها السلام ) : « فلما اختار الله لنبيه دار أنبيائه ومأوى أصفيائه ظهر فيكم حسكة النفاق . . . . فوسمتم غير ابلكم وأوردتم غير شربكم ، هذا والعهد قريب والكلم رحيب والجرح لما يندمل ، والرسول لما يقبر ، ابتداراً زعمتم خوف الفتنة ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين » (35) .
ودافعت عن حق علي في الخلافة امام نساء المهاجرين والأنصار اللاتي جئن لعيادتها وزيارتها ، ومما قالته لهن :
« أنى زحزحوها عن رواسي الرسالة ، وقواعد النبوة والدلالة ، ومهبط الروح الأمين والطيبين بأمور الدنيا والدين ؟ ألا ذلك هو الخسران المبين ، وما الذي نقموا من أبي الحسن ؟ نقموا منه والله نكير سيفه ، وقلة مبالاته بحتفه ، وشدة وطأته ، ونكال وقعته ، وتنمره في ذات الله ( عز وجل ) » (36) .
وتشير بعض الروايات إلى أن فاطمة برفقة بعلها علي وابنيها الحسنين كانت تدور على بيوت ومجالس المهاجرين والأنصار تدعوهم الى الالتفات حول قيادة الامام علي ( عليه السلام ) ، وقد جاءت تلك الروايات في العديد من المصادر . .
يقول ابن قتيبة الدينوري المتوفي سنة ( 276 هـ ) : وخرج علي ( كرم الله وجهه ) يحمل فاطمة بنت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) على دابة ليلاً في مجالس الأنصار تسألهم النصرة ، فكانوا يقولون : يا بنت رسول الله ، قد مضت بيعتنا لهذا الرجل ، ولو أن زوجك وابن عمك سبق الينا قبل أبي بكر ، ما عدلنا به . .
فيقول علي ( كرم الله وجهه ) : أفكنت أدع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في بيته لم أدفنه ، وأخرج أنازع الناس سلطانه ؟ . .
فقالت فاطمة : ما صنع أبو الحسن الا ما كان ينبغي له ولقد صنعوا ما الله حسيبهم وطالبهم (37) .
ولثبوت هذا الأمر وشهرته فقد عير به معاوية الامام علي ( عليه السلام ) في احدى رسائله اليه بقوله : وأعهدك أمس تحمل قعيدة بيتك ليلاً على حمار ، ويداك في يدي ابنيك حسن وحسين يوم بويع أبو بكر ، فلم تدع أحداً من أهل بدر والسوابق الا دعوتهم الى نفسك ، ومشيت اليهم بإمرأتك ، وأدليت اليهم بابنيك . . . (38) .
هذه اللوعة والألم الذي يعتلج في نفس علي وفاطمة حول قضية الخلافة لابد وأنه ينعكس على نفوس أبنائهما ، ويحدثنا التاريخ أن الحسن بن علي على صغر سنه حيث كان في السابعة من العمر ، انطلق الى مسجد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فرأى أبا بكر على منبر رسول الله يخطب الناس فإلتاع ووجه اليه لاذع النقد قائلاً له :
« أنزل . . انزل عن منبر أبي ، واذهب الى منبر أبيك » ! ! .
فأجابه أبو بكر : « صدقت والله ، إنه لمنبر أبيك لا منبر أبي » (39) .
بالطبع ليس بحث مسألة الخلافة من مهمات هذا الكتاب ولكننا أردنا تسليط الأضواء على الأجواء التي عاشتها السيدة زينب ( عليها السلام ) ضمن عائلتها بعد وفاة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . .
القضية الثانية : مصادرة فدك : وهي « قرية بالحجاز بينها وبين المدينة يومان ، وقيل ثلاثة » كما يقول الحموي في ( معجم البلدان ) . . وكان يسكنها اليهود فاستسلموا بعد واقعة خيبر لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) دون قتال .
ومقتضى الرواية التي يذكرها الجوهري في ( السقيفة وفدك ) أنها كانت تقدر بـ ( 100000 مائة ألف درهم ) ، ويقول الحموي عنها : وفيها عين فوارة ونخيل كثيرة . .
ولأنها لم يسبقها حرب ولا قتال فهي فيء وملك خاص لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حسب مفاد الآية الكريمة : (وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (40) .
فباتفاق المسلمين هي ملك خاص للنبي وقد وهبها وأنحلها لابنته فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ، ويبدو أنها كانت تحت سلطتها كما يقول الامام علي : « بلى كانت في أيدينا فدك من كل ما أظلته السماء فشحت عليها نفوس قوم وسخت عنها نفوس قوم آخرين » (41) .
لكن الخليفة أبا بكر رأى أن يصادر فدك من فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) باعتبار أن النبي لا يورث كما ينقل هو أنه سمع ذلك من النبي ، ولم يقبل قول الزهراء أن أباها وهبها أياها كما رفض شهادة علي بذلك لفاطمة وشهادة أم أيمن الصحابية الجليلية ! ! (42) .
وقد جاء انتزاع فدك من فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) في الأيام الأولى لمصيبتها بأبيها ومواكباً لتنحية علي عن حقه الشرعي في خلافة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فأحدث ذلك أثراً كبيراً في نفس فاطمة دفعها لإعلان معارضتها للخليفة والاحتجاج عليه أمام المسلمين في خطبتها المشهورة ، كقولها :
« وأنتم الآن تزعمون أن لا إرث لنا ! أفحكم الجاهلية يبغون ؟ ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ؟ أفلا تعلمون ؟ بلى قد تجلى لكم كالشمس الضاحية إني ابنته أيها المسلمون ! أغلب على إرثيه . . .
ياابن أبي قحافة ! أفي كتاب الله أن ترث أباك ولا أرث أبي ؟ لقد جئت شيئاً فريّاً ! أفعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم إذ يقول : (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ) (43) .
وقال فيما اقتص من خبر زكريا اذ قال : (يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا) (44) .
وقال : (وَالَّذِينَ آمَنُوا مِن بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَٰئِكَ مِنكُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (45) .
وقال : ( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الانثيين ) (46) .
وقال : (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) (47) .
وزعمتم أن لا حظوة لي ولا أرث من أبي ! أفخصكم الله بآية أخرج أبي منها ؟ أم تقولون : إن أهل ملتين لا يتوارثان ؟ أو لست أنا وأبي من أهل ملة واحدة ؟ أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمي ؟ . . .
إيها بني قيلة ! أأهضم تراث أبي ؟ وأنتم بمرأى مني ومسمع ؟ (48) .
وهكذا ظللت بيت زينب غيوم وهموم ثقيلة سلبت من عائلتها حالة السرور والسعادة والهناء وجعلتهم يعيشون أفظع المآسي وأشد الآلام ، فقد فقدوا زعيمهم وأباهم الحنون رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كما زوي عنهم حقهم السياسي في القيادة والخلافة ، واضافة الى ذلك صودرت أهم ممتلكاتهم المالية فدك ! ! .
وافتقدت أمها الزهراء عليها السلام
بعد حوالي ( 75 يوماً ) عاشتها فاطمة الزهراء في وضع مأساوي يصعب تصويره ، وكانت زينب هي الأقرب لأمها ، والمشاركة لها في آلامها وأحزانها ، خاصة وأنها تلحظ تدهور صحة أمها الزهراء وازدياد توجعها . . .
وفي اليوم الأخير من حياتها تحاملت الزهراء على مرضها وقاومت أوجاعها لتقوم بخدمة وداعية حانية لئطفالها الذين سيصبحون يتامى بعدها . . فقد قامت الزهراء تتكئ على جدار المنزل ودعت اطفالها الأربعة الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم لتغسل أجسامهم ورؤوسهم بالماء والطين ، وهي تملأ عينيها نظراً الى أجسامهم النحيفة ، وتذرف من أعماق قلبها دموع الحزن على فراقهم ، وفوجئ علي ( عليه السلام ) حينما أقبل ورأى فاطمة وقد غادرت فراش مرضها ، وكاد أن يمتلكه الفرح والسرور لأن فاطمة استعادت صحتها وعافيتها ، لكنه رآها كزهرة يكتنفها الذبول ولاحظها تستعين بالجدار لتواصل خطواتها البطيئة ، فسألها عن سبب اجهاد نفسها بغسل الأولاد ، فأجابته بصوتها الخافت :
« لأن هذا اليوم آخر يوم من أيام حياتي ، قمت لأغسل رؤوس أطفالي وثيابهم لأنهم سيصبحون يتامى بلا أم » (49) .
وعادت الزهراء ( عليها السلام ) الى فراشها لتبث لبعلها وزوجها الغالي العزيز همومها ووصاياها . .
وكان مستقبل أولادها احدى القضايا التي ركزت عليها في وصيتها له حيث قالت :
« يا ابن عم : أوصيك أن تتزوج بعدي بابنة أختي اُمامة فإنها تكون لولدي مثلي ، فإن الرجال لابد لهم من النساء ، وإن أنت تزوجت امرأة أجعل لها يوماً وليلة واجعل لأولادي يوماً وليلة » (50) .
وعند اقتراب الأجل أرادت الزهراء أن تبعد ابنتيها زينب وأم كلثوم عن مشاهدة تلك اللحظات الأليمة حيث الموت ومفارقة الحياة فأرسلتهما الى بيوت بعض الهاشميات ـ كما تشير احدى الروايات ـ (51) بينما كان الحسنان مع أبيهما خارج المنزل . .
وما عادت زينب وأختها أم كلثوم الى المنزل الا وقد انطفأ منه ذلك النور ، وذبلت فيه تلك الزهرة الندية ، وخمدت تلك الشعلة المتقدة بالعاطفة والحنان ، لم تعد زينب تسمع صوت أمها الرقيق ولا تنعم بابتسامتها المشرقة ، انها قد التحقت روحها بالرفيق الأعلى لترتاح من عناء هذه الدنيا وظلم أهلها ، أما جسدها النحيف الضعيف فباتجاه القبلة على الفراش وقد أسبلت يديها ورجليها وأغمضت عينها . .
يا لها من لحظات أليمة مرت على العقيلة زينب واخوتها . . ولكنه أمر الله ، وهم على صغر سنهم ـ أي أطفال فاطمة ـ يعون هذه الحقيقية فيؤلمهم الفراق لكنهم يسلمون أمرهم الى الله ويرددون في ثقة ويقين ( إنا لله وإنا إليه راجعون ) (52) .
وفي ظلام الليل قام علي ( عليه السلام ) بتغسيل فاطمة ثم أدرجها في أكفانها بمنظر من زينب واخوتها ، تقول الرواية : « فغسّلها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ولم يحضرها غيره والحسن والحسين وزينب وأم كلثوم وفضة جاريتها وأسماء بنت عميس » (53) .
وحانت ساعة الوداع الأخيرة ، فلابد وأن يعطي علي ( عليه السلام ) الفرصة لأبنائه ليلقوا آخر نظرة على محيا أمهم الزهراء . .

يقول السيد القزويني :

رأى الامام أن يتامى فاطمة ينظرون الى امهم البارة الحانية ، وهي تلف في أثواب الكفن ، إنها لحظة فريدة في الحياة ، لا يستطيع القلم وصفها ، إنها لحظة يهيج فيها الشوق الممزوج بالحزن ، إنه الوداع الأخير الأخير ! ! .
هاجت عواطف الأب العطوف على أطفاله المنكسرة قلوبهم ، فلم يعقد الخيوط على الكفن ، بل نادى بصوت مختنق بالبكاء :
ـ يا حسن يا حسين يا زينب يا أم كلثوم هلموا وتزودوا من أمكم ، فهذا الفراق واللقاء في الجنة ! ! .
كان الأطفال ينتظرون هذه الفرصة وهذا السماح لهم كي يودعوا تلك الحوراء ، ويعبرون عن آلامهم وأصواتهم ودموعهم المكبوتة المحبوسة ، وأقبلوا مسرعين وجعلوا يتساقطون على ذلك الجثمان الطاهر كما يتساقط الفراش على السراج . .
كانوا يبكون بأصوات خافتة ، ويغسلون كفن أمهم الحانية بالدموع فتجففها
الآهات والزفرات ، كان المنظر مشجياً مثيراً للحزن ، فالقلوب ملتهبة ، والأحاسيس مشتعلة ، والعواطف هائجة والأحزان ثائرة (54) .
وقد روى صاحب ( ناسخ التواريخ ) في كتابه : ان زينب أقبلت عند وفاة أمها وهي تجر رداءها وتنادي : يا أبتاه يا رسول الله الآن عرفنا الحرمان من النظر اليك .
وروى هذه الرواية صاحب ( البحار ) عن ( الروضة ) بهذا اللفظ : وخرجت أم كلثوم وعليها برقعة تجر ذيلها متجلببة برداء عليها تسحبها ، وهي تقول : يا أبتاه يا رسول الله الآن حقاً فقدناك فقداً لا لقاء بعده أبداً .
وأم كلثوم هذه هي زينب ( عليها السلام ) من غير شك كما صرح بإسمها في رواية صاحب ( ناسخ التواريخ ) ، ولكونها أكبر بنات فاطمة ( عليها السلام ) (55) .

سيدة العائلة

وبعد رحيل أمها الزهراء الى عالم الخلود ، أصبحت السيدة زينب على صغر سنها سيدة المنزل وربة البيت ، ترعى شؤون أبيها واخوتها تماماً كما كانت أمها الزهراء تملأ فراغ اُمها خديجة بنت خويلد بالنسبة لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حتى سميت أم أبيها .
وقد أشار العديد من الكتّاب والباحثين الى تحمل السيدة زينب لأعباء المنزل والعائلة بعد وفاة أمها الزهراء ( عليها السلام ) .
يقول الأستاذ محمود يوسف : وقدّر للسيدة زينب أن تفقد جدها ( صلى الله عليه وسلم ) وهي في الخامسة من العمر ، وفقدت أمها الزهراء بعد ذلك بشهور قلائل فحزنت وهي الصبية الصغيرة عليهما حزناً شديداً ، وواجهت حياة البيت ورعته وأدارت شؤونه بعقلية رتيبة واعية ، وحس صادق وقلب مؤمن (56) .
ويقول السيد بحر العلوم : وتحملت عقيلة بني هاشم مسؤولية بيت علي وعاشت في خضم المشاكل والأحداث ، ويكاد هذا البيت ينفجر من الأحداث ، فالأقدار تتواثب عليه ، والنوائب تصليه . . . وقلب زينب أخذ يتسع لكل هذه وأكثر منها ، ولا غرابة فهي أبنة علي . . (57) .
وتقول السيدة عائشة بنت الشاطيء : وإذا استطعنا أن نتناسى الى حين أحزان تلك الصبية التي روّع عامها الخامس بشهود مأساة الموت مرتين ، في أعز الناس لديها وأحبهم اليها ، اذا استطعنا أن نكف لحظة عن التحديق في تلك الظلال التي حامت على مهدها ، والأحزان التي أرهقت صباها ، ألفينا جانباً آخر من الصورة مشرقاً ، حيث تبدو « زينب » في بيت أبيها ذات مكانة أكبر من سنها : أنضجتها الأحداث ، وهيأتها لأن تشغل مكان الراحلة الكريمة ، فتكون للحسن والحسين وأم كلثوم ، أُماً لا تعوزها عاطفة الأمومة بكل ما فيها من حنو وايثار ، وإن أعوزتها التجربة والاختبار (58) .
المصادر :
1- سورة الإنسان ، الآيات ( 7 ـ 9 ) .
2- ( التفسير الكاشف ) محمد جواد مغنية ج 7 ، ص 483 .
3- ( الغدير ) عبد الحسين الأميني ج 3 ، ص 107 ـ 111 .
4- ( الزهراء من المهد الى اللحد ) القزويني ص 279 .
5- ( الزهراء من المهد الى اللحد ) القزويني ص 188 ـ 213 .
6- ( مع بطلة كربلاء ) محمد جواد مغنية ص 25 .
7- ( الطفل بين الوراثة والتربية ) محمد تقي فلسفي ج 2 ، ص 70 .
8- ( فاطمة الزهراء من المهد الى اللحد ) القزويني ص 212 .
9- المصدر السابق ص 609 .
10- ( الرسول القائد ) محمود شيت خطاب ص 431 .
11- ( أعيان الشيعة السيد محسن الأمين ) ج 1 ، ص 307 .
12- ( بحار الأنوار ) المجلسي ج 10 ، ص 58 .
13- ( مع بطلة كربلاء ) محمد جواد مغنية ص 22 .
14- ( حياة الإمام الحسن ) باقر شريف القرشي ج 1 ، ص 133 .
15- المصدر السابق ، ص 134 .
16- المصدر السابق ، ص 136 .
17- ( حياة الإمام الحسين ) باقر شريف القرشي ج 1 ، ص 221 .
18- ( نهج البلاغة ) الإمام علي ، قصار الحكم ، رقم : 292 .
19- المصدر السابق ، الخطبة رقم : 235.
20- ( أعيان الشيعة ) السيد محسن الأمين ج 1 ، ص 319 .
21- ( تاريخ الاسلام ) الحافظ الذهبي « السيرة النبوية » ص 562 .
22- ( الكامل في التاريخ ) ابن الأثير ج 2 ، ص 325 .
23- ( مروج الذهب ) المسعودي ج 2 ، ص 301 .
24- ( فجر الاسلام ) أحمد أمين ص 253 .
25- ( نهج البلاغة ) الإمام علي ، الخطبة رقم : 2 .
26- ( مصادر نهج البلاغة وأسانيده ) عبد الزهرة الخطيب ج 1 ، ص 302 .
27- ( نهج البلاغة ) الإمام علي ، الخطبة رقم : 2 .
28- ( مصادر نهج البلاغة وأسانيده ) عبد الزهرة الخطيب ج 1 ، ص 302 .
29- ( نهج البلاغة ) الإمام علي ، الخطبة رقم : 3 .
30- ( مصادر نهج البلاغة وأسانيده ) عبد الزهراء الخطيب ج 1 ، ص 309 .
31- ( نهج البلاغة ) الإمام علي ، الخطبة رقم : 6 .
32- ( مصادر نهج البلاغة وأسانيده ) عبد الزهرة الخطيب ج 1 ، ص 331 .
33- ( نهج البلاغة ) الإمام علي ، الخطبة رقم : 150 .
34- ( مصادر نهج البلاغة وأسانيده ) عبد الزهراء الخطيب ج 2 ، ص 337 .
35- ( نهج البلاغة ) الإمام علي ، الخطبة رقم : 163 .
36- ( فاطمة الزهراء من المهد إلى اللحد ) القزويني ص 387 . 431 .525
37- ( تاريخ الخلفاء « الإمامة والسياسة » ) ابن قتيبة ص 12 .
38- ( فاطمة الزهراء من المهد الى اللحد ) القزويني ص 581 .
39- ( حياة الإمام الحسن ) القرشي ج 1 ، ص 164 ، ونقلها عن عدة مصادر .
40- سورة الحشر ، الآية ( 6 ) .
41- ( نهج البلاغة ) الإمام علي ، الكتاب رقم : 45 .
42- ( فاطمة الزهراء أم أبيها ) فاضل الميلاني ص 144 .
43- سورة النمل ، الآية ( 16 ) .
44- سورة مريم ، الآية (6 ) .
45- سورة الأنفال ، الآية ( 75 ) .
46- سورة النساء ، الآية ( 11 ) .
47- سورة البقرة ، الآية ( 180 ) .
48- ( فاطمة الزهراء من المهد الى اللحد ) القزويني ص 447 .
49- ( فاطمة الزهراء من المهد الى اللحد ) القزويني ص 607 .
50- المصدر السابق ، ص 610 .
51- المصدر السابق ، ص 616 .
52- سورة البقرة ، الآية ( 156 ) .
53- ( بحار الأنوار ) المجلسي ج 43 ، ص 171 .
54- ( فاطمة الزهراء من المهد الى اللحد ) القزويني ص 624
55- ( زينب الكبرى ) جعفر النقدي ص 18 .
56- مجلة ( الموسم ) نقلاً عن جريدة ( الجمهورية ) المصرية 31 / 10 / 1972 م .
57- ( في رحاب السيدة زينب ) محمد بحر العلوم ص 24 .
58- ( السيدة زينب ) عائشة بنت الشاطيء ص 42 .

 


source : راسخون
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

ولادة الإمام السجاد ( عليه السلام )
معنويات الصلاة
الملل والنحل
في مدح الخمول و الاعتزال
زيارة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام
الفرق بین الرسول و النبی و المُحدِّث
الأحزان أسقام القلوب
دور الإمام العسكري بالإعداد لعصر الغيبة
سيرة الإمام الهادي عليه السلام
برکة وجود علی علیه السلام

 
user comment