عربي
Friday 24th of May 2024
0
نفر 0

الجهاد مع علي عليه السلام افضل تجارة

الجهاد مع علي عليه السلام افضل تجارة

قال عمر بن سعد ، عن عبد الرحيم بن عبد الرحمن ، عن أبيه أن عليا أمير المؤمنين حرض الناس فقال : إن الله عز وجل قد دلكم على تجارة تنجيكم من العذاب ، وتشفي بكم على الخيرإيمان بالله ورسوله ، وجهاد في سبيله ؛ وجعل ثوابه مغفرة الذنوب ، ومساكن طيبة في جنات عدن ، ورضوان من الله أكبر ، فأخبركم بالذي يحب فقال : ( إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ). فسووا صفوفكم كالبنيان المرصوص ، وقدموا الدارع ، وأخروا الحاسر ، وعضوا على الأضراس ؛ فإنه أنبى للسيوف عن الهام ، وأربط للجأش ، وأسكن للقلوب. وأميتوا الأصوات ؛ فإنه أطرد للفشل ، وأولى بالوقار.
والتووا في أطراف الرماح ؛ فإنه أمور للأسنة. وراياتكم فلا تميلوها ولا تزيلوها ، ولا تجعلوها إلا في أيدي شجعانكم المانعي الذمار ، والصبر عند نزول الحقائق ، أهل الحفاظ ، الذين يحفون براياتكم ويكتنفونها ، يضربون خلفها وأمامها ، ولا تضيعوها أجزأ كل امرئ منكم ـ رحمه الله ـ وقذ قرنه ، وواسى أخاه بنفسه ، ولم يكل قرنه إلى أخيه ، فيجتمع عليه قرنه وقرن أخيه ، فيكتسب بذلك لأئمة ، ويأتي به دناءة. وأني هذا ، وكيف يكون هكذا؟! هذا يقاتل اثنين وهذا ممسك يده ، قد خلى قرنه على أخيه هاربا منه ، وقائما ينظر إليه.
من يفعل هذا يمقته الله. فلا تعرضوا لمقت الله ؛ فإنما مردكم إلى الله. قال الله لقوم : ( قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تمتعون إلا قليلا ). وايم الله لئن فررتم من سيف العاجلة لا تسلمون من سيف الآخرة. استعينوا بالصدق والصبر ؛ فإنه بعد الصبر ينزل النصر.
نصر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن الشعبي ، عن مالك بن قدامة الأرحبي قال : قام سعيد بن قيس يخطب أصحابه بقناصرين فقال : « الحمد لله الذي هدانا لدينه ، وأورثنا كتابه ، وامتن علينا بنبيه صلى الله عليه فجعله رحمة للعالمين ، وسيدا للمسلمين ، وقائدا للمؤمنين ، وخاتم النبيين ، وحجة الله العظيم على الماضين والغابرين. وصلوات الله عليه ورحمة الله وبركاته. ثم كان مما قضى الله وقدره ـ والحمد لله على ما أحببنا وكرهنا ـ أن ضمنا وعدونا بقناصرين ، فلا يحمد بنا اليوم الحياص
وليس هذا بأوان انصراف ، ولات حين مناص. وقد اختصنا الله منه بنعمة فلا نستطيع أداء شكرها ، ولا نقدر قدرها : أن أصحاب محمد المصطفين الأخيار معنا ، وفي حيزنا. فوالله الذي هو بالعباد بصير أن لو كان قائدنا حبشيا مجدعا إلا أن معنا من البدريين سبعين رجلا (1)
لكان ينبغي لنا أن تحسن بصائرنا وتطيب أنفسنا. فكيف وإنما رئيسنا ابن عم نبينا ، بدري صدق ، صلى صغيرا ، وجاهد مع نبيكم كبيرا. ومعاوية طليق من وثاق الإسار ، وابن طليق. ألا إنه أغوى جفاة فأوردهم النار ، وأورثهم العار ، والله محل بهم الذل والصغار. ألا إنكم ستلقون عدوكم غدا ، فعليكم بتقوى الله والجد والحزم ، والصدق والصبر ؛ فإن الله مع الصابرين. ألا إنكم تفوزون بقتلهم ويشقون بقتلكم. والله لا يقتل رجل منكم رجلا منهم إلا أدخل الله القاتل جنات عدن ، وأدخل المقتول نارا تلظى ، ( لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون ). عصمنا الله وإياكم بما عصم به أولياءه ، وجعلنا وإياكم ممن أطاعه واتقاه ، وأستغفر الله لنا ولكم وللمؤمنين.
ثم قال الشعبي : لعمري لقد صدق بفعله ، وبما قاله في خطبته.
نصر : عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر وزيد بن حسن قالا : طلب معاوية إلى عمرو بن العاص أن يسوى صفوف أهل الشام ، فقال له عمرو : على أن لي حكمي إن قتل الله ابن أبي طالب ، واستوسقت لك البلاد. قال : أليس حكمك في مصر؟ قال : وهل مصر تكون عوضا عن الجنة ، وقتل ابن أبي طالب ثمنا لعذاب النار الذي لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون؟ فقال معاوية : إن لك حكمك أبا عبد الله إن قتل ابن أبي طالب. رويدا لا يسمع الناس كلامك. فقال لهم عمرو : « يا معشر أهل الشام ، سووا صفوفكم ، وأعيروا ربكم جماجمكم ، واستعينوا بالله إلهكم ، وجاهدوا عدو الله وعدوكم ، واقتلوهم قتلهم الله وأبادهم ، ( واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين ) ».
نصر. عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن الفضل بن أدهم قال : حدثني أبي أن الأشتر قام يخطب الناس بقناصرين ، وهو يومئذ على فرس أدهم مثل حلك الغراب ، فقال :
الحمد لله الذي خلق السموات العلى ، ( الرحمن على العرش استوى. له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى ). أحمده على حسن البلاء ، وتظاهر النعماء ، حمدا كثيرا بكرة وأصيلا. من يهده الله فقد اهتدى ، ومن يظلل الله فقد غوى. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أرسله بالصواب والهدى ، وأظهره على الدين كله ولو كره المشركون. صلى الله عليه وسلم. ثم كان مما قضى الله وقدر أن ساقتنا المقادير إلى هذه البلدة من الأرض، ولف بيننا وبين عدونا ، فنحن بحمد الله ونعمته ومنه وفضله قريرة أعيننا ، طيبة أنفسنا ، ونرجو في قتالهم حسن الثواب ، والأمن من العقاب ، معنا ابن عم نبينا ، وسيف من سيوف الله ، علي بن أبي طالب ، صلى مع رسول الله صلى الله عليه ، لم يسبقه بالصلاة ذكر حتى كان شيخا ؛ لم يكن له صبوة ولا نبوة ولا هفوة. فقيه في دين الله ، عالم بحدود الله ، ذو رأي أصيل ، وصبر جميل ، وعفاف قديم. فاتقوا الله ، وعليكم بالحزم والجد ، واعلموا أنكم على الحق ، وأن القوم على الباطل يقاتلون مع معاوية ، وأنتم مع البدريين قريب من مائة بدري ، ومن سوى ذلك من أصحاب محمد صلى الله عليه ، أكثر ما معكم رايات قد كانت مع رسول الله صلى الله عليه ، ومع معاوية رايات قد كانت مع المشركين
على رسول الله صلى الله عليه. فما يشك في قتال هؤلاء إلا ميت القلب. فإنما أنتم على إحدى الحسنيين : إما الفتح ، وإما الشهادة. عصمنا الله وإياكم بما عصم به من أطاعة واتقاه ، وألهمنا وإياكم طاعته وتقواه. وأستغفر الله لي ولكم.
نصر : عمرو بن شمر ، عن جابر عن الشعبي ، عن صعصعة بن صوحان العبدي قال : سمعت زامل بن عمرو الجذامي يقول : طلب معاوية إلى ذي الكلاع أن يخطب الناس ويحرضهم على قتال علي ومن معه من أهل العراق ، فعقد فرسه ـ وكان من أعظم أصحاب معاوية خطرا ـ ثم قال :
الحمد لله حمدا كثيرا ، ناميا جزيلا ، واضحا منيرا ، بكرة وأصيلا. أحمده وأستعينه ، وأومن به وأتوكل عليه ، وكفى بالله وكيلا. ثم إني أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أرسله بالفرقان حين ظهرت المعاصي ودرست الطاعة ، وامتلأت الأرض جورا وضلالة ، واضطرمت الدنيا كلها نيرانا وفتنة ، وورك عدو الله إبليس على أن يكون قد عبد في أكنافها ، واستولى بجميع أهلها ، فكان الذي أطفأ الله به نيرانها ، ونزع به أوتادها وأوهى به قوى إبليس ، وآيسه مما كان قد طمع فيه من ظفره بهم ـ رسول الله محمد بن عبد الله ، صلى الله عليه ، فأظهره على الدين كله ولو كره المشركون.
ثم كان مما قضى الله أن ضم بيننا وبين أهل ديننا بصفين ، وإنا لنعلم أن فيهم قوما كانت لهم مع رسول الله صلى الله عليه سابقة ذات شأن وخطر ، ولكني ضربت الأمر ظهرا وبطنا فلم أر يسعني أن يهذر دم عثمان صهر رسول الله صلى الله عليه نبينا ، الذي جهز جيش العسرة ، وألحق في مسجد رسول الله بيتا وبنى سقاية ، وبايع له نبي الله صلى الله عليه بيده اليمني على اليسرى ، واختصه رسول الله بكريمتيه : أم كلثوم ورقية ، ابنتي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله . فإن كان أذنب ذنبا فقد أذنب من هو خير منه. وقد قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه : ( ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ). وقتل موسى نفسا ثم استغفر الله فغفر له ، ولم يعر أحد من الذنوب! وأنا لنعلم أنه قد كانت لابن أبي طالب سابقة حسنة مع رسول الله ، فإن لم يكن مالا على قتل عثمان فقد خذله ، وإنه لأخوه في دينه وابن عمه ، وسلفه ، وابن عمته.
ثم قد أقبلوا من عراقهم حتى نزلوا في شامكم وبلادكم ، وإنما عامتهم بين قاتل وخاذل. فاستعينوا بالله واصبروا ، فلقد ابتليتم أيتها الأمة والله. ولقد رأيت في منامي في ليلتي هذه ، لكأنا وأهل العراق اعتورنا مصحفا نضربه بسيوفنا ، ونحن في ذلك جميعا ننادي : « ويحكم الله ». ومع أنا والله ما نحن لنفارق العرصة حتى نموت. فعليكم بتقوى الله ، ولتكن النيات لله ؛ فإني سمعت عمر بن الخطاب يقول سمعت : رسول الله صلى الله عليه يقول : « إنما يبعث المقتتلون على النيات » (2)
أفرغ الله علينا وعليكم الصبر ، وأعزلنا ولكم النصر ، وكان لنا ولكم في كل أمر. وأستغفر الله لي ولكم.
نصر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن عامر ، عن صعصعة العبديعن أبرهة بن الصباح قال : قام يزيد بن أسد البجلي في أهل الشام يخطب الناس بصفين ، وعليه يومئذ قباء خز ، وعمامة سوداء ، آخذا بقائم سيفه ، واضعا نعل السيف على الأرض متوكئا عليه. قال صعصعة : فذكر لي أبرهة أنه كان يومئذ من أجمل العرب وأكرمه وأبلغه فقال :
« الحمد لله الواحد القهار ، ذي الطول والجلال ، العزيز الجبار ، الحليم الغفار ، الكبير المتعال ، ذي العطاء والفعال ، والسخاء والنوال ، والبهاء والجمال ، والمن والإفضال. مالك اليوم الذي لا ينفع فيه بيع ولا خلال أحمده على حسن البلاء ، وتظاهر النعماء ، وفي كل حالة من شدة أو رخاء. أحمده على نعمه التؤام ، وآلائه العظام ، حمدا قد استنار ، بالليل والنهار. ثم إني أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، كلمة النجاة في الحياة ، وعند الوفاة ، وفيها الخلاص ، يوم القصاص. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي المصطفى ، وإمام الهدى ، صلى الله عليه وسلم كثيرا. ثم قد كان مما قضى الله أن جمعنا وأهل ديننا في هذه الرقعة من الأرض ، والله يعلم أني كنت لذلك كارها ، ولكنهم لم يبلعونا ريقنا ، ولم يتركونا نرتاد لأنفسنا ، وننظر لمعادنا حتى نزلوا بين أظهرنا ، وفي حريمنا وبيضتنا. وقد علمنا أن في القوم أحلاما وطغاما ، فلسنا نأمن طغامهم على ذرارينا ونسائنا. وقد كنا نحب ألا نقاتل أهل ديننا ، فأخرجونا حتى صارت الأمور إلى أن قاتلتاهم كراهية فإنا لله وإنا إليه راجعون ، والحمد لله رب العالمين. أما والله الذي بعث محمدا بالرسالة لوددت أني مت منذ سنة ؛ ولكن الله إذا أراد أمرا لم يستطع العباد رده. فنستعين بالله العظيم ؛ وأستغفر الله لي ولكم ». ثم انكفأ.
قال نصر : وفي حديث عمر ، عن مالك بن أعين ، عن زيد بن وهب ، أن عمرو بن العاص قال يومئذ :
نصر : عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن الشعبي ، أن أول فارسين التقيا في هذا اليوم ـ وهو اليوم السابع من صفر ، وكان من الأيام العظيمة في صفين ، ذا أهوال شديدة ـ حجر الخير وحجر الشر. أما حجر الخير فهو حجر بن عدي صاحب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب. وحجر الشر ابن عمه. وذلك أن حجر الشر دعا حجر بن عدي إلى المبارزة ، وكلاهما من كندة ، فأجابه فاطعنا برمحيهما ، ثم حجز بينهما امرؤ من بني أسد ، وكان مع معاوية ، فضرب حجرا ضربة برمحه ، وحمل أصحاب علي فقتلوا الأسدي ، وأفلتهم حجر بن يزيد (3) حجر الشر هاربا ، وكان اسم الأسدي خزيمة بن ثابت.
نصر : عمرو بن شمر ، عن عطاء بن السائب قال : أخبرني مروان بن الحكم أن حجرا يوم قتل الحكم بن أزهر جعل يرتجز ويقول :
ثم إن رفاعة حمل على حجر الشر فقتله فقال علي : الحمد لله الذي قتل حجرا بالحكم بن أزهر.
نصر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن تميم ، أن عليا قال : من يذهب بهذا المصحف إلى هؤلاء القوم فيدعوهم إلى ما فيه؟ فأقبل فتى اسمه سعيد فقال : أنا صاحبه. ثم أعادها فسكت الناس وأقبل الفتى فقال : أنا صاحبه. فقال علي دونك. فقبضه بيده ثم أتى معاوية فقرأه عليهم ودعاهم إلى ما فيه فقتلوه. وزعم تميم أنه سعيد بن قيس.
نصر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر قال : سمعت الشعبي يقول : كان عبد الله بن بديل الخزاعي مع علي يومئذ ، وعليه سيفان ودرعان ، فجعل يضرب الناس بسيفه قدما
فلم يزل يحمل حتى انتهى إلى معاوية والذين بايعوه على الموت ، فأمرهم أن يصمدوا لعبد الله بن بديل ، وبعث إلى حبيب بن مسلمة الفهري وهو في الميسرة أن يحمل عليه بجميع من معه ، واختلط الناس واضطرم الفيلقان : ميمنة أهل العراق ، وميسرة أهل الشام. وأقبل عبد الله بن بديل يضرب الناس بسيفه قدما حتى أزال معاوية عن موقفه ، وجعل ينادي : يا لثارات عثمان! ـ يعني أخا كان له قد قتل ـ وظن معاوية وأصحابه أنه إنما يعني عثمان بن عفان.
وتراجع معاوية عن مكانه القهقري كثيرا ، وأشفق على نفسه ، وأرسل إلى حبيب بن مسلمة مرة ثانية وثالثة يستنجده ويستصرخه. ويحمل حبيب حملة شديدة بميسرة معاوية على ميمنة العراق فكشفها ، حتى لم يبق مع ابن بديل إلا نحو مائة إنسان من القراء ، فاستند بعضهم إلى بعض يحمون أنفسهم ، ولجج ابن بديل في الناس وصمم على قتل معاوية ، وجعل يطلب موقفه ويصمد نحوه حتى انتهى إليه عبد الله بن عامر واقفا ، فنادى معاوية بالناس : ويلكم! الصخر والحجارة إذا عجزتم عن السلاح . فأقبل أصحاب معاوية على عبد الله بن بديل يرضخونه بالصخر حتى أثخنوه وقتل الرجل ، وأقبل إليه معاوية وعبد الله بن عامر حتى وقفا عليه . فأما عبد الله ابن عامر فألقى عمامته على وجهه وترحم عليه ، وكان له من قبل أخا وصديقا ، فقال معاوية : اكشف عن وجهه. فقال : لا والله ، لا يمثل به وفي روح. فقال معاوية : اكشف عن وجهه ، فإنا لا نمثل به ، فقد وهبته لك .
فكشف ابن عامر عن وجهه فقال معاوية : هذا كبش القوم ورب الكعبة اللهم أظفرني بالأشتر النخعي والأشعث الكندي.
مع أن نساء خزاعة لو قدرت على أن تقاتلني فضلا عن رجالها فعلت. نصر : عمرو ، عن أبي روق الهمداني أن يزيد بن قيس الأرحبي حرض الناس بصفين. قال : فقال :
« إن المسلم السليم من سلم دينه ورأيه. إن هؤلاء القوم والله ما إن يقاتلونا على إقامة دين رأونا ضيعناه ، ولا إحياء عدل رأونا أمتناه ، ولا يقاتلونا إلا على إقامة الدنيا ؛ ليكونوا جبابرة فيها ملوكا ، فلو ظهروا عليكم ـ لا أراهم الله ظهورا ولا سرورا ـ إذا ألزموكم مثل سعيد والوليد وعبد الله بن عامر السفيه ، يحدث أحدهم في مجلسه بذيت وذيت ، ويأخذ مال الله ويقول : هذا لي ولا إثم علي فيه ، كأنما أعطى تراثه من أبيه ، وإنما هو مال الله أفاءه الله علينا بأسيافنا ورماحنا. قاتلوا ، عباد الله ، القوم الظالمين ، الحاكمين بغير ما أنزل الله ، ولا تأخذكم في جهادهم لومة لائم ، إنهم إن يظهروا عليكم يفسدوا دينكم ودنيا كم ، وهم من قد عرفتم وجربتم. والله ما أرادوا إلى هذا إلا شرا. وأستغفر الله العظيم لي ولكم ».
فقاتلهم عبد الله بن بديل في الميمنة حتى انتهى إلى معاوية مع الذين بايعوه على الموت. فأقبلوا إلى معاوية فأمرهم أن يصمدوا لعبد الله بن بديل في الميمنة ، وبعث معاوية إلى حبيب بن مسلمة في الميسرة ، فحمل بمن كان معه على ميمنة الناس فهزمهم ، وكشف أهل العراق ميلا من قبل الميمنة ، حتى لم يبق مع ابن بديل إلا نحو مائة من القراء ، واستند بعضهم إلى بعض ، وانجفل الناس عليهم ، فأمر على سهل بن حنيف فاستقدم فيمن كان مع علي من أهل المدينة ، فاستقبلتهم جموع أهل الشام في خيل عظيمة ، فحملوا عليهم وألحقوهم بالميمنة ، وكانت الميمنة متصلة إلى موقف علي في القلب في أهل اليمن ، فلما انكشفوا انتهت الهزيمة إلى علي ؛ فانصرف علي يمشي نحو الميسرة ، فانصرف عنه مضر من الميسرة ، وثبت ربيعة.
نصر : عن عمر بن سعد ، عن مالك بن أعين ، عن زيد بن وهب قال : مر علي يومئذ ومعه بنوه نحو الميسرة ومعه ربيعة وحدها وإني لأرى النبل بين عاتقه ومنكبيه ، وما من بنيه أحد إلا يقيه بنفسه ، فيكره علي ذلك ، فيتقدم عليه فيحول بينه وبين أهل الشام ، ويأخذ بيده إذا فعل ذلك فيلقيه بين يديه ، أو من ورائه. فبصر به أحمر ـ مولى أبي سفيان ، أو عثمان ، أو بعض بني أمية ـ فقال علي : ورب الكعبة قتلني الله إن لم أقتلك أو تقتلني! فأقبل نحوه ، فخرج إليه كيسان مولى علي ، فاختلفا ضربتين ، فقتله مولى بني أمية وخالط عليا ليضربه بالسيف ، فانتهزه علي فتقع يده في حبيب درعه فجذبه ثم حمله على عاتقه ، فكأني أنظر إلى رجليه تختلفان على عنق علي ، ثم ضرب به الأرض فكسر منكبه وعضده ، وشد ابنا علي عليه : الحسين ومحمد ، فضرباه بأسيافهما حتى برد ، فكأني أنظر إلى علي قائما وشبلاه يضربان الرجل ، حتى إذا أتيا عليه أقبلا إلى أبيهما والحسن معه قائم ، قال : يا بني ، ما منعك أن تفعل كما فعل أخواك؟ قال : كفياني يا أمير المؤمنين.
ثم إن أهل الشام دنوا منه ـ والله ما يزيده قربهم منه ودنوهم إليه سرعة في مشية ـ فقال له الحسن : ما ضرك لو سعيت حتى تنتهى إلى هؤلاء الذين صبروا لعدوك من أصحابك؟ ـ قال : يعني ربيعة الميسرة ـ قال : يا بني إن لأبيك يوما لن يعدوه ، ولا يبطئ به عنه السعي ، ولا يعجل به إليه المشي. إن أباك والله ما يبالي وقع على الموت أو وقع الموت عليه.
نصر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي إسحاق ، قال : خرج علي يوم صفين وفي يده عنزة ، فمر على سعيد بن قيس الهمداني ، فقال له سعيد : أما تخشى يا أمير المؤمنين أن يغتالك أحد وأنت قرب عدوك؟ فقال له علي : « إنه ليس من أحد إلا عليه من الله حفظة يحفظونه من أن يتردى في قليب ، أو يخر عليه حائط ، أو تصيبه آفة ، فإذا جاء القدر خلوا بينه وبينه ».
نصر ، عن عمر ، عن فضيل بن خديج ، عن مولى الأشتر قال : لما انهزمت ميمنة أهل العراق أقبل علي يركض نحو الميسرة يستثيب الناس
ويستوقفهم ويأمرهم بالرجوع نحو الفزع ، حتى مر بالأشتر فقال له : يا مالك. قال : لبيك يا أمير المؤمنين ، قال : ائت هؤلاء القوم فقل لهم : أين فراركم من الموت الذي لن تعجزوه إلى الحياة التي لا تبقى لكم؟ فمضى الأشتر فاستقبل الناس منهزمين فقال لهم هؤلاء الكلمات التي أمره علي بهن (4)
وقال : أيها الناس ، أنا مالك بن الحارث ـ يكررها ـ فلم يلو أحد منهم عليه . ثم ظن أنه بالأشتر أعرف في الناس فقال : أيها الناس ، أنا الأشتر ، إلى أيها الناس. فأقبلت إليه طائفة وذهبت عنه طائفة فقال : عضضتم بهن أبيكم ، ما أقبح والله ما قاتلتم اليوم يأيها الناس ، غضوا الأبصار ، وعضوا على النواجذ ، واستقبلوا القوم بهامكم ، ثم شدوا شدة قوم موتورين بآبائهم وأبنائهم وإخوانهم ، حنقا على عدوهم ، وقد وطنوا على الموت أنفسهم ، كي لا يسبقوا بثأر. إن هؤلاء القوم والله لن يقارعوكم إلا عن دينكم ، ليطفئوا السنة ، ويحيوا البدعة ، ويدخلوكم في أمر قد أخرجكم الله منه بحسن البصيرة. فطيبوا عباد الله نفسا بدمائكم دون دينكم ؛ فإن الفرار فيه سلب العز ، والغلبة على الفيء ، وذل المحيا والممات ، وعار الدنيا والآخرة ، وسخط الله وأليم عقابه. ثم قال : أيها الناس ، أخلصوا إلى مذحجا. فاجتمعت إليه مذحج ، فقال لهم : عضضتم بصم الجندل! والله ما أرضيتم اليوم ربكم ، ولا نصحتم له في عدوه ، فكيف بذلك وأنتم أبناء الحرب وأصحاب الغارات ، وفتيان الصباح ، وفرسان الطراد ، وحتوف الأقران ، ومذحج الطعان (5)
الذين لم يكونوا يسبقون بثأرهم ولا تطل دماؤهم ، ولا يعرفون في موطن من المواطن بخسف وأنتم أحد أهل مصركم ، وأعد حي في قومكم وما تفعلوا في في هذا اليوم فإنه مأثور بعد اليوم. فاتقوا مأثور الحديث في غد واصدقوا عدوكم اللقاء ؛ فإن الله مع الصابرين. والذي نفس مالك بيده ما من هؤلاء ـ وأشار بيده إلى أهل الشام ـ رجل علي مثل جناح بعوضة من دين الله. والله ما أحسنتم اليوم القراع. اجلوا سواد وجهي يرجع في وجهي دمي. عليكم بهذا السواد الأعظم ، فإن الله لو قد فضه تبعه من بجانبيه كما يتبع مؤخر السيل مقدمه.
قالوا : خذ بنا حيث أحببت. فصمد بهم نحو عظمهم مما نحو الميمنة ، وأخذ يزحف إليهم الأشتر ويردهم ، ويستقبله شباب من همدان وكانوا ثماني مائة مقاتل يومئذ وقد انهزموا آخر الناس ، وكانوا قد صبروا في ميمنة علي عليه‌السلام حتى أصيب منهم ثمانون ومائة رجل ، وقتل منهم أحد عشر رئيسا ، كلما قتل منهم رجل أخذ الراية آخر. فكان أولهم كريب بن شريح ، وشرحبيل بن شريح ، ومرثد بن شريح ، وهبيرة بن شريح ، ثم يريم بن شريح ، ثم شمر بن شريح ، قتل هؤلاء الإخوة الستة جميعا ، ثم أخذ الراية سفيان بن زيد ، ثم عبد بن زياد ، ثم كرب بن زيد فقتل هؤلاء الإخوة الثلاثة جميعا. ثم أخذ الراية عمير بن بشر ، والحارث بن بشر ، فقتلا. ثم أخذ الراية وهب بن كريب أبو القلوص ، فأراد أن يستقبل فقال له رجل من قومه : انصرف يرحمك الله بهذه الراية ترحها الله من راية ، فقد قتل أشراف قومك حولها ، فلا تقتل نفسك ولا من بقي ممن معك. فانصرفوا وهم يقولون : ليت لنا عديدا من العرب يحالفوننا ثم نستقدم نحن وهم ، فلا ننصرف حتى نقتل أو نظهر.
فمروا بالأشتر وهم يقولون هذا القول ، فقال لهم الأشتر : إلى ، أنا أحالفكم وأعاقدكم على أن لا نرجع أبدا حتى نظهر أو نهلك فوقفوا معه على هذه النية والعزيمة . ففي هذا القول قال كعب ابن جعيل :
وهمدان زرق تبتغي من تحالف
وزحف الأشتر نحو الميمنة ، وثاب إليه أناس تراجعوا من أهل البصيرة والحياء والوفاء ، فأخذ لا يصمد لكتيبة إلا كشفها ، ولا لجمع إلا حازه ورده .
فإنه لكذلك إذ مر بزياد بن النضر يحمل إلى العسكر فقال : من هذا؟ قيل : « زياد بن النضر ، استلحم عبد الله بن بديل وهو وأصحابه في الميمنة ، فتقدم زياد فرفع لأهل الميمنة رايته فقاتل حتى صرع ». ثم لم يمكثوا إلا كلا شئ حتى مروا بيزيد بن قيس محمولا إلى العسكر ، فقال الأشتر : من هذا؟ قالوا : « يزيد بن قيس ، لما صرع زياد بن النضر رفع لأهل الميمنة رايته فقاتل حتى صرع ». فقال الأشتر : « هذا والله الصبر الجميل ، والفعل الكريم. ألا يستحيي الرجل أن ينصرف لم يقتل ولم يقتل ولم يشف به على القتل؟ ».
نصر ، عن عمر ، عن الحر بن الصياح النخعي أن الأشتر كان يومئذ يقاتل على فرس له ، في يده صفيحة له يمانية إذا طأطأها خلت فيها ماء منصبا ؛ فإذا رفعها كاد يغشي البصرشعاعها ، ويضرب بسيفه قدما .
يعرفه ، فدنا منه وقال له : جزاك الله منذ اليوم عن أمير المؤمنين عليه‌السلام وجماعة المسلمين خيرا. فعرفه الأشتر فقال : يا ابن جمهان ، أمثلك يتخلف اليوم عن مثلى موطني هذا الذي أنا فيه؟ فتأمله ابن جمهان فعرفه ، وكان الأشتر من أعظم الرجال وأطوله ، إلا أن في لحمه خفة قليلة ـ قال : جعلت فدك ، لا والله ما علمت مكانك حتى الساعة ، ولا أفارقك حتى أموت. قال : ورآه منقذ وحمير ابنا قيس الناعطيان فقال منقذ لحمير : ما في العرب رجل مثل هذا إن كان ما أرى من قتاله على نيته. فقال له حمير : وهل النية إلا ما ترى؟ قال : إني أخاف أن يكون يحاول ملكا.
نصر ، عن عمر ، عن فضيل بن خديج ، عن مولي الأشتر قال : لما اجتمع إلى الأشتر عظم من كان انهزم من الميمنة حرضهم فقال لهم : « عضوا على النواجذ من الأضراس ، واستقبلوا القوم بهامكم ، فإن الفرار من الزحف فيه سلب العز ، والغلبة علي الفيء ، وذل المحيا والممات ، وعار الدنيا والآخرة ». ثم حمل عليهم حتى كشفهم فألحقهم بصفوف معاوية بين صلاة العصر والمغرب.
نصر ، عن عمر ، عن محمد بن إسحاق ، أن عمرو بن حمية الكلبي خرج يوم صفين وهو مع معاوية يدعو للبراز.
نصر ، عن عمر ، عن مالك بن أعين ، عن زيد بن وهب ، أن عليا لما رأى ميمنته قد عادت إلى موقفها ومصافها وكشف من بإزائها حتى ضاربوهم في مواقفهم ومراكزهم ، أقبل حتى انته إليهم فقال : إني قد رأيت جولتكم وانحيازكم عن صفوفكم ، يحوزكم (6)
الجفاة الطغام وأعراب أهل الشام ، وأنتم لهاميم العرب ، والسنام الأعظم ، وعمار الليل بتلاوة القرآن ، وأهل دعوة الحق إذ ضل الخاطئون فلولا إقبالكم بعد إدباركم وكركم بعد انحيازكم ، وجب عليكم ما وجب على المولى يوم الزحف دبره ، وكنتم فيما أرى من الهالكين. ولقد هون علي بعض وجدي ، وشفي بعض أحاح نفسي أني رأيتكم بأخرة حزتموهم كما حازوكم ، وأزلتموهم عن مصافهم كما أزالوكم ، تحوزونهم بالسيوف ليركب أولهم آخرهم ؛ كالإبل المطردة الهيم. فالآن فاصبروا ، أنزلت عليكم السكينة ، وثبتكم الله باليقين. وليعلم المنهزم أنه مسخط لربه ، وموبق نفسه ؛ وفي الفرار موجدة الله عليه ، والذل اللازم له ، والعار الباقي ، واعتصار الفيء من يده ، وفساد العيش ، وإن الفار لا يزيد الفرار في عمره ، ولا يرضى ربه. فموت الرجل محقا قبل إتيان هذه الخصال خير من الرضا بالتلبس بها والإقرار عليها.
نصر ، عن عمر قال : حدثنا أبو علقمة الخثعمي ، أن عبد الله بن حنش الخثعمي رأس خثعم مع معاوية ، أرسل إلي أبي كعب رأس خثعم مع علي : أن لو شئت لتواقفنا فلم نقتتل ، فإن ظهر صاحبك كنا معكم ، وإن ظهر صاحبنا كنتم معنا ولم يقتل بعضنا بعضا ، فأبي أبو كعب ذلك ، فلما التقت خثعم وخثعم وزحف الناس بعضهم إلي بعض ، قال رأس خثعم الشام لقومه : يا معشر خثعم ، قد عرضنا على قومنا من أهل العراق الموادعة صلة لأرحامهم ، وحفظا لحقهم ، فأبوا إلا قتالنا ، فقد بدءونا بالقطيعة فكفوا أيديكم عنهم حفظا لحقهم أبدا ما كفوا عنكم ؛ فإذا قاتلوكم فقاتلوهم.
فخرج رجل من أصحابه فقال : إنهم قد ردوا عليك رأيك وأقبلوا يقاتلونك. ثم برز فنادى : رجل لرجل يا أهل العراق. فغضب رأس خثعم من أهل الشام ، فقال : اللهم قيض له وهب بن مسعود ـ رجلا من خثعم من أهل الكوفة ، وقد كانوا يعرفونه في الجاهلية ، لم يبارزه رجل قط إلا قتله ـ فخرج إليه وهب بن مسعود فحمل على الشامي فقتله ، ثم اضطربوا ساعة فاقتتلوا أشد القتال ، وأخذ أبو كعب يقول لأصحابه : يا معشر خثعم : خدموا. وأخذ صاحب الشام يقول : يا أبا كعب ، الكل قومك فأنصف! فاشتد قتالهم ، فحمل شمر بن عبد الله الخثعمي من أهل الشام على أبي كعب رأس خثعم الكوفة فطعنه ، فقتله ، ثم انصرف يبكي ويقول : رحمك الله يا أبا كعب ، لقد قتلتك في طاعة قوم أنت أمس بي رحما منهم وأحب إلى نفسا منهم. ولكن والله ما أدرى ما أقول ، ولا أري الشيطان إلا قد فتننا ، ولا أرى قريشا إلا قد لعبت بنا. ووثب كعب بن أبي كعب إلى راية أبيه فأخذها ، ففقئت عينه وصرع ، ثم أخذها شريح بن مالك فقاتل القوم تحتها ، حتى صرع منهم حول رايتهم ثمانون رجلا ، وأصيب من خثعم الشام نحو منهم. ثم إن شريح بن مالك ردها بعد ذلك إلى كعب بن أبي كعب.
نصر ، عن عمرو ، عن عبد السلام بن عبد الله بن جابر ، أن راية بجيلة في صفين كانت في أحمس مع أبي شداد ـ وهو قيس بن مكشوح بن هلال بن الحارث بن عمرو بن عامر بن علي بن أسلم بن أحمس بن الغوث بن أنمار. (7)
فقالت له بجيلة : خذ رايتنا. فقال : غيري خير لكم مني. قالوا : ما نريد غيرك. قال : فوالله لئن أعطيتمونيها لا أنتهى بكم دون صاحب الترس المذهب ـ قال : وعلى رأس معاوية رجل قائم معه ترس مذهب ، يستره من الشمس ـ قالوا : اصنع ما شئت.
قال نصر : و حدثنا عمرو قال : حدثنا عبد السلام قال : قتل حازم بن أبي حازم ، أخو قيس بن أبي حازم ، يومئذ ، وقتل نعيم بن صهيب بن العلية البجلي ، فأتى ابن عمه وسميه نعيم بن الحارث بن العلية معاوية ـ وكان معه ـ فقال : إن هذا القتيل ابن عمى فهبه لي أدفنه. فقال : لا تدفنهم فليسوا أهلا لذلك ، فوالله ما قدرنا على دفن عثمان معهم إلا سرا. قال : والله لتأذنن لي في دفنه أو لا لحقن بهم ولأدعنك. فقال له معاوية : ويحك ترى أشياخ العرب لا نواريهم وأنت تسألني دفن ابن عمك؟ ثم قال له : ادفنه إن شئت أو دع. فأتاه فدفنه.
نصر ، عن عمر ، عن أبي زهير العبسي ، عن النضر بن صالح أن راية غطفان العراق كانت مع عياش بن شريك بن حارثة بن جندب بن زيد بن خلف بن رواحة ، قال : فخرج رجل من آل ذي الكلاع يسأل المبارزة فبرز إليه قائد بن بكير العبسي ، فبارزه فشد عليه الكلاعي فأوهطه ، فخرج إليه عياش بن شريك أبو سليم فقال لقومه : أنا مبارز الرجل ، فإن أصيب فرأسكم الأسود بن حبيب بن جمانة بن قيس بن زهير ، فإن قتل فرأسكم هرم بن شتير بن عمرو بن جندب ، فإن قتل فرأسكم عبد الله بن ضرار من بني حنظلة بن رواحة. ثم مشى نحو الكلاعي فلحقه هرم بن شتير فأخذ بظهره فقال : ليمسك رحم ، لا تبرز لهذا الطوال! قال : هبلتك الهبول ، وهل هو إلا الموت. قال : وهل يفر إلا منه؟! قال : وهل منه بد؟ قال : والله لأفتلنه أو ليلحقني بقائد بن بكير. فبرز له ومعه حجفة له من جلود الإبل ، فدنا منه فنظر عياش بن شريك فإذا الحديد عليه مفرغ لا يرى منه عورة إلا مثل شرائك النعل من عنقه بين بيضته ودرعه ، فضربه الكلاعي فقطع حجفته إلا نحوا من شبر ، ويضر به عياش على ذلك الموضع فقطع نخاعه ، وخرج ابن الكلاعي ثائرا بأبيه ، فقتله بكير بن وائل.
المصادر :
1- صحيح مسلم ( ٢ : ٨٥ ).
2- لسان الميزان ( ٤ : ٣٦٧ ). والحديث رواه السيوطي في الجامع الصغير ( ١ : ٣٥١ )
3- الإصابة ١٦٢٦. وقد ورد ذكره في حواشي الاشتقاق ص ٢١٩
4- الطبري ( ٦ : ١١ )
5- المعارف ٤٩ والعمدة ( ٢ : ١٥٦ )
6- الطبري ( ٦ : ١٤ )
7- الإصابة ٧٣٠٧.

 


source : راسخون
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

السيد محمد ابن الإمام الهادي (ع)
أصل المعرفة في القرآن الكريم
الشيعة في زمن الائمة عليهم السلام
ما هو الدليل على أحقية الامام علي(علیه السلام) ...
دعاء الجوشن و فضله و ما لقارئه و لحامله من ...
لا يحبّك إلا طاهر الولادة ولا يبغضك إلا خبيث ...
في فضلِ شهر رَجَب وأعمالِه
أبعاد الهدف الرئيس من نزول القرآن
أنواع الاِیمان
الامام الرضا عليه السلام وضرورة كون الإمامة من ...

 
user comment