منذ أول أيام حياته يتمتع الطفل بمزاج معينّ . بعض الأطفال يبدون أقوياء ، قليلي المطالب ويتحملون جيداً بعد أمهم عنهم خلال النهار . بعضهم الآخر عصبي المزاج ، كثير الحركة وهو بحاجة إلى انتظام أكثر في حياته ، أي في مواعيد الطعام . أيّ تأثير غير متوقع يؤدي إلى توتر أعصاب هؤلاء الأطفال ، والبعض الآخر أيضاً سريع العطب وأي تغيير في عاداته يؤثر سلباً على صحته . هذه الحالات التي ذكرنا ليست سوى أمثلة تفسّر كيف أن كل طفل يتعامل مع النقص العاطفي بطريقة مختلفة عن طرق سائر الأطفال .
إذا عدت واجتمعت بطفلك بعد مدة طويلة من الانفصال عنه لا تتوقعي أن يتجاوب معك ، بل إنه سيكون مرتبكاً حتى إنه قد يدير وجهه إلى الناحية الأخرى عندما يراك . لا تحاولي الدخول إلى حياته بيوم واحد فطفلك قد تعوّد وجهاً آخر وهو بحاجة إلى الوقت كي يألفك من جديد . واحفظي جيداً التالي : لا تدخلي تغييراً مفاجئاً على حياة طفلك وإذا اضطررت الى أن تتركيه بعهدة أحد فيجب أن تؤمني لطفلك الجو الذي يشعره بالأمان .
إذا كنت تعملين خارج البيت
كيف سيتحمل طفلك غيابك خلال ساعات طويلة من النهار وهو في أمسّ الحاجة إليك ؟ سيتحمّل ذلك جيداً ، إذا اتخذت الاحتياطات اللازمة .
عليك أن تقدّمي لطفلك ما ينتظره منك عندما تعودين إلى المنزل في المساء : أن تكوني فرحة بلقائه . هذا ليس سهلاً بالطبع فأنت متعبة بلا شك ، لكن النتيجة تستحق المجهود الذي ستقومين به . إذا نجحت لقاءاتكما المسائية فقد قمت بجزء كبير من مهمتك . ثم حاولي أن تستغلي جميع الفرص لتمضي وقتك معه . خصصي له معظم الوقت الذي تقضينه في المنزل . الوقت الذي يمضيه معك يعوّض عن غيابك في أثناء النهار . وهذا أفضل بكثير من أي هدية تقدمينها له . بعض الأمهات العاملات يتجه نحو تدليل الأطفال بواسطة شراء الألعاب ليعوضن عن النقص العاطفي ، وهذا خطأ .
يجب أخيراً أن تكوني موجودة عند حصول تغيير مهم في حياة طفلك مثلاً عندما يأكل بالملعقة أوّل مرة ، أو عندما يتناول أي طعام غير الحليب أول مرة .
الطفل يدرك بسرعة أن أمّه تعمل لعائلتها وله بشكل خاص ، وعندما يبلغ عمراً يسمح له أن يعي ذلك فإنه سيكون فخوراً بك .
إعلمي في النهاية أن أهم شيء بالنسبة إلى الطفل ومن أجل توازنه ، ليس عدد الساعات التي تمضيها أمه معه ، بل نوعية العاطفة التي تقدّمها اليه .
ردّات فعل الطفل على النقص العاطفي تختلف باختلاف طباع كل طفل ومزاجه الخاص . قد تكون ردات الفعل هذه من نوع الصراخ والبكاء تعبيراً عن الحزن ، وقد تكون صامتة فيبدو الطفل جامداً يحدق في الفراغ . أو هو قد يلجأ إلى تسلية نفسه والتخفيف من قلقه بامتصاص احد أصابع يده .
مراحل نمو الذكاء
قد يبدو غريباً تقسيم حياة الطفل إلى أجزاء ووصف كلّ منها على انفراد . لكننا نفعل الشيء نفسه عندما نقول إن الإنسان يصبح عاقلاً في سن السابعة ، وبالغاً في سن الثلاثة عشرة وراشداً عندما يبلغ الثمانية عشرة .
لا يتكلّم جميع الأطفال بعمر محدّد ولا تنبت أسنان الجميع في تاريخ معيّن ، لكن لتوضيح نمو الطفل من الضروري الاعتماد على نقاط ارتكاز . في كل الأحوال ، اكتساب المعرفة يأتي بالتدرّج . لن يصحو الطفل في أحد الأيّام وقد أصبح ذكياً أو يستطيع المشي بسهولة . فالذكاء يصحو يوماً بعد يوم والمشي لا يصبح قويماً إلاّ بعد أن يتعلّمه الطفل على مدى أسابيع .
جميع اطفال العالم يتخطون مراحل النمو متبعين الطريقة ذاتها . ومن الممكن ان تتأخر هذه المراحل بالظهور أو تتقدّم . بعض الأطفال يتكلّمون لدى بلوغهم السنة والنصف وآخرون بعمر السنة وثلاثة أشهر وآخرون ايضاً عند بلوغهم السنتين . هذه الاختلافات تتعلّق ، من جهة ، بالوراثة ومن جهة أخرى بتأثير المحيط .
حتى الآن أظهر لك طفلك عاطفته ، وفيما يلي سيبرهن لك عن ذكائه . سيبدأ بإظهار ذكائه من خلال أعمال يديه المرتبكتين .
في الشهر الأول من حياته لا يميّز الطفل سوى الأشياء المتحركة بقربه . إن متعته الكبرى بين الشهر والأربعة أشهر هي في النظر إلى كل شيء يحيط به . في نهاية هذه الفترة يحاول الطفل التحرّك للوصول إلى هذه الأغراض وإن بلا جدوى .
بين الأربعة والثمانية اشهر ، يستطيع أخيراً إمساك الأشياء . عندما نقرّب منه شيئاً ، يحبو نحوه فرحاً . عندما يتوصّل إلى الإمساك به فإنه يلامسه وقتاً طويلاً ثم يضعه في فمه ليمتصه . عندما يبلغ الطفل الثمانية أشهر تساعده حواسه على التعرّف إلى الاشياء من عدة زوايا : عيناه تدلاّنه على لون الشيء ، يداه تدلانه على شكله وحجمه ، فمه يعرّفه على مذاقه ، وأنفه على الرائحة التي تفوح منه . بهذه الطريقة وشيئاً فشيئاً يتعود الطفل على الأغراض التي تحيط به ويتعرّف عليها . لكن في هذه الفترة ( 4 ـ 8 أشهر ) إن لم يكن الغرض أمامه فالطفل لن يبحث عنه لأن الغرض لم يعد موجوداً بالنسبة إليه .
الفترة الممتدة بين الثمانية والاثني عشر شهراً هي فترة مهمة . في الشهر الثامن من عمره حين يبحث للمرة الأولى عن الملعقة التي وقعت منه أو اللعبة التي خبّئت عليه فهذا يعني أن باستطاعته القيام بالتحقيق التالي : « كنت أملك ملعقة ؛ إنها لم تعد هنا . يجب أن تكون في مكان آخر » . وترينه ينحني نحو الأرض ليفتش عن ملعقته .
يتصرّف الطفل تجاه الأشخاص كما يتصرّف إزاء الأشياء ؛ فهو يعلم أن أمّه موجودة حتى ولو أنه لا يراها . هذا ما كان يجهله في السابق . لذلك هو يبكي عندما تبتعد عنه ولذلك أيضاً يروح يبحث عن الأغراض أو الاشخاص الذين يعلم أنهم موجودون حتى عندما لا يراهم . هذه اللعبة الكلاسيكية هي برهان عن ذكاء الطفل . الذاكرة هي أيضاً برهان عن الذكاء : عندما يضع الطفل علبة ، كان يلعب بها ، على سريره ليتحدث مع أمه بلغته الخاصة وبعد أن ينتهي يتجه فجأة نحو العلبة ، ليأخذها مظهراً بذلك أنه لم ينسها .
في بعض الأحيان نرى طفلاً يرمي لعبته على الأرض فتعود أمه وتلتقطها له ، وفي كل مرة يأخذها ، يعيد رميها من جديد لكننا لا نتنبه إلى أنه في كل مرة يرميها بشكل مختلف وكأنه يحاول التأكد من قانون الجاذبية .
خلال نموّه يتصرّف الطفل بالتدرّج على طريقة ( نيوتن ) : بين سن الثمانية اشهر والسنة يكتشف قانون الجاذبية . وعلى طريقة ( ديكارت ) : « إني أفكّر ، إذن أنا موجود » ، بين السنتين والسنتين والنصف . ذلك هو اكتشاف الـ « أنا » ؛ ويتطوّر بطريقة ( نيتشيه ) أي يمتلك إرادة القدرة ، ففي عمر السنتين والنصف يريد الطفل تأكيد قدرته . من الطبيعي أن يعيد الطفل المسيرة الفكرية للإنسانية بما أنه ، هو أيضاً ، يكتشف أسرار العالم .
كشفت يد الطفل عن ذكائه ، وستقوم الآن بخدمته ، إذ إنها ستمكّنه من اكتشاف جميع الزوايا وستكون العضو الذي يجلب له المعلومات . هذا الاكتشاف وهذه المعلومات ستعلّم الطفل الكثير من الاشياء التي سيستفيد منها ليغذي معرفته ؛ ويوماً بعد يوم ينمو ذكاؤه . سيفتش عن نقاط التشابه بين الأشياء التي تحيط به ويجد العلاقة التي تربطها بعضاً ببعض . يتمكن الطفل مثلاً من أن يضع مكعباً صغيراً داخل آخر أكبر حجماً . ويتمكن حيناً آخر من إدخال عود في حلقه ، بينما كان في السابق يضع العود بالقرب من الحلقة .
في وقت لاحق ، بين السنة والنصف ـ والسنتين ، يحاول الطفل أن يلمس كل شيء . بما أنه أصبح يمشي في هذا العمر فلن تعود هناك حدود لفضوله . في كل لحظة يقوم باكتشاف جديد ، بتجربة جديدة ، ويكمل ذكاؤه وتقدّمه . بعد القيام بعدة محاولات متكررة وبعد أن يصاب بالفشل مراراً وبعد ان يستعين بالمصادفات ويقلّد من حوله ، تصبح تصرّفات الطفل متزنة ويتمكّن من إيجاد الحلول لمسائل كانت عاصية عليه من أشهر خلت . مثلاً لكي يبحث عن الكرة التي اختفت وراء المقعد ، يدور الطفل حول هذا الأخير . لبلوغ الحلوى الموضوعة على الطاولة ، يضع الكرسي بقربها ويصعد اليها .
بعد بلوغ الطفل السنتين من عمره سیتوقد ذكاءه إلى أبعد حدود . وبالإضافة إلى ذلك سيتابع إظهار ذكائه بواسطة الكلام . شيئاً فشيئاً سيتفتح ذهن الطفل ويبدأ بتمتمة الكلمات وجمعها ليؤلّف منها أقوالاً تفهم . ستبدأ عندها مرحلة جديدة من التفكير .
استعمال القدمين ومدى تأثيره على تطور الطفل
سار طفلك في طريق النمو مستعملاً رأسه ، أما الآن فسيبدأ باستعمال رجليه : بعدما برهن الطفل على أنه ذكي سوف يظهر الآن أن باستطاعته المشي . هذه ميزة نمو الطفل ، أن يكون في البدء مفكراً ثم يظهر قدرته الجسدية ومن وقت لآخر هو عاطفي كبير . إنّ تطوّر الطفل باتجاه واحد يحدث خللاً في توازنه .
يحتاج الطفل إلى ستة أشهر كي ينتقل من مرحلة الاستناد إلى جوانب سريره ليقف ، إلى مرحلة ترك يد أمه ليمشي وحده . ستة أشهر من المجهود اليومي مع ما يرافقه من نجاح وفشل : في بعض الأيام يتقدم الطفل
بخطوات ثابتة وفي الأيام السيئة يتوصل بصعوبة إلى الوقوف على رجليه . في هذه المرحلة يضع الطفل كل قواه وتركيزه على محاولته المشي ولا يقوم بأي تقدم في المجالات الأخرى .
في عمر السنة ، حين يتفوّه الطفل بالكلمة الأولى يبدو وكأنه بدأ مرحلة الكلام جيداً ، لكن بين السنة ، والسنة والنصف يعود فيتمتم كلاماً غير واضح . كذلك في عمر السنة ينام جيداً طوال الليل . لكن عندما يبدأ بالمشي سيشكو من الإرق . يجب معرفة هذه الفكرة التي ترافق نمو الطفل : عندما يقوم الطفل بتقدم في مجال ما فهو يتراجع في المجالات الأخرى . ويجب الاطمئنان إلى كون هذا طبيعياً .
إنّ الفترة الممتدة بين عمر السنة والـ 18 شهراً هي سن المشي لدى أكثرية الأطفال ، ويصفها الإختصاصيون « بالفترة الحساسة » . ترافق هذه العبارة جميع أيام الطفولة وهي تعني العمر الذي يتعلم الطفل خلاله بسهولة جميع الأشياء الجديدة .
أن يتعلم الطفل المشي يعني أولاً أن يتعلم التوازن ليتمكن من التقدم . وهذا لا يتم بلا صعوبة . لا ترفعي طفلك في كل مرة يقع فيها على الأرض . المجهود الذي سيقوم به ليقف من جديد سيقوّي عضلاته . يقع فيرتكز على يديه ليقوّم وضعه ، يقف ومن ثمّ يقع . هذه طريقة صعبة التعلم لكنها ضرورية . ساعدي طفلك بأن تمتدحي جهوده وتفهمي حاجاته .
أخرجي طفلك من سريره ، وإلاّ أصبحت قضبانه كقضبان السجن بالنسبة إليه . دعيه يمشي على الأرض دون أن تغفلي عن مراقبته . عملية المشي ستحوّل طفلك من إنسان ضعيف معتمد كلياً على محيطه ، إلى إنسان متحرّك . وشيئاً فشيئاً سيصبح نشيطاً ومشغولاً للغاية ولا يتعب أبداً . وسيكون بنوع خاص ، قادراً على الإقتراب مما يستهويه بلا مساعدة من أحد ، ويصير قادراً على القيام يومياً بالعديد من الإكتشافات والتجارب .
للمشي نتيجة أخرى غير مرئية ، بفضلها سيتحقّق الطفل كونه يملك جسداً ، لأنه يقع ويصدم نفسه بالأشياء ويتألم من جراء ذلك . هذه الكدمات والرضوض هي تجارب تتردّد عشرات المرّات في اليوم الواحد ، وتشعر الطفل بألم بسيط لكنها تعلمه الكثير . في النتيجة عندما يبلغ الثمانية عشر شهراً سيدور حول الأثاث ليتجنّبه بسبب الألم الذي ذاقه منه ولم ينسه .
يقوم الطفل بعدّة إكتشافات في هذا العمر لبناء شخصيته ومن بينها تعلّم النظافة . لا يعود يبلّل ثيابه لأنه بات يفهم أن هناك أشياء جيدة وأخرى سيئة . يفهم ذلك من خلال تصرفات أمه وملامحها ، فالشيء الجيد هو الذي تقدره أمه وتفرح به أما الشيء السيّىء فهو الذي يزعجها . كذلك عندما يتعلم المشي يواجه عدّة ممنوعات ، نقول له : « لا تذهب إلى هناك ، لا تلمس هذا » .
وهكذا بعد إن مشى الخطوات الأولى على طريق التحرّر ، يكتشف أن هناك حدوداً لحريته .
عالم الطفل خلال السنة الأولى لا يضمّ سواه هو وأمه . العلاقة بينه وبين أبيه لا تؤثّر عليه مباشرة . لكن منذ اللحظة التي يبدا فيها الطفل بالمشي ، يتغير كل شيء : سيذهب ويأتي ، يدفع ويصطدم بكل ما يصادف طريقه ، يقترب من أبيه ليجرّه من كمّه ، يقفز إلى حضنه . الطفل الذي يمشي يفرض وجوده على المنزل ومن فيه .
الاكتشافات والتجارب الخطرة
الآن وقد بدأ طفلك يمشي فإنه لن يلجأ إلى الإستراحة بسبب الكدمات التي أصابته . هو يتمتع بحيوية مدهشة وخصوصاً بحب الإستطلاع والإقدام على تجربة كل شيء .
كان يتناول كل ما تقع عليه يده . أمّا الآن وقد أصبح باستطاعته لمس كل ما تراه عينه فإنه لن يحرم نفسه من هذه القدرة الجديدة . على العكس إنه سيفرح بذلك . يميناً ويساراً ، من الأعلى إلى الأسفل ، سيلمس كل شيء ! ولن يقف أحد في وجه طفل . يقفز فوق الكراسي والكنبات مهدّداً بالوقوع عدّة مرات ، ينزلق تحت السرير لالتقاط الكرة ، يصعد الدرج ويحاول النزول فلا يستطيع . يفتح الأبواب ، يفرغ محتويات الأدراج ، يضع السجائر في فمه ليقلّد الكبار . يفتح أنبوب الدواء أو أحمر الشفاه ، يحفّ عيدان الكبريت لتوليد نور جميل ، يحاول وضع دبوس في مأخذ الكهرباء ، يمزّق أوراق كتاب وضع على الطاولة ، يجرّ كرسيه إلى قرب الطاولة ليتمكن من الوصول إلى تفاحة حمراء وضعت عليها ، فيوقع الصحن وما فيه ويقع هو أيضاً . كل هذا يؤدي إلى صدور ضجيج وتخريب ، لكنه لا يزعج الطفل أبداً بل يعود إلى لعبه وكأن شيئاً لم يكن . هو مهتم باكتشاف العالم الذي يحيط به والأشياء التي لا يعرفها ويبدو الطفل مأخوذاً بكل شيء جديد .
بعض الأطفال يكونون أكثر هدوءاً ، والفتيات بشكل خاص . لكن ليس من الطبيعي أن يكون طفل له سنتان من العمر هادئاً وملتزماً السكون . نحدّد هنا أن الطفل ليس مخرّباً عن قصد . عندما يكسر شيئاً فلأنه لا يعرف كيف يمسكه . إنه لا يرمي شيئاً ليعبّر عن العنف . العنف لا يظهر عند الطفل سوى في مرحلة تعليمه النظافة .
ماذا يجب أن نفعل عندما يلمس الطفل كل شيء ويركض في كل اتجاه ؟ السماح له بكل شيء أو منعه عن كل شيء ؟ لا هذا ولا ذاك .
أن يمنع الطفل عن كل شيء يعني إعاقة توجّهه الأساسي نحو النمو ؛ فحركته المستمرة تطور حواسه وعضلاته وذكاءه . أما السماح له بكل شيء فيشكل خطراً عليه .
ما يجب فعله هو اعتماد نظام حرية مراقبة : ضعي طفلك في منحى عن المخاطر ( ضعي حافة للدرج وحديداً على النوافذ إلخ ... ) ثم دعيه يتصرف بحرية في مكان آمن سواء أكان هذا المكان صغيراً أم كبيراً ، دعيه يغامر فهذا يعطيه ثقة بنفسه .
المغامرة في هذه السن هي أن يقفز على الكنبة بمفرده ، وأن يفتح علبة بمفرده . ولن يذهب طفلك بعيداً من دونك لأنك تمثّلين الأمان والملجأ بالنسبة إليه . بعبارة مختصرة ، هو بحاجة إلى أن تكوني حاضرة كلما احتاج إليك ، وأن تردّي عليه كلما ناداك ، لكن شرط ألاّ تكثري من الممنوعات وألاّ تلاحقيه قائلة « انتبه سوف تؤذي نفسك إن قمت بهذا ... » وسترين أنه سيفتش عنك في كل مرة ليتأكّد من وجودك معه وبعدما يطمئن سيعود إلى ألعابه وانشغالاته .
في بعض المراحل ستختلط عند الطفل روح المغامرة بالحاجة إلى الأمان . الأمان هو أنت . لكن تذكري أن حشرية الطفل لا تنتهي كما أنها تتغلب على خوفه ؛ مخيلته واسعة ولا يعرف معنى للخطر ؛ المذاق الغريب والروائح المزعجة لا تضايقه . اشرحي لطفلك على مرّ الأيام ، ومن دون تسرّع ، كل ما هو مسموح أو ممنوع أو خطر . ابتداءاً من عمر السنة سيتمكن الطفل من فهم الأشياء وكل يوم يفهم أكثر من اليوم السابق ، لكنه لا يستطيع التكهّن وحده بما يجب القيام به و ما يجب تفاديه . كيف تريدينه أن يعلم أنه من الطبيعي فتح علبة لرؤية ما في داخلها وأنه من الخطأ فتح منبّه ليرى من أين تأتي الدقّات ؟ إنّ شرحك بلهجة رقيقة يفهمه ويعلمه ذلك . لكن تفهّمه الأشياء ضعيف جداً أمام إرادته وفضوله .
إذا أردت ألاّ يدخل غرفة ما فاغلقيها بدلاً من أن تصرخي بوجهه . يتعلم الطفل بسرعة كيفية احترام عالم البالغين .
وفي اليوم الذي يقوم فيه بهفوة لا تؤنّبيه بشدّة ؛ غضبك سيربكه ويخيفه . إن تأنيب ولد بهذا العمر والصراخ بوجهه يجعلانه يشعر بالذنب . ما يسمّيه الأهل هفوات ، هو تصرف طبيعي أنتجه تفكير الطفل ويعتبره هذا الأخير اكتشافاً مسلياً .
المرحلة الاجتماعية
بعدما لمس الطفل كل شيء واستكشف جميع الأماكن بعدة أشهر ، تكون أمه قد تعبت وأملت الحصول على الإستراحة التي ستجدها بالفعل بعد بلوغ طفلها سن السنتين وحتى السنتين والنصف . هذه مرحلة ساكنة نسبياً فيها يجد الطفل توازنه ، ويصبح اجتماعياً يتفاهم مع محيطه بسهولة لأنه يعبّر بشكل أفضل . في الواقع ما يهمّه الآن ، هو أن يتكلم حتى يتعب ، تماماً كما كان لا يملّ من الحركة في السابق . بعدما وضع الأشخاص والأشياء كلاّ في مكانه الخاص ، يريد الآن إعطاء كل غرض اسمه ووظيفته الخاصة . لمعرفة أسماء الأغراض يشير باصبعه إلى كل منها متسائلاً وقائلاً « وهذا ؟ ... وهذا ؟ ... » وبعد أن يحصل على الجواب يردّده كالببغاء . ثم يطرح السؤال نفسه على شخص آخر ، بلا ملل ، ليتأكد من معلوماته وليسمع الكلمة الجديدة مرة أخرى . عملية الترداد هذه هي وسيلته ليتعلم .
كل شيء يفيد لتحسين لغته . يردّد أسماء الأشخاص المحيطين به ، يعدّ ألعابه وألعاب أخوته مشيراً إليها . ويذكر اسم مالك كل من هذه الألعاب . منطق الطفل يجعله يربط كل غرض بمالكه ولا يجب أن تتنقل الأغراض بين أشخاص مختلفين لا يفهم مثلاً كيف أن جدّته تنتعل حذاء أمه . يتذكر الطفل ما أكله في الصباح وظهراً وفي المساء وحتى في البارحة إذا سعفته ذاكرته . يريد معرفة مكان وجود أبيه وأخته وصديقه الذي تعوّد أن يلعب معه . يحاول ، من خلال كل ما يقول ، أن يوجّه نفسه في هذا العالم ، أن يجد مكانه ، ويفهم نفسه ؛ عندما يكون بمفرده يردّد الكلمات التي تعلمها ويحلّل كل ما قام به . هذه الحالة هي بداية حديث منفرد يدوم سنوات و حتى عمر الست أو السبع سنوات . هكذا ، يمضي ساعات ، يتكلم خلالها وحده أو يخاطب لعبته ويحقق تقدّماً ملموساً في عوالم اللغة . ما يقوله ليس فقط كلمات جديدة تعلمها ، بل هو أسلوب جديد للتعبير بسهولة . وشيئاً فشيئاً يبتعد عن لهجة الأطفال .
اللغة هي المجال الذي يظهر الفرق واضحاً بين طفل وآخر . نرى طفلاً يعرف سبعين كلمة في سن السنتين وثلاثمئة كلمة في السنتين والنصف ؛ وقد نرى طفلاً آخر لا يعرف سوى خمسين كلمة في عمر السنتين ومائة عند بلوغه السنتين والنصف . في هاتين الحالتين ، الأطفال طبيعيون للغاية . أما الفروقات فبإمكانها الاستمرار مدى الحياة : إن أسس اللغة لدى إنسان بالغ عادي تحوي ألف وخمسمئة كلمة ؛ لدى البالغ المثقّف ثلاثة آلاف كلمة ، ولدى العالم خمسة آلاف كلمة .
من أين تأتي هذه الاختلافات ؟ أولاً من الإمكانات الفردية التي تجعل بعض الأطفال يتكلمون باكراً ، تماماً كما يمشي البعض قبل غيرهم . لكن ذلك لا يفسّر كل شيء لأن دور المحيط الذي يعيش فيه الطفل هو أساسي . ليتكلّم الطفل بشكل طبيعي يجب أن يحاط بالعاطفة والتفهّم . يجب أيضاً أن يستمع إلى أشخاص يتكلّمون حوله ويخاطبونه ، ومن الضروري أن نردّ على أسئلته وأن نشجّع جهوده بلهجة لطيفة من دون أي تحريف للكلمات .
من الواضح أن الطفل الذي يتلقّى عناية مباشرة من أمه و يشاركها حياتها اليومية ، خصوصاً عندما تحادثه ، يتطوّر من حيث اللغة بشكل أفضل من طفل آخر في عهدة حاضنة لا يسمع منها سوى بعض العبارات القاسية أو المختصرة من النوع التالي : « إشرب الحساء ... إذهب إلى الحمّام ... أسرع ... ألا تخجل ؟ إغسل يديك ، بسرعة ... لا تتحرّك ... لن تحصل على الحلوى لأنك وسّخت ثيابك ... وإلخ » .
في دور الحضانة حيث لا أحد يكلّم الأطفال نرى هؤلاء لا يحققون أي تقدّم لغوي وينطوون على أنفسهم . ويرى علماء النفس أن هذا التأخر اللغوي الناتج عن إهمال محيطهم إياهم ، يؤدي إلى مصاعب تظهر بوضوح عندما يبدأ الطفل بتعلّم القراءة والكتابة .
عندما تشعرين بأن طفلك بلغ المرحلة الحسّاسة للغة ( أي حين يطرح الكثير من الأسئلة ويظهر اهتماماً وشغفاً حيال أجوبتك ) تكلّمي معه باستمرار وبوضوح ؛ أجيبي عن أسئلته بصبر . عندما يتعلّم الكلمات المتداولة : النوم ، الماء ، الخبز ، العطش ، إلخ .. وسّعي معلوماته اللغوية باستعمالك كلمات جديدة . فهذه الأخيرة تفتّح ذكاءه .
سيأتي وقت يحتاج فيه إلى التفكير في الكلمات كي ينمو ، تماماً كما يحتاج الجسم إلى الغذاء كي يتنشط . يطرح الطفل الأسئلة بلا توقّف ، وقد رأيت أن فضوله لا يسأم . هو متشوّق لمعرفة أسماء الأشياء كما كان متشوّقاً لرؤيتها ومن ثمّ لمسها . هذا الفضول طبيعي ولا يفتقده سوى الطفل المتأخر أو غير المكتفي . الفضول يدفع الطفل إلى السؤال « ما هذا ؟ .. وهذا ؟ .. » ؛ الفهم يمكّن الطفل من استيعاب الشروحات . الذاكرة تسجّل الكلمات وكل ما يرافقها من ظروف وتصرّفات وصور .
إنّ ممارسة هذا التمرين باستمرار تجعل الطفل ماهراً في تفكيره ، وتمكّنه من إيجاد الكلمات والعبارات المناسبة بسرعة أكبر ليستعملها في التعبير عمّا يجول في رأسه . يضيف الطفل ، كل يوم ، كلمة أو أكثر إلى لغته فيوسّع بذلك نطاق معرفته . هذا المخزون من الكلمات يساعد الطفل على إظهار « ذكائه » فيوجه اهتمامه نحو الأشياء الأكثر تعقيداً ويواجه كل جديد وكل ما هو غريب ، يحاول اكتشاف المجهول ويفاضل بين كلٍ ما يرى و بين اختباراته السابقة . ويتمكّن أخيراً من الوصول إلى النتائج .
بصورة عامة يتطوّر ذكاء الطفل بسرعة ويظهر كردة فعل طبيعية . مثلاً عندما كان بعمر السنة إذا رأى الطفل غرضاً على طاولة مرتفعة ، لم يكن باستطاعته ابتداع طريقة لتناوله . عند بلوغه السنة والنصف أصبح يجرّ كرسياً ويصعد عليه ويأخذ الغرض ؛ أو أنه يستعين بعصا لإسقاطه . إذا منع عن لمسه ، كان في الماضي يرضخ لأوامر أهله . أمّا بعد بلوغه السنة والنصف فإنه سينتظر حلول الليل أو غياب أهله للتسلّل . والحصول على الغرض المرغوب فيه . هذه العملية تظهر ذكاءه لأنه يجد الحلول بفضل تفكيره . نلفت انتباهك هنا إلى بعض الظروف التي يمر بها الطفل : في هذا العمر ، يظهر عند الأطفال ، حتى الطبيعيين جداً منهم ، خوف جديد ورعب في الليل والعتمة والمطر والمحرّكات الكهربائية وبعض الحيوانات وحتى بعض الأشخاص ، يقاوم الطفل خوفه وعدم شعوره بالأمان باتّباع عدد من العادات التي تؤمّن له الاستقرار . عند الطعام ، سيغضب مثلاً إذا وضعت لعبته بعيداً عنه أو إذا أطعمته بصحن جديد . لكنه يبدو أكثر قلقاً خصوصاً في موعد نومه ، فيراقب موضع ثيابه على الكرسي وستائر النافذة إذا تحرّكت ، والباب إذا كان مفتوحاً أو مغلقاً ،
ويريد أخيراً ألاّ تكون جميع هذه التفاصيل مختلفة بين يوم وآخر . عندما ينام الطفل وحيداً يشعر بأنه مهمل . تستطيعين أن تطمئنيه بسرد أقصوصة وأن تتركي باب غرفته مفتوحاً ليدخل منه ضوء خافت . لكن لا تضعيه في سريرك لأنه يجب أن يتعوّد شيئاً فشيئأ وجوده بمفرده في سريره الخاص . وهذه خطوة أولى ومهمة لبناء شخصيته المتفرّدة .
اكتشاف الذات
سيطراً حدث مهم بين سن السنتين والنصف والثلاث سنوات ، ممّا يسبّب اضطراباً في حياة الطفل وحياتك أنت في الوقت نفسه . أولاً اكتشف وجودك أنت أمه . ثم تنبّه إلى وجود شخص آخر بقربك يقوم بدور مهم هو الأب . سيكتشف الآن ثالثاً أي هو نفسه . هذا الاكتشاف لا يتمّ في يوم واحد بالطبع . لكن من الواضح أن الطفل في هذه السن يلاحظ ويعي أنه شخص كجميع الأشخاص المحيطين به . نستطيع القول إن الطفل عندما يبلغ الثلاث سنوات يعلم أنه صبي أو بنت ، ويميز بين الفتيان والفتيات ، كما يعلم أنه طفلك وليس طفل الجيران . يتعرّف على نفسه في المرآة ويميّز الالوان . في هذه السن يصبح الطفل واعياً قدراته الجسدية فيقول : « أنا قوي ، أنا كبير ... » ، يعرف اسمه ويردّده ، يعلم أنه شخص مختلف عنك وعن أبيه . كلمتان تؤكدان ذلك : الـ « أنا » التي يستعملها والـ « لاّ » التي يستغلّها .
« أنا » تعني دوره وتدل على الذات : أنا أكلّمك أنتِ ، أنا مختلف عنك أنتِ التي تسمعينني . يقول الطفل « لا » لمعارضة شخص ما . « أنا » و« لا » هما تجسيد للمكان الذي يشغله طفلك في عالم البالغين .
هذه الاكتشافات تشكّل الجزء الأطول والأكثر إثارة في نفسية طفلك ، وأيضاً الأكثر صعوبة . إذ إن المراحل دقيقة للغاية والتطوّر لا يلاحظ بسهولة . كذلك الطفل لا يساعدك على تفهّم آرائه لأنه لا يتفوّه بكلمة لكي تكتشفي متى يلاحظ الطفل أنه كائن مستقل عن الآخرين ، أي أن له جسداً . راقبي تصرّفاته أمام المرآة ، ويكف يتأمّل يديه وقدميه ، لتعرفي كيف ينظر إلى الآخرين ويثبت وجودهم في وعيه ويفرّق بينهم وبينه ذاته .
في عمر الثلاثة أشهر ، عندما يوضع الطفل أمام المرآة ، ينظر إليها نظرته إلى أي غرض آخر . عند بلوغه الأشهر الستة يرى خيالك في المرآة فيفاجأ كما لو أنه يشكَ بوجود رابط بينك وبين صورتك . إذا تكلّمت تجدين عينيه تتنقلان بين شفتيك وصورتهما في المرآة ، دون أن يفهم السبب وكأنه يتساءل : كيف يمكن أن يكون وجه أمه هنا وهناك . ذلك من دون أن يشكَ بوجود علاقة بينه وبين صورته في المرآة . في العمر نفسه يمضي الطفل ساعات بمراقبة يديه . يديرهما ، يلعب بأصابعه ، يضع يداً في الاخرى لكنه لا يفرّق بين يده ويد أمه مثلاً . يأخذ يده ويدها ويضعهما كلتيهما في فمه ولا فرق . عندما تدعو الأم طفلها باسمه يدير رأسه صوبها ، ليس لأنه عرف اسمه بل لأنه يتجه نحو صوت أمه المألوف ، والذي يجب سماعه .
مع الوقت تتطوّر علاقة طفلك بالمرآة . في عمر العشرة أشهر عندما يمدّ الطفل يده نحو المرآة ليلعب مع الطفل الذي يراه أمامه يفاجأ بملامسة الزجاج القاسي . عند بلوغه السنة ينظر إلى صورة والدته في المرآة ، يحدّق اليها جيداً ثم ينظر إلى والدته ( الحقيقية ) ويسميها « ماما » . هنا يكون قد خطا خطوة كبيرة إلى الأمام حين اكتشف أن الشخص نفسه يمكن أن يكون أمام المرآة وداخلها في الوقت نفسه . أمّا بالنسبة إليه هو شخصياً فلا يزال الطفل الذي يراه في المرآة غريباً عنه .
عندما يتعلّم الطفل المشي يكتشف أن له جسماً وأن ساقيه وساعديه هي خاصته . وكلما خطا خطوة واحدة تصفّق أمّه له فيعرف أنه هو المعني بالأمر ، فيعاود الكرّة ويسقط ويرتطم رأسه بالأرض . يحسّ أن جزءاً منه يتألم فيلجأ إلى حماية رأسه كلّما سقط . عندما يعضّ يده ويتألّم يعرف أن هذه اليد له ولا يعاود الكرّة . عندما ترتطم قدمه بالكرسي وتؤلمه يعرف على الفور أنه ارتطم بالكرسي أي أنه مختلف عن الكرسي . يستنتج أن الكرسي شرير ولا يعود يلمسه مجدداً . في هذه المرحلة يتعرّف الطفل إلى اسمه ويردّ عندما يناديه أحد . عند بلوغه السنة والنصف يكتشف الطفل فجأة أن هذا الطفل الموجود داخل المرآة هو « هو » ... ، فيشعر بفرح عظيم ، ولا يعود يفارق المرآة ، ويقوم بحركات هزلية ويراقب نفسه . نلاحظ في هذه المرحلة أنه لا يزال يجد صوره الفوتوغرافية غريبة عنه . ذلك لأن هذه الصور جامدة بينما صورته في المرآة تعكس حركاته . لكنه يتعرّف إلى أهله في الصور . وهذا يؤكد قولنا بأن الطفل يعرف الآخرين قبل أن يتعرّف إلى نفسه .
بعد السنتين يكتشف الطفل أنه يستطيع التأثير على الآخرين بإضحاكهم وإزعاجهم وتسليتهم ورفض طلباتهم .
رغم أنه قد انفصل عن الآخرين ، إلاّ أنه لا يزال يتكلّم عن نفسه وكأنه غريب ، يقول : « بابا يخرج مع الطفل » . هو لا يدري أن الممثّل والمتفرج هما الشخص نفسه أي هو نفسه . بعد الثلاث سنوات لا يعود الطفل يهتم بالمرآة وينقل اهتماماته إلى الصور حيث يتعرّف إلى نفسه بسهولة فيشير إلى صورته ويستعمل تعبير « الأنا » باستمرار أما كلمة « نحن » فلا يردّدها الطفل قبل عمر الأربع سنوات . « نحن » هي الدليل على دخوله المجتمع فعندما يقول كلمة « نحن » ، يشرك الآخرين معه .
يتأمل في المرآة فيرى طفلاً . يمد يده ليلامس الطفل الذي يراه أمامه فيفاجأ بملامسة الزجاج القاسي . بعد أن يكتشف الطفل أن أمه يمكن أن تكون أمام المرآة وداخلها في الوقت نفسه ، يظل يحسّ ان صورته هو في المرآة ، تمثل طفلا غريباً عنه .
المصدر : بتصرف من کتاب اسرار الطفولة