عربي
Monday 25th of November 2024
0
نفر 0

الأديان الثلاثة والبشائر بالمهدي عليه السّلام

فكرة مجيء المصلح والمنقذ فكرة مقدّسة وعالميّة

الأديان الثلاثة والبشائر بالمهدي عليه السّلام

آمن أهل الأديان الثلاثة: اليهودية، النصرانية، وخاتم الأديان: الإسلام.. بظهور المنقذ العظيم الذي سينشر العدل والرخاء بظهوره في آخر الزمان؛ فقد آمن اليهود بمجيء المنقذ الذي يخرج في آخر الزمان، فيُقيم ما فسد من أخلاق الناس، ويُصلح ما غيّرته القوانين والأنظمة البشرية من طباع المجتمع. كما آمن النصارى بعودةِ عيسى عليه السّلام وجاءت بذلك البشارة في أناجيلهم(29)، فوافقوا بذلك العقيدةَ الإسلاميّة في عودة عيسى عليه السّلام، الذي أخبر رسولُ الله صلّى الله عليه وآله في أحاديث كثيرة عن عودته، وأنّه سيقتدي في صلاته بالإمام المهدي عليه السّلام، ويُعينه على أداء مهمّته العظمى في نشر العدل في أرجاء البسيطة.

 

عالميّة الاعتقاد بالمهديّ المنتظر عليه السّلام

لم يقتصر الإيمان بالمنقذ على أتباع الأديان السماويّة الثلاثة، بل شاركهم في ذلك الزرادشتيّون الذين ينتظرون عودة بهرام شاه، والهنود الذين يعتقدون بعودة فيشنو، والمجوس الذين يؤمنون بحياة أُشيدر، والبوذيّون الذين ينتظرون ظهور بوذا(30). كما نجد التصريح من مفكرّي الغرب وفلاسفته بأنّ العالم في انتظار المصلح العظيم الذي سيأخذ بزِمام الأمور، ويوحّد الجميع تحت راية واحدة وشعار واحد (31).

 

الاتفاق بين المسلمين على أصل قضيّة المهدي عليه السّلام

لا خلاف بين المسلمين في أنّ لهذه الأمّة مهديّاً، وأنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قد أخبر به وبشَّر به وذكر له أسماء وصفات وألقاباً، وبيّن أنّ المهدي من أهل بيته، وأنّه يملأ الأرض عدلاً، وأنّه يخرج مع عيسى عليه السّلام، وأنّه يؤمّ هذه الأمّة ويصلّي عيسى خلفه. والروايات الواردة في كتب الحديث في هذا الموضوع تفوق حدّ التواتر، وقد ألّف علماء المسلمين في قضيّة المهدي المنتظر عليه السّلام كتباً خاصّة(32)، وعدّوا الإيمان بالمهديّ من ضرورات الدِّين، خاصّة بعد أن رَوَوا عن النبيّ صلّى الله عليه وآله أنّه قال: مَن شكّ في المهديّ فقد كفر(33).

 

بشارات الأسفار بالإمام المهدي عليه السّلام

البشارة باقتراب ملكوت السماوات

وردت في كتب الأسفار بشارات عديدة بمجيء النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، وبظهور الإمام المهدي عليه السّلام، ومن تلك البشارات ما جاء في الأناجيل من أنّ السيّد المسيح عليه السّلام كان يأمر حواريّيه بأن يُعلنوا للناس اقترابَ ملكوت السماوات. جاء في إنجيل متّى «... اذهبوا بالحري إلى خِرافِ بيت إسرائيل الضالّة، وفيما أنتم ذاهبون، اكرزوا قائلين: إنّه قد اقترب ملكوت السماوات»(34).

وجاء في إنجيل لُوقا « وأيّة مدينة دخلتموها وقَبِلوكم، فكُلوا ممّا يُقدَّم لكم، واشفُوا المرضى الذين فيها، وقولوا لهم: قد اقترب منكم ملكوت السماوات »(35).

وكان عيسى عليه السّلام يُعلّم تلاميذه وأتباعه أن يقولوا في صلاتهم « أبانا الذي في السماوات، ليتقدّس اسمُك، ليأتِ ملكوتك »(36).

ولو كان ملكوت السماوات قد تحقّق في عهد عيسى المسيح عليه السّلام، لكان تعليمه هذا الدعاءَ لتلاميذه في صلاتهم لغواً وعبثاً، ولكان دعاؤهم « لِيأتِ ملكوتك » بلا معنى.

 

عيسى عليه السّلام يبشّر بالنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وبالمهدي عليه السّلام

وردت في إنجيل يوحنّا عدّة بشارات للسيّد المسيح عليه السّلام بمجيء خاتم الأنبياء: محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم، وخاتم الأوصياء: المهديّ عليه السّلام، حيث قال لحواريّيه حين اجتمعوا حوله لسماع آخر وصاياه «.. لكنّي أقول لكم الحقّ، إنّه خيرٌ لكم أن أنطَلِق، لأنّه إن لم أنطلق لا يأتيكم الفارقليط... ومتى جاء ذاك يُبكّت العالَم على خطيئة، وعلى برّ، وعلى دينونة؛ أمّا على خطيئة فلأنّهم لا يؤمنون بي، وأمّا على برّ فلأنّي ذاهبٌ إلى أبي ولا تَروَنني أيضاً، وأمّا على دَينونة فلأنّ رئيس هذا العالم قد دِينَ. إنّ لي أموراً كثيرة أيضاً لأقول لكم، ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن، وأمّا متى جاء ذاك روح الحقّ فهو يُرشدكم إلى جميع الحقّ، لأنّه لا يتكلّم من نفسه، بل كلّ ما يسمع يتكلّم به ويُخبركم بأمورٍ آتية، ذاك يمجّدني لأنّه يأخذ ممّا لي ويُخبركم »(37).

وكلمة « فارقليط » أو « بارقليط » تقابل في العربيّة محمّد وأحمد. وتشير عبارة « متّى ما جاء ذاك روح الحقّ » إلى أنّ روح الحقّ لم يأتِ بعدُ في زمن عيسى عليه السّلام، كما تشير عبارة « فهو يُرشدكم إلى جميع الحقّ » إلى أنّ رسالة خاتم الأنبياء صلّى الله عليه وآله وسلّم ستكون الرسالة الكاملة « اليومَ أكمَلتُ لكم دِينَكُم.. »(38) ، «ما فَرَّطْنا في الكتابِ مِن شيء»(39).

ونلاحظ أن عيسى عليه السّلام يقول لحواريّيه « وأنا أطلب من الأب فيُعطيكم فارقليطاً آخر »(40)، فمن هو يا ترى هذا الفارقليط الآخر الذي يُبشّر به عيسى بعد الفارقليط الأول عليه السّلام ؟

إنّ العبارة الكاملة في إنجيل يوحنّا تقول « وأنا أطلب من الأب فيُعطيكم فارقليطاً آخر يمكث معكم إلى الأبد »، وإذا تذكّرنا أنّ اسم الإمام المهدي عليه السّلام هو اسم النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، وأنّ عبارة « يمكث معكم إلى الأبد » ـ أي إلى يوم القيامة ـ يمكن فهمها إذا فسّرنا اصطلاح « الفارقليط » بمحمّد بن الحسن العسكريّ عليه السّلام المهدي المنتظر، الذي هو فارقليط آخر ( أي محمّد آخر )، والذي سيمكث مع الناس إلى يوم القيامة.

وإذا لاحظنا الروايات المتكاثرة الواردة في نزول عيسى عليه السّلام وصلاته خلف الإمام المهدي عليه السّلام، ومساعدته له في إنجاز مهمّته الكبيرة، فإنّنا سنُدرك ـ على نحوٍ أفضل ـ البشارات التي ذكرها عيسى عليه السّلام لحواريّيه.

ونلاحظ بشارة أخرى وردت في إنجيل يوحنّا، يقول فيها عيسى عليه السّلام لتلاميذه: « روح الحقّ ( أي الفارقليط ) الذي لا يستطيع العالَم أن يقبله؛ لأنّه لا يراه ولا يعرفه، وأمّا أنتم فتعرفونه لأنّه ماكثٌ معكم ويكون فيكم »(41).

تشير هذه العبارة بوضوح إلى الإمام المهدي عليه السّلام، الذي لا يستطيع العالَم أن يقبله لأنّه لا يراه ولا يعرفه. أمّا أتباع عيسى فيعرفونه؛ لأنهّم سيُشاهدون نبيّهم عيسى يقتدي به في صلاته، ويُعينه في مهمّته. قال تعالى « وإنْ مِن أهلِ الكتابِ إلاّ لَيؤمِنَنّ به قبْلَ مَوتِه ويومَ القيامةِ يكونُ علَيهم شهيداً »(42)، وقد روي عن الإمام الباقر عليه السّلام أنَه قال:

«إنّ عيسى عليه السّلام ينزل قبل يوم القيامة إلى الدنيا، فلا يبقى أهل مِلّة يهودي ولا غيره، إلاّ آمَنوا به قبل موتهم، ويصلّي عيسى عليه السّلام خلف المهدي عليه السّلام»(43).

وعلى أساس هذه البشارات حدّثنا التاريخ أنّ النجاشي ملك الحبشة ـ وقد كان نصرانيّاً ـ قال عندما تسلّم رسالة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم التي يدعوه فيها إلى الإسلام: « أشهدُ بالله أنّه نَفْس النبيّ الذي ينتظره أهلُ الكتاب »، وحدّثنا التاريخ عن المُقَوقِس حاكم مصر بموقف مماثل(44).

ولا ريب أنّ مَن يصدّق بالبشارة بمجيء النبيّ محمّد بن عبدالله صلّى الله عليه وآله وسلّم، لابدّ أن يصدّق بالبشارة بظهور وصيّه الإمام المهدي عليه السّلام: « الفارقليط الآخر » الذي لا يستطيع العالَم ـ في مدّة غَيبته ـ أن يقبله لأنّه لا يراه، والذي سيمكث إلى الأبد.

ونُشير في الخاتمة إلى أنّ عدم الإيمان بالمهدي عليه السّلام قد نُسب في البشارة إلى العالَم، أي إلى عامّة الناس، أمّا المؤمنون العارفون فقد وصفتهم الروايات الواردة عن أهل البيت عليهم السّلام بأنّهم قد صارت الغيبةُ عندهم بمنزلة المُشاهَدَة، وهؤلاء هم الأقلُّون عدداً الذين كان أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام يتأوّه شوقاً إلى رؤيتهم.

 

مَن صرّح بتواتر أحاديث المهدي عليه السّلام

صرّح علماء المسلمين من أهل الدراية وذوي الاختصاص بعلوم الحديث بتواتر أحاديث المهدي عليه السّلام الواردة في كتب أهل السنة، من هؤلاء العلماء:

1 ـ البربهاري شيخ الحنابلة في عصره ( ت 329 هـ )(45).

2 ـ محمّد بن الحسين الآبري الشافعي ( ت 363 هـ )(46).

3 ـ القرطبي المالكي ( ت 671 هـ )(47).

4 ـ الحافظ جمال الدين المِزّي ( ت 742 هـ )(48).

5 ـ ابن القيّم ( ت 751 هـ )(49).

6 ـ ابن حجر العسقلاني ( ت 852 هـ )(50).

7 ـ شمس الدين السَّخاوي ( ت 902 هـ )(51).

8 ـ الحافظ جلال الدين السيوطي ( ت 911 هـ )(52).

9 ـ ابن حجر الهيثمي ( ت 974 هـ )(53).

10 ـ المتقي الهندي ( ت 975 هـ )(54).

11 ـ محمد رسول البرزنچي ( ت 1103 هـ )(55).

12 ـ الشيخ السفاريني الحنبلي ( ت 1188 هـ )(56).

13 ـ الشيخ محمّد علي الصبّان ( ت 1206 هـ )(57).

14 ـ الشوكاني ( ت 1250 هـ )(58).

15 ـ مؤمن بن حسن الشبلنجي ( ت 1291 هـ )(59).

16 ـ أحمد زيني دحلان مفتي الشافعيّة ( ت 1304 هـ )(60).

17 ـ محمد صدّيق القنوجي البخاري ( ت 1307 هـ )(61).

وسوى هؤلاء كثير، وقد تتبّعهم بعض الباحثين ابتداءً من القرن الثالث الهجري إلى وقتنا الحاضر(62).

 

مَن صرّح بصحّة أحاديث المهدي عليه السّلام

صرّح بصحّة أحاديث المهدي عليه السّلام طائفة من أعلام أهل السنّة، منهم:

1 ـ الحافظ الترمذي صاحب الصحيح ( ت 297 هـ )(63).

2 ـ الحافظ أبو جعفر العقيلي ( ت 322 هـ )(64).

3 ـ الحاكم النيسابوري صاحب المستدرك ( ت 405 هـ )(65).

4 ـ البيهقيّ صاحب السنن الكبرى ( ت 458 هـ )(66).

5 ـ الفرّاء البغوي، صاحب مصابيح السنّة ( ت 510 هـ )(67).

6 ـ ابن الأثير الجزري، صاحب النهاية ( ت 606 هـ )(68).

7 ـ القرطبي المالكي ( ت 671 هـ )(69).

8 ـ ابن تيمية ( ت 728 هـ )(70).

9 ـ الحافظ شمس الدين الذهبي ( ت 748 هـ )(71).

10 ـ الحافظ الكنجي الشافعي ( ت 658 هـ )(72).

11 ـ الحافظ ابن القيم ( ت 751 هـ )(73).

12 ـ الحافظ ابن كثير الدمشقي ( ت 774 هـ )(74).

13 ـ نور الدين الهيثمي ( ت 807 هـ )(75).

14 ـ الحافظ جلال الدين السيوطي ( ت 911 هـ )(76).

15 ـ ناصر الدين الألباني، ( من المعاصرين )(77).

 

ولادة الإمام المهدي عليه السّلام

إنّ ولادة أيّ إنسان في هذا الوجود إنّما تَثبُت بإقرار أبيه، وشهادة القابلة، وإن لم يَرَه أحد قطّ غيرهما، فكيف وقد شهد جماعة من الثقات أهل الفضل والورع والفقه أنّ الإمام الحسن العسكري عليه السّلام قد آذَنَهم بولادة ابنه المهدي عليه السّلام، وشهد المئات على رؤيته، فقد شاهده بعضهم في سنّ الطفولة، ورآه بعضهم يافعاً، واعترف المؤرّخون بولادته، وصرّح علماء الأنساب بنسبه(78)، وظهر على يديه من الكرامات ما عرفه المقرّبون إليه، وصَدَرَت عنه وصايا وتعليمات، ونصائح وإرشادات، ورسائل وتوجيهات، وأقوال مشهورة وكلمات مأثورة. كما صدرت عنه بواسطة سفرائه الموثوقين المعروفين إخباراتٌ غيبيّة وتوجيهات لشيعته.

ونلاحظ أن الإمام الحسن العسكري عليه السّلام ـ كما هو شأنه ـ قد سلك سبيل الحكمة في المحافظة على حياة ولده الذي أعدّه الله تعالى لمهمّة خطيرة، فكتم أمره عن السلطة الحاكمة وعمّن لا يُؤتمن على مثل هذا السرّ العظيم، وأعلن أمره ـ في المقابل ـ لشيعته والمقرّبين إليه والمؤتمَنين لديه، حتّى أنّه عقّ عن ولده بعقيقة وأمر بتفريق لحمها على المؤمنين، مُعلِماً إيّاهم أنّها عقيقة عن ابنه محمّد المهديّ (79)، حتّى أنّ بعضهم دخل على الإمام الحسن العسكري عليه السّلام فهنّأه بولادة ابنه القائم عليه السّلام(80), وبعضهم التقى الإمام عليه السلام، فأراهم ابنَه المهدي عليه السلام وقال لهم: هذا صاحبكم(81).

يُضاف إلى ذلك أنّ بعض الجواري والإماء ممّن كُنّ في بيت الإمام العسكريّ عليه السّلام قد شاهدن الإمام المهدي عليه السّلام، وكذا الخَدَم من أمثال: طريف الخادم، وأبي الأديان الخادم، وأبي غانم الخادم، وعقيد الخادم، ونسيم ومارية، ومسرور الطبّاخ مولى أبي الحسن عليه السّلام، وجارية أبي عليّ الخيزراني التي أهداها إلى الإمام العسكريّ عليه السّلام(82).

كما أنّ هناك روايات كثيرة صريحة برؤية السفراء الأربعة ـ كلٌّ في زمان وكالته ـ للإمام المهدي عليه السّلام، وكثير منها بمحضرٍ من الشيعة، وشهادة وكلاء المهدي عليه السّلام(83). ومَن وقف على معجزاته عليه السّلام برؤيته ـ لا سيّما أنّهم من بلدان شتى وبأعداد من الكثرة ـ يمتنع معها اتّفاقهم على الكذب، ناهيك عن شهادة القابلة بولادة الإمام المهدي عليه السّلام، وهي السيّدة حكيمة بنت الإمام محمّد الجواد عليه السّلام التي تولّت أمر نرجس أُمِّ الإمام المهدي عليه السّلام في ساعة الولادة، وصرّحت بمشاهدة الحجّة بعد مولده(84)، وساعدتها بعض النسوة في عملية الولادة، منهن جارية أبي عليّ الخيزراني.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

تكاليف عصر الغيبة الكبری
المهدي والحسين عليه السلام الدور والتجلي
سيرة الإمام المهدي المنتظر(عجل الله فرجه)
أتحسب انك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر
كيف يكون الإنتظار للإمام المهدي عليه السلام
المدخل إلى عقيدة الشيعه الإمامية في ولادة الإمام ...
لإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه) في الإنجيل
انقطاع النیابة فی الغیبة الکبرى
الانتظار بين السلب والايجاب
عالمية الاعتقاد بالمهدي

 
user comment