عربي
Wednesday 13th of November 2024
0
نفر 0

من رجع بعد الموت

من رجع بعد الموت

1ـ قال ابن فارس: «رَجَع: الراء والجيم والعين، اصلٌ كبير مطرد منقاس، يدل على ردّ و تكرار. تقول: رَجَع يرجع رجوعاً اذ اعاد و راجع الرجل امراته و هى الرَجعة والرِجعة... والاسم الرجعة...(1).
2ـ ابن الاثير: «الرجعة: المرة فى الرجوع و منه حديث ابن عباس:... سأل الرجعة عند الموت... اى سأل ان يُردَّ الى الدنيا ليحسن العمل و يستدرك مافات... والرجعة مذهب من العرب... و مذهب طائفة من فرق المسلمين...»(2).
3ـ الفيروزآبادي : «يؤمن بالرجعة اى بالرجوع الى الدنيا بعد الموت»(3).
4ـ الطريحي : «الرجعة بالفتح، اي المرة فى الرجوع بعد الموت بعد ظهور المهدي عليه السلام»(4).
و هى عندنا بمعني رجوع الحجج الالهية و رجوع الائمة الطاهرين و رجوع ثلة من المؤمنين و غيرهم الى الدنيا بعد قيام دولة المهدي.
و قد فسرها البعض برجوع دولة الحق لارجوع الاموات الى الدنيا و هو تفسير شاذ لايقول به مشهور الامامية.
1ـ قال الصدوق: «إن الذي تذهب اليه الشيعة الامامية، اَنّ الله تعالی يعيد عند ظهور المهدي قوماً ممن كان تقدم موته من شيعته و قوماً من اعدائه»(5).
2ـ و قال المفيد: «اتفقت الامامية على وجوب رجعة كثير من الاموات الي الدنيا قبل يوم القيامة و ان كان بينهم فى معنى الرجعة اختلاف»(6).
و قال ايضا: «انما يرجع الى الدنيا عند قيام القائم من محض الايمان او محض الكفر محضاً فأما سوى هذين فلارجوع الى يوم المأب»(7).
توضيح الاختلاف: لعل المراد بالاختلاف الذى اشار اليه الشيخ المفيد هو تأويل بعض الشيعة الامامية، للاخبار المستفيضه فى الرجعة الى رجوع دولة الحق، و رجوع الامر و النهي الي الائمة(عليهم السلام) و الى شيعتهم واخذهم بمجارى الامور، دون رجوع اعيان الاشخاص و اليه اشار الشيخ الصدوق قائلا: «و انّ قوماً من الشيعة تأوّلوا الرجعة على معناها: رجوع الدولة والامر والنهي من دون رجوع الاشخاص و إحياء الاموات»(8).

الامكان والوقوع.

قبل الخوض فى الادلة واثبات هذه الفكرة، لدينا سؤال يطرح نفسه و هو هل انّ الرجعة امر ممكن ذاتاً ام ممتنع و محال.
والجواب: لايرى العقل اىّ استبعاد فى ذلك ولايراها من الممتنعات العقلية كاجتماع النقيضين والضدين و ذلك لان مفاد الرجعة التى نعتقدها هى عبارة عن احياء بعض النفوس فى هذه النشأة بعد ما ذاقت الموت و هذا امر ممكن الحصول والوقوع و شي معقول، كيف و هو من رشحات قدرة الخالق تعالى قدره الذي عمّت قدرته جميع الممكنات.
اذن لايلزم من القول بها محال ولا المنافات للتكليف بل على المستشكل فيها من الالتزام باحد الامرين: اما انكار الصغرى و دعوى ان الرجعة ليست من الامور الممكنة.
او انكار الكبرى و دعوى ان الله ليس بقادر ـ والعياذ بالله ـ على ان يحيي الموتى، وكلاهما فى حيَّز المنع بلاريب.
و حينئذ: فلوقامت الادلة الصحيحة على هذه العقيدة والفكرة. فمن اللازم قبولها والالتزام بها، كأىّ عقيدة من العقائد الاسلامية التي تبنّاها المسلمون والتزموا بها نتيجة لقيام البراهين الصحيحة والادلة القاطعة.

هل الرجعة امر واقع؟

قد يقال: هب أنّ الرجعة امر ممكن ولكن هل هو امرٌ واقع؟ اذ ليس كل امر ممكن هو واقع ايضاً.
والجواب: لدينا شواهد قرآنية و احاديث شريفة و نصوص تاريخية، تصرح بالحيات بعد الموت ـ فى هذه الدنياـ و تحقق الرجعة فى الامم السابقة و فى هذه الامة المرحومة بالذات و قد صنف بعض علماء السنة في هذا الحقل مصنفات و اوردوا قائمة باسماء الذين رجعوا الى الدنيا بعد الموت.
هذا ابن ابي الدنيا المولود عام 208 والمتوفى 281 هـ - ق ، المشهور بالتصانيف الكثيرة النافعة الذائعة فى الرقائق و غيرها الصدوق الحافظ ـ كما عن ابن كثير(9) ـ والاديب الاخبارى كثيرالعلم من حديثه فى غاية العلو ـ كما عن الذهبي(10) ـ والورع الزاهد العالم بالاخبار والروايات، كما عن ابن نديم(11) والصدوق كما عن الرازي(12) تراه يخصص مصنفاً مضفاته بمن رجع الى الدنيا و يسميه «من عاش بعد الموت»(13).
من رجع الى الدنيا من الأمم السالفة:

1ـ سبعون رجلا من قوم موسى(عليه السلام):

روى محمد بن كعب القرظى، ذيل قوله تعالى: و اختار موسى قومه سبعين رجلا(14)
قال اختار من صالحيهم سبعين رجلا ثم خرج بهم فقالوا اين تذهب بنا؟ قال: اذهب بكم الى ربي، و عدني ان ينزّل علىَّ التوراة قالوا فلا نؤمن بها حتى ننظر اليه!
فبقي موسى قائماً بين اظهرهم ليس معه منهم احد. قال: رب لو شئت اهلكتهم من قبل و اياي اتهلكنا بما فعل السفهاء منا(15)
ماذا اقول لبني اسرائيل اذا رجعت اليهم و ليس معي رجل ممن خرج معي، ثم قرأ: ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون(16).
قالوا: هدنا(17) اليك، قال فبهذا تعلّقت اليهود، فتهودت بهذه الكلمة(18).
قال الصدوق: فأحياهم الله له. فرجعوا الى الدنيا فأكلوا وشربوا ونكحوا النساء و ولد لهم الاولاد ثم ماتوا باجالهم.(19)
و فى الدر المنثور: فأحياهم الله فرجعوا الى قومهم انبياء(20).

2ـ إحياء الالوف بعد موتهم:

روى ابن ابي الدنيا ذيل قوله تعالي: ألم تر الى الذين خرجوا من ديارهم و هم الوف حذر الموت(21).
قال: كان أناس من بني اسرائيل اذا وقع فيهم الوجع ذهب اغنيائهم و اشرافهم و آقام فقراؤهم و سفلتهم فاستحرّ ـ اي اشتد ـ الموت على هولاء الذين اقاموا و لم يصب الاخرين شي، فلما كان عام من تلك الاعوام قالوا: ان اقمنا كما اقاموا، هلكنا كما هلكوا و قال هولاء: لو ظعنّا ـ ارتحلنا ـ كما ظعن هولاء نجونا كما نجوا فاجمعوا فى عام على ان يفروا ففعلوا حتى بلغوا حيث شاء الله أن يبلغوا فارسل الله عليهم الموت حتى صاروا عظاماً تبرق، فكنسها اهل الديار و اهل الطريق فجعلوها فى مكان واحد فمرَّ نبي ـ لهم ـ عليهم قال حصين: حسبت انه قال: حزقيل.
قال: يا رب: لوشئت احييت هولاء فيعبدون و يعمروا بلادك [ويلدوا عبادك] قال: و احبَّ اليك ان افعل!؟ قال: نعم.
قال: قيل له: قل كذا و كذا فتكلم بامر، اُمِرَ به، فنظر الى العظام تكسى لحماً و عصبأ، ثم تكلم بأمر أمر به فاذا هم صور يكبرون و يسبحون و يهللون، فعاشوا ماشاءالله ان يعيشوا.(22).
فلا خلاف فى رجعتهم و حياتهم بدعاء حزقيل ام ارميا. فلا مفر من التصديق والالتزام بهذا عمومية القدرة تقتضي عدم الفرق بين احياء هولاء و غيرهم سابقاً ولاحقاً.

3ـ احياه الله بعد مائة عام:

و هذا عزير قد مات ثم بعثه الله الى الدنيا بعد ماة سنة فبقى الى أن مات بأَجله.
روى ابن ابى الدنيا.. عن الحسن فى هذه الاية: او كالذي مرّ على قرية و هي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه»(23).
قال: ذكر لي أنه اماته ضحوة ثم بعثه حين سقطت الشمس من قبل أن تغرب «قال: كم لبثت قال لبثت يوماً او بعض يوم قال: بل لبثت مائة عام فانظر الى طعامك و شرابك لم يتسنّه وانظر الى حمارك و لنجعلك اية للناس»
قال: ان حماره لبجنبه و طعامه و شرابه، قد منع [منه] الطير والسباع من طعامه و شرابه.
وانظر الى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحماً.
قال: لقد ذكر لى أن اول ما خلق منه عيناه فجعل ينظر الى العظام عظماً عظماً كيف يرجع الى مكانه فلما تبين له، قال: اعلم أن الله على كل شىء قدير.
و عن سفيان عن الاعمش: جاء شاباً و اولاده شيوخ و عن علي(عليه السلام) فأتى مدينته و قد ترك جاراً له اسكافاً شاباً و هو شيخ كبير.... و عن ابن عباس: فركب حماره حتى آتى محلته فانكره الناس و انكر الناس و انكر منازله فانطلق على و هم منه حتى أتى منزله فاذا هو بعجوز عمياء قد أتى عليها مائة و عشرون سنة كانت أمة لهم فخرج عنهم عزير و هي بنت عشرين سنة...
و عنه: انه كان يجلس مع بنى بنيه و هم شيوخ و هو شاب لانه كان مات و هو ابن أربعين سنة فبعثه الله شاباً كهيئته يوم مات».(24)

4ـ رجعة سام بن نوح الى الدنيا:

ابن ابى الدنيا... عن معاوية بن قرة، قال: سألْت بنو اسرائيل عيسى بن مريم (عليه السلام)قالوا يا روح الله و كلمته انّ سام بن نوح دفن ها هنا قريباً فادع الله أن يبعثه لنا.
قال: فهتف نبى الله به فلم يرشيئاً و هتف فلم يرشيئاً فقالوا: لقد دفن هاهنا قريباً فهتف نبى الله فخرج أشمط(25). قالوا: يا روح الله و كلمته: نبّئنا (اى اخبرنا) انه مات و هو شاب، فما هذا البياض؟!
فقال له عيسى(عليه السلام) ما هذا البياض قال: فظننت آنها من الصيحة ففزعت»(26).
قال الله عز وجل لعيسى بن مريم(عليه السلام) و اذ تخرج الموتى بأذنى(27) فجميع الموتى الذين أحياهم عيسى(عليه السلام) بأذن الله رجعوا الى الدنيا و بقوا فيها ثم ماتوا باجالهم(28).

5 ـ رجعة الشيخ القتيل:

لقد روى المفسرون ذيل الاية الكريمة: ان الله يأمركم، قصة(29) الشيخ القتيل ـ فى بنى اسرائيل ـ ايام نبى الله موسى(عليه السلام) حيث جاووا بالبقرة الى قبر ذلك القتيل، فذبحوها فضرب ببضعة من لحمها القبر فقام الشيخ ينفض رأسه و هو يقول: قتلنى ابن اخى، طال عليه عمرى، و اراد اخذ مالى ثم مات(30).
تفصيل القصة:
حدثنا عبدالله قال: حدثنا ابو خيثمة قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن ربيعة بن كلثوم قال: ذكر ابى(31) عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال: كانت مدينتان فى بنى اسرائيل احداهما حصينه و لها ابواب والاخرى خربه فكان اهل المدينة الحصينة اذا امسوا اغلقوا ابوابها و اذا اصبحوا قاموا على سور المدينة ينظرون هل حدث فيما حولها حدث، فاصبحوا يوماً فاذا شيخ، قتيل، مطروح بأصل مدينتهم فأقبل اهل المدينة الخربة فقالوا أقتلتم صاحبنا؟ و ابن اخ له شاب يبكى عنده و يقول: قتلتم عمىّ، قالوا والله مافتحنا مدينتنا منذ اغلقناها و ما ندبنا من دم صاحبكم هذا بشي، فأتوا موسى(عليه السلام) فأوحى الله عز و جل الى موسى: ان الله يأمركم ان تذبحوا.(32)
قال: و كان فى بنى اسرائيل غلام شاب يبيع فى حانوت له و كان له أب شيخ كبير، فأقبل رجل من بلد أخر و طلب سلعة له عنده فأعطاه فيها ثمناً فانطلق معه ليفتح حانوته فيعطيه الذى طلب والمفتاح مع أبيه فاذا أبوه نائم فى ظل الحانوت، فقال: أيقظه، فقال والله ان أبى لنائم كماترى و أنى أكره ان اروّعه من نومه فانصرف الى الشيخ و هو يغط نوماً قال: أيقظه قال: والله انى لأكره أن اروعه من نومته، فانصرفا فأعطاه ضعف ما أعطاه، فعطف على أبيه، فاذا هو اشد ما كان نوماً.
فقال: أيقظه! قال: لا والله لا أوقظه أبداً و لا أروعه من نومه.
قال: فلما انصرفا و ذهب طالب السلعه استيقظ الشيخ فقال له ابنه: يا أبتاه والله لقد جاء هاهنا رجل يطلب سلعة كذا و كذا، فكرهت أن اروعك من نومك فلامه الشيخ فعوضه الله من بره لوالده أن بقرة من بقرة تلك البقرة التى يطلبها بنواسرائيل، فأتوه، فقالوا بعناها!
فقال: لا أبيعكموها! قالوا: اذن نأخذها منك!
قال: ان غصبتمونى سلعتى، فأنتم أعلم. فأتوا موسى(عليه السلام). فقال: اذهبوا فأرضوه من سلعته، فقالوا: حكمك!؟ قال: حكمى أن تضعوا البقرة فى كف الميزان و تضعوا ذهباً صامتاً فى الكفة الاخرى، فاذا مال الذهب اَخذته. قال: ففعلوا واقبلوا بالبقرة حتى اَتوا بها الى قبر الشيخ و هو بين المدينتين واجتمع اهل المدينتين وابن أخيه عند قبره يبكى فذبحوها فضرب ببضعة من لحمها القبر فقام الشيخ ينفض رأسه.
يقول: قتلنى ابن اخى، طال عليه عمرى، و اراد اُخذ مالى و مات(33).
6ـ رجعة اولاد ايوب:
ورد فى التفاسير ذيل الاية الكريمة: و وهبنا له اهله و مثلهم معهم...»(34) ان الله عزوجل رد على ايوب اولاده اذ احياهم له فعاشوا معه ففى الجلالين و احيى الله له من مات من اولاده، و رزقه مثلهم.
و عن البيضاوى: وُلد ضعف ما كان و احيى ولده و ولد له منهم.
و عن ابن عباس انه قال: ان الله رد على المرأة شبابها فولدت له ستة و عشرين ذكراً و كان له سبع بنين و سبع بنات، أحياهم بأعيانهم.
و عن السيوطى: «و رد الله عليه ماله و ولده عياناً و مثلهم معهم...»(35).
فاذا ثبت رجعة اناس الى الدنيا بعد موتهم ـ سواء فى هذه الامة ام فى الامم السابقه، ثم دلت عشرات الروايات الصحيحة ـ الواردة عن الائمة(عليهم السلام) على وقوع الرجعة فى هذه الامة، فما المانع من قبولها و ما الدليل المسوغ لردها؟! او لستم ثبتوا بعض عقائدكم المردودة و مبانيكم الفقهية الغريبة على اساس بعض النصوص ـ الاحاديث ـ غير الثابتة. كرؤية اله و جسميته، و سهو النبى و نزول الله الى سماء الدنيا و...
هذه ثلة من الذين رجعوا الى الدنيا بعد الموت ـ فى الامم السابقة ـ و من تتبع التواريخ و التفاسير و جد نماذج اخرى و قد صرح القرآن الكريم بوقوعها و تحققها، كما هناك روايات و احاديث صحيحة ايضاً تؤكد على الحياة بعد الموت والرجوع الى الدنيا.
فلو قامت روايات و احاديث صحيحة على انه يتحقق الرجوع الى الدنيا فما المانع من قبولها و ما الدليل على رده و ما الحجة فى ذلك؟
يقول العلامة الطباطبايى: «على اَن الايات بنحو الاجمال دالة عليها ـ الرجعة ـ كقوله تعالى: ام حسبتم أن تدخلوا الجنة و لما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم»(36).
و من الحوادث الواقعة قبلنا ما وقع من احياء الاموات كما قصه القرآن من قصص ابراهيم و موسى و عيسى و عزير و ارميا و غيرهم.
و قد قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) فيما رواه الفريقان «والذين نفسى بيده لتركبن سنن من كان قبلكم حذوا النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى لاتخطئون طريقهم ولا يخطئكم سنن بنى اسرائيل(37).»
7- رجعة يوشع بن نون:
ان طالوت ندم و اراد التوبة و أقبل على البكاء حتى رحمه الناس. فكان كل ليلة يخرج الى القبور فيبكى و يقول: أنشد الله عبداً علم لى توبة إلاّ أخبرنى بها.
فلما اكثر ناداه مناد من القبور: يا طالوت أما رضيت قتلتنا أحياءاً حتى تؤذينا أمواتاً فازداد بكاءاً و حزناً فرحمه الرجل الذى أمره بقتل تلك المرأة فقال له: أن دللتُك على عالم لعلّك تقتله! قال: لا فأخذ عليه العهود والمواثيق، ثم أخبره بتلك المرأة فقال: سلها هل لى من توبة؟ فحضر عندها و سألها هل له من توبة؟ فقالت: ما أعلم له من توبة ولكن هل تعلمون قبر نبي؟ قالوا: نعم، قبر يوشع بن نون. فانطلقت و هم معها فدعت، فخرج يوشع، فلما رآهم قال: مالكم؟ قالوا جئنا نسألك هل لطالوت من توبة؟ قال: ما أعلم له توبة الا أن يتخلّى من ملكه و يخرج هو و ولده فيقاتلوا فى سبيل الله حتى تقتل اولاده ثم يقاتل هو حتى يقتل فعسى أن يكون له توبة ثم سقط ميتاً...».
و قيل: ان النبى الذى بُعث لطالوت حتى أخبره بتوبته، أليسع، و قيل: اشمويل، واللّه أعلم.. (38)
قال ابن اسحق: كان النبى الذى بعث لطالوت من قبره حتى أخبره بتوبته اليسع بن اخطوب.
حدثنا بذلك ابن حميد قال: حدثنا سلمة عن ابن اسحاق.(39)
انظر مختصر تاريخ دمشق، فانه اورد كيفية احياء اليسع نقلا عن مكحول و فيه: «فخرج اليه اليسع فقال: يا طالوت ما بلغت خطيئتك أن أخرجتنى من مضجعى الذى أنا فيه».
قال: يا نبى الله، ضاق علىّ أمرى فلم يكن لى بدّ من مسألتك عنه، قال: كفارة خطيئتك أن تجاهد بنفسك و اهل بيتك حتى لايبقى منكم احد ثم رجع اليسع الى مضجعه، قبره...(40)»
ابن منظور: اقول و مكحول هذا: ان كان الازدى البصرى(41) فهو ثقة عند يحيى بن معين و غيره و ان كان ابا ايوب الدمشقى الكابلى فهو من افقه اهل الشام، و ان كان البيروتى: فهو ثقة من ائمة الحديث و ان كان ابن الفضل فقد سكتوا عنه.

العودة الى الحياة فى امة محمد(صلى الله عليه وآله):

يحدثنا التاريخ و كتب الاحاديث و الرجال عمن احياه الله بعد موته فى هذه الامة ـ و وردت بذلك نصوص صحيحة و بأسانيد لايتأمل الباحث ـ على مبناهم ـ فى صحتها.
و هذه هى عبارة اخرى عن الرجعة و ان ابوا أن يسموها بهذالاسم و سموها: «من عاش بعدالموت».
الف ـ فهذا زيد بن خارجه يتكلم بعد موته و لم يتردد احد ـ كما قيل ـ فى تحقق هذه القصة فهو الرجل الخزرجي الانصاري الذي شهد بدراً وتوفي ايام عثمان و قد تكلم بعد الموت ـ كما فى الاستيعاب والاصابة واسد الغابة و عشرات الكتب ـ و لم يختلف فيه احد، بل روى ذلك عن كثير ين منهم: انس بن مالك.
ب ـ و ذاك شاب من الانصار يعود الى الحياة كما عن انس.
ج ـ وذلك ثالث عاد الى الحياة كما حدث به ربيعة بن كلثوم البصري الذي و صفه ابن حجر بانه صدوق.
د ـ و هذا رجل من الانصار تكلم بعدموته ـ كما نقله الزهري ـ عن سعيد بن المسيب.
هـ ـ و ذاك رجل من قتلى مسيلمة الكذاب ـ يتكلم بعدمقتله ـ كما رواه حصين السلمى، الثقة ـ عندهم ـ
و ـ و هذا ربعي بن خراش قدمات اخوه ثم تكلم بعد موته و قد اُيدت القصة بتصديق ـ كما قالواـ عائشة.
ز ـ و ذاك مخلد بن الضحاك قد مات خاله ثم استعاد حياته واستشهد بعد ذلك،عام 122 هـ .
ح ـ و هذه رؤبة ابنة بيجان فانها استعادت حياتها بعد موتها كما قاله المغيرة بن حذف.
ط ـ و هذا رجل من جهينه مات فى الجاهلية ثم احياه الله و ادرك الاسلام، كما رواه عامر بن شراحيل ـ الثقة العالم ـ عندهم.
ى ـ و ذاك شهيد مقتول فى الحرب، احياه الله لينصر آخاه الذى وقع فى حصر العدو، فينقذه و يقتل عدوه ثم يرجع ميتاً كما نقله يزيد بن سعيد الثقة العابد عندهم.
ك ـ و هذا ميت يخرج من قبره و هو متأجج بالنار كما رواه عبدالله بن شوذب و ابو يحيى المدني المقبول عندهم.
ل ـ و هذا مجاهد شهيد، أحياه الله فاخبر من حوله بما شاهده ثم مات، كما رواه حمزة بن العباس الثقة عندهم.
و عليه: انَّ من يراجع كتب اهل السنة يراها مليئة بالشواهد والادلة على الرجعة فى هذه الامة ولا مضايقة فى التعبير، فانهم احرار فى أن يعبروا عن هذه النماذج من الحياة بعد الموت، بما شاوؤا و بما يحلو لهم انفسهم، ولكن الواقع هو أن هذه من ابرز مصاديق الرجعة. فان كان الاعتقاد بها من مقولات الجاهلية ـ كما يتفّوه به ابن الاثير ـ فهولاء الثقات من رواه السنة بمن فيهم من التابعين و الصحابة و من نساء النبي يرون و يصدِّقون بمقالات الجاهلية فليست الشيعة الامامية هى الوحيدة فى هذالحقل.

شاب انصاري يعود الى الحياة:

1ـ روى ابن ابي الدنيا بسنده الى انس بن مالك قال: عدت شاباً من الانصار فما كان بأسرع من أن مات، فأغمضناه و مددنا عليه الثوب، فقال بعضنا لأمه: احتسبيه!
قالت: و قد مات! قلنا نعم.
انّ مسألة الرجعة من امهات المسائل العقائدية و مما اجمعت عليها الامامية وقامت عليها عشرات من الروايات الصحيحة كما حدثت فى الأمم السابقه كراّت و مراّت واتفق ايضاً رجوع عشرات الاموات الى الدنيا فى هذه الامة، و كُتُب الفريقين طافحة بذكر أسمائهم و قصصهم و قضاياهم.
المصادر :
1- معجم مقائيس اللغة، ج 2، ص 490.
2- النهاية، ج2، ص 202.
3- القاموس، ج 3، ص 28 ـ مثله فى صحاح اللغة للجوهرى، ج 3، ص 1216.
4- مجمع البحرين، 4، 334.
5- اعيان الشيعة، 1، 132 .
6- اوائل المقالات، 46 .
7- تصحيح الاعتقاد، 90 .
8- الاعتقادات: 76.اعيان الشيعة، 1، 132.
9- البداية والنهاية، 11، 71 .
10- تذكرة الحفاظ، 2، 677 .
11- الفهرست: 262 .
12- الجرح والتعديل،5،163.
13- طبع فى القاهرة ـ مكتبة العرفان ـ تحقيق مصطفى عاشور.
14- اعراف، 155 .
15- البقرة، 56 .
16- البقرة،56.
17- اى رجعنا وعدنا تائبين.
18- من عاش بعد الموت، 74 الرقم 50 .
19- الاعتقادات، 63 .
20- الدر المنثور، 3، 128 ـ 129 .
21- البقرة، 243 .
22- من عاش بعد الموت، 77 الرقم، 51 ـ تفسير الطبرى، 2، 368 ـ مجمع البيان، 2، 346 ـ تفسير النيشابورى، هامش الطبرى، 2، 390 ـ تفسير ابن عباس، 2، 391 ـ الدر المنثور، 1، 131 ./ المحكم والمتشابه، ص 3 و 57 .
23- البقرة، 259 .
24- من عاش بعد الموت، 78، الرقم، 52 ـ انظر غيبة الطوسى، 260 ـ الايفاظ، 184 ـ اثبات الهداة، 3، 512 ـ معجم احاديث الامام المهدى، 5، 50 .
25- بياض شعر الرأس يخالط سواده ـ مجمع البحرين، 4، 259 .
26- من عاش بعد الموت، 85، الرقم 58 ـ الدر المنثور، 2، 32 .
27- المائده، 110 .
28- مجمع البيان، 2، 445 .
29- سوره بقره آيه 67.
30- من عاش بعد الموت، 79، 54 .
31- كلثوم بن جبر و هو ثقة عندهم. / تفسير الطبرى، 1، 268 .
32- البقرة، 67.
33- من عاش، 79، الرقم، 54 .
34- سوره «ص» آيه 40.
35- الدر المنثور، 5، 316 ـ جامع البيان، 16، 42 ـ تفسير النيشابورى، 44 ـ الشيعة والرجعة، 2، 154.
36- البقرة، 214 .
37- تفسير الميزان، 2، 108 .
38- الكامل فى التاريخ 1، 154 ـ تاريخ الطبرى، 1، 280 ـ مختصر تاريخ دمشق، 11، 170 فانه قد اورد تفصيل القصة فراجع.
39- تاريخ الطبرى، 1، 280
40- مختصر تاريخ دمشق، 11، 170
41- سير اعلام النبلاء، 5، 160 ـ 5، 159 ـ 15، 34 ـ 15، 33 .

source : راسخون
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

خطبة عيد الأضحى الخطبة الثانية
موقف الإمام الرضاعليه السلام من ولاية العهد
ظلامات فاطمة الزهراء عليها السلام
ما قاله الأعلام في فضائل الإمام الرضا عليه ...
الإسلام وحجاب المرأة
قاعدة تفسير القرآن بالسنة
سيرة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام
ظهور الخراساني وشعيب في إيران
عصمة الزهراء البتول (عليها السلام)
من رجع بعد الموت

 
user comment