عربي
Tuesday 26th of November 2024
0
نفر 0

نساء في القران

نساء في القران

في احلک الظروف الزمانية والمکانية نجد آسيه بنت مزاحم أمرأة فرعون تطرح مسألتين مهمتين الا وهما التولي والتبري .
إن هذين الامرين اوالطلبين ، أحدهما لقاء الله والآخر الجنة ، أي أحدهما ( جنة اللقاء ) والآخر ( جنات تجري من تحتها الأنهار ) ، في هذه الأدعية الستة ، أو هذا الدعاء الذي فيه سنة مطالب ، يعودان إلى التولي ، والطلبات الأربع الأخرى تعود إلى التبري ،
1 ـ ( ونجني من فرعون )
2 ـ ( وعمله )
3 ـ ( ونجني من القوم الظالمين )
4 ـ وأعمالهم وهي محذوفة .
عندما قالت ( ونجني من فرعون وعمله ) لم يكن طلبها ان ينجيها الله من عذاب فرعون ، يمكن ان يقول شخص إلهي نجني من الظالم ، ولكنه حين يصل إلى السلطة يمارس الظلم ، أما هذه المرأة فلم تطلب من الله نجاتها من فرعون فقط ، بل طلبت الخلاص من عمله وهو الشرك ، لم تطلب النجاة من ظلمه فقط ، بل طلبت الخلاص من الظلم ، طلبت النجاة من أن تكون مظلومة أو ظالمة ، طلبت النجاة من الوقوع في شركه ومن التفكير في ادعاء الربوبية ( ربّ نجني من فرعون وعمله ) ثم قالت : ( ونجني من القوم الظالمين ) قد يتخلص الشخص من فرعون ولكنه يقع في فخ آل عمران أو سائر الظالمين ، لذا عرضت الطلب الخامس ( ونجني من القوم الظالمين ) وحذفت ( أعمالهم ) بقرينة ( نجني من فرعون وعمله ) وحذف ( ما يعلم جائز .
بناء على هذا فهذه المرأة التي تفهم بهذه الدرجة العالية وفي طلباتها يوجد تبري وتولي وتسأل من الله مسائل اجتماعية وفردية ، هل أن هذه المرأة النموذجية هي نموذج للنساء ؟ أم انها نموذج للمجتمع ؟ قال الله تعالى : ( وضرب الله مثلاً للذين آمنوا ) ، ولم يقل : ( ضرب الله مثلاً للنساء ) أو ( اللاتي آمنّ ) ، لهذا يتضح انه ليس لدينا نموذج للنساء ، لدينا امرأة نموذجية ، ولكنها ليست نموذجاً للنساء . المرأة النموذجية هي نموذج للناس .
مقام مريم عليها السلام الخاص القرآن
النموذج الرابع الذي جاء في القرآن الكريم هو مريم عليه السلام . وهذا النموذج ذكر في سورة التحريم كالنماذج الثلاثة الآنفة . بعد أن قال تعالى : ( وضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون ) ، قال في الآية اللاحقة تكريماً لمقام مريم عليه السلام الخاص :
( مريم أبنة عمران ) (1) .
أي ( وضرب الله مثلاً للذين آمنوا مريم ابنة عمران ) . مريم التي ( أحصنت ) مريم التي ( فنفخنا فيه من روحنا ) ، مريم التي ( وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين ) ، ولأن مقام مريم كان أرفع من مقام امرأة فرعون ، لذا لم يذكرهما دفعة واحدة ، بل ذكرهما في آيتين منفصلتين ، على خلاف تينك الكافرتين اللتين ذكرتا في آية واحدة . ( ومريم ابنة عمران ) التي وصلت من أثر الاحصان والصيانة والعفة ومن أثر تلقي تلك الروح الغيبية إلى ان ( وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين ) (2) .
يفهم جيداً من هذه النماذج الأربعة في سورة التحريم أنه لا الرجل النموذجي هو نموذج للرجال ، ولا المرأة النموذجية نموذج للنساء ، يمكن ان يكون الفلاح النموذجي ، نموذجاً للفلاحين ، والصناعي النموذجي ، نموذجاً للصناعيين ، والخطاط النموذجي نموذجاً للخطاطين ، ولكن الإنسان النموذجي ، هو نموذج لجميع الناس ، ولا يختص بالمرأة أو الرجل .
ويجب طبعاً عند تقييم مقام وكمالات مريم عليها السلام عدم نسيان دور أمها ، رغم أن مريم عليها السلام تربت على يد زكريا ، لكن هذا الأمر كان في المرحلة النهائية ، وليس في المرحلة الابتدائية ، كانت أمها أهلاً لأن تلد أم نبي ، وكان لديها ذلك الخضوع الذي جعلها تهدي ابنتها إلى معبد الله . وان قبول الله تعالى هذه الجوهرة كان من أجل أنه يعلم أنه إذا أعطاها فيضاً ستكون أمينة في حفظ الفيض . ورغم ان مريم عليهم السلام تقبلها ربها وهي في سن الطفولة :
( فتقبلها ربها بقبول حسن ) (3) .
ولكن الله تعالى كان يعلم ان هذه المرأة لو حصلت على كمال ستكون أمينة على حفظ الكمال .
لقد اعطى الله تعالى فضيلة لعدد كثير من الرجال ، وكان يعلم أنهم ليسوا أهلاً لذلك ، وأنهم سوف يفتضحون في النهاية ، وكان إعطاء الفضيلة لهم من باب ( معذرة إلى ربّكم ) (4) واتمام حجة ، لذا أعطاهم فضيلة ولم يعطهم منصباً ومامورية . لأن الشخص الذي في عمله كشف خلاف ، لو حصل على مأمورية ومنصب يوجه ضربة لأسس الدين الإسلامي اعطى تعالى لبلعم بن باعورا فضيلة ولم يعطه منصباً ، أعطى للسامري فضيلة ولم يعطه منصباً ، لم يكن السامري إنساناً صغيراً ، لقد رأى بعينه الباطنية أثر الملائكة وقال :
( بصرت بما لم يبصروا به ) (5) .
ولكن بدلاً من أن يأخذ فيضاً من ذلك الأثر ، ويواصل طريق موسى وهارون عليهما السلام ويتتلمذ عندهما جاء ونشر عبادة العجل . وكان بلعم بن باعورا شخصاً قال بشأنه الله تعالى :
( واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها ) (6) .
تلك نماذج قرآنية تقوم على ان الله يعلم لمن يعطي منصباً ، ولكنه يعطي فضيلة حتى يتضح أن البعض يبدل عمداً الفضيلة إلى رذيلة ، ولأن الله تعالى مطلع على بواطن وظواهر الجميع لا يعطي أبداً منصباً رسمياً للذين لهم لاحقة سوء .
( الله أعلم حيث يجعل رسالته ) (7) .
الله تعالى يعلم لمن يعطي مأمورية ، الله تعالى ليس كالبشر العاديين يعطي لشخص إبلاغاً ، ثم يحصل كشف خلاف ويقول إني لا أبصر ما في الباطن . إن الله تعالى يقبل الذين يعلم أنهم ثابتون وملتزمون بحسن اختيارهم . وكانت مريم من هذه النماذج ، . بناء على هذا رغم انها لم تقم بعمل في أول ولادتها ، ولكن كان معلوماً أن الله إذا اعطاها فضيلة ، تلتزم وتثبت على حفظها ، لذا تولت رعايتها في بداية ولادتها ، أمّا مثل امرأة عمران ، فبعد أن أرادت الوفاء بنذرها ، أودعتها في المعبد ، ومن ذلك الحين وما بعده :
( وكفّلها زكريا ) (8) .
أي جعل الله سبحان وتعالى زكريا كفيلاً لها ، و ( كفّل ) في هذه الجملة أخذت مفعولين ( المكفّل ) هو الله ، والله تعالى كفل مريم تحت رعاية زكريا ( وكفلها زكريا ) لا ( تكفلها زكريا ) ، لم يتكفل زكريا إلا بالوحي الإلهي ، لم تكن القرعة وقعت باسم زكريا بصورة تلقائية ، لذا قال تعالى : إنهم اقترعوا وكانوا الكثير يحبون تربية هذه الطفلة .
( وما كنت لديهم إذ يختصمون ) (9) .
واقترعوا وخرجت القرعة باسم زكريا ، بمشيئة الله .
( وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم ) (10) .
ويقول الله تعالى بأنه نظم الخطة بنحو يكون فيه هو المكفل ويكون زكريا متكفلاً ، ومريم تحت الكفالة ، وهذا في مرحلة البقاء حيث تربيتها ورشدها ، وإلا ففي بداية ولادتها وتكونها وظهورها وهجرتها من الرحم إلى الحضن ، كانت في ظل تربية تلك الامرأة .
تقييم مقام مريم عليها السلام بنظر المفسرين :
يذكر القرآن الكريم نماذج كثيرة ، وأحد تلك النماذج هو مؤشر تربية ورشد وحياة وعبادة وعفاف مريم عليها السلام . إن ما يبينه القرآن الكريم بشأن مريم عليها السلام هو انه :
( كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب ) (11) .
كما أن الملائكة ، تكلمت مع مريم وسمعت كلام مريم أيضاً ، بل أن مريم رأت الملائكة ، بل إنها أيضاً جعلت على مرأى منهم . وهذه تعابير رفيعة للقرآن بشأن مريم عليها السلام وأن ملائكة كثيرة تكلمت معها وسمعت كلامها ، وهذا القول الذي كان بصورة شفهية تبدل إلى شهود . وفي موضع آخر . وفي مقام تبيين مقام مريم الرفيع قال تعالى :
( وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين * يا مريم اقنتي لربك واسجدي وأركعي مع الراكعين ) (12) .
كما بشرتها بالمسيح عليه السلام :
( إذ قالت الملائكة يا مريم ان الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح ) (13) .
وفي تبيين حياة مريم عليها السلام اعتبرت مجموعة من ( أهل الاعتزال ) كالزمخشري ـ في الكشاف ـ الذين سلكوا طريق التفريط ، أن مشاهدة الملائكة ، وسماع كلام الملائكة هو أما بعنوان ( كرامة لزكريا ) أو عدوه ( إرهاص عيسى ) ، وظنوا ان تلك المرأة لا تستطيع الوصول إلى هذا المقام ، وتتمتع بالكرامة ، وتسمع كلام الملائكة وتتلقى بشارة الاصطفاء من الملائكة وتتلقى منها البشارة بكونها أصبحت أما لنبي ، لذا قالوا : إن كل هذه الفضائل التي حظيت بها مريم هي إما بعنوان معجزة لزكريا أو بعنوان إرهاص عيسى ، كما تقع مجموعة أمور خارقة للعادة قبل القيامة يعبر عنها بعنوان ( أشراط الساعة ) ، كذلك قبل ظهور أو ميلاد نبي تقع مجموعة أمور خارقة للعادة وهي علامة ظهور نبي ، وعبروا عن هذه الأمور الخارقة للعادة في الكتب الكلامية بعنوان ( إرهاص ) .
أما أهل الافراط كالقرطبي وهو من المفسرين المعروفين من أهل السنة ، وغيره ممن يشاطره الفكر فيعتقدون أن مريم كان لديها منصب النبوة ، لذا نزلت عليها ملائكة كثيرة ، وأخبرتها عن الوحي ، وأعلنت لها مسألة صفوتها وطهارتها عن طريق الإلهام وبشرتها بانها أصبحت أما لنبي وغير ذلك ، ولأن مريم تلقت وحي الملائكة ونزلت عليها الملائكة ووصل كلامها من رتبة المشافهة إلى المشاهدة فهي نبي ، لأن كل شخص نزلت عليه الملائكة وجاءت بالوحي ورآى الملائكة هو نبي .
أما الإمامية الذين يسيرون في طريق القسط والعدل فيهم يعتقدون ان جميع هذه المقامات والكرامات تتعلق بمريم عليها السلام أي هي وصف لحال الموصوف لا متعلق الموصوف ـ ويجب عدم وصفها لحساب إعجاز زكريا ، ومن ناحية أخرى فإن مريم عليها السلام لم تصل إلى مقام الرسالة والنبوة التشريعية ، وهاتان المسألتان يبينهما مفسروا الإمامية بالاستناد إلى الظواهر القرآنية .
المسألة الأولى : أن جميع هذه الكرامات تتعلق بمريم عليها السلام ، بدليل ظواهر القرآن ان الملائكة تكلمت ولكن ليس فقط بعنوان هاتف غيب وملاك باطن ، بل أصبحت مشهودة لها ، كما أن هذه الخطابات والنداءات تجلت أحياناً بصورة تمثل أيضاً ، كما جاء في القرآن الكريم :
( فتمثل لها بشراً سوياً * قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت نقياً ) (14) .
فقال الملك :
( إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكياً ) (15) .
ظاهر هذه الآيات هو أن مريم عليهم السلام تلقت لوحدها هذه المقامات ومقام مريم أدّى لأن يطلب زكريا من الله ذرية :
( هنالك دعا زكريا ربه ) (16) .
علاوة على أن التوصية بالقنوت ودوام العبادة والخضوع المستمر ، والسجود والركوع هو دليل على مقام مريم ، كما أن الأوصاف التي ذكرها الله تعالى لهذه المرأة ، دليل على أن شخصية مريم أدت إلى أن ترى الملائكة وتتكلم معها وتسمع كلامها ، أو عندما ذكر الله تعالى مريم بأنها :
( وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين ) (17) .
أو في قوله تعالى :
( وأمه صديقة ) (18) .
أي أن عيسى له أم كانت تصدق كلام الغيب ، لم تكن صادقة فقط ، بل إنها عدت من الصديقين ، وأن كونها صديقة وتأييد الله لصحة هذا الموضوع دليل على أن جميع هذه الفضائل لمريم عليها السلام .
أما ان يعتقد الزمخشري ومن يشاطره الرأي بأن هذه الكرامات كانت بسبب زكريا أو أنها كانت إرهاصات نبوة المسيح عليه السلام فذلك ليس لأن المرأة لا تستطيع الوصول إلى هذا المقام ، بل على أساس تفكير المعتزلة غير صحيح .
من أنه ليس المرأة فقط بل لا يستطيع أي رجل أيضاً ، الوصول إلى مقام الكرامة ، والأنبياء فقط يمكن ان تحصل لهم معجزة ، ولا يستطيع غير الأنبياء ان يتمتع بكرامة ، سواء كان رجلاً أو امرأة ، وهذا الكلام قد أبطل في محله ؛ لأن الكرامة غير المعجزة ، المعجزة تختص بالأنبياء ، ولكن الكرامة ثابتة لجميع أولياء الله .
مع هذا التوضيح وهو أن خرق العادة إذ اقترن بادعاء النبوة ، وامتزج بالتحدي ، فيسمى هذا معجزة وإلا فهو كرامة .
أما ما تصوره الافراطيون مثل القرطبي ـ في الجامع ـ وغيره ممن يحمل هذا الفكر فكان على أساس قياس منطقي ، لكن لم يتكرر الحد الوسط في ذلك القياس أو لم تنظم الكبرى مع كليتها ، ولأن القياس لم يكن تتوفر فيه شروط الانتاج المنطقي ، فقد أصيبوا بالمغالطة من هذه الناحية .
وبيان المغالطة هو أن القرطبي قال في تفسيره : إن الوحي نزل على مريم عليها السلام ، ونزلت الملائكة وتكلمت معها ، ولم يكن هذا الحوار في حدود المشافهة فقط بل وصل إلى حد المشاهدة ، وكل شخص ينزل عليه الوحي ويسمع كلام الملائكة ويصل من الكلام الشفهي إلى الشهودي هو نبي ، فمريم عليها السلام نبيّ .
المقدمة الأولى لهذا القياس وهي صغرى صحيحة ، أي أن مريم عليها السلام لم تتكلم مع الملائكة بصورة شفهية فقط بل رأت الملائكة شهوداً وتمثلت لها . أما المقدمة الثانية أي كبرى القياس التي تقول : إن كل شخص رأى الملائكة وتلقى الوحي هو نبي ، فانها لست عامة.
المصادر:
1- سورة التحريم ، الآية : 12 .
2- سورة التحريم ، الآية : 12 .
3- سورة آل عمران ، الآية : 37 .
4- سورة الأعراف ، الآية : 164 .
5- سورة طه ، آية : 96 .
6- سورة الأعراف ، الآية : 175 .
7- سورة الأنعام ، الآية : 124 .
8- سورة آل عمران ، الآية : 37 .
9- سورة آل عمران ، الآية : 144 .
10- سورة آل عمران ، الآية : 144 .
11- سورة آل عمران ، الآية : 37 .
12- سورة آل عمران ، الآيتين : 42 ـ 43
13- سورة آل عمران ، الآية : 45 .
14- سورة مريم ، الآيتين : 17 ـ 18 .
15- سورة مريم ، الآية : 19 .
16- سورة آل عمران ، الآية : 38 .
17- سورة التحريم ، الآية : 12 .
18- سورة المائدة ، الآية : 75 .

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

ماذا يحب الرجل في المرأه ..
دعوة للتكامل مع الاحتفاظ بخصوصية الآخر
خصائص الأسرة المسلمة
هل يعاني الشباب حقاً من مشكلة؟
إصدار كتاب "كربلاء كما شاهدت
اعتصام “زينبيات صمود” ومسيرات “أنات الإنتصار” ...
الواصلية
الإمام الخميني (ره) أحيا الإسلام وبث روح المقاومة ...
الشيخ محمد حسن النجفي المعروف بالشيخ صاحب ...
اليك عشر طرق للنوم الهاديء

 
user comment