هذه مجموعة من الأسئلة التي تدور في خَلَدِ كلّ فتاة حول خصائص الرجل والمرأة والفرق بینهما، قد تجد لها أجوبة، وقد تلجأ لأمّها أو أختها أو رفيقتها، أو مربّيتها في المدرسة. لكن لعلّها لم تقتنع في الإجابة، ويبقى حبّ المعرفة يدفعها للسؤال أكثر فأكثر. ثمّ حاولنا الإجابة عنها عبر متخصّصين في الحقل الاجتماعيّ، ثمّ قام أحد الأساتذة الكرام في الحوزة العلميّة ببيان الحكم الشرعي لكلّ سؤال.
* س / لماذ إرث البنت نصف إرث الغلام؟ ولماذا يفضَّل الرجال على النساء؟
ج- من المعروف أنّ الإرث يوزّع بين أبناء وبنات الميت على قاعدة للذّكر مثل حظّ الأنثيين. قال الله- تبارك تعالى-: ﴿يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ...﴾(1)
والإيصاء هو العهد والأمر. وقد جاء توريث النساء في القرآن الكريم بعدما كانت الجاهليّة تمنع توريثهنّ.
ولكن ما هي الحكمة في جعل نصيب الرجل ضعفَيّْ نصيب المرأة في هذه المسألة؟ ذلك هو ما أشار إليه قوله تعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ...﴾(2)، والقوّام من القيام، وهو إدارة المعاش، والمراد بالفضل هو الزيادة في التعقّل، فإنّ حياة الرجل يغلب عليها الطابع العقليّ، بينما يغلب على حياة المرأة العاطفة والإحساس، ولذلك فإنّ ترك زمام المبادرة في التدبير والإنفاق بيد الرجل الذي ينفق من ماله أقرب إلى الصلاح من إعطائه يداً ذات إحساس عاطفيّ.
وفي مقارنة بسيطة في تداول الثروة الموجودة في الدنيا المنتقلة من الجيل الحاضر إلى الجيل التالي نلاحظ أنّ تدبير ثلثَيْ الثروة الموجودة يُسند إلى الرجال، وتدبير ثلثها الباقي يُسند إلى النساء، ولكنّ الله- سبحانه- وبمقتضى حكمته جعل التوازن في العلاقة بين الرجل والمرأة هو الأساس، فأوجب- سبحانه- على الرجل أن يدفع مهراً للمرأة الزوجة، كما أمر الرّجل بالإنفاق على زوجته، فتشاركه فيما حصل عليه من الثلثين، بينما يبقى ثلثها كما هو بل زاد بأخذها المهر، لأنّها ليست بحاجة إلى أن تنفق على نفسها (فيما لو كانت متزوّجة)، فيصير حاصل هذا التشريع أنّ للرجل ثلثي الثروة في الدين، ولكنّ عليه مصرف زوجته ومهرها، فتقلّ ثروته عن الثلثين، بل قد تصل إلى الثلث. وأنّ ثلث المرأة بقي على ما هو بل زاد، وعليه تكون النتيجة هي العدالة بين الطرفين، ونلاحظ أنّ غلبة روح التعقّل على روح العاطفة في الرجل هي الأنسب والأصلح، والتدبير الماليّ بالحفظ والتبديل والإنتاج والاسترباح أنسب بروح التعقّل. كما ونلاحظ أنّ غلبة العواطف الرقيقة والإحساسات اللطيفة على روح التعقّل في المرأة هي الأنسب والأصلح. وهذا لا يعني أنّها لا تتعقّل، فهي تتعقّل، إلّا أنّ الأنسب لها غلبة العواطف والإحساسات.
أمّا التفضيل فالمراد به- والله العالم- زيادة روح التعقّل بحسب الطبع في الرجل على الأحاسيس والعواطف. وقد جُهّز الرجال- إجمالاً- بالبأس والشدّة والصّلابة والخشونة، وتترتّب على هذه الأمور في المجتمع الإنسانيّ آثار عظيمة في أبواب الدفاع والحفظ والأعمال الشاقّة، وتحمّل الشدائد والمصائب، والثبات والسكينة في الهزاهز والأهوال، وهذه شؤون ضروريّة في الحياة.
كما جهّز الله- سبحانه- النّساء بما يقابل ما عند الرجال بالإحساسات الّلطيفة والعواطف الرقيقة التي لا غنى للمجتمع عنها في حياته، ولها آثار هامّة في أبواب الأنس، والمحبّة، والسكن،
والرحمة، وتحمّل أثقال التناسل والحمل والوضع، والحضانة والتربية والتمريض والخدمة، وما إلى ذلك ممّا لا يصلح شأنه بما ورد عند الرجال من مميّزات.
وبشكل إجماليّ عام نجد في الرجل والمرأة تجهيزين متعادلين، تتعادل بهما كفّتا الحياة في المجتمع المختلط المركّب من الجنسين. وحاشاه- جلّ وعلا- أن يظلم في كلامه أو في حكمه ﴿... وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾(3)، وهو القائل: ﴿... بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ..﴾(4)
وقد أشار- سبحانه- إلى هذا الالتئام والبعضيّة بقوله تعالى: ﴿بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾(5 )
*س / هل هناك تفاوت أساسيّ بين الرجل والمرأة؟
ج- إنّ المرأة في الإسلام ذات شخصيّة تساوي شخصيّة الرجل في حرّية الإرادة والعمل من جميع الجهات، قال تعالى: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ﴾(6) ولا يفترق حالها عن حال الرجل إلّا في ما أودعه الله- سبحانه وتعالى- من خصائص جسديّة ونفسيّة وروحيّة تتناسب مع دورها وتتغاير مع المكّونات الأساسيّة للرجل. وقد تقدّم ذلك في الجواب السابق.
س / لماذا لا يحقّ للمرأة أن تصبح قاضية؟ ولا يحقّ لها أن تكون مرجعاً في التقليد؟ ولا يجب عليها المشاركة في الجهاد؟
ج- إنّ هذه الأمور من قضاء ومرجعيّة وجهاد يجب بناؤها على التعقّل، وليس على الإحساس والعاطفة. وهذه الأمور تدابير اجتماعيّة عامّة اختصّ بها الرجال، لكونهم يغلّبون جانب التعقّل على جانب الإحساس والعاطفة. وبما أنّ المرأة تختصّ بقوّة وغلبة الإحساس والعاطفة على قوّة التعقّل كان من المناسب أن تربّى فيما يناسبها من المقاصد والمآرب. فالرّجال بشكل إجماليّ عام ينجحون في الجهاد والقضاء والمرجعيّة... لأنّها تتناسب مع طبيعتهم وما يحملونه من خصائص وطباع. والنّساء ينجحن بشكل إجماليّ عام في ما يتناسب مع طبيعة تكوينهنّ، كالطبّ والنسج والتربية والتمريض... وكما أنّ التعقّل موهبة إلهيّة، فكذلك الإحساس والعاطفة موهبة إلهيّة، والله سبحانه أسقط عنها وجوب الجهاد ولم يحرّمه عليها فلها أن تجاهد إذا شاءت، والنتيجة الأهمّ عند الوقوف بين يدَيّ الله تعالى للحساب، فمن يعمل مثقال ذرّة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرّة شراً يره، وهناك لا فرق بين الرجل والمرأة، حيث الموازين القسط، والأساس هو حسن العاقبة.
*س/ لماذا لا يحقّ للمرأة أن تكون مرجع تقليد؟
ج- يمكن للمرأة أن تصل إلى مرحلة الاجتهاد، كما يمكنها تحصيل درجة العدالة. إلّا أنّ المرجع في التقليد يشترط أن يكون ذكراً، لأن الناس من الخاصّة والعامّة سيراجعونه في أمورهم، وهذا لا يتناسب مع روحيّة النساء في الدنيا، على أساس غلبة عواطف وأحاسيس المرأة على تعقّلها، وعدم مناسبة لقاءاتها بالعامّة والخاصّة حفظاً لمقامها الخاص ودورها المكمّل مع دور الرجل للمجتمع البشريّ.
*س / لماذا أُعطيَ حقّ الطّلاق للرّجل دون المرأة؟
ج- الطّلاق هو من الشؤون التدبيريّة التي يجب أن تعتمد على التعقّل، وليس على الأحاسيس والعواطف. وبما أنّ الرجال تغلب عندهم- إجمالاً- صفة التعقّل على الأحاسيس والعاطفة أعطي هذا الحقّ لهم. ولو أعطي هذا الحقّ للمرأة فكم بيتاً تبقى الزوجيّة قائمة فيه؟ فعند الكثير من المشاكل لو أعملت العواطف والأحاسيس لحصل الطلاق فوراً، بينما مع التعقّل يكون التأنّي سيّد الموقف غالباً. والأصلح للمرأة غلبة العواطف والأحاسيس عندها على التعقّل، لتمارس الدور المطلوب منها بشكل سليم ومناسب.
وأيضاً الرجل هو الذي تزوّج ودفع مهراً فالمناسب أن يكون التسريح بيده لا بيد غيره.
*س / إذا كانت حقوق المرأة مساوية لحقوق الرّجل فلماذا تعادل شهادة الرّجل شهادة امرأتين؟
ج- أوّلاً: إنّ الرجل يساوي المرأة ويعادلها، ولكنّه لا يشابهها، فلو كان الإثنان متشابهين لكان لدينا جنس واحد وليس جنسان.
فلا فرق بين الرجل والمرأة من الناحية الإنسانيّة، وأيضاً هما من حيث المؤهّلات بدرجة واحدة قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾(7)
ثانياً: إنّ الخصوصيّة الروحانيّة للمرأة في الدنيا تغلب فيها الأحاسيس والعواطف على التعقّل، ولهذا نرى أنّ شهادة المرأة لا تُقبل في بعض الأمور، كما في بعض الشهادات على الدم، في حين أنّه تقبل شهادتها وحدها بدون الرجال في أمور أخرى، كما في مسائل تخصّ النساء.
أمّا حول ما ورد في السؤال فإنّ شهادة الرجل في بعض الموارد تعادل شهادة امرأتين، وذلك لأنّه إن نسيت إحداهما ما شهدته تذكّرها الأخرى. وهذا ليس انتقاصاً لها، بل هو توزيع أدوار ما بين الرجل والمرأة ليكتمل المجتمع الإنسانيّ بهما، ولا يكتمل بجنس واحد، أو بدور واحد للجميع.
*س / لماذا يعتبر الإمام علي عليه السلام أنّ النساء نواقص العقول؟
ج- ورد في نهج البلاغة، أنّ الإمام علياً عليه السلام قال: "معاشر الناس، إنّ النّساء... نواقص العقل"، إلى أن قال: "وأمّا نقصان عقولهنّ فشهادة امرأتين كشهادة الرجل الواحد..". وقد ورد هذا الكلام بعد واقعة الجمل. وقد اشتملت هذه الواقعة على هلاك جمع عظيم من المسلمين، حيث كانت الجيوش المقابلة لخليفة المسلمين وصيّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الإمام علي عليه السلام تتبع رأي امرأة. وبعد انتهاء المعركة أراد الإمام عليه السلام أن ينبّه إلى وجوه نقصان عقول النّساء وأسبابه، وهذا يشير إلى أنّه عليه السلام كان يقصد من كلامه العقل الاجتماعيّ والإداريّ الدنيويّ، وهذا يعني أنّ الجانب العاطفيّ عند النساء يغلب جانب التعقّل. ونحن نلاحظ أنّ بعض النساء يتفوّقن على بعض الرجال من جهة العقل، وهذا لا يعني غلبة التعقّل على الأحاسيس والعواطف الشديدة، لذلك كانت النّساء نواقص العقول في هذا الجانب بسبب غلبة العواطف، وغلبة العواطف ضرورة لأجل الحمل والوضع والإرضاع والتربية... إلخ.
*س / لماذ نهى الإمام علي عليه السلام عن مشورة النّساء؟
ج- ورد في نهج البلاغة، أنّه فيما أوصى به الإمام علي عليه السلام لابنه الإمام الحسن عليه السلام كما قيل: "... وإيّاك ومشاورة النّساء فإنّ رأيهنّ إلى أفْنٍ، وعزمهنّ إلى وهن...". وهذا الكلام يتمحور حول الأمور التي يغلب فيها طابع التعقّل على جانب الأحاسيس والعواطف، حيث يقتضي الأمر في موارد السياسة والحاكميّة مشاورة من له تجربة أدّت إلى الاطمئنان بكمال عقله وعدم تأثره بالعواطف. والمعروف أنّ النساء لا يخضن في هكذا تجارب، لذل-ك قال عليه السلام: "فإنّ رأيهنّ إلى أفن"، أي إلى نقص وزوال، وقال عليه السلام:"وعزمهنّ إلى وهن" أي إلى ضعف. وهذا يعني أنّه ليس لهذه المرأة تجربة أتاحت لها أن تعطي رأياً ثابتاً مستقرّاً وقويّاً. ولكن إذا علم الرجل أنّ لها تجربة كافية فلا مانع من استشارتها. وقد نُقل عن الإمام علي عليه السلام في بحار الأنوار قوله:"إيّاك ومشاورة النساء إلاّ من جرّبت بكمال عقلها".
والنهي عن المشورة لم يقتصر على النساء، بل ورد النهي عن مشاورة الرجل الجبان والبخيل والحريص.
إذاً فالمسألة مرتبطة بدور خاص رُسم للمرأة، وهو غلبة الأحاسيس والعاطفة، وهذا دور يشكّل مع دور الرجل تكاملاً اجتماعيّاً. وهذا ما أشار إليه الإمام علي عليه السلام في نهاية قوله عن عدم المشاورة، بقوله:"فإنّ المرأة ريحانة وليست قهرمانة"، فهي ذات أحاسيس رقيقة ومشاعر وعواطف شديدة، وليست ذات دور كالقهرمانة فهي ليست حاكمة، والحاكميّة لا تناسب عاطفتها.
*س/ لماذا كانت دية المرأة نصف دية الرجل في الشريعة الإسلاميّة؟
ج- خلق الله- سبحانه وتعالى- الرجل والمرأة، وجعلهما يتكاملان في الحياة، وأوكل لكلّ منهما مهامَّ تنسجم مع طبيعته وتركيبته، وهكذا في ما يتعلّق بالحقوق، بحيث لا يظلم أيّاً منهما، ولذلك لا يظلم الله تعالى المرأة ولا يسلبها حقوقها، فيجازيها بكلّ عمل عملته، فإن عملت خيراً فإنّها تجزى خيراً، وإن فعلت شرّاً يجزيها بمثل ما عملت. ولذلك لا تنتقص مسألة الدية هنا من شأن المرأة وإنسانيّتها، بل كما يتبيّن فإنّ الأمر مرتبط بحال التكامل الاجتماعيّ، وتوزّع الأدوار بين الرجل والمرأة، فالرجال شأنهم الإنفاق والجهاد وبذل المهور، بينما المرأة يُنفَق عليها، ولا يجب عليها الجهاد والإنفاق على الزوج، فالمسؤوليّة الماليّة الملقاة على عاتق الرجل أكبر من مسؤوليّة المرأة، فلذا تخسر العائلة مالياً عندما تفقد رجلاً منها أكثر ممّا تخسر لو فقدت العائلة امرأة منها. وهذا سبب وجيه لتكون دية الرجل ضعف دية المرأة.
ولا بدّ من ملاحظة هنا، وهي أنّه لو قتل الرجل امرأة عمداً جاز لوليّ المرأة قتل الرجل القاتل، ولا يسقط قتله لأنّ المقتول امرأة.
* س/ لماذا لم يبعث اللّه نساءً أنبياءً وأئمّة للبشريّة؟
ج- لا توجد موانع تحول دون نزول الوحي على النّساء من الناحية المبدئيّة. ولعلّ طبيعة المرأة وخصائص تكوينها لا يساعدان على تأدية الوظائف الموكلة للنبيّ. ومن هنا تتّضح حكمة
اختصاص النبوّة بالرّجال من خلال التدقيق في نوع وظائف النبيّ، فالشخص المكلّف إيصال رسالة السماء إلى الناس يواجه أشخاصاً متعدّدين، وفي ظروف متنوّعة ومختلفة ويتحمّل مشاقَّ كثيرة لا تطيقها المرأة عادة، وعليه أن يعقد الجلسات مع الأفراد البارزين والأساسيّين في المجتمع، ويكون على اتّصال دائم معهم، ويتعهّد الدفاع ضدّ الأعداء. وبشكل عام فالنبوّة تمتلك جانباً يغلب عليه طابع الزعامة والقيادة وتدبير وإدارة المجتمع، وبالتالي فالرجال ومن خلال تكوينهم هم أكثر قدرة على القيام بهذه الأمور.
*س/ هل التأديب البدنيّ للمرأة جائز في الشريعة الإسلاميّة؟
ج- إنّ الشريعة الإسلاميّة ركّزت على التأديب البدنيّ كعلاج لأخطاء لا يمكن معالجتها بغير التأديب البدنيّ. فلو فعل مكلّف ما سواء كان رجلاً أم امرأة حراماً ولم ينته بالإنكار القلبيّ ولا بالكلام ينتقل الأمر إلى التأديب البدنيّ حتّى يرتدع عن المعصية. ومع إفادة غير التأديب البدنيّ يحرم الانتقال إلى التأديب البدنيّ.
فالمرأة كالرّجل لا يجوز ضربها ابتداء، نعم لو فعلت منكراً وكانت مصرّة على التكرار يجب نهيها عن المنكر بالإنكار القلبيّ، فإن لم ينفع يجب نهيها بالّلسان (طبعاً لا يجوز إهانتها وسبّها)، فإن لم ينفع يجب نهيها بالضرب غير المبرح، إذا كان احتمال التأثير وارداً، فحالها من هذه الجهة كحال الرّجل بلا فرق. وأمّا ما ورد في قول الله تبارك وتعالى: ﴿... واللّاتي تخافون نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً...﴾(8) فلها تفسيرها الخاص، وهو:
أوجب الشرع الإسلاميّ على الرجل الزوج أن ينفق من ماله على زوجته، وأوجب على الزوجة أن تطاوع الزوج وتطيعه في ما يرتبط بالاستمتاع والمباشرة، فإن خاف الزوج من زوجته النشوز (أي: العصيان والاستكبار عن الطاعة)، بأن بدت علائم النشوز عليها، فعلى الزوج أن يقوم بوعظ هذه الزوجة، وإن لم ينفع الوعظ ينتقل إلى هجرها في المضجع (كأن يدير لها ظهره في النوم)، فإذا لم ينفع الهجر جاز ضربها بنيّة ردعها عن المنكر، بشرط أن لا يكون الضرب مبرحاً، (أي لا يجوز له أن يسبّب لها الإدماء أو التورّم والكدمات، أو تغيير لون البشرة). وهذه المرتبة (أي الضرب) لا تجوز إذا تحقّق المراد بإحدى المرتبتين السابقتين، بل يجب الترتيب بين هذه المراتب، وبتعبير أوضح لا يجوز له الهجر إذا تحقّق ما يريده بالمرتبة الأولى (الوعظ)، ولا يجوز له الضرب إذا تحقّق الأمر بالمرتبة الثانية (الهجر) وهكذا.
من هذه الآية يتبيّن أنّ التأديب البدنيّ إنّما يجوز مع فعل المنكر وعدم تأثير المرتبتين السابقتين، وبشرط أن لا يكون الضرب مبرحاً، والشرط الأخير يستفاد من أدلّة شرعيّة أخرى.
* س / إذا لم يكن من فرق أو تفاوت بين الذكر والأنثى فلماذا ورد عن الأئمّة عليهم السلام بعض الأدعية لطلب الذكر دون الأنثى؟
ج- ورد عن الأئمّة عليهم السلام الكثير من الروايات التي تذكر فضل البنات، منها: ما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: نعم الولد البنات، مُلْطِفَات، مجهِّزات، مونسات، مبارَكات، مفلّيات".
وعن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال:"البنات حسنات، والبنون نعمة، فإنّما يُثاب على الحسنات، ويُسأل عن النعمة".
وعن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال:"قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من عال ثلاث بنات أو ثلاث أخوات وجبت له الجنّة، فقيل: يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واثنتين؟
فقال: واثنتين، فقيل: يا رسول الله: وواحدة؟ فقال: وواحدة".
وهذه الأحاديث واضحة في إبراز فضل البنات، فلا مجال للحديث عن اختصاص الفضل بالذكور.
والأئمّة عليهم السلام كان لهم طلب من الله تعالى للذّكر، ولعلّ سرّ هذا الطلب هو تفكيرهم بالخليفة والإمام من بعدهم. والإمامة عمل إجرائيّ مخصوص بالرّجال، لما لديهم من غلبة التعقّل على العاطفة، ولما هم فيه من شدّة وبأس وما شاكل ذلك.
وطلب الذكر- أيضاً- لا يخلو من طلب شخص يساعد الأب في أعماله ووظائفه، ويخشى بعضهم من مشاكل تعترضه وهو يربّي الفتاة، فإنّ أقلّ ما يخدش الحياء كان يؤثّر في الوالد. والله تعالى العالم.
والمهمّ أنّ الله- تبارك- جعل الذّكر والأنثى في مرتبة واحدة من التكليف والحساب، وإذا كانت الأنثى قد عملت صالحاً فستجازى عليه بالخير ولن تظلم لأنّها أنثى.
* س/ إذا لم يكن من فرق بين الذكر والأنثى، فلماذا كان الانتساب إلى سلالة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم عن طريق الأب دون الأمّ؟
ج- إنّ الله تعالى جعل نسل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم من فاطمة وهي أنثى، نعم هناك عناوين عرفيّة أقرّها الشرع، وذلك مثل أنّ الهاشميّ هو من ينتسب بالأب لا بالأمّ، ولكن في نهاية الأمر هو ينتسب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بواسطة الزهراء عليها السلام.
خلق الله- سبحانه وتعالى- الذّكر والأنثى وجعل كلّاً منهما يتميّز عن الآخر بخصائص وميزات أودعها فيه، ليتكاملا في الحياة من خلال ما رسمه لهما من أدوار ومهام ووظائف. هذه الميزات لا تجعل فيها الفضل لأحدهما دون الآخر، إنّما هي تكاليف يقوم بها كلّ منهما حسب مقتضيات دوره، فالتمايز والتفاضل هنا إنّما يكونان في الأدوار وليس في أصل الإنسانيّة، بل جعل- سبحانه- الأفضليّة بين الرجل والمرأة من جهة التقوى والعمل الصالح، حيث يقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ﴾(9)، ويقول تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾(10)
ويقول تعالى: ﴿وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾(11)، ويقول تعالى: ﴿وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَ-ئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً﴾(12)، وغير ذلك.
وهذا يثبت أنّه لا فرق بين الرّجل والمرأة في الجوهر، وإنّما الفرق في بعض الخصوصّيات، وذلك لأنّ الرّجال يغلب عليهم طابع التعقّل على جانب العواطف والأحاسيس، فلذلك يُعطَوْن أدواراً تتناسب مع هذه الخصوصيّة. ومن هذه الأدوار إدارة البيت وشؤون الزوجة والعائلة، ولذلك ينتسب الولد إلى المدبّر وهو الأب. وهذا لا يعني الانتقاص من دور الأم، فلها دورها الخاص الذي يؤدّي مع دور الرّجل إلى التكامل في الواقع الاجتماعيّ. وإذا لعبت المرأة دورها كاملاً فإنّ الله تعالى وعدها الجنّة، سواء أكانت من سلالة فلان أو غيره.
*س / لماذا كان الخطاب القرآنيّ موجّهاً للذكور؟
ج- يتعدّد الخطاب القرآني ويتنوّع بحسب مقتضيات الحاجة، فتارة يكون الخطاب موجّهاً للذكر والأنثى كما في الجواب السابق، وتارة أخرى يتناول الخطاب الناس والإنسان، وهذان لفظان يشملان كلّ أفراد المجتمع الإنسانيّ والبشريّ، وثالثة يتوجّه الخطاب بألفاظ تفيد العموم الشامل للذكر والأنثى. نعم توجد آيات يُختصّ الحديث فيها بالرجال لما لهم من أدوار خاصّة، لا تؤدّي بالضرورة إلى الأفضليّة على المرأة من جهة الجوهر، وإنّما لكلّ فرد سواء أكان ذكراً أو أنثى دور يؤدّيه في هذه الدنيا، وبما ينسجم مع إمكاناته واستعداداته وقابليّاته التي أودعها- سبحانه- فيه.
*س / لماذا يقع وجوب قضاء الصلاة والصيام عن الأهل على عاتق الإبن دون البنت؟
ج- قضاء الصلاة والصيام عن الأب يجب على الولد الذّكر الأكبر، ولا يجب على الإناث ولا على باقي الذّكور، فالمسألة ليست مختصّة بالذّكور، بل بالأكبر منهم، والباقون لا يجب عليهم ذلك.
ومن جهة ثانية ذُكر أنّ هذا الوجوب يُقابَلُ بإعطاء الولد الحبوة (يُحبى بمختصّات الأب كسيفه ومصحفه...). ومن جهة ثالثة فهذا الحكم تخفيفيّ على النساء وعلى باقي الذكور. وأخيراً يجوز للأنثى أن تتبرّع بالقضاء عن والديها، ولا مشكلة في ذلك، غاية الأمر أنّه جائز غير واجب.
*س / لماذا يجب على المرأة استئذان زوجها دون العكس؟
ج- يجب على الزوج تدبير شؤون زوجته وعائلته، وذلك من خلال تأمين النفقة لها، والحفاظ عليها، ودفع السوء عنها، وهذا الدور مسؤولية الرّجل، وهو تكليف وليس تشريعاً يظلم المرأة ويحيف بها، ومن هنا فإنّ خروجها من المنزل يحتاج إلى تدبير يحفظها ويحميها ويحفظ الأولاد فلو خرجت الزوجة ساعة تشاء وتركت الأولاد فقد يصابون بأذى كما أنّها في خروجها قد تصاب هي بأذى. والرّجل الذي يغلب تعقّله على عواطفه هو المؤهّل لذلك، فتحتاج الزوجة إلى إذنه لتكون حركة خروجها مدروسة من قبل زوجها، ويحاول أن يحميها ويصونها بقراراته إن كان ممّن يخاف الله تعالى.
*س / لماذا تهتمّ العائلات بالصبيّ أكثر من اهتمامها بالبنت؟
ج- هذا حديث عن عائلات وليس عن كلّ العائلات، وهو ليس حديثاً عمّا يطلبه الشرع الإسلاميّ، فإنّ العائلة التي تهتمّ بولد أكثر من غيره هي غير ملتزمة بوصايا الإسلام. والاهتمام بالبنت ورد في الكتاب العزيز، كما ورد في الكثير من الروايات الشريفة. وقد كان النبيّ محمّد صلى الله عليه وآله وسلم يهتمّ بفاطمة الزهراء عليها السلام أكثر من اهتمام أيّ أب بولده الذّكر. وقد مرّت بعض الروايات. وأقدّم نصيحة لكلّ عائلة لديها ذكور وإناث بأن ترعى الجميع وتحميهم، وتساوي بينهم، وتحفظ حقوقهم، وتساهم في تنشئة الجميع بشكل صالح وسليم.
*س / ما الحكمة من كون صوت المرأة أرقّ من صوت الرجل؟
ج- هذا أمر إيجابيّ وليس سلبيّاً. فالمرأة هي الطرف الرقيق والناعم، وهي صاحبة العواطف الشديدة، خلقها الله- تبارك- ريحانة ووردة، وصوتها الرقيق يناسب رقّتها وعواطفها الشديدة، وهذا من خصائصها. وهو يساعد على تقريب الزوج منها، فالصوت الرقيق يعطي انطباعاً جميلاً لدى الزوج، وهذا من نعم الله تعالى على المرأة.
*س/ لماذا يجب أن تقف النساء خلف الرجال في الصلاة؟
ج- إذا كان السؤال عن صلاة الفرادى ففيه فهم خاطىء، فيجوز للمرأة أن تصلّي أمام الرّجل أو في محاذاته، بشرط أن يكون بينهما بُعدٌ بمقدار شبر فصاعداً، والأفضل أن يكون موقفها خلف موقفه. وحكمة هذا تأتي في الجواب عمّا إذا كان المقصود بالسؤال عن صلاة الجماعة، فيجب أن تصلي النّساء خلف الرّجال، وذلك ليبقى كلّ مصلّ متوجّهاً إلى الله تعالى، ولا يشغله عن ربّه شيء، ووجود النّساء خلف الرّجال يؤدّي إلى حضور القلب للرّجال، كما وأنّ النّساء يبقين في مأمن من نظرات غير المحارم، وهكذا تتمّ المحافظة على الصّلاة.
المصادر:
1- النساء:11
2- النساء: 34
3- الكهف: 49
4- آل عمران: 195
5- النساء: 34
6- الحجرات:13
7- الحجرات:13
8- النساء:34
9- الحجرات: 13
10- النحل: 97
11- غافر:40
12- النساء: 24