عربي
Thursday 28th of November 2024
0
نفر 0

انتخاب الأفضل في التزاوج العقلي بين الرجل والمرأة

* د. رضا نجاد
لو التفتت المرأة إلى مسألة معيّنة لعاملت زوجها بنقاء ومودة، وتلك المسألة هي أن الشاب يمضي مدة من عمره في البحث عن الفتاة المناسبة للزواج ويظلّ يبحث هنا وهناك إلى أن يقع خياره على واحدة من الفتيات الكثيرات اللاتي قد يعرضن له في حياته. بل وكثيراً ما يرفضون طلبات من فتيات أخريات بالزواج منهن. ويفهم من هذا أن الرجل رأى عدة أنواع من الجمال والمواصفات الأخرى ولكنه ظل يبحث عن شيء آخر لم يجده إلا في هذه المرأة. وهنا يجب على المرأة أن تسأل نفسها ما هو الشيء الذي طلبه الرجل فيها ويجب عليها حالياً أن تؤديه له؟ وهذه المسألة قد تكون مصدراً للاختلاف وسوء التفاهم؛ وذلك لأن المرأة قد تقول بأنها هي أيضاً رفضت طلبات الكثير من الخاطبين إلى أن رضيت بأحدهم، وإنها ترجو من زوجها مثلما يرجوه منها. في حين أنها مخطئة في تصورها هذا.
من جملة الفوارق بين الانسان والحيوان هو أن ذكور الحيوانات أجمل من إناثها. ولذلك فإن الأنثى هي التي تختار الذكر الذي تريد. وإذا لم يكن هناك اختلاف بين الذكر والأنثى فلا تفاوت في الاختيار. بينما القضية تختلف بالنسبة إلى الانسان، إذ أن المرأة أجمل من الرجل، والرجل هو الذي يطلب يد المرأة. وهذا التقليد موجود لدى جميع الأمم والشعوب بجميع أديانهم وألوانهم.
وبناء على ما مر ذكره لا يمكن القول بأن اختيار الشاب للفتاة جاء مجرد صدفة وبلا أي تدقيق واختيار. وإنما هو خيار وانتخاب للأفضل. كما وأن للدين موقفه إزاء هذه المسألة وهو أن الرجل يجب أن لا يتعلق بحلاوة لسان المرأة بدون معرفة ما في قلبها. وإنما يجب أن يختار الفتاة المتدينة على أن تكون في الحد المتعارف من الجمال، بحيث يمكن أن يكون الدين كرادع أمام الانحرافات المحتملة. وقلت إن الجمال يجب أن يكون في الحد المتعارف لأن الزوج والزوجة يشعران بعد مدة من الزواج بأن الجمال له أهمية من الدرجة الثانية في الحياة. بل وأن الكثير من الجمال الباهر يحول المرأة إلى دمية فارغة من فن ادارة شؤون البيت ومداراة الزوج، بسبب ما أحيط به من اهتمام وبسبب مثالية أحلام المرأة الجميلة وآمالها المستقبلية. وما أكثر الجمال الذي يوقع الرجل في قيود العبودية الذليلة بدل أن يكون زوجاً كريماً.
إن الأم الراغبة في زواج ابنتها قد يأتيها طالبون كثيرون يرغبون في الزواج من ابنتها، ويجب عليها أن لا ترفض طلب الخطيب المتدين. وعليها أنت حذر من الشاب الذي وعد عدة فتيات بالزواج ونكث؛ لأن مثل هذا الزواج حتى لو تم فلن تكتب له السعادة وستذهب الفتاة في كل يوم غضبانة إلى بيت والدتها، أو قد يغضب الشاب ويذهب إلى دار أبيه أو قد يتجه إلى خليلته. أو حتى إذا بقيا في بيت واحد ولم يكن لديهما مكان آخر يذهبان إليه، تكون علاقتهما الجنسية ضعيفة.
ينبغي للشاب والشابة أن يعلما بأن الزواج يجب أن لا يكون مدعاة لتحررهما من جميع القيود، بل يجب أن يحترم كل واحد منهما الآخر وخاصة أمام الآخرين. وهذه المسألة يجب أن تراعى بشدة في بداية الزواج. وعلى الزوج والزوجة أن يُعامل أحدهما الآخر كصديق. وبعد ذلك كلما تقدم بهما السن يتعلمان تلقائياً كيف يجب أن يعامل كل واحد منهما الآخر. وإذا حصل بينهما سوء تفاهم فأغلب ما يُعزى ذلك إلى عدم التعقل وعدم تصديق كل واحد منهما بأنه يعيش ضمن حياة مشتركة بل لأن كل واحد منهما يتصور بأنه يعيش بمفرده، فيتصلب في رأيه، فينشأ على أثر ذلك سوء التفاهم. وعدم التعقل هذا غالباً ما يطغى عليهما كليهما، وإلا فلو كان أحدهما عاقلاً لكان ذلك كفيلاً بحلّ المسألة عن طريق التغافل.
أشير هنا إلى مسألة أخرى تتعلق بالتقاليد الغربية في ما يخص العلاقة المتحررة بين الفتى والفتاة قبل الزواج، وهي بما أن للحب الأول تأثيراً نفسياً فائقاً على الانسان قلّما ينمحي من الذاكرة سواء كان حسناً أم سيئاً، فلا ينبغي للفتاة والفتى بذل تلك المشاعر الجياشة إلا مع الشخص الذي يبقى شريكاً لحياته إلى آخر العمر.
إن وصف القرآن الكريم للرجل بأنه لباس المرأة، والمرأة كلباس له يصدق في جميع الأحوال حتى على الفتى والفتاة. فليس هناك من فتاة أو فتى يجب أن يرتدي لباساً زاهياً ثم يضطر إلى خلعه بعد حين بمجرد أن يلاحظ بأنه فقد لونه وبريقه. وإنما الذي يختار لباساً يختاره عادة كلباس متين وثمين وموافقاً لحجمه، وإذا كان أحد أقسامه غير مناسب فإن جميع أقسامه تفقد مزاياها. وفي ضوء هذه الرؤية يجب على المرأة والرجل أن ينظرا بعين الاهتمام إلى كل مطالب ذي عنوان عريض في الحياة ويستهدف توفير حياة أفضل للانسان. ولكن ما هو المطلب الذي يتخذ عنواناً عريضاً في الحياة؟ نستطيع القول بكل جرأة بأنه ما أشارت به الأحاديث الشريفة والقرآن الكريم.
إنني أفكر بموضوع التزاوج العقلي بين الرجل والمرأة قبل التفكير بموضوع التزاوج البدني. أي إن التقاء الجسدين يكفي لنيل اللذة الحيوانية. ولكن كل ما يمكن أني قترن بينهما باستثناء الجسدين، يمكن أن يعطي لزواجهما بُعداً انسانياً ويجعل بينهما حياة مشتركة بل ويجعل منهما كياناً واحداً. أما إذا كان زواجهما مجرد اقتران جسدين وأصبحت العين واللسان والأذن والقلب تبعاً له لا يرتجى منه أن يكون منطلقاً للحب؛ لا حب الأسرة ولا حب الناس ولا حب الله. والمرأة والرجل اللذان لا يعرفان كيفية التعامل بينهما بحيث يمكن اعتبار كلامهما وسلوكهما منبثقاُ من عقلهما.
* المصدر : الواجبات الزوجية

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

موقع الأسرة في الإسلام
آية الله الشيخ عبد الحسين الحياوي؛ فقيهاً ...
حجابك وعفتك دليل محبتك لله تعالى
ما لا يجب أن تفعليه عندما يخونك زوجك
الانسان وباقي المخلوقات
الأخلاق دلیل الشخصيّة
مفاتيح لعلم البلاغة لنفتح ما إنغلق من نهج ...
الشاي الأخضر قد يقي من أمراض العيون الشائعة
البوسنة تمنع زواج البوسنيات من السعوديين!
القرآن وتنظيم الأسرة

 
user comment