أ ـ قال الله تعالى لنبيّه إبراهيم: (قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)([1])، دلّت هذه الآية على العصمة، لأنّ المذنب ظالم ولو لنفسه، لقوله تعالى: (فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّـنَفْسِهِ)([2]) .
ب ـ قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الاَْمْرِ مِنْكُمْ)([3])، والدليل فيها: أنّ اُولي الأمر الواجب طاعتهم يجب أن تكون أوامرهم موافقة لأحكام الله تعالى، لتجب لهم هذه الطاعة، ولا يتسنّى هذا إلاّ بعصمتهم، إذ لو وقع الخطأ منهم لوجب الإنكار عليهم، وذلك ينافي أمر الله بالطاعة لهم([4]) .
ج ـ ذهبت الآية [ الثالثة ] والثلاّثون من سورة الأحزاب إلى عصمة أهل البيت الذين نزلت فيهم، وهي قوله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)، فبعد إثبات نزولها في أهل البيت الذي نصّ عليه كلّ من: الإمام أحمد في «مسنده» و«مستدرك الصحيحين» و«الدرّ المنثور» و«كنز العمال» و«سنن الترمذي» و«تفسير الطبري» و«خصائص النسائي» و«تأريخ بغداد» و«الاستيعاب» لابن عبدالبر، و«الرياض النضرة» للطبري، و«مسند أبي داوود»، و«اُسد الغابة»، جميع هؤلاء قالوا: إنّها نزلت في النبيّ(صلى الله عليه وآله) وعليّ(عليه السلام)وفاطمة والحسن والحسين(عليهم السلام)([5]) .
ويتساءل العلماء عن معنى ذهاب الرجس، لينتهوا إلى أنّه نفي كلّ ذنب وخطأ عنهم، والإرادة هنا تكوينية لا تشريعية; لوضوح أنّ التشريعية مرادة لكلّ الناس . ولا يلزم منه الإلجاء; لما سبق ذكره من أنّ العصمة مدد من الله تعالى واستعداد من العبد.
هذه بعض أدلة الشيعة في العصمة، وهي كما ترى منتزعة من الكتاب والسنّة والعقل، فما وجه نسبتها إلى عبدالله بن سبأ؟ وأين موضع الصدق من تلك النسبة؟
إنّ القارئ من حقّهِ أن يسأل هؤلاء الكتّاب: هل اطّلعوا على مصادر الفكر الشيعي عندما كتبوا عن الشيعة، أو لا؟ فإن كان الأوّل فما معنى هذا الخبط وهذه النسب الباطلة؟! وإن كان الثاني فما هو المبرِّر لهم للخوض في اُمور لم يطّلعوا عليها؟ أليس لهم رادع من مقاييس الأدب الإسلامي الذي رسمه الله تعالى بقوله: (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ الْسَّمْعَ وَالْبَصَرَ كُلُّ أُوْلئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً)([6])؟
وفي الوقت ذاته أنّ المنهج العلمي يأبى عليهم هذه التخرّصات ونسبة الأشياء إلى غير مصادرها، إذاً ففكرة العِصمة حتى ولو كانت أدلتها غير ناهضة، فلا يجوز أن تنحّى عن مصدرها وتنسب إلى شخصية وهميّة خلقها الحقد وافتعلها الهوى .
______________________
[1] . البقرة : 124 .
[2] . فاطر : 32 .
[3] . النساء : 59 .
[4] . كشف المراد للعلاّمة الحلي : 124 .
[5] . انظر فضائل الخمسة من الصحاح الِستّة: 5/219 فصاعداً.
[6] . الإسراء : 36