عربي
Thursday 14th of November 2024
0
نفر 0

بغض بعض الصحابة لعلي(عليه السلام)

بغض بعض الصحابة لعلي(عليه السلام)

قسم من الصحابة كانوا يبغضون علياً(عليهم السلام)، أو أقلّ ما نقول عنهم: إنّهم لم يكونوا يحبّونه ولم يظهروا فضائله، بل تعمدوا عدم ذكرها.
روى البخاري في صحيحه بسنده عن عبيد الله، عن عائشة، قالت: لمّا ثقل النبيّ(صلى الله عليه وآله) فاشتدّ وجعه، استأذن أزواجه أن يمرّض في بيتي، فأذنّ له، فخرج بين رجلين تخطّ رجلاه الأرض، وكان بين العبّاس ورجل آخر.
قال عبيد الله: فذكرتُ لابن عباس ما قالت عائشة، فقال: وهل تدري مَن الرجل الذي لم تسمّ عائشة؟
قلت: لا.
قال: هو علي بن أبي طالب(1).
وذكره ابن أبي الحديد المعتزلي بسنده عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عائشة، إلى أن قال: قالت: فخرج بين رجلين أحدهما الفضل بن عباس ورجل آخر، تخطّ قدماه في الأرض، عاصباً رأسه حتّى دخل بيتي.
قال عبيد الله بن عتبة: تحدّثت عند ابن عباس بهذا الحديث، فقال: أتدري من الرجل الآخر؟
قلت: لا.
قال: علي بن أبي طالب، لكنّها كانت لا تقدر أن تذكره بخير وهي تستطيع(2).
وقال ابن أبي الحديد أيضاً: وذكر جماعة من شيوخنا البغداديين: أنّ عدّة من الصحابة والتابعين والمحدّثين كانوا منحرفين عن عليّ(عليهم السلام)، قائلين فيه السوء، ومنهم من كتم مناقبه وأعان أعداءه ميلاً مع الدنيا، وإيثاراً للعاجلة.
فمنهم أنس بن مالك، ناشد علي(عليهم السلام) الناسَ في رحبة القصر - أو قال رحبة الجامع بالكوفة -: "أيّكم سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: مَن كنت مولاه فعليّ مولاه" ؛ فقام اثنا عشر رجلاً فشهدوا بها، وأنس بن مالك في القوم لم يقم، فقال له: "يا أنس، ما يمنعك أن تقوم فتشهد، ولقد حضرتها"!
فقال: يا أمير المؤمنين، كبرتُ ونسيت.
فقال: "اللهمّ إن كان كاذباً فأرمه بها بيضاء لا تواريها العمامة".
قال طلحة بن عمير: فوالله لقد رأيتُ ألوضح به بعد ذلك أبيض بين عينيه.
وروى عثمان بن مُطرّف أنّ رجلاً سأل أنس بن مالك في آخر عمره عن علي بن أبي طالب، فقال: إني آليتُ ألاّ أكتم حديثاً سُئلت عنه في عليّ بعد يوم الرّحبة ؛ ذاك رأسُ المتقين يوم القيامة، سمعته والله من نبيكم.
وروى أبو إسرائيل عن الحكم عن أبي سليمان المؤذّن، أنّ علياً(عليهم السلام) نشد الناس: من سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: "من كنت مولاه فعلّي مولاه"، فشهد له قوم، وأمسك زيد بن أرقم، فلم يشهد - وكان يعلمها - فدعا علي(عليهم السلام) عليه بذهاب البصر فعمِيَ، فكان يُحدّث الناس بالحديث بعد ما كُفّ بصره(3).
ومن الصحابة والتابعين من أظهر عداءه لعليّ(عليهم السلام) وأخذ يعيبه وينال منه، بل ويسبّه ويلعنه على منابر المسلمين.
قال ابن أبي الحديد في شرح النهج: قال أبو مخنف: ولمّا نزل علي(عليهم السلام) "ذا قار" كتبت عائشة إلى حفصة بنت عمر: أمّا بعد، فإنّي اُخبرك أنّ علياً - عليه السلام - قد نزل "ذاقار"، وأقام بها مرعوباً خائفاً ؛ لما بلغه من عُدّتنا وجماعتنا، فهو بمنزلة الأشقر، إن تقدّم عقر، وإن تأخّر نُحر.
فدعت حفصة جواري لها يتغنين ويضربن بالدفوف، فأمرتهنّ أن يقلن في غنائهن: ما الخبر ما الخبر، عليٌ في السفر، كالفرس الأشقر، إن تقدّم عُقر وإن تأخّر نُحر.
وجعلت بنات الطلقاء يدخلن على حفصة ويجتمعن لسماع ذلك الغناء.
فبلغ ذلك أُم كلثوم بنت علي بن أبي طالب(عليها السلام)، فلبست جلابيبها ودخلت عليهنّ في نسوة متنكّرات، ثمّ أسفرت عن وجهها، فلمّا عرفتها حفصة خجلت واسترجعت، فقالت أُم كلثوم: لئن تظاهرتما عليه هذا اليوم لقد تظاهرتما على أخيه من قبل، فأنزل الله فيكما ما أنزل!
فقالت حفصة: كفّي رحمك الله، وأمرت بالكتاب فمزّق، واستغفرت الله.
قال أبو مخنف: روى هذا جرير بن يزيد عن الحكم، ورواه الحسن ابن دينار عن الحسن البصري.
وذكر الواقدي مثل ذلك.
وذكر المدائني أيضاً مثله قال: فقال سهل بن حنيف في ذلك:

عذَرْنا الرجالَ بحربِ الرجال    فما للنساء وما للسّبابِ
أما حسبُنا ما أتينا به!    لكِ الخيرُ من هَتك ذاك الحجابِ
ومخرجُها اليوم منْ بيتها    يُعَرّفها الذّنب نبح الكلابِ
إلى أن أتانا كتابٌ لها    مشومٌ فيا قبح ذاك الكتابِ(4)

وقال ابن حجر في الصواعق المحرقة بعد ذكر قضية لعمر الأسلمي: وكذلك وقع لبريدة، أنّه كان مع علي في اليمن فقدم مغضباً عليه، وأراد شكايته بجارية أخذها من الخمس، فقيل له: أخبره يسقط علي من عينه، ورسول الله صلّى الله عليه وآله يسمع من وراء الباب، فخرج مغضباً فقال:
"ما بال أقوام يبغضون علياً، من أبغض علياً فقد أبغضني، ومن فارق علياً فقد فارقني، إنّ علياً منّي وأنا منه، خُلق من طينتي، وخُلقت من طينة إبراهيم ، وأنا أفضل من إبراهيم، { ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}(5)، يا بريدة أما علمت أنّ لعلي أكثر من الجارية التي أخذها"(6)؟!
وقال أيضاً في باب فضائل أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه: الحديث الخامس والعشرون: أخرج الترمذي والحاكم عن عمران بن حصين: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: "ما تريدون من علي، ما تريدون من علي، ما تريدون من علي، إنّ علياً مني وأنا منه، وهو ولي كلّ مؤمن بعدي"(7).
وقال الثعلبي في الكشف والبيان في تفسير سورة المعارج: وسُئل سفيان بن عيينة عن قول الله تعالى: { سَألَ سائِلٌ }(8) قال: لقد سألتني عن مسألة ما سألني أحد قبلك، حدّثني أبي، عن جعفر بن محمّد، عن آبائه قال:
لمّا كان رسول الله صلّى الله عليه وآله بغدير خمّ نادى الناس فاجتمعوا، فأخذ بيد علي صلوات الله عليه فقال: "من كنتُ مولاه فعلي مولاه".
فشاع ذلك وطار في البلاد، فبلغ ذلك الحرث بن النعمان الفهري، فأتى رسول الله صلّى الله عليه وآله على ناقة له حتّى أتى الأبطح، فنزل عن ناقته وأناخها وعقلها، ثمّ أتى النبيّ صلّى الله عليه وآله وهو في ملأ من أصحابه فقال: يا محمّد أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّك رسول الله فقبلنا، وأمرتنا أن نصلّي خمساً فقبلناه منك، وأمرتنا بالزكاة فقبلنا، وأمرتنا أن نصوم شهراً فقبلنا، وأمرتنا بالحجّ فقبلنا. ثمّ لم ترض بذلك حتّى رفعت بضبعي ابن عمك ففضلته علينا وقلت: "من كنتُ مولاه فعلي مولاه"، فهذا شيء منك أم من الله؟
فقال: "والذي لا إله إلاّ هو إنّ هذا من الله".
فولّى الحرث بن النعمان يريد راحلته وهو يقول: اللهمّ إن كان ما يقوله حقاً فأمطر علينا حجارة من السّماء أو آتنا بعذاب أليم، فما وصل إليها حتّى رماه الله بحجر فسقط على هامته وخرج من دبره فقتله، وأنزل الله تعالى:
{ سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِّلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ }(9).
____________
1- صحيح البخاري 6: 13.
2- شرح نهج البلاغة 13: 28.
3- شرح نهج البلاغة 4: 74.
4- شرح نهج البلاغة 14: 14.
5- آل عمران: 34.
6- الصواعق المحرقة: 122.
7- الصواعق المحرقة: 124، سنن الترمذي 5: 633.
8- المعارج: 1.
9- المعارج: 1 ـ 2. الكشف والبيان 10:

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

النقطة الثانية حقيقة الوجوب والاستحباب او ...
قبسات من نهج البلاغة - الخامس
أشراط الساعة و أهوالها
ما قیل فی النفاق
تفسير ناقص للقضاء والقدر
من بلدان الشيعة
النبوة عند الشيعة
المُناظرة الخامسة والخمسون /مناظرة الشيخ معتصم ...
بغض بعض الصحابة لعلي(عليه السلام)
آل البيت عند الشيعة

 
user comment