عظمة الغدير
لخطبة الغدير مكانة خاصّة في السُنّة النبويّة الشريفة ؛ نظراً لِما حَوَته من مضامين ، وما رافَقَ الحَدَث من أجواء خاصّة .
* مقاصد النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) في خطبة الغدير :
وتتلخّص أهمّ مقاصد النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) في خطبة الغدير بالأمور التالية :
1 ـ ضمان استمرار خطّ النبوّة وعدم ضياع ثمرات أتعاب النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) خلال ، ثلاث وعشرين عاماً في إبلاغ الرسالة الإلهيّة وإنشاء الأمّة وجهاد أعدائها ، وذلك بتعيين مَن يتولّى حمْل الأمانة وإدامة المسيرة النبويّة .
2 ـ بيان النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) للأمّة أنّ مسؤوليّة حفظ الإسلام وأُمّته تقع على عاتق خلفاء النبوّة ، الذين اختارهم الله تعالى ، والذين لهم الكفاءة التامّة لأداء مهمَّتهم .
3 ـ تعيين الخليفة تعييناً رسميّاً على سُنّة الله في أنبيائه ( عليهم السلام ) ، وسُنّة الأُمَم الراقية في تعيين خليفة قائدها .
4 ـ رسْم المنهج السياسي للمسلمين إلى يوم القيامة .
5 ـ إتمام الحجّة على المخالفين ، المقصّرين منهم والمعاندين .
هذه الأهداف السامية والمقاصد العالية هي التي أعطتْ يوم الغدير بُعدَه الخالد ، وجعلتْه حادثةً فريدةً في تاريخ الإسلام ؛ ومن أجل هذا كان تأكيد النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) عليه كبيراً ، وكما قال الإمام الباقر ( عليه السلام ) : ( لَمْ يُنَادَ بِشَيء كمَا نُوْدِي بالولاية يوم الغدير ) (1) .
* شريط أحداث يوم الغدير العظيم :
يمكن تصوير عظمة يوم الغدير من مجموع رواياته بما يلي :
1 ـ اقترن إبلاغ النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) للأمّة ولاية علي ( عليه السلام ) بظروف ومميّزات خاصّة ، مثل الاجتماع الكبير ، والأسلوب الخاص في البيان ، والمنبر الخاص الذي تفرَّدت به هذه الواقعة التاريخيّة ، وأنّها تزامنتْ مع وداع النبي ( صلّى الله عليه وآله ) لأُمّته . وهي خصوصيّات فريدة تدلّ على حرْص النبي ( صلّى الله عليه وآله ) على تحصين الإسلام به من أيّ تحريف داخلي أو عدوان خارجي .
2 ـ لم يطرح النبي ( صلّى الله عليه وآله ) قضيّة الإمامة في يوم الغدير وبعده بصورة توجيهات ونصيحة ، بل بصورة حكم إلهي وأمر نبوي ؛ ولذلك اقترن إعلانها بأخذ البيعة لعلي ( عليه السلام ) من جميع المسلمين .
3 ـ تميَّز إعلان الغدير بظرفه الجغرافي في ملتقى الطرق في الجُحْفَة قبل أنْ ، يتفرّق المسلمون في طريق عودتهم إلى أوطانهم ، وبالصيف الحارّ الذي كان في تلك الأيّام الثلاثة في تلك الصحراء الملتهبة .
4 ـ الظرف الزماني لبيعة الغدير ووقوعها في موسم الحجّ ، الذي هو أعظم تجمّع جماهيري للمسلمين .
5 ـ إعلان النبي ( صلّى الله عليه وآله ) فيها عن قرب رحيله ، فإنّه ( صلّى الله عليه وآله ) رحل من هذه الدنيا بعد سبعين يوماً من إلقائه هذه الخطبة .
6 ـ نزول الخطاب الإلهي الخاص للنبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) بهذا الأمر : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) (2) ، وهو خطاب يختلف عن سائر الخطابات الإلهيّة للرسول ( صلّى الله عليه وآله ) .
7 ـ ضمن إبلاغ هذا الحكم الإلهي أبدى النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) توجُّسه وخوفه من مؤامرات المنافقين في تلك المرحلة ، وتأكيده على أنّ هذه البيعة هي الضمان لمستقبل الأُمّة الإسلاميّة .
8 ـ رافق إعلان النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) لإمامة علي والعترة ( عليهم السلام ) ، الوعد الإلهي بعصمته وحفظه من كيد الأعداء المعترضين . وهما ضمان وعصمة لا نجدهما طيلة عُمْر النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) وتبليغه الرسالة !
9 ـ تميَّزت خطبة الغدير وبيعة الغدير بمفاهيم سامية ومعانٍ عميقة في مقام الولاية للعترة النبويّة الطاهرة ( عليهم السلام ) .
10 ـ تميَّزت بيعة الغدير بمراسمها الخاصّة قبل الخطبة وبعدها ، مثل إهداء النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) لعلي ( عليه السلام ) عمامته الخاصّة ، وأَمْره المسلمين بتهنئته وبيعته .
11 ـ تميَّز يوم الغدير بنزول الخطاب الإلهي الخاص بعد بيعة الأُمّة لعلي ( عليه السلام ) : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً ) ، (3) وهو خطاب لا مثيل له في الخطابات الإلهيّة السابقة .
12 ـ تميَّزت بيعة الغدير باهتمام خاص من أهل البيت ( عليهم السلام ) وشيعتهم في كلّ الأجيال . فقد صعد المنبر أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في خلافته وطلب من الصحابة أنْ يُؤدّوا شهادتهم في بيعة الغدير ؛ ليعرف ذلك المسلمون الذين لم يحضروها (4) ، وكذلك الصدِّيقة فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) حيث قالت : ( ما علمت أنّ رسـول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ترك يوم الغديـر لأحد حجّـة ولا لقائل مقالاً ) (5) ، وكذلك بقيّة الأئمّة المعصومين ( عليهم السلام ) .
كما اهتمّ علماء مذهب أهل البيت ( عليهم السلام ) برواية هذه الواقعة ونشْرها والتأليف فيها بصورة مفصّلة ؛ لأنّها تمثِّل محور العقيدة بالإمامة ، وتُجسِّد وفاء الأُمّة لنبيّها في أهل بيته .
13 ـ ومن مميّزات حديث الغدير كَثْرة أسناده من الصحابة والتابعين ، وأنّ كبار الحفّاظ والعلماء ألّفوا في أسانيده وأثبتوا تواتر أحاديثه ، على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم !
إنّ هذه الميزات الضخمة تدلّ على الأهمِّيَّة العظيمة للغدير في ثقافة الإسلام ، وتُثير فينا روح الغيرة على الإسلام ؛ لكي نحافظ على هذا الأصل العقائدي الربّاني النبويّ ، وندافع عنه بكلّ كياننا .
* قافلة النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) .. من المدينة إلى غدير خم :
رحلة الوداع (6) :
في السنة العاشرة للهجرة أعلن النبيّ الأكرم ( صلّى الله عليه وآله ) بشكل رسمي لأوّل مرّة النفير العام للحج ، وأنْ يحضر جميع الناس في تلك المراسم مهما استطاعوا ، وسُمِّيت هذه السفرة باسم ( حجّة الوداع ) .
وكانت سفرة نبويّة عظيمة ، اقترنت بذكريات عميقة عن سيرة النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) وتبليغه رسالة رَبّه ، وترسَّختْ في وعْي المسلمين ومصادر حديثهم وتاريخهم .
وكان الهدف النبويّ من هذه السفرة بيان ركنَين من أركان الإسلام ؛ ليتـمَّ بهما تبليغ الإسلام :
أحدهمـا : الحج .
والآخر : الخلافـة والولاية على الأُمّة بعده .
بعث النبي ( صلّى الله عليه وآله ) رُسُلَهُ ومبعوثيه إلى محلاّت المدينة وما حولها ، وإلى قبائل العرب يخبرهم بعزمه على السفر للحجّ ويأمرهم أنْ يوافوه إلى مكّة للحجّ معه .
وقد استجاب جَمْعٌ غفير من المسلمين وجاءوا من كلّ المناطق زرافات ووحداناً ، منهم إلى المدينة ومنهم إلى مكّة رأساً ؛ لوداع نبيّهم والمشاركة في أداء فريضة الحجّ المقدّسة .
تحرَّك الموكب النبويّ من المدينة ـ يوم : السبت / الخامس والعشرين / من ذي القعـدة ـ متَّجهاً إلى مكّـة ، وكان عدد الحجّاج يزداد في الطريق بين المدينة ومكّة بانضمام وفود القبائل من المناطق القريبة والنائية من الجزيرة واليمن ، لِيَرَوا النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) ويحجّوا معه ويودِّعوه قبل رحيله إلى ربّه .
لقد أعلن النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) مرّات عديدة أنّ هذا العام هو العام الأخير من عمره الشريف ، وهذا بحدّ ذاته يُثير الرغبـة لدى المسلمين للاشتـراك في هذه الرحلة التاريخيّة . وقد كان عدد المشاركين في مراسيم الحجّ في هذه الواقعة ما يُقارب من مئة وعشرين ألف حاج ، وقد حضر من المدينة وما حولها سبعون ألف حاج تشرّفوا بصحبة النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) ومشَوا في قافلته متَّجهيـن إلى مكّـة ، هاتفين طول الطريـق بالتلبية والتكبيـر .
الإحرام لله تعالى (7) :
وقد تحرَّك الموكب النبويّ من المدينة نحو مسجد الشجرة ليبدءوا إحرامهم هناك .. وكان أهل بيت النبوّة جميعاً بصحبة النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) في هذا السَفَر المَهيب : فاطمة الزهراء والحسن والحسين وسائر الذُرِّيّة الطاهرة ( عليهم السلام ) ، وكذلك نساء النبي ركبْنَ المحامل تحملها الإبل في تلك القافلة الجماهيريّة .
ولم يطل نزولهم في ( مسجد الشجرة ) ، فقد أحرموا للحجّ من هناك وأعلنوا تلبية ربّهم . ثمّ واصلتْ المسيرة انطلاقتها باتّجاه مكّة في موكب مهيب في مسيرة عشرة أيّام ، في قافلة عظيمة تشمل الركبان والمشاة .
ساروا طوال الليل إلى الفجر ، ملبّين ذاكرين الله تعالى إلى فجر يوم الأحد ، حيث توقّفوا في الطريق ومكثوا إلى المساء .
وبعد أداء صلاة المغرب والعشاء واصلوا مسيرتهم حتّى وصلوا صباح الغد إلى ( عِرْق الظُبْيَة ) . ثمّ واصلوا السير حتّـى توقّفوا فتـرة قليلـة فـي ( الرَوْحَاء ) ، وتحرّكوا منها إلى ( المُنْصَرَف ) حيث نزلوا فيها لأداء صلاة العصر ، ثمّ نزلوا في ( المُتَعَشَّى ) فأدَّوا صلاة المغرب وتناولوا طعام العشاء هناك ، ثمّ واصلوا السير إلى ( الأُثَايَة ) فأدَّوا صلاة الصبح ، وفي صباح يوم الثلاثاء وصلوا إلى منطقة ( العَرْج ) ، وفـي يـوم الأربعـاء وصلـوا إلـى ( السُقْيَا ) .
وفي يوم الخميس وصلتْ القافلة النبويّة إلى ( الأَبْوَاء ) وهو المكان الذي تُوفِّيتْ فيه ( آمنة ) أُمّ النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) ، فقام بزيارة مرقدها الطاهر .
وفي يوم الجمعة واصلوا سيرهم فمرّوا على منطقة ( غَدِيْر خُم ) و ( الجُحْفَة ) ، ثمّ ساروا إلى منطقة ( القُدَيْد ) فنزلوا هناك واستراحوا إلى يوم السبت ، ثمّ رحلوا منها ووصلوا إلى ( عُسْفَان ) يوم الأحد ، ثمّ ساروا حتّى وصلـوا يوم الاثنين إلى ( مَرِّ الظَهْرَان ) وبقَوا هناك إلى الليل .
وفي أثناء الطريق شكا المشاة إلى رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) صعوبة الطريق ومشقّة السفر ، وطلبوا منه أنْ يحملهم على الإبل ، وبما أنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) لم يكن لديه ما يحملهم عليه فقد أوصاهم بأنْ يشدّوا أرجلهم بما تيسر لهم ، ويواصلوا سيرهم هرولةً عسى أنْ يُخفّف ذلك عنهم .
ثمّ توجَّهوا ليلاً فوصلوا إلى ( سَيرَف ) آخر منزل قرب مكّة المكرّمة ، ثمّ ساروا حتّى دخلوا مكّة يوم : الثلاثاء / الخامس / من ذي الحجّة ، فقطعوا تلك المسافة في عشرة أيّام ، وأناخ أوّل موكب مهيب للحجّ بمكّة تَحُفّ به آيات الجلال والعظمة ، بما لم يسبق له مثيل ، وبما يقصر الوصف عن بيانه .
* وَفْد حجّاج اليمن بقيادة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) (8) :
كان أكثر أهل اليمن دخلوا في الإسلام على عهد النبي ( صلّى الله عليه وآله ) ، لكن بقيتْ منها مناطق قبائل همدان وغيرها ، فبعث النبي ( صلّى الله عليه وآله ) إليها جيشاً بقيادة خالد بن الوليد يدعوها إلى الإسلام ، وبقي خالد ستّة أشهر هناك حيث لم يستجيبوا له ، ولم يجرأ هو وجيشه أنْ يقاتلوهم . فبعث النبي ( صلّى الله عليه وآله ) أمير المؤمنين عليّاً ( عليه السلام ) على رأس جيش وأمر خالد بن الوليد أنْ ينضمّ تحت إمْرَتِهِ .
وسار علي ( عليه السلام ) إلى أداء مهمّته في استكمال فتْح اليمن ، وأكمل مهمّته بالمعجزة في بعض المناطق وبالحرب في مناطق أخرى في عمق اليمن ، كلّ ذلك في مدّة قياسيّة .
حتّى إذا تحرّك النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) إلى حجّة الوداع تَحَرّك علي ( عليه السلام ) من اليمن ليوافيه في مكّة ، فقد أرسل رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) من المدينة إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يُخبره بقصده ويأمره بالتوجّه هو ومَن معه من جيش الإسلام ومَن يرغب من أهالي اليمن إلى مكّة للاشتراك في مراسم الحجّ .
فتوجَّه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) نحو مكّة على رأس جيشه ومعه اثنا عشر ألفاً من أهالي اليمن ، ومعه الحلل التي أخذها من أهل نجران .
اقترب جيش علي ( عليه السلام ) من مكّة من ناحية اليمن ، وعرف أنّ موكب النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) اقترب منها من جهة المدينة ، فاستخلف قائداً على جيشه وبادر مسرِعاً إلى حبيبه النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) ؛ لكي يتزوَّد منه بعد فراق شهور ، ويقدِّم له تقريراً عن نِعَمِ الله تعالى بفتح اليمن وترتيب إدارتها .
فأدرك النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) و قد أشرف على مكّة ، فسلَّم وأخبره بما صنع وبقبض ما قبض ، وأنّه سارع للقائه أمام الجيش ، فسُرَّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) بذلك وابتهج بلقائه ، ثمّ قال ( صلّى الله عليه وآله ) لعلي ( عليه السلام ) : ( عُد إلى جيشك ، فعجِّل بهم إليَّ حتّى نجتمع بمكّة إنْ شاء الله ) . فودَّعه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ورجع إلى جيشه اليماني وتحرّكوا جميعاً باتّجاه مكّة ، فدخلوها في يوم الثلاثاء لخمسٍ مَضَيْنَ مِن ذي الحجّة ، يوم دخول قافلة النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) إلى مكّة أيضاً .
وفي مكّة خطب النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) خطبته الأولى من الخطب النبويّة السِت في حجّة الوداع .
* أداء مناسك الحجّ مع النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) :
في اليوم الثامن من ذي الحجّة بدأ النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) بمراسم الحجّ ، فأحرم وتوجَّه إلى عرفات وبات في طريقه إليها في منى .
وفي اليوم التاسع خطب في عرفات خطبته الثانية ، وأكَّد على الأُمّة التمسّك بالثقلين : القرآن والعترة ، وبشَّرهم بالأئمّة الاثني عشر من عترته .
وبعد غروب عَرَفَة توجَّه إلى المَشْعَر ، فصلّى وبات ليلته ، وفي اليوم العاشر توجَّه إلى مِنَى لأداء مناسك يوم الأضحى من تقديم القُربان ورَمْي الجَمَرَات ، ثمّ واصل إلى مكّة ؛ للطواف والسعي بين الصفا والمروة .
وفي جميع هذه المراحل كان ( صلّى الله عليه وآله ) يُبيِّن للمسلمين مناسك الحجّ من واجبات ومستحبّات ، حتّى تمَّت أعمال الحجّ في اليوم الثاني عشر من ذي الحجّة .
* الاستعداد لإعلان الولاية (9) :
كان جبرئيل ( عليه السلام ) في حجّة الوداع وظروفها المصيريّة ينزل على النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) بأوامر رَبّه ، وقد يكون رافقه طوال موسم الحجّ وأملى عليه عبارات خُطَبِهِ .
وكان ممّا قال له في المدينة : ( يا محمّد ، إنّ الله عزّ وجل يُقْرِؤك السلام ويقول لك : ( إنّه قد دَنَا أجلُك ، وإنّي مستقدمك عليَّ ) ، ويأمرك أنْ تَدُلّ أُمَّتَكَ على حَجِّهم ، كما دَلَلْتَهُم على صلاتهم وزكاتهم وصيامهم ، وتَدُلُّهم على إمامهم بعدك ، وتُنَصّب لهم عليّاً وصيّاً وخليفة بعدك ) .
وفي عيد الأضحى ـ اليوم العاشر من ذي الحجّة ـ خطب النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) خطبته الثالثة في مِنَى ، فبيَّن فيها مقام أهل بيته من بعده ، وأنّ الله حرَّم عليهم الصدقات ، وفرض لهم الخُمْس .
وفي اليوم الحادي عشر خطب خطبة أخرى أيضاً في مِنَى ، وأوصى فيها الأُمّة أيضاً بإطاعة أهل بيته بعده .
وفي اليوم الثاني عشر خطب النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) الخطبة العظيمة في مسجد الخِيْف ، وقد فصَّل فيها مقام أهل بيته وفريضة التمسّك بهم وطاعتهم .
وهذه الخطب الخَمْس كلّها شواهد نبويّة على وصيّته لعلي ( عليه السلام ) .
* التسليم على الإمام علي ( عليه السلام ) بإمْرَة المؤمنين (10) :
قبل التوجّه نحو الغدير نزل جبرئيل بلقب ( أمير المؤمنين ) لقباً خاصّاً لعليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) من قِبل الله عزّ وجل ، وقد كان أُعطي إلى الإمام في وقت سابق أيضاً ، وكان نزوله في الحجّ تأكيداً وتنفيذاً ، فدعا النبيّ الأكرم ( صلّى الله عليه وآله ) أكابر الصحابة ، وأمرهم ضمن مراسيم خاصّة أنْ يسلِّموا على عليّ ( عليه السلام ) بإمْرَة المؤمنين ويقولوا له : ( السلام عليك يا أمير المؤمنين ) ، وبذلك أخذ النبيّ الأكرم ( صلّى الله عليـه وآله ) منهم في حياته إقرارهم لعليّ ( عليه السلام ) بالإمارة .
وهاهنا قال أبو بكر وعمر بلسان الاعتراض على النبيّ الأكرم ( صلّى الله عليه وآله ) : مِن الله أو مِن رسوله ؟! فقال ( صلّى الله عليه وآله ) : ( نعم حقّاً من الله ومن رسوله ) .
* النداء العام للخروج من مكة (11) :
وفي آخر أيّام الحجّ نزل جبرئيل على النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) ، إنّ الله تعالى يأمرك أنْ تدلّ أُمّتك على وليّهم ، فاعْهَد عهدك واعْمد إلى ما عندك من العلم وميراث الأنبياء ، فورِّثه إيّاه وأَقِمْه للناس عَلَماً ، فإنّي لم أقبض نبيّاً من أنبيائي إلاّ بعد إكمال ديني ، ولم أترك أرضي بغير حجّة على خلقي ....
وقد كان من المتوقّع للنبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) في سفره الوحيد للحجّ أنْ يبقى مدّة في مكّة ، ولكنّه بعد الانتهاء من مناسك الحجّ مباشرة أَمَرَ بلالاً أنْ ينادي بالناس : ( لا يبقى غداً أحد إلاّ عليل إلاّ خرج ... ) . وهكذا فقد أخبرهم ( صلّى الله عليه وآله ) عن مراسـم خاصّة اقتضـتْ الحكمة أنْ يكـون إجراؤها في غدير خمّ ، وانضـمّ إلى القافلة الراجعـة من الحجّ كثير مِمّن لم تكن بلدانهم على ذلك المسير .
* الوحي يُوقِف القافلة النبويّة عند الغدير (12) :
تحرَّكت القافلة العظيمة يوم : الخميس / الخامس عشر / من ذي الحجّة ، فبعد الخروج من مكّة وصلوا إلى ( سَيْرَف ) ومن هناك إلى ( مرّ الظهـران ) ثمّ إلى ( عُسْفَان ) ومنها إلى ( قُدَيْد ) حيث وصلوا ( كُرَاع الغَمِيْم ) على مقربة من الجُحْفَة الذي يقع ( غدير خم ) في أحد جوانبها .
رحل النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) من مكّة وهو ناوٍ أنْ يكون أوّل عمل يقوم به إعلان ولاية عترته ، كما أمره ربّه تعالى في وقت يأمَنُ فيه الخلاف منهم عليه ، وعلم الله عزّ وجل أنّه إنْ تجاوز غدير خم انفصل عنه كثير من الناس إلى بلدانهم وأماكنهم وبواديهم .
وقُبيل الظهر من يوم : الاثنين / في الثامن عشر / من ذي الحجّة وَلَدَى وصولهم إلى منطقة ( غدير خم ) جاءه جبرئيل لخمْس ساعات مضتْ من النهار وقال له : ( يا محمّد ، إنّ الله عزّ وجل يُقْرِؤك السلام ويقول لك : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ) ) (13) .
فتسمَّر النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) في مكانه وأصدر أمره إلى المسلمين بالتوقف وغيَّر مسيره إلى جهة اليمين وتوجَّه نحو الغدير وقال : ( أيّها الناس ، أجيبوا داعي الله ، أنا رسول الله ) .
ثمّ قال : ( أَنِيْخُوا نَاقَتِي ، فوالله ما أبرح من هذا المكان حتّى أُبَلّغ رسالة رَبِّي ) ، وأمرهم أنْ يردُّوا مَن تقدَّم من المسلمين ويُوقِفُوا مَن تأخَّر منهم حين يصلون إليه .
وبعد أنْ صدر الأمر النبويّ المذكور توقَّفتْ القافلة كلّها ، ورجع منهم مَن تقدّم ونزل الناس في منطقة الغدير ، وأخذ كلّ فَرْدٍ يتدبَّر أمْر إقامته هناك حيث نصبوا خيامهم وسكن الضجيج تدريجيّاً .
وشهدتْ الصحراء لأوّل مرّة ذلك الاجتماع العظيم من الناس ، وقد زاد من عظمته حضور الأنوار الخمسة المقدّسة : النبي الأكرم وأمير المؤمنين وفاطمة الزهراء والحسن والحسين ( عليهم السلام ) ، وقد اشترك في ذلك التجمّع الجماهيري الرجال والنساء من مختلف الأقوام والقبائل والمناطق ، وبدرجات متفاوتة من الإيمان ، انتظاراً لخطبة النبيّ الأكرم ( صلّى الله عليه وآله ) .
ونزل الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) عن ناقته وحطَّ رحال النبوّة عند غدير خُمٍّ ، وكان جبرئيل إلى جانبه ينظر إليه نظرة الرِضَا ، وهو يراه يَرتجِف من خشية ربّه ، وعيناه تدمعان خشوعاً وهو يقول : ( تهديدٌ ووعدٌ ووعيدٌ ... لأمضينّ في أمر الله ، فإنّ يتَّهموني ويكذِّبوني فهو أهون علىَّ مِن أنْ يُعاقبني العقوبة الموجِعة في الدنيا والآخرة ! )
وكانت حرارة الصحراء ووهج الشمس من القوّة والشِدّة بحيث إنّ الناس ـ ومنهم النبيّ الأكرم ( صلّى الله عليه وآله ) ـ وضعوا قسماً من ردائهم على رؤوسهم ، والقسم الآخر تحت أقدامهم ، وقد بلغ الأمر لدى البعض أنْ لَفُّوا عباءتهم حول أقدامهم مِن شِدّة حرارة أرض الصحراء !
* الموقع الجغرافى لغدير خم (14) :
تقع منطقة ( غدير خم ) في صحراء فسيحة على مسير السيول في وادي ( الجُحْفَة ) ، حيث يجري هذا المسيل من الشرق إلى الغرب في الشتاء ، ويمرُّ بمنطقة الغدير ، ثمّ ينتهي منه إلى الجُحْفَة ، ثمّ منه إلى البحر الأحمر فيصبّ فيه .
وفي مسير هذه السيول تتولّد بعض الواحات والغدران الطبيعيّة مِن تَجمّع المياه المتبقِّية في مخازن طبيعيّة للمياه طيلة العام ، ويُطلق على كلّ واحدة منها اسم ( الغدير ) .
وهناك العديد من الغدران في الحِجَاز ، ويتميّز ( غدير خم ) بأنّ ماءَه كثير ، ويوجد نَبْع صغير قربه مِن جبلٍ صغير ، وتوجد حوله خمسة أو ستّة أشجار صحراويّة خضراء كبيرة من نوع ( السَمُر ) صارت بأغصانها الكثيفة وقامتها الباسقة مكاناً ظليلا في تلك الصحراء ، فاتخذوها مكاناً لنزول النبي ( صلّى الله عليه وآله ) ونصبوا له المنبر فيه .
* قاعة الغدير ومنبر الغدير (15) :
دعا رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) أربعة من خواصّ أصحابه ، وهم : المقداد وسلمان وأبا ذر وعمّار ، وأمرهم أنْ يُهيّئوا المنبر تحت الأشجار القائمة على امتداد واحد ، فقاموا بكسْح الأشواك تحت تلك الأشجار ورفْع الأحجار وقطْع الأغصان المتدلِّية إلى الأرض ، ونظَّفوا المكان ورشُّوه بالماء ، ومدُّوا ثياباً بين شجرتَين لتكميل الظِلال ، فصار المكان مناسباً .
ثمّ بَنَوا المنبر في وسط الظِلال ، فجعلوا قاعدته من الأحجار ووضعوا عليها بعض أقتاب الإبل ، حتّى صار بارتفاع قامة ؛ ليكون مشرفاً على الجميع يرون النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) ويسمعون صوته ، وفرشوا عليه بعض الثياب .
ونظراً لكثرة الناس فقد اختاروا ( ربيعة ) الذي كان جهوري الصوت ؛ لإيصـال كلام النبـيّ ( صلّى الله عليه وآله ) جملة جملة إلى مَن لا يصل إليه من جمهور المسلمين .
النبي ( صلّى الله عليه وآله ) وأمير المؤمنين ( عليه السلام ) على المنبر (16) ، وحان الوقت الموعود ، ونادى منادي الرسول ( صلّى الله عليه وآلـه ) ، فخرج المسلمون من الخيام واصطفّوا للصلاة ، وخرج النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) من خيمته وصلّى بهم صلاة الظهر .
ورقى النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) المنبر ووقف على مرقاته الأخيرة ، ثمّ دعا بأمير المؤمنين ( عليه السلام ) وأمره أنْ يصعد المنبر ويقف إلى يمينه ، فجاء أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ووقف على المنبر أدنى من موقف النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) بمرقاة ، بحيث وضع النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) يده على كتفه .
ثمّ ألقى النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) ببصره الشريف يميناً وشمالاً يتفحّص ذلك الحشْد الكبير من الناس ، وانتظر هُنيئة كيما يَصغي الناس بأسرهم ، وكانت النساء في جانب من ذلك المكان يسمعْنَ النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) ويشاهدْنَهُ .
وشرع النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) في خطبته التاريخيّة ـ آخر خطبة رسميّة له إلى العالم أجمع ، التي لم يذكر التاريخ خطبة لنبيٍّ من الأنبياء عبر التاريخ مثلها في مثل هذا الحشد المهيب ـ وبدأ النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) باسم الله تعالى ، وأخذ يُرتِّل قصيدة نبويّة في حَمْد الله تعالى والثناء عليه ... ويُشْهِد الله والناس على عبوديّته المطلقة لربّه العظيم .
ثمّ قال لهم :
( إنّ الله عزّ وجل بعثني برسالة فضِقْتُ بها ذرعاً ، وخِفْتُ الناس أنْ يُكذّبوني ؛ فقلتُ في نفسي مِن غير أنْ ينطق به لساني : أُمّتي حديثو عهدٍ بالجاهليّة ، ومتى أخبرتُهم بهذا في ابن عمّي يقول قائل ويقول قائل ! فَأَتَتْنِي عزيمة من الله بَتْلَة قاطعة في هذا المكان ، وتواعدني إنْ لم أُبلّغها ليعذّبني . وقد ضمن لي تبارك وتعالى العصمة من الناس ، وهو الكافي الكريم ، فأوحى إليَّ : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ) .
ثمّ قال ( صلّى الله عليه وآله ) : لا إله إلاّ هو ، لا يُؤمَن مَكْرُهُ ولا يُخَاف جَوْرُه . أقِرُّ له على نفسي بالعبوديّة ، وأشهد له بالربوبيّة ، وأُؤَدِّي ما أوحى إليَّ ، حذراً من أنْ لا أفعل فتحلَّ بي منه قارعةٌ لا يدفعها عنِّي أحدٌ ، وإنْ عظمتْ حِيْلَتُه . أيّها الناس ، إنّي أوشك أنْ أُدْعَى فَأُجِيْب ، فما أنتم قائلون ؟
فقالوا : نشهد أنّك قد بلّغتَ ونصحتَ .
فقال ( صلّى الله عليه وآله ) : أَلَيْسَ تشهدون أنْ لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمّداً رسول الله ، وأنّ الجنّة حقٌ وأنّ النار حقٌ وأنّ البعث حق ؟
قالوا : يا رسول الله ، بلى .
فأومأ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) إلى صدره وقال : وأنا معكم .
ثمّ قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : أنا لكم فرط ، وأنتم واردون عليَّ الحوض ، وسِعته ما بين صنعاء إلى بُصرى ، فيه عـدد الكواكب قَدْ حان ، ماؤه أشدّ بياضاً من الفضّة ... فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين .
فقام رجل فقال : يا رسول الله ، وما الثقلان ؟
قال ( صلّى الله عليه وآله ) : الأكبر كتاب الله ، طرفه بِيَد الله وسبب طرفه بأيديكم ، فاسْتَمْسِكُوا بِهِ ولا تزلُّوا ولا تضلّوا ، والأصغر عترتي أهل بيتي . أُذكِّركم الله في أهل بيتي ، أُذكِّركم الله في أهل بيتي ، أُذكِّركم الله في أهل بيتي . وإنّهما لنْ يفترقا حتّى يَرِدَا عليَّ الحوض ، سألتُ ربّي ذلك لهما ، فلا تقدموهما فتهلكوا ، ولا تتخلّفوا عنهما فتضلوا ، ولا تعلِّموهم فإنّهم أعلم منكم . أيّها الناس ، أَلَسْتُم تعلمون أنّ الله عزّ وجلّ مولاي ، وأنا مولى المؤمنين ، وأنّي أَوْلَى بكم من أنفسكم ؟
قالوا : بلى يا رسول الله .
قال ( صلّى الله عليه وآله ) : قُمْ يا علي . فقام علي ( عليه السلام ) ، وأَقَامَهُ النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) عن يمينه وأَخَذَ بيده ورفعها حتّى بَانَ بياض إبطيهما ، وقال : مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاَهُ ، اللّهمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ وَانْصُر مَنْ نَصَرَهُ وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ ، وَأَدِرْ الحَقَّ مَعَهُ حَيْثُ دَارَ . فاعلموا معاشر الناس أنّ الله قد نصّبه لكم وليّاً وإماماً مفترضاً طاعته على المهاجرين والأنصار ، وعلى التابعين لهم بإحسان ، وعلى البادي والحاضر ، وعلى الأعجمي والعربي ، والحرّ والمملوك والصغير والكبير .
فقام أحدهم فسأله وقال : يا رسول الله ، ولاؤه كما ذا؟
فقال ( صلّى الله عليه وآله ) : ولاؤه كولائي ، مَنْ كنتُ أولى به من نفسه فعليٌّ أَوْلَى به من نفسه ! ) .
وأفاض النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) في بيان مكانة علي ( عليه السلام ) والعترة الطاهرة والأئمّة الاثني عشر من بعده : علي والحسن والحسين وتسعة من ذرِّيّة الحسين ( عليهم السلام ) ، واحدٌ بعد واحد ، الذين هم مع القرآن والقرآن معهم ، لا يفارقونه ولا يفارقهم ، حتّى يردوا عليَّ حوضي ...
ثمّ أَشْهَدَ المسلمين مرّات أنّه قد بلّغ عن ربّه ... فشهدوا له .
وأمرهم أنْ يُبلّغ الشاهدُ الغائبَ ... فوعدّوه وقالوا : نعم .
وقام إليه آخرون فسألوه ... فأجابهم ...
وما أنْ أتمّ خطبته حتّى نزل جبرئيل بقوله تعالى : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً ) . فكبَّر رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) وقال : الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضى الربّ برسالتي وولاية علي بعدي ...
هذا ملخّص الخطبة المباركة ، و سنعطيك تفصيلها إنْ شاء الله .
يتبعه القسم الثاني
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
* المصدر : هذا المقال مقتبس من كتاب ( بيعة الغدير ) ، لمؤلِّفه محمّد باقر الأنصاري ـ مأخوذ من مكتبة مركز الأبحاث العقائديّة مع تصرّفٍ يسير . [ اقتباس شبكة الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي ]
1 ـ أصول الكافي : ج 2 ، ص 21 ، ح 8 .
2 ـ سورة المائدة : الآية : 67 .
3 ـ سورة المائدة : الآية : 3 .
4 ـ بحار الأنوار : ج 31 ، ص 447 / ج 37 ص 199 . عوالم العلوم : ج 15/3 ، ص 89 ، 490 . الغدير : ج 1 ، ص 93 .
5 ـ بحار الأنوار : ج 28 ، ص 186 / و ج 43 ، ص 161 . إثبات الهداة : ج 2 ، ص 115 . الخصال : ص 173 . دلائل الإمامة : ص 38 .
6 ـ عوالم العلوم : ج 15/3 ، ص 167 ، 297 . الغدير : ج 1 ، ص 9 ، 10 . بحار الأنوار : ج 21 ، ص 360 ، 383 ، 384 ، 390 / ج 28 ، ص 95 / ج 37 ص 201 .
7 ـ الغدير : ج 1 ، ص 9 ، 10 . بحار الأنوار : ج 21 ، ص 360 ، 383 ، 384 ، 390 / ج 38 ، ص 95 / ج 38 ص 201 . عوالم العلوم : ج 15/3 ، ص 167 ، 297 .
8 ـ بحار الأنوار : ج 21 ، ص 360 / ج 37 ص 201 . عوالم العلوم : ج 15/3 ، ص 297 . الإرشاد : ج 1 ، ص 172 .
9 ـ بحار الأنوار : ج 21 ، ص 380 / ج 37 ، ص 113 .
10 ـ بحار الأنوار : ج 37 ، ص 111 ، 120 . عوالم العلوم : ج 15/ 3 ، ص 39 . كتاب سليم : ص730 .
11 ـ بحار الأنوار : ج 21 ، ص 385 / ج 37 ، ص 111 ، 158 . إثبات الهداة : ج 2 ، ص 136 ح593 . الغدير : ج 1 ، ص 10 ، 268 .
12 ـ بحار الأنوار : ج 21 ، ص 387 / ج 37 ص 173 ، 203 ، 204 / ج 98 ص 298 . عوالم العلوم : ج 15/3 ، ص 50 ، 60 ، 79 ، 80 ، 301 . الغدير : ج 1 ، ص 10 ، 22 . مدينة المعاجز : ص 128 . الفصول المهمّة : ص 24 ، 125 .
13 ـ سورة المائدة : الآية : 67 .
14 ـ معجم ما استعجم : ج 2 ، ص 368 ، 492 ، 510 . لسان العرب : مادّة ( خمم ) و ( غدر ) . معجم البلدان : ج 2 ، ص 350 ، 389 / ج 3 ، ص 159 / ج 4 ، ص 188 / ج 6 مادّة ( غدر ) . معجم معالم الحجاز : ج 1 ، ص 156 . تاج العروس : مادّة ( خمم ) ، ( غدر ) . النهاية ( ابن الأثير ) : مادّة ( خم ) . الروض المعطار : ص 156 . وفاء الوفاء : ج 2 ، ص 298 . صفة جزيرة العرب : ص 259 .
15 ـ بحار الأنوار : ج 21 ، ص 387 / ج 37 ، ص 173 ، 203 ، 204 / ج 98 ، ص 298 . عوالم العلوم : ج 15/3 ، ص 50 ، 60 ، 79 ، 80 ، 301 .
16 ـ بحار الأنوار : ج 21 ، ص 387 / ج 37 ص 209 . عوالم العلوم : ج 15/3 ، ص 44 ، 97 ، 301 . إثبات الهداة : ج 2 ، ص 267 ح 387 ، 391 . إحقاق الحق : ج 21 ، ص 53 ، 57 .