خصائص نظرية المجسمة ق(1)
سماحة السيد كمال الحيدري
سلسلة حلقات من برنامج - مطارحات في العقيدة - على قناة الكوثر الفضائية
21/08/2010
المُقدِّم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين محمد وآله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين. السلام عليكم مشاهدينا الكرام مشاهدي قناة الكوثر الفضائية ورحمة الله تعالى وبركاته، تقبل الله صيامكم وقيامكم وسائر طاعاتكم وأعمالكم، هذا موعدكم مع حلقة جديدة من برنامج مطارحات في العقيدة، عنوان حلقة الليلة هو: (خصائص نظرية المجسمة) لا يفوتني أن أذكركم بأن موقع الإسلام الأصيل خصص جائزة مقدارها عشرة ملايين ريال سعودي لمن يثبت أن سماحة السيد كمال الحيدري يذكر عنوان الكتاب وأن مضمون الكتاب مخالف للعنوان، وأنه يذكر خلاف ما هو معروف، أرحب باسمكم بضيفنا الكريم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، مرحباً بكم سماحة السيد.
سماحة السيد كمال الحيدري: أهلاً ومرحباً بكم.
المُقدِّم: سماحة السيد هل هناك تتميم لما تقدم بيانه من كلمات أصحاب الاتجاه الأول.
سماحة السيد كمال الحيدري: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
في الواقع قلنا بأن الإنسان حقيقته وكماله إنما تكمن في عبوديته لله سبحانه وتعالى وأن هذه العبودية لله سبحانه وأن هذا التوحيد وهو توحيد العبادة لا يمكن أن يعطي اكله وثماره إلا إذا كان مؤسساً على معرفة صحيحة لله سبحانه وتعالى، لأن الإنسان إذا لم يعرف الله سبحانه وتعالى فلعله يتقرب اليه بما هو مبغوض عند الله سبحانه وتعالى، يعني أن العبد من باب تقريب الحقائق بالأمثلة العرفية أن العبد إذا لم يعرف مولاه كما ينبغي لا يعرف ماذا يقرب للمولى وماذا يبعد عن المولى، فلعله يهين ابن المولى بتصور أن المولى يفرح بذلك وهو يسخط لذلك، ولعله يتقرب من عدو المولى وهو يتصور أنه يقربه الى المولى وهو يبعده عن المولى، ولذا ذكرنا أن الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام قال: السائر على الطريق من غير هدى لا يزيده سرعة المشي إلا بعداً.
إذن الإنسان قبل أن يعبد لابد أن يتعرف على معبوده ويتعرف على الله سبحانه وتعالى، ولذا قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه أفضل الصلاة والسلام: أول الدين معرفة الله.
قلنا فيما يتعلق بمعرفة الله يوجد هناك اتجاهان أساسيان:
الاتجاه الاول: وهو الاتجاه الأول الذي يصر على أن كل الصفات التي وردت في القرآن الكريم وبالأخص تلك الصفات التي وردت في الأحاديث المنسوبة إلى النبي (صلى الله عليه وآله) والمنقولة عن النبي والتي بظاهرها توحي بالتشبيه وتوهم التشبيه وتوحي بالتجسيم يعني نحن لو كنا وظاهر هذه الرواية فلا إشكال أنه دال على التجسيم، بأي دليل نقول هذا؟ هو أن أولئك الذين حملوا – أصحاب الاتجاه الأول- على ظاهرها ومرروها على ظاهرها اضطروا أن يجعلوا قيداً بجنبها وقالوا لا كالأجسام، وإلا لو لم تكن تدل على الجسيمة لما احتاجوا أن يقول وجه لا كالوجوه، له جسم لا كالأجسام، له يد لا كالأيدي، له قدم لا كالأقدام، له نزول وحركة لا كالنزول والحركة الموجودة للإنسان، إذا كانت الألفاظ بنفسها لا توهم الجسمية، ولا توهم التشبيه لماذا تضطرون أن تضعوا إلى جنبها مثل هذه الكلمات.
إذن هذا يكشف عن أن هذه الألفاظ بطبيعتها دالة على التجسيم والتشبيه، ولذا نجد بعد ذلك إن شاء الله تعالى سيتضح أنهم عندما حاولوا أن يدفعوا عن أنفسهم التشبيه والتجسيم قالوا بلا تكييف ولا تعطيل ولا تحريف ولا تأثير، هذه كلها للتخلص من إيهام هذه الألفاظ وهذه الكلمات وهذه المفاهيم حيث أنها ليست لها مصاديق، إلا مصاديق جسمية مادية بحسب المتعارف عندنا.
قلنا أصحاب هذا الاتجاه كانوا يصرون على هذا، ولذا قرأنا للمشاهد الكريم أن الشيخ العلامة صالح العثيمين أصر على هذا وقال: فإن قالوا أنه يلزم من الرؤية أنه يكون جسماً قال فليكن جسماً، فليكن كذلك، يعني لا يوجد عندنا مضايفة ولا يوجد عندنا إصرار أن الله ليس بجسم.
في هذا اليوم أريد أن أقرأ للمشاهد الكريم مجموعة من الشواهد الأخرى لعلها أوضح من الشواهد التي أشرنا إليها بالأمس التي تثبت أن هؤلاء لا مضايقة عندهم أن يلتزموا بأن الله سبحانه وتعالى جسم، نعم بالإضافة حتى أنه أكون أميناً في نقل كلماتهم ونظرياتهم ومعتقدهم أصحاب هذا الاتجاه الذين يسمون أنفسهم تارة بأنهم سلفية وتارة بأنهم أهل السنة والجماعة وبعد ذلك سيتضح أنه واقعاً هؤلاء هل هم أهل سنة وجماعة أم هم اتباع ابن تيمية القائل بنظرية التجسيم والتشبيه، في هذه الليلة والليالي القادمة سيأتي بحث ذلك.
الأمانة أن أقول أنهم يقولون أنه جسم لكن لا كالأجسام، يعني لا يأتي أحد ويقول أن السيد الحيدري يقول أن هؤلاء يقولون أنه جسم ولا يقول أنه كالأجسام، لا، هؤلاء قالوا جسم لا كالأجسام، وبالأمس نحن ناقشنا هذه المقولة وهذه الليلة والليلة القادمة سأزيدها توضيحاً.
أما الشواهد الجديدة التي تبين أن هؤلاء يعتقدون بنظرية التجسيم.
هذا المعنى أريد أن أقف عنده هذه الليلة في بعض الموارد عند كتاب (فتح الباري شرح صحيح البخاري، ج13، ص513) لابن حجر العسقلاني المتوفى 852هـ، دار السلام، الرياض، يقول: (وقال ابن بطال) ابن بطال أحد كبار شراح البخاري قبل ابن حجر العسقلاني (وقال ابن بطال: غرض البخاري في هذا الباب الرد على المجسمة في تعلقها بهذه الظواهر) ابن بطال يقول في كلامه الذي ينقله ابن حجر عنه يقول أن البخاري كان بصدد إبطال نظرية المجسمة، لماذا يريد إبطال نظرية المجسمة؟ يقول (وقد تقرر أن الله ليس بجسم) ابن بطال يقول، الثابت أن الله ليس له جسم أعم من أن يكون كالأجسام أو لا كالأجسام، ليس بجسم، المشاهد الكريم بودي أن يلتفت إلى هذه الحقيقة، نحن لم نتهم هؤلاء أنهم يقولون جسم كالأجسام حتى تجيبونا أنه جسم ليس كالأجسام، نحن نقول أنتم تعتقدون أنه جسم له خصائص الجسمية سواء كان مثل هذه الأجسام أو غير هذه الأجسام، الخلاف في أصل الجسمية وهذه مغالطة أما أنه واقعاً مستواهم الفكري والعقلي ضعيف وأما أنهم يغالطون، نحن لم نتهم هؤلاء بأنكم تقولون أنه جسم كالأجسام، حتى تقولون أنه جسم لا كالأجسام، من يتهمكم بأن الله جسم كالأجسام قولوا له جسم لا كالأجسام، يعني هذا الكلام يصح في قبال أولئك الذين يتهمونكم بأنكم تقولون جسم كالأجسام، نحن نقول أنكم تقولون أن الله جسم لا كالأجسام ولكن جسم له خصائص الجسمية، هذا ما ذكرناه، تقولون جسم له خصائص الجسمية أو لا؟ فإن قلتم جسم له خصائص الجسمية إذن أنتم كالمجسمة سواء كان كالأجسام أو لا كالأجسام بمقتضى قوله (ليس كمثله شيء) وإن قلتم ليس كالجسم فليست له خصائص الجسم، فلماذا تطلق عليه اسم الجسم وهذا استعمال للفظ في غير ما وضع له، ويكون استعمالاً مجازياً، يعني أطلق الجسم ويراد منه أن الشيء متصف بخصائص الجسمية أو لا يراد؟ لا يراد، إذن استعمل اللفظ في غير معناه فيكون مجازاً وأنتم لا تقبلون، تقولون لابد من الإبقاء على ظواهرها، وتؤكدون أن هذه الألفاظ محمولة عليه حقيقة لا مجازاً.
قال: (وقد تقرر أن الله ليس بجسم فلا يحتاج إلى مكان يستقر فيه) إذن من قال أن الله يحتاج إلى مكان التزم بأنه جسم له خصائص الجسمية، (فقد كان ولا مكان) يعني قبل وجود المكان الله كان موجوداً لأن المكان مخلوق من المخلوقات، ولذا قال أمير المؤمنين عليه بن أبي طالب: أيّن الأين فلا أين له. يعني هو ا لذي خلق المكان فلا يعلق أن يكون له مكان. إلى أن يقول ابن بطال (ومعنى الارتفاع إليه اعتلائه مع تنزيهه عن المكان) انتهى كلام ابن بطال كما ينقل ابن حجر العسقلاني.
ابن حجر العسقلاني يوافق على هذا الكلام، يعني لا يبطل هذا الكلام بل يؤيده، أنا بودي ولو دقائق أريد أن أقف مع المشاهد الكريم، هذا الكتاب بودي أن الاخوة يدخلون على المواقع الالكترونية لأنه مع الأسف الشديد في الآونة الأخيرة بدءوا يحذفون هذه الكتب حتى أن المشاهد الكريم عندما يريد أن يرجع إلى المواقع الالكترونية للحصول على الكتاب لا يجد الكتاب.
هذا الكتاب اسمه (التنبيه على المخالفات العقدية في فتح الباري) الأمور التي لا يتفقون بها عقائدياً مع ابن حجر العسقلاني، تقريض لكبار العلماء، كبار العلماء وافقوا على مضمون هذا الكتاب وهم: عبد العزيز بن باز، يعني ما نقرأه بعد قليل وافق عليه ابن باز، صالح الفوزان، عبد الله بن عقيل، عبد الله بن منيع، عبد ا لله الغنيمان. كتبه علي بن عبد العزيز بن علي الشبل، دار الشبل، طبعاً المشاهد الكريم بالإمكان أن يرجع في المقدمة إلى تقريض العلماء في (ص17) تقريض سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز المفتي العام ورئيس هيئة كبار العلماء، تقريض معالي الشيخ صالح بن فوزان الفوزان عضو اللجنة الدائمة للإفتاء وعضو هيئة كبار العلماء، كلهم يؤيدون ما ورد في هذا الكتاب لأنه أنا مهم عندي ما سيرد في هذا الكتاب، تقريض معالي الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع عضو هيئة كبار العلماء، تقريض معالي الشيخ عبد الله بن عقيل رئيس الهيئة الدائمة بمجلس القضاء الأعلى سابقاً، تقريض فضيلة الشيخ عبد الله بن محمد الغنيمان رئيس قسم الدراسات العليا والمدرس بالمسجد النبوي سابقاً.
الآن انظروا هذا الكلام عن ابن بطال وقال أن الله ليس بجسم وليس له مكان، هذا الرجل بتأييد علماء كبار مثل هؤلاء ماذا يعلق عليه. في (ص125) من الكتاب هذه عبارته، بعد أن ينقل عبارة ابن بطال الذي قرأناه، يقول: (هذا النقل عن ابن بطال عفى الله عنه) وقع في خطأ وذنب لأن ليس كل خطأ يحتاج إلى عفو وإنما الذنب يحتاج إلى عفو (فيه منكرات) ما هي المنكرات؟ (منها نفي الجسمية والاستقرار في مكان عن الله) إذن من ينفي الجسمية والاستقرار في مكان عن الله عفا الله عنه، بعد ذلك سيتضح أنهم يقولون بأنه ليس صاحب بدعة فقط كما نقلنا عن ابن تيمية، بل كافر مرتد (وهو نفي لم يرد في الكتاب والسنة) الله في الكتاب والسنة لم ينف عن نفسه الجسم ولم ينف عن نفسه أنه في مكان (ودعوى تنزيه الله عن المكان يرمى منها) يعني قصد بن بطال (نفي استواء الله على العرش وهو ليس بسديد، بل الله مستوٍ على العرش حقيقة) بعد ذلك سيصرحون أنه جلوس وقعود، جالس وقاعد على العرش، إذن هؤلاء العلماء الأربعة أو الخمسة الكبار كلهم يقولون من قال أن الله ليس بجسم وليس مستقراً في مكان فقد خالف الكتاب والسنة. حتى لا يقول قائل: لماذا تنسب هذا الى هؤلاء العلماء الذين يسمون أنفسهم بالسلفية أو اتباع ابن تيمية أو أهل السنة والجماعة وأنا الآن لست بصدد ذكر الأسماء التي يرتضونها لأنفسهم. هذا هو المورد الأول.
المورد الثاني في (فتح الباري، ج13، ص527) هذه الرواية التي ينقلها عن البخاري يقول: (فيأتيهم الله في صورة) يعني يأتي وله صورة معينة فيعرفه الناس أن هذا هو الله، وسيأتي بحثه مفصلاً في إثبات الصورة يقول (استدل ابن قتيبة بذكر الصورة على أن لله صورة لا كالصور) على الطريقة جسم لا كالأجسام (كما ثبت أنه شيء لا كالأشياء وتعقبوا) تعقبوا على كلام ابن قتيبة (وقال ابن بطال: تمسك به المجسمة) المجسمة تمسكوا بهذه الروايات بأنه له صورة فقالوا أن الله سبحانه وتعالى جسم (تمسك به المجسمة فأثبتوا لله صورة) هذا الكلام واضح، ولهذا هم كفروه قالوا صاحب بدعة، بمجرد أنه خالف ابن تيمية ولكنه استثنوا وقالوا أن عنده كتب جيدة وهو عالم ولكنه صاحب بدعة وهي بدعة يغفر عنه ولا مانع من أن نستغفر له. بدعته لا مانع أن نستغفر له.
انظروا إلى التعليق من علي بن عبد العزيز بن علي الذي وافق عليه العلماء في (ص128) من هذا الكتاب يعلق على هذه الجملة، بعد أن يقول: (وقال ابن بطال تمسك به المجسمة فأثبتوا لله صورة، قال: هذا تمحل من ابن بطال ونبز لأهل السنة والجماعة وللسلف الصالح بالتجسيم لأنهم يثبتون لله عز وجل صورة حقيقية) لا صورة مجازية ولكن لا كالصور، هذه صورة لا كالصورة الأخرى وهذه صورة لا كالصور الأخرى، الله له صورة ولكنها ليست كالصور، وهذا فيه إشكال كالإشكال السابق، وهو أن إشكالنا معكم أن صورته كالصور حتى تقولون أنها صورة لا كالصور، نحن سؤالنا أن له صورة أو لا صورة له، . يقول: (يثبتون لله عز وجل صورة حقيقة تليق بجلاله وعظمته لا تقتضي مماثلة الصور المخلوقين كما وصفه بذلك رسول الله، حيث قال: رأيت ربي في أحسن صورة، فهل يكون الرسول بهذا الوصف مجسماً) نحن نقول أن هذا الحديث كذباً على رسول الله لا أن رسول الله إذا رآه يكون مجسماً، لماذا تذهبون بهذا الاتجاه اذهبوا بذاك الاتجاه، هذا المورد الثاني.
المورد الثالث في (فتح الباري، ج13، ص526) بودي أن المشاهد الكريم يلتفت، قال: (فإنكم ترونه) القائلون بالرؤية على اختلاف، أن الله يرى يوم القيامة بالعين المجردة والباصرة وبعضهم يقولون يرونه في جهة معينة أما في اليمين أما في اليسار أما في الأعلى أما في الأسفل، بعضهم يقولون يرونه لا في جهة لأنه إذا قالوا في جهة يلزم الجسمية. يقول: (فإنكم ترونه في جهاتكم كلها وهو متعالٍ عن الجهة) لا جهة له، يرى ولكن لا في جهة. هذا معقول أو غير معقول له بحث في محله ولا أريد الدخول فيه.
يعلق عليه هؤلاء الأعلام بقلم علي بن عبد العزيز بن علي في (ص126) من الكتاب، يقول بعد هذه العبارة: (الحق أن الله عز وجل يرى في الآخرة بالأبصار ونفي الجهة في الرؤية باطل) يرى في جهة معينة، يعني إذا كان هنا يوجد خلفي، ولا أدري كيف ينسجم مع قوله (وهو معكم أينما كنتم) (ونفي الجهة في الرؤية باطل إذ لا رؤية إلا في جهة وهو سبحانه يرى وهو في علوه) إذن في مكان عالي (يرونه من فوقهم كما نرى الشمس والقمر من فوقنا) هل يوجد أكثر من هذا التشبيه، بعض المشاهدين قال أن هذه الكلمة هي الكلمة السحرية يقولون بالتشبيه والكيفية والتجسيم ولكنهم يتصورون أنه المشكلة تحل بمجرد لا كالأجسام ولا كالكيفيات. يقول: (كما نرى الشمس والقمر من فوقنا فالتشبيه للرؤية بالرؤية ويراه المؤمنون بلا كيف) أنا لا أعلم إذا كانوا يرونه في مكان مخصوص وفي جهة مخصوصة في الأعلى فكيف يرونه بلا كيفية. أريد أن أثبت أن أتباع وأصحاب ابن تيمية هؤلاء الذين يتبجحون ويملئون الدنيا صراخاً بأنهم أهل التوحيد، ليعرف المشاهد الكريم ما هو توحيدهم. هنا أوجه كلامي إلى كل اتباع، أنا لا اريد أن أسميهم بالوهابية لأن بعضهم لا يرضى بذلك، خصوصاً عموم الناس فيهم، اتباع محمد بن عبد الوهاب، اتباع ابن تيمية، أتكلم مع عموم الناس، والله ليس لي قصد إلا لتعرفوا الحقيقة، هذا هو التوحيد الذي يدعوك هؤلاء إليه، توحيد التجسيم، توحيد التشبيه، توحيد الصورة، توحيد المكان، توحيد الجهة، توحيد الاستلقاء، توحيد وضع الرجل اليمنى إلى اليسرى، توحيد القدم، توحيد الاصابع، هذا معبودكم، ولذا أنتم تجدون أن مدرسة أهل البيت بل وعموم المسلمين مثل الأشاعرة والماتردية والإمامية والمعتزلة كل هؤلاء لم يوافقوا على هذه النظرية، وسأنقل لكم الكلمات تفصيلاً. هذا هو المورد الثالث.
المورد الرابع ما ورد في (ص421) من كتاب فتح الباري، بودي أن المشاهد الكريم يلتفت إلى العبارة، قال: (وقال ابن بطال: تضمنت ترجمة الباب أن الله ليس بجسم لأن الجسم مركب من أشياء مؤلفة) ولهذا ينقسم ويتميز. هذا كلام ابن بطال الذي لا يرده ابن حجر العسقلاني.
التفتوا جيداً إلى تعليق علي بن عبد العزيز بتأييد هؤلاء كبار علماء المدرسة السلفية أو مدرسة ابن تيمية أو اتباعه أو اتباع محمد بن عبد الوهاب في (ص96) من الكتاب، بعد أن قال بعد أن ذكر قول ابن بطال بقوله: (وقال ابن بطال: تضمنت ترجمة الباب أن الله ليس بجسم لأن الجسم مركب من أشياء مؤلفة). قال: (هذا النفي للجسم عن الله نفي محدث بدعي) من نفى عن الله الجسم بهذه الطريقة فهو صاحب بدعة. إذن صاحب الإيمان ما هو صاحب السنة والجماعة؟ أن يثبت هذا الجسم المركب المؤلف من أشياء.
أخواني وأبنائي هذا هو التوحيد الذي تعرفه لكم هذه المدرسة التي ملئت الدنيا صراخاً بأنهم أهل التوحيد، توحيد التجسيم، توحيد التشبيه. يقول: (هذا النفي للجسم عن الله نفي محدث بدعي) يعني ليس من حقي النفي، قد تقول يثبتون، أقول هم يحاولون أن لا يثبتوا ولكن لماذا لا ننفي لا أعلم، إذا صار الشيء مركباً فإن الشيخ محتاج إلى أجزائه لأن الكل له أجزاء والمركب له أجزاء وكل مركب لكي يتركب لابد أن يوجد أجزائه وهذا ينافي الغنى الذاتي وهو الغني الحميد. قال: (نفي محدث بدعي لم تنطق النصوص الشرعية ولا يجوز استعماله في حق سبحانه) ليس من حقك أن تنفي عنه. هذه مجموعة من الموارد، طبعاً يكون في علم المشاهد الكريم هذا الكتاب يشتمل على عشرات الموارد التي هي من هذا القبيل، وهؤلاء الأعلام أعلام السلفية المحدثة وأتباع محمد بن عبد الوهاب وأتباع ابن تيمية يصرون أنها ثابتة لله سبحانه وتعالى أو لا يقل لا يجوز نفيها عن الله سبحانه وتعالى ومن ينفيها فهو صاحب بدعة.
المُقدِّم: سماحة السيد ما الحكم الذي أصدره أصحاب هذا الاتجاه الأول الذي بينتموه في حق من لا يؤمن بهذه المباني، مبانيهم العقائدية في التوحيد.
سماحة السيد كمال الحيدري: في الواقع كان توقعنا من هؤلاء الذين يقولون أننا نحترم المسلمين ونحترم عقائد الآخرين، سواء اختلفوا معنا أم اتفقوا معنا، وثانياً كان مقتضى الأمانة العلمية والبحث العلمي أنهم أصحاب رأي وأصحاب اجتهاد فإذا جاء شخص آخر وخالفهم في الاجتهاد كان ينبغي أن يحترم الاجتهاد الآخر فيكون اجتهاد في قبال اجتهاد، ولكن مع الأسف الشديد هذه المدرسة التي بدأت من ابن تيمية ولعله قبل ذلك واشتدت في زماننا على أيدي شرذمة الذي يتبعون هذا النهج وهذه الحقيقة والتي قلت أن هذا النهج الذي هو نهج ابن تيمية واتباع ابن تيمية، عموماً هؤلاء فيهم هوى أموي والهوى الأموي قائم على أساس إقصاء الآخر والقضاء على الآخر.
نجد أن هؤلاء صرحوا أنه إما أن تؤمنوا بما نقوله في معرفة الله وهو التجسم والتشبيه، وإما أنتم مبتدعة كما قرأنا، إما أنتم مبتدعة وكفار ومرتدون، ولهذا مباشرة نجدهم في فتاواهم يحكمون على من لا يتفق معهم في توحيد الأسماء والصفات يقول هو مرتد وهو كافر، وأنا لا أريد أن أطيل على المشاهد الكريم هذه المسألة ولكن أقف عند موردين في هذا المجال.
المورد الأول ما ورد في (فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، ج3، ص216، ص218) العقيدة. جمع وترتيب أحمد بن عبد الرزاق الدويش، دار المؤيد، الطبعة الخامسة 1424هـ، الرياض، المملكة العربية السعودية.
السؤال كيف الرد على القائلين بأن الله في كل مكان. هم بعد أن أمنوا أن له مكان لا يعقل ان يكون في كل مكان، محال، أنت إذا كنت هنا هل يمكن أن تكون في كل مكان، مستحيل أن تكون، ولذا هؤلاء أمنوا أن الله له مكان ويستحيل أن يكون في كل مكان. ولذا كل الآيات التي تكلمت (وهو الذي في السماء إله وفي الارض إله) (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب) (معكم أينما كنتم) هذه كلها حملوها على العلم، قالوا هو في مكان مثلك أنت ولكن علمك بما يجري خارج عن هذا المكان، وإلا الله سبحانه وتعالى ليس علمه ...، ما هي لوازم هذا العلم، هل هو علم حصولي أو حضوري أو شهودي أو تصوري أو ارتسامي، ذاك بحث آخر. واقعاً هؤلاء ليسوا بمستوى هذه الأبحاث ولذا لم يعرضوا لحقيقة علم الله في هذا المجال.
قال: (كيف الرد على القائلين بأن الله في كل مكان، تعالى عن ذلك، وما هو حكم قائلها) إذا وجد أحد من المسلمين كما نحن نعتقد وكثير من علماء المسلمين الأشاعرة وغيرهم لعله يعتقدون بذلك، المهم كما نحن نعتقد مدرس أهل البيت.
قال: (من اعتقد أن الله في كل مكان فهو من الحلولية ويرد عليه بما تقدم ... فإن انقاد لما دل عليه الكتاب والسنة والإجماع وإلا فهو كافر مرتد عن الإسلام).
طبعاً الآن لو تسألهم يقولون لا، نحن نعتقد بإسلام الشيعة الاثنى عشرية ولكن عملاً يتعاملون معنا كما تعاملوا في العراق وفي غير العراق، واقعاً ليس فقط مع شيعة أهل البيت بل مع كل من لا يتفق معهم، ولذا البعض بالنسبة إليه غريب أن هؤلاء الذين يدعون أنهم سلفية أو من الحركات الإسلامية عندما يفجرون لا يفرقون بين مسلم ومسلم، بين شيعي وسني، بعض يستغرب ويقول لماذا؟ باعتبار أن كل من لم يكن على مبناهم العقدي هو مرتد كافر يتقربون إلى الله بقتله. بعد ذلك سنقول أنهم يصرحون أن كل الأشاعرة هم ليسوا من أهل السنة والجماعة بل هم أهل البدعة، وأنتم تعلمون أن عموم المسلمين على أبي الحسن الأشعري، والماتردية والفلاسفة والمتكلمين بشرط أن لا تكون معي فأنت مرتد كافر. ومع ذلك نجدهم هنا وهناك يتهمون اتباع مدرسة أهل البيت أنكم تكفرون، لا والله، نحن لم نقل أن من لم يؤمن بمبانينا فهو كافر. لا نقول هذا.
قال: (على أن الله في جهة العلو وأنه مستو على عرشه بائن من خلقه فإن انقاد وإلا فهو كافر مرتد عن الإسلام) والموقعون على ذلك: عبد الله بن قعود، عبد الله بن غديان، عبد الرزاق عفيفي، وعبد العزيز بن عبد الله بن باز. لأن هذه هي اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء. هذا المورد الأول.
المورد الثاني الذي فيه إفتاء بالكفر ما ورد في كتاب (مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين، ج1، 132) دار الثريا للنشر، جمع وترتيب فهد بن ناصر بن إبراهيم السليمان. قال (سُئل فضيلة الشيخ عن قول بعض الناس: إذا سُئل أين الله. قال: الله في كل مكان) إذا سألت أين الله، تقول في كل مكان. (فأجاب بقوله: هذه اجابة باطلة ومن قال أن الله في كل مكان واراد بذاته فهذا كفر لأنه تكذيب لما دلت عليه النصوص) يا أخي هذا فهمك من النصوص لماذا أنت تحجر على الآخرين اجتهادك فقط حجة، يعني أنت معصوم، لأنك صرت من اتباع محمد بن عبد الوهاب صرت معصوماً، لأنك صرت من أتباع ابن تيمية صرت معصوماً، هذا اجتهاد والاجتهاد عندكم قد يصيب وقد يخطأ، هذا فهمك من هذه النصوص، لماذا فهمك حجة وفهم الآخرين لا، لماذا فهمك دين وفهم الآخرين كفر، لماذا أن فهمك توحيد وفهم الآخرين شرك، وأنا أتصور أن المشاهد الكريم أولئك الذين زاروا البقاع المقدسة في المدينة ومكة وفي مناطق أخرى يجد أن هؤلاء والله في الأعم الأغلب يقولون شرك وهم لا يعرفون معنى الشرك، يتهمون الناس جميع المسلمين من مختلف الطوائف لا يفرقون بين أتباع مدرسة أهل البيت وغيرهم، شرك شرك، لماذا؟ هذا مبناهم، أنهم بنو إما أن تعتقدوا بما نقول وإما أنتم أهل بدعة وأهل كفر وأهل ارتداد إلى غير ذلك.
المُقدِّم: هل هذا الاتجاه يمثل أهل السنة والجماعة أم لا؟
سماحة السيد كمال الحيدري: هذا السؤال سيأخذ مني وقت كثير وبودي أن المشاهد الكريم يعذرني لأني أريد أن أقف عند هذا المطلب بشكل جيد. في الواقع أن هؤلاء كما تعلمون يتكلمون بلغة نحن أهل السنة والجماعة، ويخرجون غيرهم عن السنة والجماعة. طبعاً لا يقولون ولكن هذا معناه إذا كانوا أهل السنة والجماعة فغيرهم يكون أهل البدعة، لأنهم يقولون نحن فقط أهل السنة والجماعة، فإذا كان الآخرين أهل السنة والجماعة فلا فائدة من قولكم نحن أهل السنة والجماعة بل غيركم أيضاً كذلك. إذن هذا يقولوه وبلازم قولهم يريدون أن يقولوا أن الباقي ليسوا من أهل السنة والجماعة، بل صرحوا بذلك. أين يصرحون بأنهم فقد أهل السنة والجماعة.
في (فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء، ج2، ص253) طبعاً هنا يصرحون بأن الذين يمثل أهل السنة والجماعة هم ابن تيمية وأتباعه، أصلاً لا يوجد في علماء المسلمين إلا ابن تيمية، السؤال: (يقول الناس أن ابن تيمية ليس من أهل السنة والجماعة وأنه ضال مضل وعليه ابن حجر وغير ابن حجر، هل قولهم صدق أم لا. يقول: إن الشيخ أحمد بن عبد الحليم بن تيمية إمام من أئمة أهل السنة والجماعة يدعو إلى الحق قد نصر الله به السنة وقمع به أهل البدعة والزيغ ومن حكم عليه بغير ذلك فهو المبتدع الضال المضل) من حقهم أن يتهموا الآخرون بأنهم أهل البدعة أما من اتهمهم بأنهم أهل بدعة يخرج من الدين، انظروا إلى هذه الحقوق الحصرية لابن تيمية واتباع ابن تيمية، حقوق حصرية كأنه تفويض من الله لهم، أنهم أهل الحق، أما من يقول بان أهل البيت هم أهل الحق فهو مبتدع، لماذا تحصرون الحق عندكم؟ (قد عميت عليهم الأنباء فظنوا الحق باطلاً والباطل حقاً يعرف ذلك من أنار الله بصيرته وقرأ كتبه وكتب خصومه وقارن بين سيرته وسيرتهم وهذا خير شاهد وفاصل بين الفريقين) أيضاً كل الأعلام الذين وقعوا على هذا.
وعبارة أخرى وبودي أن المشاهد الكريم يلتفت إلى أنهم يعتقدون بأنهم فقط هم أهل السنة والجماعة، انظر ماذا يقولون، ولذا على هذا الأساس أخرجوا الجميع من السنة والجماعة، انظروا إلى هذا الكتاب وهو (شرح العقيدة الواسطية، ص685) لمحمد بن صالح العثيمين، دار الثريا للنشر. (فإذا سُألنا: من هم أهل السنة والجماعة. فنقول: هم المتمسكون بالإسلام المحض الخالص عن الشوب، وهذا التعريف من شيخ الإسلام ابن تيمية يقتضي أن الأشاعرة والماتردية ونحوهم ليسوا من أهل السنة والجماعة) 99% أو 95% من المسلمين غير أتباع أهل البيت، هم خرجوا أتباع أهل البيت عن الإسلام، يعبرون عنهم بأن لهم دين آخر. انظروا ماذا يقول أتباع ابن تيمية في حق الأشاعرة وفي حق الماتردية وفي حق المسلمين جميعاً، لأن عموم المسلمين هؤلاء، طبعاً كلامهم في الفلاسفة واضح، كلامهم في المتصوفة واضح، كلامهم في المعتزلة أيضاً واضح، كلامهم في باقي المتكلمين أيضاً واضح، يعني بعبارة أخرى كأن الله عز وجل يوم القيامة خلق الجنة (جنات عرضها السموات) لأجل ابن تيمية وأربعة ممن يتبعونه. يعني أن الله ليس له عناية إلا بهؤلاء، هذه نظرية هؤلاء القوم أتباع ابن تيمية المعاصرين والمتقدمين. قال: (وهذا التعريف من شيخ الإسلام ابن تيمية يقتضي أن الأشاعرة الماتدرية ونحوهم ليسوا من أهل السنة والجماعة لأن تمسكهم مشوب بما أدخلوا فيه من البدع) هم أهل بدع، كل هؤلاء أهل بدعة، (أدخلوا فيه من البدع وهذا هو الصحيح أنه لا يعد الأشاعرة) ابن تيمية، ربهم، نبيهم، إمامهم هؤلاء ابن تيمية، إذا قال ابن تيمية أن هؤلاء ليسوا من السنة والجماعة قالوا سمعاً وطاعة، بعضهم أعمى بصراً وأعمى بصيرة. قال: (وهذا هو الصحيح أنه لا يعد الأشاعرة والماتردية فيما ذهبوا إليه في أسماء الله وصفاته) فالمشكلة في التجسيم، لأن الأشاعرة لم يقولوا لا بالتشبيه ولا بالتجسيم، لم يقولوا بما يقول به ابن تيمية وأتباع ابن تيمية فصاروا من أهل البدع.
قد يقول لي قائل: سيدنا علماء المسلمين هكذا يعتقدون أن هؤلاء هم أهل لسنة والجماعة. لا والله، علماء المسلمين جميعاً يعتقدون أن هؤلاء ليسوا من أهل السنة والجماعة، أهل السنة والجماعة هم الأشاعرة وأن الذي شق صف المسلمين وشق صف علماء المسلمين ووحدة المسلمين وأوجد الفرقة بين المسلمين هو ابن تيمية ومن تابعه إلى يومنا هذا. تقول أين يوجد هذا الكلام.
في كتاب (المنح المكية في شرح الهمزية، ص664) للإمام العلامة الفقيه المحقق شهاب الدين بن حجر الهيتمي الشافعي، المتوفى 974هـ، دار المنهاج، الطبعة الثانية سنة 1426هـ، في ذيل هذا البيت من الشعر: (لم تخف بعدك الضلالة وفيها وارثوا نور هديك العلماء) لماذا تخاف ويرثك العلماء. إلى أن يقول: (وهؤلاء هم العلماء) وارثوا نور الأنبياء (الذين هم أهل السنة والجماعة وهم أتباع أبي الحسن الأشعري) هؤلاء أهل السنة والجماعة عند علماء المسلمين، ولكن هم سرقوا هذا العنوان، (وهم أتباع أبي الحسن الأشعري وأبي منصور الماتردي) أنا لا أملك الوقت أن أبين الفرق بين الاشاعرة والماتردية، من أحب أن يراجع يرجع إلى كتاب (تأريخ المذاهب الإسلامية) للإمام محمد بن زهرة.
إلى أن يقول: (وذلك كما أخبرتنا به بقولك في الأحاديث الصحيحة) ابن حجر الهيتمي يقول أن أهل السنة والجماعة هم أتباع أبي الحسن الأشعري. هذا مورد.
المورد الثاني وهذا البحث مهم، وهو ما جاء في (الجوهر المنظم في زيارة القبر المكرم، ص56) لابن حجر الهيتمي، دار الحاوي، عني به قصي محمد نورس الحلاق، دار السنابل، دار الحاوي، الطبعة الأولى سنة 1427، بيروت، لبنان، دمشق، سوريا. هناك بحث قيم يقول بالنسبة لمن رأى أن من قصد قبر النبي لزيارته فزيارته معصية ويجب أن يتم الصلاة لأنه ابن تيمية هكذا يعتقد. يقال: (وأما تخيل بعض المحرومين أن منع الزيارة أو السفر إليها من باب المحافظة على التوحيد وأن فعلها مما يؤدي إلى الشرك) كما تجدهم الذين يقفون ويصرخون أنه لا تقصدوا الزيارة بل اقصدوا المسجد (فهو تخيل باطل دال على غباوة متخيله وخياله ... فإن قلت: كيف تحكي الإجماع السابق) لأنه يدعي إجماع المسلمين على هذا بأن الزيارة مرغوب بها وحث الإسلام والنبي عليها، ابن حجر الهيتمي يدعي الإجماع على ذلك وهؤلاء الذين شقوا صف الإجماع ابن تيمية واتباع ابن تيمية. يقول: (كيف تحكي الإجماع السابق على مشروعية الزيارة والسفر إليها وطلبها) كما هو عموم المسلمين، اذهبوا إلى مسجد النبي الأكرم تجد عموم المسلمين يقصدون زيارة النبي (وابن تيمية من متأخري الحنابلة منكر لمشروعية ذلك كله كما رآه السبكي في خطه وأطال) أي ابن تيمية (في الاستدلال لذلك بما تمجه الأسماع وتنفر عنه الطباع بل زعم حرمة السفر إليها إجماعاً) وإجماع المسلمين على خلاف ذلك، هذه طريقته وهي التدليس وهي ادعاء الإجماع في المكان الذي لا دليل عنده. (بل زعم حرمة السفر إليها إجماعاً وأنه لا تقصر فيها الصلاة وأن جميع الأحاديث الواردة فيها موضوعة وتبعها بعض من تأخر عنه من أهل مذهبه) هذا كلام السبكي. انظروا إلى تعليقة ابن حجر الهيتمي، قلت: (من هو ابن تيمية حتى ينظر إليه، أو يعول في شيء من أمور الدين عليه، وهل هو إلا كما قال جماعة من الأئمة الذين تعقبوا كلماته الفاسدة وحججه الكاسدة حتى أظهروا عوار سقطاته وقبائح أوهامه وغلطاته إلا وعبد أضله الله واغواه) هذا هو إمام السنة والجماعة عند ابن باز وغير ابن باز، علماء المسلمين هكذا يقولون ولكن هم يعتقدون أنهم هم أهل السنة والجماعة (إلا عبد أضله الله وأغواه وألبسه رداء الخزي وارداه وبوئه من قوة الافتراء والكذب ما أعقبه الهوان وأوجب له الحرمان) هذا ابن تيمية. بينكم وبين الله وكل يدعي وصلا ً بليلى وليلى لا تقر لهم بذاك. إذا انبجست دموع من عين تبين من بكى ممن تباكى.
يوم القيامة سيتضح هؤلاء في الدنيا هكذا، هؤلاء يقولون نحن أهل السنة والجماعة وهؤلاء يقولون نحن أهل السنة والجماعة.
طبعاً هنا أريد أن أشير للمشاهد الكريم واقعاً عموم المسلمين أقرب إلينا في مبانينا العقدية التوحيدية، نحن واقعاً نجد هناك تباين تام بين عقائد المسلمين في التوحيد وبين عقائد ابن تيمية وأتباع ابن تيمية الذين يقولون بأنهم هم أتباعه وأتباع محمد بن عبد الوهاب. أما الأشاعرة فبيننا وبينهم مشتركات كثيرة، بيننا وبين المعتزلة، بيننا وبين الصوفية، ولذا أنتم تجدون أن ابن تيمية يشن حرباً شعواء على الصوفية وعلى أتباع أهل البيت وعلى المعتزلة وعلى الأشاعرة وعلى الماتردية وعلى الفلاسفة وعلى المتكلمين، كلهم أهل بدعة وضلالة بل أكثر من ذلك.
ابن حجر العسقلاني في (هدي الساري مقدمة فتح الباري) دار السلام، الرياض، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، في المقدمة يقول المحقق: (وقد أوتي) ابن حجر العسقلاني (رحمه الله من كثرة بحوثه وتنوعها وضخامة الكتاب وجلالة المهمة كما أنه خفي عليه بعض مذهب أهل السنة) يعني خفي عليه بعض مذهب ابن تيمية في الصفات، فلهذا صار أهل بدعة) ابن حجر العسقلاني، هذا الذي منهم، يدافع عنهم، ولكن عندما اختلف مع ابن تيمية في الصفات خفي عليه، (في الصفات والقدر فقلد غيره فوقع في ما وقع فيه وأبرأ إلى الله أن أظن فيه أنه قصد مخالفة الحق) مشكلته أنه لم يتوفر له أحد علماء المذهب كمحمد بن عبد الوهاب حتى يعلمه (ولم يتيسر له من علماء السنة والجماعة المحضة) باعتبار أنهم يعتقدون أنهم أهل التوحيد (من ينشئه على العقيدة السلفية الصحيحة) إذن هؤلاء لا يتهمون أهل البيت فقط، البعض يتصور أن معركة هؤلاء مع أهل البيت، لا والله، ولا مع أتباع أهل البيت، هؤلاء معركتهم حتى مع أمثال ابن حجر العسقلاني، يقول (من ينشئه على العقيدة السلفية الصحيحة ويوقفه على وضوحها ودقائقها وهذا قدر الله وما شاء فعل والحمد لله وبهذا أعلن أني لا أبيح أحداً اتخذ من هذه التنبيهات مطعناً على الحافظ) إذن تبين أن السلفية يطعنون على الحافظ (أو أنقص بها من دينه وقدره أو سخرها سهماً في تكفيره أو تبديعه) من السلفية من كفره وقال أهل بدعة (وما هي إلا نصح للحافظ وكتابه) باعتباره أنه منكر فلابد أن ينهى عن المنكر.
إذن هؤلاء هذه عقيدتهم في علماء المسلمين، طبعاً أنتم تعلمون أننا اختلفنا مع الحافظ ابن حجر كثيراً ولكن عندما تصل النوبة إلى هؤلاء لا يرحمون أحداً حتى ابن حجر.
المُقدِّم: الأخ عبد العزيز من مكة المكرمة، تفضلوا.
الأخ عبد العزيز: السلام عليكم.
المُقدِّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ عبد العزيز: بداية أشكر حسن استماعكم لنا فيما ورد من مداخلة كانت منا في أحد الحلقات السابقة، ولكن ما يؤسفني هو عدم ردكم الواضح في إشكالنا عليكم، فقولكم بأن جوابكم سيكون لاحقاً من خلال دخولكم في عمق أبحاث التوحيد وهذا منهج لا نقبله ونرى فيه تهرباً من الإجابة وخصوصاً إن ما اشكلناه عليكم هو عنوان بحثكم وبعض مقتطفات حديثكم ولم يكن ما طرحناه متقدم على ما ذكرتموه، بحث يكون نصيبكم فيما تشكلوه علينا هو العاجل من البحث ونصيب ما نشكله عليكم هو الآجل منه، وتلك إذن قسمة ضيزى.
أما إشكالنا عليكم فقد طرحناه سابقاً في رواية الشاب الأمرد وما نقل عن الحد والرجل واليد وغيرها، فقد كان إشكالكم قائم على طرح وتأكيد التضارب والتناقض بين ظاهر الروايات من التشبيه ومفهوم السلف رحمهم الله من عدم التشبيه.
المُقدِّم: معنا الدكتور سعود من لندن، تفضلوا.
الدكتور سعود: السلام عليكم.
المُقدِّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الدكتور سعود: سيدنا كما أسلفتم أن النهج الأموي دأب على مخالفة علي وآل علي منذ اليوم الأول وبما أن سيد الموحدين بعد النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو وصيه ووصي رب العالمين مولانا علي بن أبي طالب، وأقول سيد الموحدين لأنه في الخطبة الأولى من شرح النهج يقول: وأول الدين معرفته. في نهج البلاغة، ص62. والنهج الأموي يعرف ذلك وخصوصاً ابن تيمية وأتباعه، وجرياً على عادته السيئة خالف علياً في التوحيد، فسقط في الهاوية وأسقط الهاوية من بعده وضلوا ضلالاً بعيداً. وهنا ينطبق حديث رسول الله (ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً) نحمد الله على نعمة التمسك بمحمد وآل محمد ونسأل الله الهداية.
وأما مسألة الجائزة فالقرآن الكريم يقول (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض) هذه العشرة ملايين ليصرفوها على الفقراء.
المُقدِّم: الأخ عبد القادر من فرنسا، تفضلوا.
الأخ عبد القادر: السلام عليكم.
المُقدِّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ عبد القادر: أحيي الأخ الحيدري وأنه نور قلوبنا وبين لنا الحق الحقيقي وأن كثير من الشباب الآن يتبع مباشرة حلقاتكم واحدة تلو الأخرى ويعرف حقيقة الأمر أن كل شيء مع أهل البيت لا مع غيره. ان حقيقة الأمر أنك بينت كل شيء ولو شققت رؤوسهم ما عرفوا الحق.
سماحة السيد كمال الحيدري: في الواقع بأن الأخ العزيز بعد العزيز أشكره على هذه المداخلة، واهتمامه بهذا البحث، وأعتقد أنه الأخ العزيز أيضاً لم يلتفت أنا إلى الآن لم أدخل في مسألة الشاب الأمر ولم أدخل في مسألة الحد ولم أدخل في مسألة الصورة، فقط أعطيت الإطار العام للبحث، فليطمئن الأخ العزيز في الوقت المناسب عندما أقف عند مسألة الشاب الأمر أو مسألة الحد أو مسألة الصورة أو مسألة الرجل والقدم، سيتضح أنه عند ذلك استمع لإشكاله ولمداخلته إن شاء الله تعالى، وإذا في ذاك الوقت لم أجبه من حقه أن يقول ما يريد قوله في هذا المجال.
طبعاً هنا أيضاً بودي أن المشاهد الكريم يلتفت أننا حاولنا بحمد الله تعالى في هذه الأبحاث بقدر ما يمكننا أن نحفظ وحدة البحث، ووحدة موضوع البحث، لأنكم تجدون ومع الأسف الشديد الآن أن الأبحاث تطرح بشكل حالة من الكشكولية، يعني موضوعات متداخلة مختلفة متعددة بعضها على بعض، وهذا بحمد الله تعالى لم يكن في أبحاثنا مذ بدأناها إلى يومنا هذا، ولهذا احاول بقدر ما يمكن حتى أن المشاهد الكريم يعذرني، أنا لا أريد أن أفتح المجال إذا سأل سائل لمسألة ولموضوع تقدم فيما سبق وانتهينا منه أو سيأتي بحثه لا أقبل أن يكون هناك تكرار أو تقديم أو تأخير، فلذا فليحمني الأخ العزيز عبد العزيز على الصحة والحمل على الصحة شيمة أهل الإسلام والإيمان، أن يحملني على الصحة أنني لم أهرب من الجواب، وأنا أتصور أن الأخ العزيز عندما يجد أنني واقف على كل مبانيهم ولعله بأفضل مما واقف عليه الأخ العزيز من خلال هذه المصادر التي بيدي، وأنا أشك أن الأخ العزيز أن هذه المصادر بيده، ولذا كان الأفضل أن لا يتهمني بالهروب من هذا البحث، هذا أولاً.
وثانياً: إن الأخ العزيز من فرنسا، يقول لو شققت رؤوسهم، لا، أنا متأمل من المسلمين جميعاً وبالخصوص من أتباع ابن تيمية يعني عموم شبابهم وأهل العلم فيهم والأكاديميين أنهم واقعاً طلاب الحقيقة أنا لا أشك أنهم إذا اتضحت لهم الحقيقة سوف لا أقل يبحثون عنه، أنا لا أقول سيكون بالضرورة شيعي، سيبحثون عن الحقيقة وهذا هو هدفي من هذه الأبحاث.
المُقدِّم: شكراً لك سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، شكراً لكم مشاهدينا الكرام، ملتقانا وإياكم إن شاء الله غداً، السلام عليكم ورحمة الله تعالى بركاته.