انتقاص ابن تيمية لسيدة نساء العالمين (سلام الله عليها) ق (4)
سماحة السيد كمال الحيدري
سلسلة حلقات من برنامج - مطارحات في العقيدة - على قناة الكوثر الفضائية
11/03/2010المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين وآله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين. تحية طيبة لكم مشاهدينا هذا موعدكم مع حلقة جديدة من مطارحات في العقيدة، عنوان حلقة الليلة: (انتقاص الشيخ ابن تيمية من سيدة نساء العالمين، القسم الرابع) نرحب باسمكم بضيفي الكريم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، مرحباً بكم سماحة السيد.
سماحة السيد كمال الحيدري: أهلاً ومرحباً بكم.
المقدم: في الحلقة السابقة وردت بعض التساؤلات من قبل الأخوة المشاهدين الأعزاء، ذكرتم كلاماً للشيخ ابن تيمية فيقولون هل أن كلام الشيخ ابن تيمية هو بصدد نسبة الكذب إلى سيدة نساء العالمين سلام الله عليه أم لا ليس الأمر كذلك؟
سماحة السيد كمال الحيدري: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
في الواقع بأنه كما ذكر الأخ العزيز الدكتور سالم، أنه وردت اتصالات متعددة للسؤال عن هذا المقطع الذي أشرنا إليه من كلمات الشيخ ابن تيمية، قبل أن أجيب أنه ما هي القراءة التي تحتمل في هذه العبارة، هذا يكشف لي عن أنه الأخوة والمشاهدين الأعزاء يتتبعون هذه الكلمات بدقة عالية وهذا يسرني كثيراً ويشعرني بالموضوعية التي أجدها في المشاهد الكريم، يعني أن المشاهد الكريم عندما احتمل أن الشيخ ابن تيمية في منهاج السنة ذكر عبارة ونحن استفدنا منها استفادة معينة ويحتمل أنه ليست هذه الاستفادة هي مقصود الشيخ نجد أن أتباع مدرسة أهل البيت والاتصالات جاءت من أتباع مدرسة أهل البيت، أجد أنهم جميعاً اتفقت كلمتهم سيدنا إذا يمكن الوقوف على هذه لاحتمال أن الشيخ ابن تيمية ليس مقصوده هذا المعنى الذي أشرتم إليه، وهذا واقعاً يشكر عليه المشاهد الكريم للموضوعية التي يتحلى بها، ونحن أيضاً كان بإمكاننا أن نتجاوز هذه القضية ولكنه كما التزمنا في أول هذه الأبحاث ومشينا على هذا المنهج هو أنه في الواقع إذا لم تكن العبارة دالة على هذه لا يضرنا شيء، باعتبار أن هناك موارد متعددة تشير إلى ما أشرنا إليه فيما سبق وهي كافية.
ومع ذلك كله سوف نقف عند هذه العبارة بقدر ما يمكن، هذه العبارة كما يتذكر المشاهد الكريم جاءت في (منهاج السنة) الجزء الرابع، ص242 و 243 و 244، والعبارة هذه، أقرأها للمشاهد، قال: ونحن نعلم أن ما يحكى عن فاطمة وغيرها من الصحابة من القوادح كثيرٌ، منها كذب وبعضها كانوا فيه متأولين وإذا كان بعضها ذنباً فليس القوم معصومين. هذه هي العبارة. سواء أرجعنا من القوادح كثير، منها كذب، أو قلنا لا، (القوادح كثير منها) المشاهد الكريم لابد أن يلتفت في هذه القراءة يمكن أن توجد، أو في هذا القراءة يمكن أن توجد قراءتان ويمكن أن نفهم من كلام الشيخ ابن تيمية يمكن أن يوجد فهمان:
الفهم الأول: وهو الفهم الذي أشار إليه السيد الشريف (أخطاء ابن تيمية في حق رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته) إعداد وتأليف السيد الشريف دكتور محمود السيد صبيح، وهذا الكتاب أنا أتذكر مراراً أشرت إليه، أهمية هذا الكتاب لابد أن المشاهد الكريم يلتفت أهمية هذا الكتاب تنبع من هذه الجهة، وهي أنه أيضاً أقرأ عبارات الدكتور في ص6 من المقدمة والتمهيد، يقول: وقد تتبعت كثيراً من أقوال مبتدعة هذا العصر - يعني أهل البدع، تتبعت كثيراً من كلمات أهل البدع المعاصرين- فوجدت أكثر استدلالهم بابن تيمية – يعني أن المرجع الأساسي لكل هذه المبتدعات إنما هو شيخ الإسلام الأموي الشيخ ابن تيمية- فتتبعت بحول الله وقوته كلام ابن تيمية فيما يقرب من أربعين ألف صفحة أو يزيد، يعني أنه تقريباً أكثر تراث ابن تيمية إن لم نقل جميع تراث ابن تيمية راجعه، وأهمية هذه النقطة تكمن في أنه واقف على كامل منهج الشيخ ابن تيمية، يعني لم يقرأ مقطع معين حتى ينسبه إلى ابن تيمية وإنما يعطي الرؤيا من كامل تراث ابن تيمية، وهذه بودي أن المشاهد الكريم يلتفت إليها وهي أنها قد يكون مقطع من المقاطع في كتاب لا يؤدي معنى معين، ولكنه إذا وضعت هذا المقطع ضمن الرؤيا العامة التي يملكها الإنسان عن الكاتب أو عن العالم أو ذلك المحقق يقول مراده هذا لا معنى لا مراده معنى آخر، لأن هذا الذي ينسجم، هذه القرائن العامة لأنه هو الذي ينسجم مع المنهج العام للكاتب، وأنا إنما أستند أو أقول هذه القراءة باعتبار أن الدكتور محمود صبيح هو ممن حاول أن يستوعب تراث الشيخ ابن تيمية، يقول: فيما يقرب من أربعين ألف صفحة أو يزيد فوجدته قد أخطا أخطاء شنيعة في حق رسول الله وأهل بيته وصحابته وأنت خبير ...
إذا اتضح ذلك تعالوا معنا إلى هذه العبارة وكيف يفهمها الدكتور صبيح، في ص59 من الكتاب، يقول: ونحن نعلم أن ما يحكى عن فاطمة وغيرها من الصحابة من القوادح كثيرٌ، يضع عند ذلك فارزة، يقول: من القوادح كثير، منها كذب وبعضها كانوا فيه متأولين، وإذا كان بعضها ذنباً فليس القوم معصومين. هكذا يقول - الدكتور صبيح-: لا أدري ما هي القوادح ا لكثيرة التي حُكيت عن السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها. إذن يفهم من هذا الكلام ماذا؟ أنه ينسب إليها الكذب، يقول: القوادح التي حكيت عن فاطمة. يقول: سواء الكذب، القوادح التي حكيت عن فاطمة، يعني فاطمة كانت كاذبة فيها، أو التي كانت متأولة، يعني فاطمة كانت متأولة، أو التي وقعت فيها بذنب، وأي فاجر ذكر ذلك، هذه عبارة الدكتور صبيح وليست عبارتي، أنا لا استعمل مثل هذه الكلمات ولكني أنقل عبارة الكاتب، وأي فاجر ذكر ذلك، وهل يا ترى على مذهب ابن تيمية ماذا سيفعل الله تعالى في هذه القوادح المنسوبة للسيدة فاطمة، ستكتب شهادة ابن تيمية وسوف يسأله العزيز الجبار، إشارة إلى الآية المباركة (لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ).
أما في ص60 من الكتاب هكذا يقول: نتساءل ما حكم من أثبت القوادح للسيدة فاطمة؟ يعني فهم من العبارة أن الشيخ ابن تيمية يريد أن يثبت القوادح لسيدة نساء العالمين، لا أنه يريد أن يقول أن ما نسب إليها هو كذب. يقول: ما حكم من أثبت القوادح للسيدة فاطمة وأن السيدة فاطمة رضي الله عنها يحكى عنها قوادح كثيرة منها كذب وبعضها متأولة وبعضها ذنوب وليست بمعصومة ... إذن الدكتور يفهم من عبارة الشيخ ابن تيمية أنه يعتقد - الدكتور صبيح- أن الشيخ ابن تيمية بصدد نسبة وإثبات الكذب على سيدة نساء العالمين سلام الله عليها. يريد أن يثبت هذا المعنى، يريد أنه يقول أن نسبة الكذب هذا المعنى. قد يقول لنا قائل: هذا رأي الدكتور صبيح، ولكن هل توجد هناك قرائن تقرب هذه القراءة أو هذا الفهم لكلام الشيخ ابن تيمية؟
في الواقع استطيع أن أشير إلى مجموعة من القرائن:
القرينة الأولى هو أنه يأتي في ص242 من الكتاب في منهاج السنة، يقول: بل لو قال القائل - يتكلم عن علي- أنه لا يعرف من النبي أنه عتب على عثمان في شيء وقد عتب على علي في غير موضع لما أبعده، يعني لما كان بعيداً عن الحقيقة والصواب أن رسول الله مرات وكرات عتب على علي لخطأه واشتباهه ولكنه ولا في مرة واحدة عتب على عثمان.
هذا نظره في علي، إلى أن يقول، ثم يأتي في بيان اشتباهات علي، يقول: فأما الفتاوى- يعني التي وقع فيها في مخالفة الحق وفي مخالفة ما يريده رسول الله، وفي مخالفة سنة رسول الله- فقد أفتى بأن المتوفى عنها زوجها وهي حامل تعتد أبعد الأجلين - التفتوا ماذا يعلق على هذا الفتوى من علي- وهذه الفتوى كان قد أفتى بها أبو السنابل على عهد النبي، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): كذب أبو السنابل. إذن هذه الفتوى التي صدرت من علي كانت قائمة على الكذب. قد يقول قائل: هذا لا يوجد فيه تصريح. أقول: نعم، ولكن فيه تلميح أن علي بن أبي طالب في هذه الفتوى أفتى بفتوى الكذابين، أو أنه إنسان لا يعرف من السنة شيئاً ونصوصهم الصحيحة تقول أنه أعلم بالسنة من الأول والثاني والثالث إلى غيره. يقول: وقد أفتى بها أبو السنابل على عهد النبي (صلى الله عليه وآله) فقال النبي: كذب أبو السنابل، وأمثال ذلك كثير.
المقدم: من اشتباهات علي.
سماحة السيد كمال الحيدري: يا ليت من الاشتباهات، وبل أمثالها من الكذب، هذا يجعل أمثال الدكتور صبيح عندما يأتي يقول: كثير منها كذب. يقول: يريد أن ينسب الكذب، وإلا نفس العبارة، قد يقول قائل: لا يوجد فيها مثل هذا الظهور. في ص242 من منهاج السنة و 243.
إلى أن يأتي في ص246 من الكتاب، أيضاً يذكر قضية يقول: ليس بالضرورة أن فاطمة عندما طلبت حقها بالضرورة أنها كانت محقة في طلبها، وإنما هي لعلها مخطئة، ويا ليت يقول أنها مخطئة، وكانت متأولة، يترك القضية بلا أن يقول أنها كانت متأولة مما يشم منها رائحة أنه لعله كانت تعلم أنه لا حق لها ومع ذلك طالبت بفدك من الخليفة الأول، هذا معناه أنها ليست متأولة وإنما كاذبة لأنه تعلم أنه ليس فدك من حقها ومع ذلك تطالب بها وأدعت أنه لها، وهذا كذب. يقول: ثبت في الصحيحين عن علي في حديث الخادم لما ذهبت فاطمة إلى النبي تسأله خادماً فلم يعطها خادماً فعلمها التسبيح وإذا جاز أن تطلب من النبي ما يمنعها إياه ولا يجب عليه أن يعطيها إياه جاز أن تطلب ذلك من أبي بكر خليفة رسول الله وعُلم أنها ليست معصومة، يعني لعلها أذنبت هنا، لعلها أخطأت هنا، لعلها كذبت، لم يقل بأنه طلبت ولعلها متأولة، لو كان يصرح يقول طلبت ولعلها متأولة كنا نقول هذا الاحتمال، ولكنه ترك القضية يقول: وعُلم أنها ليست معصومة أن تطلب ما لا يجب إعطاها إياه، يعني غير حقها، غير حقها كذباً، غير حقها متأولة، غير حقها ذنباً، مثل هذه العبارات أدت بالدكتور صبيح أن يقرأ هذا النص بهذه الطريقة. لأن هذه القرائن كلها محيطة. هذا في ص246 و 247 من الكتاب.
هذا مضافاً إلى أنه هناك قرينة داخل نفس المقطع، بودي أن المشاهد الكريم يلتفت إلي، المقطع في ص244، يقول: ونحن نعلم أنما يحكى عن فاطمة وغيرها من الصحابة من القوادح كثير منها كذب عليهم، كنا نقول أنه ليس بصدد ... بل يقول أنها مفتراة عليهم، ولكن لأنه ترك الضمير وقال: كذب، يحتمل هذا ويحتمل ذلك.
المقدم: والقرائن تؤكد أنه لا ينفي الكذب.
سماحة السيد كمال الحيدري: أنا أريد أن أقول أن العبارة إذا لم أقل ظاهرة كما يقول الدكتور صبيح لا أقل أنها مشتبهة من المتشابهات تحتمل الأمرين، فلابد أن نجمع كل القرائن الأخرى، يقول: كثير منها كذب، من أين أقول لماذا لو كان يقول كذب عليهم كنا نقول القضية واضحة، لأنه بعد ذلك قال: وبعضها كانوا فيه، هنا اشار إلى الضمير، فيما يحكى عنهم، أما الأول تركه، لم يقل كثير منها كذب عليهم، وبعضها كانوا فيه متأولين ...
المقدم: يعني هناك قرينة أخرى، الآن قال: كثير، في هذه العبارة، وحينما تحدث عن حديث أبي السنابل، قال: وكثير منها، إذن كثير هنا ككثير هناك.
سماحة السيد كمال الحيدري: لعلها تكون من المؤيدات، المهم أريد أقول أن عبارته هكذا، لو كان مقصوده بشكل واضح وصريح أنه مفترات عليهم، يعني ما حكي عنهم كذب، لا نسبة الكذب إليهم، كان ينبغي أن يقول كثير منها كذب عليهم، كما قال وبعضها كانوا فيه متأولين. هذه بعض القرائن. طبعاً القراءة الأخرى تقول: لا، ليس الأمر كذلك، وإنما الشيخ يريد أن يقول أن بعض هؤلاء، يعني إنما يحكى عن فاطمة وبعض الصحابة ليس له واقعية، وإذا كان له واقعية وصادقة فكانوا أهل تأويل، وإذا لم يكن تأويل ما صدق عنهم فهم مذنبون ولكن الله يغفر لهم. أنا إشكاليتي في هذه الجملة، وهي أنه هذه من النقاط المعروفة في منهج الشيخ ابن تيمية، وهو أنه في بعض المواضع، وخصوصاً المواضع التي ترتبط بأهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام نجد أنه يتكلم بكلام يحتمل الاحتمالين، حتى إذا أنت أشكلت بهذا الاحتمال يقول أنه لا ليس هذا مقصوده وإنما مقصوده شيء آخر، من قبيل ما أشرنا إليه، قاعدة أخرى، قلنا أنه جملة من الأمور التي يريد أن يقولها ويبينها ويطعن فيها وينتقص فيها أهل البيت، يقول لقائل أن يقول، أو لعارض أن يعارض، حتى إذا قيل له لماذا تقول هكذا، يقول هذا ليس رأيه وإنما ينقل رأياً عن الآخرين. هذه الطريقة في التعامل أنا أتصور واقعاً أنا أتصور لا تجد هذه الطريقة يعني في الكلام المبهم الضبابي لا تجده عندما يتكلم عن بني أمية أبداً، ولكنه عندما يتكلم عن أهل البيت نجده يتكلم بكلام يحتمل هذا الاحتمال ويحتمل ذاك الاحتمال. ومع كل هذا فالأمر للمشاهد الكريم أن يرى أنه هذا هل هو انتقاص أو ليس كذلك.
المقدم: قد يقول المشاهد الكريم لو أن سماحة السيد ذكر مناسبة إيراد هذا النص لابن تيمية، قد تحسم لنا الأمر، هل يريد أن ينسب الكذب فعلاً، يعني قد يقول..
سماحة السيد كمال الحيدري: أنا لست بصدد الترجيح، أنا أريد أن أقول أن هذه القرائن وضعتها أمام المشاهد الكريم وهو بالخيار، وبعبارة واضحة إذا كان يسيء الظن بابن تيمية ويقول أن منهجه العام هو الطعن بأهل البيت فالقراءة الأولى هي الصحيحة، أما إذا كان منهج ابن تيمية هو الدفاع عن أهل البيت وعن فاطمة فالقراءة الثانية هي الصحيحة، وحيث تقدم في الأبحاث السابقة موارد متعددة يطعن فيها يشبهها بالمنافقين وهذا ما اتضح فيما سبق، يقول أنها طلبت الدنيا، أنها فرقت الجماعة، أنها ... إلى غير ذلك.
المقدم: هل هناك موارد أخرى يمكن أن يستفاد منها أن الشيخ ابن تيمية كان ينتقص سيدة نساء العالمين عليها السلام.
سماحة السيد كمال الحيدري: في الواقع بأنه هذه قضية، إذا يتذكر المشاهد الكريم كان هذا المورد السادس الذي أشرنا إليه من الموارد التي فيها إما تصريح وإما تلويح بانتقاص سيدة نساء العالمين.
المورد السابع الذي يمكن أن يشار إليه في هذا المجال، ما أشار إليه الشيخ ابن تيمية في المجلد الثامن ص459 في (منهاج السنة) الطبعة التي أشرنا إليها مراراً، الدكتور محمد رشاد سالم، و ص460، ماذا يقول هناك، أنا أجمل دعواه، يعتقد الشيخ ابن تيمية أن الحزن على رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد رحلته وموته عليه أفضل الصلاة والسلام أن الحزن عليه نوع من الضعف، يعني من يحزن على رسول الله فهذا الإنسان ضعيف، وبعبارة أخرى ممدوح على فعله أو مذموم، مذموم لضعف إيمانه، ولا أريد أن أقول لضعف إيمانه، هو يقول نوع من الضعف، ولا أريد أن أحمله على كلامه، ولكنه يصرح بعد ذلك ويقول: فإن الحزن فأنه هذا لم يكن مأموراً به، يعني الحزن عليه مأموراً به أو غير مأمور به. هذا أولاً.
وثانياً: يقول لأن الحزن على ميت أساساً فعل لا فائدة منه، ولا منفعة فيه ونحو ذلك، أنا أقرأ العبارة، يقول: وحزنه - يعني حزن أبي بكر، يتكلم عن أبي بكر عندما حزن على رسول الله كما مقتضى الآية المباركة- وحزنه على النبي يدل على كمال موالاته ومحبته ونصحه له واحتراسه عليه وذبه عنه ودفع الأذى عنه وهذا من أعظم الإيمان وإن كان مع ذلك يحصل له بالحزن نوع ضعف - هذا هو محل الشاهد-. إذن أولاً ينسب الضعف إلى الخليفة الأول ابي بكر، الذي هو في اعتقاده، في اعتقاد الشيخ ابن تيمية هو أفضل أصحاب رسول الله، الذي هو أفضل من عمر وعثمان وعلي .. ولكن أنا لا أعلم بأنه إذا كان الخليفة الأول فيه نوع من الضعف فمالك بمن دونه، هؤلاء لابد أن يكونوا كذا وكذا ولا أريد أن أقول. هذا نص عبارته، يقول: وإن كان مع ذلك يحصل له - لأبي بكر- بالحزن نوع ضعف، هؤلاء الذين يقولون بأنه من انتقص صحابياً، هذا انتقاص للصحابي، هذا باعتقادكم أفضل صحابة رسول الله، نحن لا نعتقد ذلك، نحن نعتقد أن علياً أفضل الأولين والآخرين بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهذا مما لا نشك فيه وأدلتنا من كتبكم صحيحة وسأقرأها إنشاء الله تعالى في الوقت المناسب. قال: وإن كان مع ذلك يحصل له بالحزن نوع ضعف فهذا يدل على أن الاتصاف بهذه الصفات مع عدم الحزن هو المأمور به. إذن هذا أمر ممدوح أو غير ممدوح؟ غير ممدوح وهو أن يحزن الإنسان على رسول الله، ثم ينتقل إلى الزهراء يقول قائل: سيدنا هذه القضية مرتبطة بأبي بكر. نعم، محل الشاهد هذه. يقول: ثم هؤلاء الشيعة وغيرهم يحكون عن فاطمة من حزنها على النبي (صلى الله عليه وآله) ما لا يوصف وأنها بنت بيتاً للأحزان ولا يجعلون ذلك ذماً لها، مع أنه حزن على أمر فائت لا يعود ... إلى أن يقول: ولهذا لما مات - رسول الله- لم يحزن أبا بكر هذا الحزن لأنه لا فائدة فيه. وأبا بكر إنما حزن عليه في حياته خوفاً عليه من أن يقتل وهو حزن يتضمن الاحتراس ولهذا لما مات لم يحزن هذا الحزن، يقول: الحزن الشديد لم يحزنه على رسول الله لأنه لا فائدة فيه، وبعبارة أخرى يريد أن يقول أن الحزن على رسول الله بعد موته (صلى الله عليه وآله) أولاً دال على الضعف، نوع ضعف غير ممدوح وغير مأمور به، هذا أولاً، وثانياً أنه نوع من العبث واللغوية، لأنه إذا لم يكن فيه فائدة ولا نفع إذن من يقوم به فهو عبث، وصاحبه مذموم لا ممدوح، يقول: مع عدم الحزن هو المأمور به.
إذن ألخص كلامي، أولاً: أنه قال أن الحزن على رسول الله (صلى الله عليه وآله) يكشف عن نوع من الضعف. ثانياً: أن الحزن على ميت كما فعلت سيدة نساء العالمين فاطمة هذا فعل لا فائدة منه ولا نفع فيه، وبتعبير أخر إذا أردنا أن نعبر يعني فعل عقلائي أو فعل عبثي؟ فعل عبثي، باعتبار أن الشيء لا فائدة ولا منفعة منه لا دنيوية ولا أخروية أما الدنيوية فواضح وأما الأخروية فهو المأمور به أو غير المأمور به؟ غير مأمور به، إذن هذا الفعل يكون عبثاً، يكون لغواً. الآن أنا حديثي فيما يتعلق بالخليفة الأول وأنه ينسب إليه الضعف هم أحرار في أن يقولوا أن هذا تنقيص في الخليفة الأول وأنه يستحق عليه التأديب والتعزير، لأنه إذا تتذكرون في (الصارم المسلول) هو الشيخ ابن تيمية قال بأنه لو قال طويل أو عريض أو جبان أو ... فهذا يستحق التعزير والتأديب، فما بالك وهو ينسب له نوعاً من الضعف ويقول ان هذا الفعل الذي قام به غير مأمور به. سؤال: إذا لم يكن مأموراً به فعلى مبانيكم يكون بدعة. لماذا أنه لا تقولون أنهم أهل بدعة، لا اريد أن أدخل في هذا البحث، وهو ما يتعلق بالخليفة الأول فله حديث آخر. وإنما حديثي بالنسبة للزهراء يقول أن فعل الزهراء وهو حزنها على أبيها، يكون في علمكم أنه لا إشكال ولا شبهة أن الروايات التي دلت على حزن الزهراء على أبيها كثيرة ومستفيضة في كتب القوم، وأنها كانت تقول ما تقول. ولكنه الكلام ينسبها إلى عدم الفائدة، يعني ينسب الحزن إلى عدم الفائدة إلى عدم النفع، بعبارة أخرى ينسب فعلها إلى العبثية واللغوية، السؤال المطروح هنا: واقعاً أن الحزن على رسول الله (صلى الله عليه وآله) نوع من العبث ونوع من اللغوية وأنه لا ينبغي أن يصدر وأن الحزن نوع من الضعف كما يقول أو لا؟
في مقام الجواب أنا بودي أن المشاهد الكريم يلتفت معي لأن الوقت لا يسع، انظروا إلى هذه الآيات المباركة في سورة يوسف (83 - 86) قال تعالى: (قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ *وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ * قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنْ الْهَالِكِينَ * قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنْ اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) إذن أول صفة يتصف بها نبي من أنبياء الله أن فيه نوعاً من الضعف، هذه هي رؤية شيخ الإسلام عند القوم في الأنبياء. مع أن يعقوب كان يعلم أن يوسف حي، وأنه لم يمت ولكن مع ذلك كان يحزن عليه، يعني نفس الحزن الذي صدر من الخليفة ابي بكر بالنسبة لرسول الله، ويقول: وهذا يدل على نوع من الضعف، قد يقول قائل: أنه لا فرق بين الحزن في الحياة والحزن بعد الممات؟ هذا مضافاً إلى أنه هذه لعله كانت شريعة يعقوب ونحن لا نتكلم عن شريعة يعقوب وإنما نتكلم عن شريعة الإسلام. انظروا ما هو فعل الصحابة، على مستوى فعل الصحابة أنا أقرأ رواية واحدة للأخوة الأعزاء من (صحيح سنن ابن ماجة) الإمام الحافظ محمد ناصر الدين الألباني، المجلد الثاني، ص55، الحديث 1334، الرواية عن أنس قال أبو بكر بعد وفاة رسول الله لعمر - يعني أبو بكر قال لعمر بعد أن ذهب رسول الله عن هذا العالم-: انطلق بنا إلى أم أيمن نزورها كما كان رسول الله يزورها، هذه أم أيمن التي شهدت للزهراء سلام عليها في فدك، قال: فلما انتهينا إليها بكت فقال لها: ما يبكيك، فما عند الله خير لرسوله. قالت: أني لأعلم أن ما عند الله خير لرسوله، ولكني أبكي لأن الوحي قد انقطع من السماء. يظهر أن أم أيمن كانت أعلم من الشيخ ابن تيمية بكثير، لأنها تبكي وتقول لا لرسول الله وإنما أبكي لحالنا لأن بذهابه انقطع الوحي. ولكن أبكي لأن الوحي قد انقطع من السماء، أم أيمن صحابية وفعلها حجة، لا أعلم أيضاً لابد أن يتهم أم أيمن، ولكنه ماذا يفعل بالجملة اللاحقة، قال: فهيجتهما على البكاء فجعلا يبكيان معها - هذا محل الشاهد-. إذن تبين أنه ليس أبي بكر فقط فيه نوع من الضعف بل عمر كذلك فيه نوع من الضعف. هذا أولاً. وكلاهما قاما بفعل ممدوح أو بفعل غير مأمور به؟ وكلاهما قاما بفعل عبثي لا نفع ولا فائدة منه. لابد أن يجيب شيخ الإسلام الأموي عن هذه الرواية.
المقدم: رووا أن الخليفة عمر عند وفاة عمر قال: من يقول أن رسول الله قد مات أقتله وإنما ذهب، فقد عقله حزناً على رسول الله. يقولون إلى أن جاء الخليفة أبو بكر وقال: من كان يعبد محمداً فأن محمداً قد مات وما محمد إلا رسول وتلا الآية.
سماحة السيد كمال الحيدري: من هذه الرواية التي قرأناها التي صححها الألباني في سنن ابن ماجة، يظهر أن الخليفة الأول والخليفة الثاني بحسب حكم وفتوى شيخ الإسلام عندهم أنهما مصابان بنوع من الضعف، لا يقول لنا قائل غداً أن السيد الحيدري يسب الصحابة وأنه ينتقص الصحابة، أبدا أبداً، وإنما أنا نقلت كلام الشيخ ابن تيمية هو يقول بأنه من حزن على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فهو نوع من الضعف وأن هذا الفعل لا فائدة ولا نفع منه، وأن أبا بكر وعمر بكيا على رسول الله كما قرأنا الرواية الصريحة. بل نسي، ولو كان يلتفت إلى لوازم كلامه. ولهذا نحن وعدنا الأخوة لنا حديث مستقل موقف الشيخ ابن تيمية من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكأن الشيخ ابن تيمية نسي أن ما فعله رسول الله (صلى الله عليه وآله) هذا في مسند أحمد، بودي أن المشاهد الكريم يلتفت، مسند أحمد، الموسوعة الحديثية، ج20، مؤسسة الرسالة، ص316، الحديث 13014، الرواية، حدثنا أنس قال: قال رسول الله: ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم. يعني إبراهيم النبي (صلى الله عليه وآله) باعتباره قال: أنا دعوة أبي إبراهيم، قال: ثم دفعه إلى أم سيف امرأة قين يقال له أبو سيف بالمدينة، فانطلق رسول الله يأتيه وانطلقت معه، رسول باعتبار كانت مرضعة له فكان يأتي إلى إبراهيم ليراه، يقول: فانتهى إلى أبي سيف وهو ينفخ بكيره وقد امتلأ البيت دخاناً قال فأسرعت المشي بين يدي رسول الله قال: فقلت: يا أبا سيف جاء رسول الله، قال: فأمسك، قال: فجاء رسول الله، فدعا بالصبي فضمه إليه قال أنس: فلقد رأيته - إبراهيم- بين يدي رسول الله وهو يكيد بنفسه، يعني يجود بنفسه، في النزع الأخير، قال: فدمعت عينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: قال رسول الله: تدمع العين ويحزن القلب، إذن رسول الله حزن على إبراهيم، ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضى ربنا والله إنا بك يا إبراهيم لمحزونون. والله إنا بك يا إبراهيم لمحزونون. ويقول المحقق وهو الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات، رجال الشيخين، وأخرجه أبو عوانة وأخرجه أبن سعد وأخرجه البيهقي وأخرجه ابن أبي شيبة وأخرجه ....
واقعاً الإنسان يستغرب أنه هذا الإنسان ماذا أقول قست قلوبهم فهي كالحجارة ماذا أقول عليه لا أعلم، أنه يقول أن الحزن على رسول الله أن الحزن على رسول الله نوع ضعف، أن الحزن لا فائدة منه ولا نفع فيه، ثم يحاول أن ينتقد بشكل غير مباشر الزهراء سلام الله عليها لأنها حزنت على رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وكذلك صحيح ابن حبان أيضاً أشار إلى هذا المعنى بشكل واضح وصريح، صحيح ابن حبان، الجزء السابع، ص162 أيضاً ينقل الرواية يقول: فقال رسول الله، تدمع الحين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإننا بك يا إبراهيم لمحزونون. إسناده صحيح على شرط مسلم، وهو في صحيحه في الفضائل، رقم الحديث الذي ينقله 2315، باب رحمته، الصبيان. يقول: وأخرجه أحمد ومسلم وأبو داود في الجنائز، باب في البكاء على الميت، والبيهقي من طرق وأخرجه بنحوه البخاري ومن طريقه البغوي، وقد جزم الواقدي ... إلى أخره.
وكذلك في مسند أبي يعلى، الجزء السادس، ص42، سؤال: على المقياس الذي ذكره الشيخ ابن تيمية ماذا ننتهي إلى نتيجة؟ على المقياس الذي ذكره الشيخ ابن تيمية هو أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) عندما بكى على إبراهيم انتابه نوع من الضعف. أقرأ العبارة مرة أخرى حتى المشاهد الكريم يلتفت، قال: وإن كان مع ذلك يحصل له بالحزن نوع ضعفٍ. إذن رسول عندما حزن ...
المقدم: إذا كان أبو بكر ملاماً في ذلك فأن رسول الله يلام أكثر لأنه أسوة وقدوة.
سماحة السيد كمال الحيدري: ليس فقط قدوة، إذن من هو أشجع الناس، إلا أن يكون شيخ الإسلام الأموي الشيخ ابن تيمية نبياً، ولعل مؤيديه يعتقدون فيه هذا، في تراثهم في تعريف الشيخ ابن تيمية نجد أنهم يعطوه من المواصفات في كثير من الأحيان لو أعطيناها للرسول الأكرم لقالوا أن هذا غلو. يقول: على أن الاتصاف بهذه الصفات مع عدم الحزن هو المأمور به، إذن كان المأمور به أن لا يحزن ورسول الله خالف المأمور به.
المقدم: مع أنه يقول: (ما أتاكم الرسول فخذوه) (ما ينطق عن الهوى).
سماحة السيد كمال الحيدري: (ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) مراراً ذكرنا أنه ليس فقط لا ينطق، وإنما لا يفعل عن الهوى وإنما هو وحي يوحى، ليس فقط رسول الله معصوم على مستوى الأقوال وإنما معصوم على مستوى الأقوال وعلى مستوى الأفعال وعلى مستوى الأقارير، ولذا أنا قلت أن المشاهد الكريم لابد أن يلتفت، لابد أن نعقد بحثاً مستقلاً لهذه القضية بشكل واضح وصريح، إذن رسول الله أيضاً ونسي الشيخ ابن تيمية أن هذا الكلام ينطبق على رسول الله، إذن فيه نوع من الضعف أولاً وقام بفعل غير مأمور به ثانياً، وأن هذا الفعل الذي قام به لا فائدة منه ولا نفع له، لأنه أقول هذا الكلام باعتبار أنه كان حزنه كان على ميت على إبراهيم وقد مات، كما كان حزن فاطمة على أبيها رسول الله، على الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآل) سيد الخلق أجمعين، سيد الأولين، سيد الأنبياء والمرسلين، مع النكتة التي أشرتم إليها وهي نكتة مهم وهو أنه إذا كان الحزن، لا أعلم الإنسان إذا لم يأخذ المشروعية من فعل رسول الله فمن أين يأخذها، رسول الله فعل ذلك، إذن مشروع أو غير مشروع. يعني إذا كان رسول الله فعل هذا، إذا فعل هذا ألا يعد مأمورا به، شيء غريب، إذا رسول الله فعل هذا بروايات صحيحة في أهم المصادر والمسانيد والصحاح إذن إذا لم يكن هذا حجة علينا إذا لم نقتدِ بفعل رسول الله إذن بمن نقتدي، يظهر أن الشيخ يريد أن نقتدي بالنهج الأموي.
المقدم: وقد كانوا قساة، يقتلون أولاد النبيين.
سماحة السيد كمال الحيدري: وهذا الذي أريد أن أقوله، واقعاً الإنسان عندما يدخل إلى مسجد النبي الأكرم ويدخل إلى الحرم النبوي يجد أن عموم المسلمين عندما يقفون أمام رسول الله يأخذوهم البكاء والنحيب والحزن الشديد ولكن تجد هؤلاء الجلاوزة يضربونهم ويدفعونهم ... هذا الذي أنا أقوله لابد أن نميز بين مدرسة الصحابة وبين مدرسة أو النهج الأموي. هذا الذي أنا أؤكد عليه أن عموم المسلمين واقعاً يجدون بأن الحزن على رسول الله كمال، واقعاً أن أتصور أن القضية واضحة جداً، وهو أن الحزن على رسول الله كما فعلت أم أيمن، وعندما رأوا أم أيمن تفعل تجد أن الخليفة الأول والخليفة الثاني. ولكنه يصرح يقول: أن عدم الحزن هو المأمور به، ولا أعلم كيف أن عدم الحزن، من أين جاء أن عدم الحزن هو المأمور، إذن هذا معناه، تبين من ذلك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) خالف المأمور به. إذن فيه نوع من الضعف، إذن قام بفعل لا فائدة ولا ثمرة منه ... إلى غير ذلك.
وملخص ما قلته وهو أنه اتضح من الموارد السابقة بما لا مجال للشك فيه أنه، طبعاً هذه النقطة أيضاً أشير إليها للمشاهد الكريم، النهج الذي اعتمده الشيخ ابن تيمية هو هذا النهج، وهو أنه لو يقرأ الإنسان ظاهر كلامه قد لا يجد ما يدل على الانتقاص وإن كان بعض كلماته ظاهرة وصريحة، ولكن الأسلوب العام الذي يستعمله هو أنه يحاول أن يتكلم بشكل يظهر شيء ويبطن شيئاً آخر، وهذا ما وجدته في جملة من كلمات الذين تابعوا تراث الشيخ ابن تيمية، مثلاً في (الرسائل الجامعية) رقم 26، دعاوى المناوئين لشيخ الإسلام ابن تيمية، عرض ونقد، تأليف الدكتور عبد الله بن صالح بن عبد العزيز، الغصن، دار ابن الجوزي ...
المقدم: معنا الأخ علي من العراق، تفضلوا.
الأخ علي: السلام عليكم.
المقدم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ علي: سؤالي هو: لو تذكرون ملخص قصير عن حياة الإمام الحسن عليه السلام، حياة الإمام الحسن عليه السلام وفي خفايا.
سماحة السيد كمال الحيدري: إنشاء الله سيأتي، وسنبحث ما حصل وما وقع بين الإمام الحسن عليه السلام وبين شيخ الأمويين معاوية، عند ذلك سيأتي، أما أنه لا يمكن أن نداخل الأبحاث بعضها ببعض.
المقدم: معنا الأخ محمد من العراق، تفضلوا.
الأخ محمد: السلام عليكم.
المقدم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ محمد: أريد أن أشير إلى مسألة مهمة وهي طعن الشيخ ابن تيمية في عقيدة أبي بكر، ذهب إلى التشكيك به كما ذكر الدمشقي أحد علماء الحنابلة في كتاب له ونسب ذلك إلى الإمام أحمد، يقول: قد دخل الشك في قلب ابي بكر عندما تصدق بجميع ماله قال له رسول الله: ما تركت لأهلك، قال: تركت الله ورسوله. وهذا في رأي ابن تيمة شرك.
سماحة السيد كمال الحيدري: هذا إنشاء الله تعالى واقعاً إذا وفقنا إنشاء الله تعالى سنقرأ للأخوة والأعزاء بأنه واقعاً لسنا فقط نحن الذين نقول أنه طعن وانتقص من أهل البيت بل جملة من الأعلام، بل جملة من المعاصرين والقدماء يقولون بأنه طعن وانتقص من الخليفة الأول وجملة من الصحابة، نعم، لم يطعن في معاوية ولم يطعن في المنهج الأموي على الإطلاق، وصار بصدد التأسيس لهذا المنهج بشكل واضح وصريح.
المقدم: معنا الأخ أبو محمد من العراق، تفضلوا.
الأخ أبو محمد: السلام عليكم.
المقدم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ أبو محمد: ماذا يقول ابن تيمية عندما سمى رسول الله العام الذي توفيت فيه سيدتنا خديجة وعمه أبو طالب بعام الحزن.
سماحة السيد كمال الحيدري: هذا شاهد أخر. شكراً على هذه المداخلة.
المقدم: معنا الأخ يحيى من العراق، تفضلوا.
الأخ يحيى: السلام عليكم.
المقدم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ يحيى: إن الشيخ ابن تيمية لا يخالف مدرسة الصحابة، لا يخالف مدرسة الصحابة في هذه القضية، بل أنه يخالف القرآن، يسرد قضية نبي الله يعقوب، والحزن الشديد، فنحن حين نرى بأنه لا يؤمن بالحزن يرى شيخ الإسلام أنه لا يخالف مذهب الصحابة بل يخالف القرآن بعينه.
المقدم: معنا الأخ أبو يوسف من بريطانيا ، تفضلوا.
الأخ أبو يوسف: السلام عليكم.
المقدم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ أبو يوسف: أحسنتم جزاكم الله خير الجزاء، أنا أمامي كتاب صحيح البخاري، يوم الرسول الأكرم دفن كما يقول البخاري أم كلثوم بعد وفاتها يقول أن دموع النبي كانت تنزل من عينيه، هذا أولاً. وفي صفحة أخرى يقول النبي كان يزور قبل أمه عليها أفضل الصلاة والسلام، ومن شدة بكائه كنا نبكي لبكائه. فماذا يقول ابن تيمية في هذا، هل هذا ضعف في رسول الله (صلى الله عليه وآله).
سماحة السيد كمال الحيدري: هو عمل لغوي صدر عن رسول الله. شكراً لهذه المداخلة وهذا التأييد. جزاكم الله خيراً.
المقدم: معنا الأخ حسين من العراق، تفضلوا.
الأخ حسين: السلام عليكم.
المقدم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ حسين: ذكر ابن تيمية في كتاب (منهاج السنة) بأن عدم الحزن هو المأمور به، فهل يا ترى بأنه عدم الحزن وارد في روايات الرسول الأكرم، يعني هل هو مأمور به.
سماحة السيد كمال الحيدري: هو يقول بأن عدم الحزن هو المأمور، يقول فأين الروايات التي تأمر بعدم الحزن، كما أشرت أنا. ولم يقم لنا أي دليل وأي رواية تأمرنا بعدم الحزن.
أريد أن اقرأ هذا النص، النص وارد في كتاب (دعاوى المناوئين لشيخ الإسلام ابن تيمية) هناك يقول: المبحث الثالث، دعوى تكلف شيخ الإسلام الغمز على أهل البيت وتعمية مناقبهم ومناقشتها. هو يريد أن يدافع عن الشيخ ابن تيمية، ولكن المهم ومحل شاهدي أنه كثير من أعلام المسلمين التفتوا إلى أن الشيخ ابن تيمية بصدد التعمية على فضائلهم بسبب بغضهم وبسبب إنكار فضائلهم، إلى أن يأتي إلى ص 533، أنا بودي أن المشاهد الكريم يلتفت للعبارة، يقول: الحقد الدفين عليه - يعني على علي بن أبي طالب- وإبطان بغضه - يعني كان يبطن بغض علي- وإن تستر بحبه. يعني يظهر ظاهراً أنه يحب علياً، وقلت أن هذا هو النهج الخبيث الذي يستعمله هذا الإنسان كما قرأنا في هذا العبارة في هذا اليوم في الزهراء سيدة نساء العالمين، العبارة تحتمل الأمرين، حتى إذا قيل كذا يقول: لا ليس مراده كذا، أو يقول لعارض أن يعارض أو يقول لقائل أن يقول وهكذا، وهو يضمن كلامه في كلمات هذا القائل. يقول: وإن تستر بحبه وإنه لم يكف - يعني الشيخ ابن تيمية- أبداً عن انتقاص علي وذكره بالقبيح. واللطيف يذكر، انظر (المقالات السنية) للحبشي وانظر (إتمام العارفين) لأحمد الغماري، إذن يظهر أن جملة من المعاصرين التفتوا إلى هذه النكتة، وأن هذا الإنسان يبغض علياً.
المقدم: إضافة إلى ابن حجر وغيره ممن عاصره.
سماحة السيد كمال الحيدري: يعني من المتقدمين والمتأخرين التفتوا أن هذا الرجل من المنافقين والمبغضين لعلي.
المقدم: معنا الأخ حيدر من السودان، تفضلوا.
الأخ حيدر: السلام عليكم.
المقدم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ حيدر: سماحة السيد، في كتاب بعنوان (موسوعة أم المؤمنين السيدة عائشة الصديقة بنت الصديق) للدكتور عبد المنعم حفيظ، مطبعة مدبولي، يقول ص806 : المرئ يحاول في علي، ففعله خلاف قوله وأقواله كلها زهد وتصوف وعلم وتقى ومع ذلك كان عظيم الفقر شديد الطموح، راغب في الملك، كثير الزواج لغير سبب سوى حب للنساء. ويقول في ص862: وننبه إلى أن لعلي شخصيتين واحدة تتكلم بالدين والحكمة والأخرة الدنيوية خالصة، ويقولك في ص 825: كانت عائشة تجاهد في سبيل الله وعلي وبنوه وشيعته يجاهدون في سبيل أنفسهم، ويقول: هل كانت عائشة سبب أمتحان علي، إنما أرداه طعمه في الخلافة وحب الرئاسة. هذه مدرسة ابن تيمية وبني أمية.
سماحة السيد كمال الحيدري: جزاك الله خيراً على هذه المقاطع التي أشرتم إليها، واقعاً أفدتنا وأفدت المشاهد الكريم أنه بدأ يتضح للمسلمين في العالم أن نهج ابن تيمية والنهج الأموي ماذا كان ينظر إلى علي وأهل بيته وأن مدرسة الصحابة ماذا ينظرون إلى علي.
المقدم: معنا الأخ علي حسين من العراق، تفضلوا.
الأخ علي حسين: السلام عليكم.
المقدم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ علي حسين: أريد منكم ان تسمح لي بوقت، أنا فتحت أحد السايتات على الانترنت واستعين بما تكتبون بالموقع الشخصي لسماحتكم، تسمح بالاستعانة بمقالاتكم للاستفادة منها، هذا أولاً. وثانياً في كتاب الدكتور صبيح، يقول في المقدمة أصحاب ابن تيمية عندما مات ابن تيمية أصبحوا يتقربون إلى الله بما بقي من جنازته، فلماذا ينكرون البركات على أهل البيت وعلى شيعة أهل البيت وعلى رسول الله. أنكروها وهم يتقربون بجثمان وبجثة ابن تيمية إلى الله ويتقاسمون السدر وباقي الحنوط، ويقول هو ظهرت له كرامات وأصبح قبره لا يخلو من الزائرين وما غيرها.
سماحة السيد كمال الحيدري: لا مانع من أن يستفد الأخوة جميعاً من الكتابات الموجودة على الموقع، وكذلك السيديات والكتب، كل ما يستطيعون الاستفادة منه لخدمة معارف القرآن ولخدمة أهل البيت.
المقدم: معنا الأخ أبو عمار من العراق، تفضلوا.
الأخ أبو عمار: السلام عليكم.
المقدم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ أبو عمار: ذكرت يا شيخ كمال في بداية الحلقة أن شيخ الإسلام ابن تيمية تطرق إلى موضوع الضعف المتمثل في الحزن بعد الوفاة، يعني فقط أنا لأجل مشاركة الشيخ الجليل في الحوار، الله عز وجل يقول في القرآن في آية من سورة النساء (وخلق الإنسان ضعيفاً) ما أفهم يا شيخ كمال أن شيخ الإسلام في ذلك الموضع الذي تطرقت إليه أنت لا يقصد الضعف الطبيعي الموجود في الإنسان كما ورد في الحديث، أن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضي الرب، فالمقصود والله أعلم هو جعل مواسم للحزن بعد مئات السنين، أو إقامة المأتم.
المقدم: الزهراء لم تعش مئات السنين، بل حزنت بعد وفاته مباشرة.
سماحة السيد كمال الحيدري: سؤال جيد والتفاتة جيدة، أولاً أن هذا تحميل لنص الشيخ ابن تيمية، الشيخ ابن تيمية لم يشر لا إلى الآية المباركة ولا إلى غيرها، وثانية أنه توجد قرينة في كلامه، يقول: فهذا يدل على أن الاتصاف بهذه الصفات يعني الموالاة والمحبة والنصح مع عدم الحزن هو المأمور به. يعني أن هؤلاء خالفوا الأمر، إذا كان الأمر الطبيعي لا يحتاج أن يقال أنهم خالفوا المأمور به، هذا يكشف عن أنه يشير إلى الضعف الذي هو النقص وإلا لو كان ذلك الأمر الطبيعي لماذا يقول كان يقول أن عدم الحزن هو المأمور به، ويقول لا فائدة من ورائه، ولا نفع. هذا مضافاً إلى أن هذا الذي قلته، إلا إذا جنابك قد اتصلت بالشيخ ابن تيمية في عالم البرزخ وقلت له ما هو مرادك من الضعف. قال: مرادي من الضعف هو الآية المباركة. هذا الكلام غير موجود في النص أخي العزيز، هذا تحميل وتكلف لتوجيه كلام الشيخ، هذا الذي قلت إن أحسنت الظن بشيخ الإسلام الأموي فتقول هذا الكلام، أما أن قلت أن منهجه العام ليس كذلك، وهذا لا أقوله أنا فقط، أنا بودي أن الأخوة المشاهدين يرجعوا. انظروا (دعاوى المناوئين لشيخ الإسلام ابن تيمية) في ص506 هذه عبارته، يقول: دعوى تخطئة شيخ الإسلام الصحابة بما فيهم الأئمة الخلفاء الأربعة، هذه الدعوى لا أدعيها أنا، بل يدعيها جملة من المحققين وكل من قرأ تراث الشيخ ابن تيمية يقولون: إن قلمه لم يسلم منه حتى الصحابة. يقولون: أنه اشتهر عنه تخطئة الناس جميعاً حتى إمامه أحمد بن حنبل، بل الصحابة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي. ويرى الحصني أن شيخ الإسلام ابن تيمية كان يبغض الشيخين ويقول مع أن كتبه مشحونة بالتشبيه والتجسيم والإشارة إلى الازدراء بالنبي والشيخين وتكفير عبد الله بن عباس وأنه من الملحدين وقال رمز إلى تكفير الصديق ... الخ.
هذه القضايا ليست أنا قرأت من منهاج السنة وفهمت أن الشيخ ابن تيمية منافق أو أنه يزدرء الصحابة أو أنه يبغض أهل البيت أو أنه يحتقر الأنبياء. هذا كلهم فهموه، هذا الذي أنا أقوله أن نهج ابن تيمية هو النهج الأموي في قبال نهج مدرسة الصحابة. الحاكم النيسابوري ويتذكر المشاهد الكريم، انظروا ماذا يقول، فضائل فاطمة الزهراء للإمام الحافظ النيسابوي المتوفى 405، والعجيب أن الذي حقق الكتاب، يا أخي لا يجد مجالاً إلا وينتقص هذه الرواية. كلها موضوعة وضعيفة، هذا المحقق الذي حقق الكتاب.
المقدم: ما دام تخص الزهراء فلابد أنها موضوعة وضعيفة.
سماحة السيد كمال الحيدري: أحسنتم، والتحقيق أنا أتصور اسم مستعار، لأنه يقول تحقيق علي رضا بن عبد الله بن علي رضا، واضح أن الاسم مستعار، ولذا كل تأكيد تضعيف، أنا أقرأ رواية واحدة وأجعله مسك الختام لهذا البحث وهو أنه ما ورد. يقول: على أن فاطمة ما ورد ... وأشار إلى الأخبار الثابتة الصحيحة الدالة على أن فاطمة سيدة نساء أهل الدنيا كما هي سيدة نساء أهل الجنة. ثم ينقل الروايات الكثيرة في هذا المجال ومنها، حديث رسول الله: يا فاطمة ألا ترضين أنك سيدة نساء العالمين وسيدة نساء هذه الأمة وسيدة نساء المؤمنين فضحكت، والمعلق لم يستطع أن يقول شيء. قال: صحيح. وقد تقدم.
المقدم: والبخاري ذكره سيدة نساء أهل الجنة.
سماحة السيد كمال الحيدري: أريد أن أميز النهج الأموي عن نهج مدرسة الصحابة.
المقدم: أشكركم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، كما أشكر الأخوة والأخوات ملتقانا وإياكم في الحلقات القادمة، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.