الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبيينا وحبيبنا وقائدنا محمد وعلى آله الهداة الميامين المعصومين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الهدف الأساس للعبادة في الإسلام أنها تعلمنا كيف نكون المتقين الطائعين لله عز وجل, المتحررين من الهوى والشهوات ومن كل نزوات الشيطان وغواياته وضلالاته. فليس عابداً لله تعالى من لم تصنع منه العبادة إنسان التقوى والورع والطاعة, وإنسان الرفض للشيطان والهوى والنزوات، والعبادة التي لا تحقق هذا الهدف في حياة الانسان عبادة مشلولة, فاقدة لوظيفتها, مسلوبة النبض والروح. فالصلاة التي لا تصنع الإنسان المتحرر على الهوى والشهوات صلاة ميتة لا قيمة لها عند الله عز وجل. • (من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله الا بعدا) • (من أغتاب مؤمنا أو مؤمنة لم يتقبل صلاته ولا صيامه أربعين يوماُ) قال الله تعالى: (إنما يتقبل الله من المتقين) كيف يمكن أن نعرف أن صلاتنا مقبولة؟ وكيف يمكن أن نعرف أن صيامنا مقبولا؟ وكيف يمكن أن نعرف أن دعاءنا مقبولا؟ تلاوتنا مقبولة, حجنا مقبولا؟ هل يوجد (معيار) واضخ نعتمده لهذه المعرفة؟ حسب ما جاء في بعض الروايات الصادرة عن المعصومين صلوات الله عليهم: أن المعيار الذي نكتشف من خلاله (قبول عباداتنا) هو (مدى تأثير العبادة في حياتنا) فالصلاة إن أمرتنا بالمعروف ونهتنا عن المنكر وصاغت سلوكنا، وأفكارنا وأخلاقنا في خط الطاعة لله تعالى فهي صلاة مقبولة، وإلا فلا. والصيام إن صنعنا على مستوى التقوى والصلاح والورع، فهو صيام مقبول، وإلا فلا. • كم صائم ليس له من صيامه إلا الظمأ وكم من قائم ليس له من قيامه إلا العناء. • إذا صمت فانو بصومك كف النفس عن الشهوات وقطع الهمة عن خ۰طوات الشيطان. • إذا صمت فليصم سمعك وبصرك عن الحرام والقبيح. والتلاوة إذا خلقت مني الإنسان القرآني في أفكاره وعواطفه وأخلاقه وكل ممارساته فهي تلاوة مقبولة وإلا فلا. • رب قارئ للقرآن والقرآن يلعنه. • ما آمن بالقرآن من استحل محارمه. • من قرأ القرآن ولم يعمل به حشره الله يوم القيامة أعمى والذكر الذي يصنع منا الطائعين الحقيقيين لله تعالى فهو الالذكر المقبول وإلا فلا. • من أطاع الله فقد ذكر الله وإن قلت صلاته وصيامه وتلاوته، ومن عصى الله فقد نسي الله وإن كثرت صلاته وصيامه وتلاوته. والحج الذي يصوغ حياتنا في خط الله تعالى، ويحررنا من العبوديات الزائفة هو الحج المقبول، وإلا فلا. • إن الله لا يعبأ عن قصد هذا البيت ما لم يرجع بثلاث ورع يعصمه عن محارم الله , وخلق يعيش به مع الناس وحلم يدفع به جهل الجاهلين… أيها الأحبة في الله… يحب أن نحاسب عباداتنا, لنصنع منها العبادات الفاعلة التي تربينا على التقوى والورع, ومجانبة الهوى والشيطان…. والأ فلا قيمة ولا وزن لهذه العبادات عند الله تعالى… قد نملك أن نخدع أنفسنا, وقد نملك أن نخدع الناس, ولكننا لا نملك أن نخدع الله سبحانه وتعالى الذي (يعلم السر وأخفى) و (يعلم سركم وجهركم) و (يعلم ما يسرون وما يعلنون) ويعلم (بما أخفيتم وما أعلنتم) و (يعلم سرهم ونجواهم) ويعلم (ما نخفى وما نعلن) و (يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور). اترانا نملك أن نخدعه تعالى مهما تمظهرنا بمظاهر العبادة اذا لم تكن العبادة اذا الصادقة التي تصنع منا الصالحين الأخيار الابرار وتصنع منا المتقين الطائعين المخبتين…. وتصنع منا الخائفين الوجلين الخاشعين….. ليس العبرة فيما هو “الكم ” من الصلاة والدعاء، والتلاوة، والصيام، والحج….. العبرة فيما هو “العطاء”، عطاء الصلاة، والدعاء، والتلاوة، والصيام، والحج…. والا فالعبادة “خواء”، وما لأصحابها في الآخرة من نصيب.. • يؤتي بأناس يوم القامة، ولهم حسنات مثل جبال تهامة، ثم يؤمر بهم إلى النار قالوا: يا رسول الله صف لنا هؤلاء… قال صلى الله عليه واله: هم أناس يصلون ويصومون ويحجون، ويقومون سنة الليل… ولكنهم اذا عرض لهم الحرام وبثوا عليه” في الساحة كثيرون يمارسون الدين بطريقة خاطئة، وبذلك يعطون صوم مشوهة للدين، ولتعاليم الدين، ولقيم الدين…. واذا كان هناك من يريد أن يسيء إلى الدين ويشكك في مصداقية الدين، ويحاول أن يتهم الدين بأنه غير قادر أن يصنع الواقع النظيف وغير قادر أن يعالج مشكلات الحياة، فاننا حينما نمارس الدين والتدين بشكل خاطئ نعطي لأولئك المشككين, ولاولئك الطاغيين, ولالئك الحاقدين والمعادين للدين المبرر لكي يطرحوا تشكيكاتهم, واشكالا تهم, وشبهاتهم, وهي تشكيكات، وإشكالات وشبهات زائفةٌ باطلةٌ جائرة….. وكيف نوفّر المبرر لأولئك المشككين والطاغين والحاقدين؟
لنأخذ الأمثلة التالية:
(۱) حينما نصلي ونصومُ ونحج ونقرأ القرآن ولكننا نمارس الكذب والغيبة والبهتان والظلم والاعتداء على حقوق الناس…. الا يعطي هذا مشوهة للصلاة، والصيام، والحج، والتلاوة، وبالتالي يعطي صورةً مشوهةً للدين والتدين… في حين يفترض أن يكون المتدين وأن يكون المصلي والصائمُ والحاجُ والقارىء للقرآن قمة الطهرِ والنظافةِ والخلقِ والانصافِ والعدل.