اسمه وكنيته ونسبه(1)
الشيخ أبو موسى، جعفر ابن الشيخ خضر بن يحيى المالكي الجناجي المعروف بكاشف الغطاء، وينتهي نسبه إلى الصحابي الجليل مالك الأشتر النخعي، وبالتالي إلى قبيلة بني مالك إحدى القبائل العربية المعروفة، وإليه تُنسب أُسرة آل كاشف الغطاء.
ولادته
ولد عام 1156ﻫ بمدينة النجف الأشرف.
دراسته وتدريسه
درس العلوم الدينية في مسقط رأسه حتّى نال درجة الاجتهاد، وصار من العلماء الأعلام في النجف الأشرف، وكان أحد أساتذتها المشهورين.
من أساتذته
الشيخ محمّد باقر الإصفهاني المعروف بالوحيد البهبهاني، السيّد محمّد مهدي بحر العلوم، الشيخ محمّد مهدي الفتوني العاملي، أبوه الشيخ خضر، الشيخ محمّد تقي الدورقي، السيّد صادق الفحّام.
من تلامذته
الشيخ محمّد حسن النجفي المعروف بالشيخ الجواهري، السيّد صدر الدين محمّد الموسوي العاملي، أنجاله الشيخ موسى والشيخ علي والشيخ حسن، صهره الشيخ أسد الله التستري الكاظمي، الشيخ قاسم محي الدين العاملي، الأخوان الشيخ حسين نجف والشيخ محمّد رضا، الشيخ محمّد صالح البرغاني، السيّد جواد الحسيني العاملي، الشيخ عبد الحسين الأعسم، الشيخ محمّد تقي الرازي، السيّد باقر القزويني، الشيخ أحمد النراقي، السيّد محمّد باقر الشفتي المعروف بحجّة الإسلام، الشيخ محمّد إبراهيم الكلباسي، الشيخ إبراهيم الطيبي العاملي، الشيخ محسن خنفر.
من أقوال العلماء فيه
1ـ قال السيّد محمّد باقر الخونساري(قدس سره) في روضات الجنّات: «كان من أساتذة الفقه والكلام، وجهابذة المعرفة بالأحكام، معروفاً بالنبالة والإحكام، منقّحاً لدروس شرائع الإسلام، مفرّعاً لرؤوس مسائل الحلال والحرام، مروّجاً للمذهب الحقّ الاثني عشري كما هو حقّه، ومفرّجاً عن كلّ ما أشكل في الإدراك البشري، وبيده رتقه وفتقه، مقدّماً عند الخاصّ والعام، معظّماً في عيون الأعاظم والحكّام، غيوراً في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقوراً عند هزاهز الدهر وهجوم أنحاء الغير، مطاعاً عند العرب والعجم في زمانه، مفوّقاً في الدنيا والدين على سائر أمثاله وأقرانه».
2ـ قال الشيخ النوري الطبرسي(قدس سره) في مستدرك الوسائل: «علم الأعلام وسيف الإسلام، خرّيت طريق التحقيق والتدقيق، مالك أزمّة الفضل بالنظر الدقيق… وهو من آيات الله العجيبة التي تقصر عن دركها العقول، وعن وصفها الألسن، فإن نظرت إلى علمه فكتابه كشف الغطاء ـ الذي ألّفه في سفره ـ يُنبئك عن أمرٍ عظيم، ومقامٍ عليّ في مراتب العلوم الدينية أُصولاً وفروعاً».
3ـ قال السيّد محمّد الهندي(قدس سره) في نظم اللآل في علم الرجال: «شيخ الطائفة في زمانه، وحاله في الثقة والجلالة والعلم أشهر من أن يُذكر».
من صفاته وأخلاقه
كان(قدس سره) شديد التواضع والخفض واللين، فاقد التجبّر والكِبَر على المؤمنين، مع ما فيه من الصورة والوقار والهيبة والاقتدار، رفيع الهمّة، سمحاً شجاعاً، قوياً في دينه، يرى استيفاء حقوق الله من أموال الخلائق على سبيل الخرق والقهر، ويباشر أيضاً صرف ذلك حال القبض إلى مستحقّيه الحاضرين من أهل الفاقة والفقر.
ونُقل أنّه مرّ في بداية أيّام تحصيله الدراسي بضيق معاشي، فرأى أن يُؤجر نفسه من بعضهم لإتمام ثلاثين سنة من العبادة، يستغني بأجرتها عن مؤونات زمان التحصيل والدراسة، وله حكايات طريفة في محاسن النفس والمواعظ، منها: أنّه كان يُحاسب نفسه ليلاً فيقول: كنت في الصِغر تُسمّى جُعَيْـفراً، ثمّ صرت جَعْـفَراً، ثمّ سُمّيت الشيخ جعفر، ثمّ الشيخ على الإطلاق، فإلى متى تعصي الله ولا تشكر هذه النعمة!.
من مواقفه
1ـ موقفه تجاه الفرقتين الطائفتين الزكرت (الزقرت) والشمرت لا ينسى، إذ حدث في عصره انشقاق بينهما، وأُزهقت أرواح كثير من الأبرياء، ونُهبت الأموال، فبحزمه وشِدّة صولته كان يذبّ عن الضعفاء ويحرس الفقراء، فكان لهم حِرزاً منيعاً، وسُوراً رفيعاً.
2ـ نُقل أنّ الحكومة العثمانية المسيطرة على العراق جعلت في عصره ضريبة على أهالي النجف الأشرف، وهي أن تدفع ثمانين طنّاً من الطعام، وهذا المبلغ كثير جدّاً في ذلك اليوم، فلم تطق أهالي النجف الأشرف حمله، حيث عجزوا عن أدائه، فقام الشيخ بدفعه نيابة عنهم، فمدحه الشيخ محمّد علي الأعسم بقصيدة، منها الأبيات الآتية:
هِمَمٌ لأبي موسى جعفرُ | لَيستْ مَقدورةً لِبَشَر | |
حِملٌ عَجزت عنهُ ناسٌ | من عشرةِ آلافٍ أكثر | |
ويقومُ الواحدُ فيه وهُم | أُمِروا بالحملِ ولم يُؤمر |
شعره
كان(قدس سره) شاعراً أديباً، وله أشعار ومطارحات مشهودة مع أدباء عصره وعلمائه، ومن شعره مادحاً أُستاذه السيّد محمّد مهدي بحر العلوم:
إليكَ إذا وجّهتُ مدحي وجدتُهُ | معيباً وإن كان السليمَ من العيبِ | |
إذا المدحُ لا يحلو إذا كانَ صادقاً | ومدحَكَ حاشاهُ من الكذبِ والريبِ |
وله في رثاء الشيخ أحمد النحوي وقد مدح نجله الشيخ:
ماتَ الكمالُ بموتِ أحمدَ واغتدى | حيّاً بأبلجَ من بنيهِ زاهرُ | |
فأعجبُ لميّتٍ كيفَ يُحيا ظاهراً | بينَ الورى من قبلِ يومِ الآخر |
من أولاده
1ـ الشيخ موسى، قال عنه السيّد محمّد باقر الخونساري(قدس سره) في روضات الجنّات: «وكان خلّاقاً للفقه، بصيراً بقوانينه، لم تبصر نظيره الأيّام، وكان أبوه يُقدّمه في الفقه على مَن عدا المحقّق والشهيد».
2ـ الشيخ علي، قال عنه السيّد حسن الصدر(قدس سره) في تكملة أمل الآمل: «كان شيخ الشيعة ومحي الشريعة، أُستاد الشيوخ الفحول الذين منهم العلّامة الشيخ الأنصاري، فإنّه كان عمدة مشايخه في الفقه، وكان محقّقاً متبحّراً دقيق النظر، جمع بين التحقيق وطول الباع، إليه انتهت رياحة الامامية في عصره بعد موت أخيه الشيخ موسى».
3ـ الشيخ حسن، قال عنه الشيخ آقا بزرك الطهراني(قدس سره) في طبقات أعلام الشيعة: «من أعاظم فقهاء الإمامية ومشاهير علماء الطائفة الأعلام في عصره».
من مؤلّفاته
كشف الغطاء عن خفيّات مبهمات الشريعة الغرّاء (4 مجلّدات)، كاشف الغطاء عن معايب ميرزا محمّد عدوّ العلماء، الحقّ المبين في تصويب المجتهدين وتخطئة الأخباريين، مشكاة المصابيح في شرح منثورة الدرّة، العقائد الجعفرية في أُصول الدين، غاية المأمول في علم الأُصول، غاية المراد في أحكام الاجتهاد، منهج الرشاد لمَن أراد السداد، مختصر كشف الغطاء، شرح القواعد، مناسك الحج، بُغية الطالب في معرفة المفروض والواجب (رسالته العملية)، التحقيق والتنفير فيما يتعلّق بالمقادير، إثبات الفرقة الناجية، أحكام الأموات.
وفاته
تُوفّي(قدس سره) في الثاني والعشرين من رجب 1228ﻫ بالنجف الأشرف، ودُفن بمقبرته الخاصّة في النجف الأشرف، وقبره معروف يُزار.
ـــــــــــــــــــــــ
1ـ اُنظر: كشف الغطاء 1 /5، شرح القواعد: 9، أعيان الشيعة 4 /99.