إن أي منصف يرى في ذلك اضطهاداً أيما اضطهاد: فهناك شعب يشرد بالكامل، ودولة تخرج على كل القوانين الدولية تحت رعاية سياسة غربية كاملة وعمياء..انه عار يكلل الحضارة الغربية! ومسوغ لعدم استقرار العالم القائم على الظلم.
لكن الغريب إن هذا الظلم والذي يقع على الفلسطينيين مما لا يشغل اهتمام تنظيم التكفيريين، ولا تستغله في تجنيد الانتحاريين ضد إسرائيل!!
وهناك في هذا الموضع غريب آخر: وهو: استخدام أمريكا لليورانيوم المنضب، مع إنها يمكن إن تحسم الحرب بغير استخدام هذا السلاح؟!
لذلك نلحظ: لا داعي لاستخدام هذا السلاح خصوصا وانه كلف الغرب (80000) مصاب وكلف أمريكا (12000) مصاب، فلصالح من إذن استخدام هذا السلاح الخبيث؟؟
إذن فعدم وجود محاولة جديه لإنصاف المظلومين:لاينم عن حكمة، ولا ينم عن سياسة حكيمة تسوس العالم اليوم، ولا يمكن للعالم بوضعه الحالي إن يخرج من هذا اللمة المقيتة.. ولذا سيبقى العالم غابة، ويحكمه نظام الغابة..حتى السيد المنتظر المخلص القادم لا محالة (روحي فداه).
فالسيد الابيض ليس سيدا كما يضن !، والأبيض في واقعه ليس ابيضا، بل هو كرأس بصل ينخره العفن الأسود من باطنه، فلم يبق منه إلا القشر الأبيض!
ومع هذا فعلينا أن نعلم أن كل شيء مبني على الكذب والباطل لا شك زائل... وهكذا فإن الرأي العام المبني على مخالفة الحقيقة، إنما مثله مثل بالون مطاط كبير لونوه بألوان العصر الزاهية ليكون جذاباً، ولكنه أمام الحقيقة وبمجرد بروزها: يختفي هذا البالون الكبير، حتى لو كانت الحقيقة صغيرة جداً، لأنها في هذه الحالة تمثل رأس الدبوس، والذي عند تماسه مع البالون يفجره.
والواقع أن جميع الذين انبروا لبيان حقيقة براءة الإسلام من الإرهاب والعنف، لم يحسنوا تقديم الحقيقة العلمية المفجرة لبالون الكذب الذي يرتفع عاليا في السماء الدنيا.
ذلك لأن تقديم الحقيقة، أية حقيقة إزاء عالم يظلله ويضله عجل إعلامي ضخم واقتحامي، إنما يحتاج إلى علم وفن وأسلوب في التعبير عنها وفي تقديمها، وهذا العلم والفن والأسلوب يعلمه لنا كتاب الله العزيز:
أن الأسلوب الأحسن، هو خيار المحسنين، وهو نصيب من أتاه الله حظاً عظيماً، يقول عز القائل:
(وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَما يُلَقَّاها إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَما يُلَقَّاها إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ)؛[25]
إن صنّاع الرأي العام العالمي ومن يقف وراءهم ويدعمهم، إنما هم أهل الإرهاب، وهم مبدعو وسائله ومصدرو أدواته وأسلحته، ومسببو نزعاته، ويعتاشون عليه، وهم الغزاة، وهم المستعمرون، وهم المحتلون، وهم تجار الحروب، وهم صنّاع أسلحة الدمار الشامل، وفي ورشهم الخلفية يدنسون كل معنى حسن… وكثير من أفعالهم في جوهرها إرهاب، لكنهم كمثل اللصوص، يستعملون الأسلوب اللطيف والكيد، في تمرير الفعل الفضيع، كمن يدس السم في العسل، ولذا فقد نجدهم يفتشون عن اللفظ اللطيف لمعاني إرهابهم. والتضليل الإعلامي هو أحد أساليبهم.
والإنسانية في حالة شبه مخدرة إعلاميا.. ولابد ان يتولانا الله الرحمن الرحيم، برحمة تتمثل في هزة وجدانية قوية تجعل البشرية تفوق مما يراد بها: فان القادة اليوم: أما مهووسون بحب المال وتكريس كل شيء في جمعه، أو بالسلطة والجاه، أو ممن تمتلئ صدورهم بالحقد على الإنسانية من قتلة الأنبياء وأشباههم، أو حكام طغاة عملاء للأسياد البيض لا يستطيعون أن يقولوا بغير مقالة أسيادهم.
فنحن نرى ان العداء للإسلام يخرج علينا دوما بشكل سيناريوهات إعلامية ودعائية، وكلما خبت نار العداء بفعل الزمن: خرج علينا واحدا من تلك (السينورياهات)، عميقة التأثير في المجتمع الغربي: باعتباره مجتمع الحرية الفكرية!!!!!!.
وآخر تلك (السنيورياهات)، ما خرجت به الصحف الدنيماركية ثم النرويجية ثم الأوربية، من صور كاريكاتيرية تهين المسلمين في نبيهم المصطفى محمد(ص)، بدعوى حرية الصحافة التي لا تجرؤ ان تتحدث بكلمة واحدة عن خفايا محرقة اليهود، ولا تجرؤ ان تتكلم عن حق الفلسطينيين في الحياة الكريمة والعودة والوجود، فهم كاذبون، وهم بيادق تحركهم النخبة التي تسوقهم إلى حيث مصالحها.
إن الذي يتحصل من مجمل: أفعال ونشاطات وتوجهات العداء للإسلام وبشكل منتظم ومخطط ومنظر له، في أوربا وأمريكا والغرب عموما منذ انتهاء الحرب الباردة…إن هذا الذي يجري هو بمثابة الزيت الذي يغذي نار الصراع، وان وراءه يد خبيثة تذكيه كلما خمد!
والغريب أن الغرب هو الذي يدفع الفاتورة دوما ولا من منتبه ولا من واع .
10. تناغم إيديولوجي بين السياسيين ومنظري السياسة الغربية:
هكذا نرى منظري الصراع الحضاري والمعاصرين يطرحون أفكارا مشابهة لتبريرات استعماري القرن التاسع عشر، ففرنسيس فوكوياما ضمن كتابه نهاية التاريخ، لا يرى فرقا جوهريا بين الظاهرة الفاشية في أوربا وظاهر الصحوة الإسلامية: فكلاهما عنده رد فعل ممن هضمت حقوقه وديست كرامته، وان كان يعترف ان المقارنة صطحية، والأخطر من ذلك جزمه بان العالم الإسلامي خاضع لبيئة فكرية صراعية وان المسلمين غير قادرين على الخروج من مرحلة التاريخ، أي إلى حيث تسود الليبرالية الديموقراطية المنتصرة طبقا للحركة التاريخ وفقا لنظرية هيغل (ProssesuceHegelian) الصيرورة، ونيتشية الغاية؛ بالنسبة لفوكوياما، ويبقى الإسلام ـ من حيث هو بنية ثقافية صراعية تتغذى على الدوام من النزاعات حسب زعمهم ـ مشكلا المانع من ترقي الشعوب المسلمة وتأهلها لمرحلة السلم واللاصراع!