* رضا نجاد
أيتها المرأة المسلمة! ما دمت شابة وما دام زوجك شاباً عليك أن ترحمي شبابك وترحمي شبابه فإنكما لن تمنحا الحياة من جديد. فأنت لا تعرفين قدر الشباب ما لم تهرمي. والذي لا يؤلمه سنّه لا يذكره، ومَن يكون له قلب معافى لا يدري أن لديه قلب. والشباب عادة لا يدركون ماهية ما لديهم فإذا آلمهم سن أو أصيب لهم قلب يعون حينذاك أن لهم سن وقلب، وأنهم قد هرموا.
نحن نلاحظ أن الكهول كثيراً ما يرددون بأن خبز اليوم لا يحمل طعم خبز الأمس، واللحم الموجود في الوقت الحاضر أردأ من لحم الأمس، بينما الخبز هو ذات الخبز والحنطة هي ذات الحنطة واللحم هو ذات اللحم، ولكن العين بحاجة إلى نظّارة لترى جيداً، والأذن إلى سمّاعة لكي تسمع جيداً، وحاسة الذوق تحتاج إلى مذاق لكي تتذوق طعم الأشياء جيداً. وما دمت شابة عليك أن لا تعرضي عن الأحكام الإلهية فتفسدي على نفسك وعلى زوجك وعلى أبنائك أسباب المودة والرحمة وتشيبي أنت وزوجك مبكّراً. وإذا شبت وشاب زوجك على الاسلام كانت لكل واحد منكما حرمة كحرمة الأنبياء كما قال رسول الله (ص). وإذا كان زوجك فقيراً صابراً على الفقر له درجات يوم القيامة أعلى. فقد ورد عن رسول الله (ص) أنه قال: ((يوم القيامة يشفع الأنبياء والصالحون والأم والأب والشهداء والمعلمون والفقراء)). وهذا يعني أن زوجك الذي شاب على الاسلام وأصبحت له حرمة الأنبياء، وصار من خلال تحمله للفقر في مصافهم وبمستوى الشهداء والصالحين، فانظري لو كان في بيتك رسولاً أو شهيداً ماذا تفعلين وكيف تتعاملين معه؟
بما أن محبة الأم للأولاد تعتبر بمثابة الحجر الأساس في ايجاد المحبة والمودة في كيان الأسرة، ويقرب الزوج والزوجة من بعضهما، حتى لو تجسدت تلك المحبة على شكل وصية من الأم للأب بملاحظة درجاته في الشهادة المدرسية، والمشاركة في اجتماع أولياء الأمور ومسؤولي المدرسة فهذه الأمور تؤدي إلى مسرة الأب وتعميق أواصر المودة.
أؤكد ثانية على وجوب مشاركة ا لزوجة زوجها في أفراحه وأحزانه، وخاصة في أحزانه. وسبقت الاشارة إلى أن النساء لديهن تنوع أكثر من الرجال. ولو أريد تقسيم خمسين امرأة على صفات وسجايا متقاربة ووقعن على عشرة مجاميع، لا يمكن تقسيم عدد مماثل من الرجال إلى مثل هذا العدد من المجاميع.
في ضوء ما مرّ ذكره يجب أن تعلم المرأة بأن زوجها لو كان ملاكاً لما تزوجها. وعليها أن تستذكر اليوم الذي جاءها به خاطباً فرضيت به. وعليها أن تكون على استعداد لسماع معاناته من أجل أن يكون ذلك تنفسياً له عن كربه؛ وأن تشاركه في أفراحه وأتراحه لكي لا تستحوذ عليه مشاعر الغربة والوحدة، لأن الشعور بالغربة شعور قاتل يُفضي بالانسان إلى الشيخوخة المبكّرة وخاصة بالنسبة إلى الشخص الذي يأتي إلى البيت متعباً ومرهقاً على أمل الاستراحة في البيت، وإذا به يجد البيت محكوم بذات الظروف التي ألجأته إلى البيت، فلا يجد أمامه مناصاً إلا بالهروب من البيت أيضاً واللجوء إلى ملاذ آخر ينال فيه قسطاً من الراحة. وهكذا يؤدي به الشعور بالغربة إلى سأم الحياة، والسأم من الحياة يدفع المرء إلى تمني الموت. وما أكثر الأشخاص الذين كانوا غارقين في العمل أثناء وجودهم في الخدمة، ولكنهم ما أن يُحالوا على التقاعد بدون رغبة منهم حتى يشعرون بالغربة. والغربة تدفعهم إلى طلب الموت وإذا بالناعي يصيح فجأة بأن فلاناً قد مات.
اعلمي أيتها المرأة بأن مشاركتك زوجك في سروره وآلامه لها قيمة أكبر مما تسمعينه مني. واعلمي بأن المودة والمحبة التي يجب أن تنال في ظل الزواج تتحول إلى حياة عدائية ونفاق من خلال فوات الفرص.
جاء في القرآن الكريم أن النبي موسى (ع) ذهب لمناجاة ربه ثلاثين يوماً وزيدت عشراً. وعلى الرغم من وجود نبي آخر أثناء تلك المدة كان يتولى مهمة الإشراف على شؤون بني إسرائيل وهو أخوه هارون، إلا أن السامري صنع عجلاً من ذهب وجعل عليه تراباً من أثر جبرائيل، فخار العجل، وقال السامري لبني إسرائيل هذا إلهكم. فاغترّ بمقالته رجال بني إسرائيل ونساؤهم. ونفهم من هنا امكانية خداع الناس بثلاثة سُبُل:
1 ـ التمسك بالتقاليد القديمة البالية والخرافات أو ما يسمى بالعودة إلى دين الآباء، ورمزه في هذه الحادثة هو العجل. ومع أن الناس كانوا يقدّسون كائنات أخرى كالدب والنسر والحصان أكثر من تقديسهم للعجل، إلا أن ذكر اسم العجل في القرآن ينم عن معجزة أخرى وهي أن عبادة البقرة بقيت شائعة مدة طويلة وأبرز شاهد على ذلك هي عبادة البقر التي لازالت منتشرة في الهند حتى الوقت الحاضر.
2 ـ الذهب والثروة، ويمكن بهما أن ينحرف الرجل والمرأة عن الحق. وقد أوردهما القرآن الكريم مقرونتان مع العجل والخرافات.
3 ـ استغلال الأبعاد الغيبية، وبدلاً من الاستفادة من وحي جبرائيل، استفاد السامري هنا من أثر قدمه، وقاد الانسان بالخداع نحو اتجاه ومسلك معين.
إن ما يريده الرجل أو المرأة لهذا المجتمع المصغر المسمى بالأسرة لا يمكن أن يأتي على غرار عمل السامري أو عمل معاوية، بل يريد لهم كل الخير؛ فهو يرسل أولاده إلى أفضل المدارس ويربيهم خير تربية. وسبب ذلك يعود إلى محبته لهم. وهذا ما ينبغي أن يحصل إزاء المجتمع الكبير أيضاً، وأن يتحلى الانسان بالحرص على الناس جميعاً. وهذا المعلم الحريص هو ذلك الانسان الذي يصفه القرآن بالقول: (إن تحرص على هداهم). والذي يحب الناس لا يتركهم يدورون في مدار مغلق أو مدارات مغلقة لا يستطيعون خلالها معرفة شيء سوى البقرة أو الذهب أو المعنوية التي تجعل للعجل رغاء وتقدم لهم رغاء العجل بدلاً من كلام الله.
وقد أوردت هذا الكلام كمقدمة من أجل القول بأن الأم وإن كانت تنطلق في تربيتها لأولادها من نوايا خيّرة، بيد أن الأولاد إذا لاحظوا وجود ظلم من جانب ضد أبيهم تنتقض في أذهانهم فكرة التربية ويشمئزون من المرأة وكلّ ما له صلة بالمرأة. إذاً فالمرأة التي لا تسعى لإسعاد زوجها لا يُرتجى منها خير لأبنائها. والأولاد يجب أن يتربوا ضمن مناخ عائلي يضم الأب والأم على حد سواء. وإذا فقد أحدهما ولم تحتضنه يد أخرى مشابهة فإنه يصبح بمثابة طابور خامس ضد مجتمعه.
أُعيد إلى الأذهان مرة أخرى موضوع الجهاد الأكبر وأشير إلى قول الرسول الكريم (ص) بعد العودة ظافراً من ميادين القتال: ((كان هذا جهاداً أصغر وعليكم بالجهاد الأكبر، وهو جهاد النفس)). أجل ان مصارعة النفس أمر عسير وهو من أصعب أنواع الصراع، ولا يتسنى للانسان محاربة نفسه وذلك لأنه يستمرئ كل ما له صلة بذاته؛ فهو يبيح لنفسه بخس الكيل، والنظر إلى النساء، والسرقة والقمار، والشراب، ولكنه يستقبح من غيره أن يبخسه الكيل أو ينظر إلى أخته وأمه. ولكن ما إن تنطلق أمواج الندم من ذاته ضد ذاته وتتغلب عليها حتى يبدأ بمجاهدة نفسه وتوقيع اتفاقية توبة مع الله. ويا لها من اتفاقية جميلة، وهي أن الانسان إذا تاب يتوب الله عليه. وبعد التوبة يستشعر المرء حلاوة الانتصار كامنة في ذاته. ونستخلص من هنا أن أقصر طريق يمكن أن يختاره الانسان للوصول إلى السعادة هو طريق الجهاد الأكبر. وجهاد المرأة ـ كما قال رسول الله (ص) هو حسن التبعل لزوجها.
لا ينبغي للمرأة أن تكثر من الحديث عن أختها وأخيها وأقاربها. فكل مَن يكثر الكلام ولا يفسح للآخرين مجال التحدث إنما هو متكبر بل مستكبر، والمستكبر خال من الكبرياء وإنما يدّعي الكبرياء لنفسه ادعاءً.
في بداية الزواج أكثر ما يشغل الزوج هو جمال زوجته ولكن بعد مضي مدة قصيرة يركز جُلَّ اهتمامه على كلامها. وإذا أصبح على استعداد للقول بأن زوجتي وإن لم تكن جميلة إلا أنها نديمة جيدة وكلامها جميل، فلتعلم الزوجة حينذاك بأنها محبوبته ومعشوقته الدائمة.
إذا كنتِ تكثرين من قطع كلام زوجك فاعلمي أن حلمه ووقاره لا يبيح له تكرار القول عليك بعدم مقاطعة الآخرين أثناء حديثهم، بل ويكون عملك هذا سبباً يدعوه إلى عدم الكلام في البيت. كما وأن عملك هذا يدل على عدم اهتمامك بزوجك. والأسوأ من ذلك هو أن يشعر الرجل بن زوجته قد أكثرت من مقاطعته حتى أوشكت على الدخول في جدال معه.