عربي
Sunday 24th of November 2024
0
نفر 0

حب أهل البيت أجر الرسالة

حب أهل البيت أجر الرسالة

حب أهل البيت أجر الرسالة

ولم يسأل النبي’ على أجر الرسالة بأمر الله عز وجل إلا حب أهل بيته {قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى}([1]).

وفي هذا سرّ صلة الرحم فمن لا يفعل ذلك كيف يتأتى له أن يطلب الشفاعة من رسول الله؟

والمودة هو الحب الثابت للإنسان وعمله: >كل ما يفعله المحبوب محبوب<.

وحب أهل البيت دليل على حب الرسول’ وهو واجب على كل مسلم ومسلمة ومؤمن ومؤمنة.

ونختم هذا الفصل بما جاء في كتاب ينابيع المودّة >سليمان بن إبراهيم القنوزي 1220 ـ 1294م< من شعر لمحيي الدين بن عربي:

فلا تعدل بأهل البيت خلقاً



 

فأهل البيت هم أهل الشهادة

فبغضهم من الإنسان خسرٌ

 

حقيقي وحبّهم عبادة

ثقافة أهل البيت^

إشارة

في هذا الفصل قبس من ثقافة أهل البيت الإنسانية، حيث نقتطف من تلك الحدائق الغنّاء بعض تلك الورود والأزهار والثمار، وإن سيرتهم^ تجسّد سمو الأخلاق ونبل الصفات:

إنهم بحق ملائكة هذا الكوكب ومعجزات الخَلْق الإلهي العظيم والخُلُق الإنساني الكريم.

أخلاق أهل البيت^

أهل البيت هم قمم إنسانية شماء في الخلق النبيل وهم بحق شموس تسطع في سماء الله ومن أجل هذا اصطفاهم الله ليكونوا قدوة للناس وأسوة.

وهذه سيرتهم وما أثر عنهم وهذه مواقفهم وكلماتهم وتجربتهم الإنسانية تعكس مجدهم الأخلاقي وإنسانيتهم.

أضواء من أخلاق النبي الأكرم

المال المبارك

عن الإمام الصادق× قال: جاء رجل إلى رسول الله’ وقد بلي ثوبه فحمل إليه أثني عشر درهماً، فقال: يا علي خذه هذه الدراهم فاشتر لي ثوباً ألبسه، قال علي×: فجئت إلى السوق فاشتريت له قميصاً بأثني عشر درهماً وجئت به إلى رسول الله’ فنظر إليه فقال: يا علي غير هذا أحبّ إليّ، أترى صاحبه يقيلنا؟ قلت لا أدري، فقال: انظر، فجئت إلى صاحبه فقلت: إن رسول الله’ قدكره هذا يريد ثوباً دونه (غيره) فأقلنا فيه، فردّ عليّ الدراهم وجئت (بها) إلى رسول الله’ فمشى معي إلى السوق ليبتاع قميصاً فنظر إلى جارية قاعدة على الطريق تبكي، فقال لها رسول الله’: >ما شأنك؟ قال: يا رسول الله أن أهل بيتي أعطوني أربعة دراهم لأشتري لهم حاجة فضاعت فلا أجسر أن أرجع إليهم، فأعطاها رسول الله’ أربعة دراهم، وقال: أرجعي إلى أهلك، ومضى رسول الله’ إلى السوق فاشترى قميصاً بأربعة دراهم، ولبسه وحمد الله، وخرج فرأى رجلاً عرياناً يقول: من كساني كساه الله من ثياب الجنة، فخلع رسول الله’ قميصه الذي اشتراه وكساه السائل، ثم رجع إلى السوق فاشترى بالأربعة دراهم التي بقيت قميصاً آخر فلبسه وحمد الله ورجع إلى منزله، وإذا بالجارية قاعدة على الطريق فقال لها رسول الله’: >مالك لا تأتين أهلك؟ قال: يا رسول الله إنّي قد أبطأت عليهم وأخاف أن يضربوني، فقال رسول الله’: مرّي بين يديّ ودلّيني على أهلك؛ فجاء رسول الله’ حتى وقف على باب دارهم، ثم قال: السلام عليكم يا أهل الدار: فلم يجيبوه، فأعاد السلام فلم يجيبوه، فأعاد السلام فقالوا عليك السلام يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، فقال لهم: مالكم تركتم أجابتي في أول السلام والثاني؟ قالوا: يا رسول الله سمعنا سلامك فأحببنا أن تستكثر منه، فقال رسول الله’: إن هذه الجارية أبطأت عليكم فلا تؤاخذوها، فقالوا: يا رسول الله هي حرّة لممشاك، فقال رسول الله’: الحمد لله، ما رأيت أثني عشر درهماً أعظم بركة من هذه، كسا الله بها عريانين واعتق بها نسمة.

من خصائص النبي

عن الإمام الباقر×: >قال رسول الله’ خمس لست بتاركهن حتى الممات: لباس الصوف، وركوبي الحمار مؤكفاً، وأكلي مع العبيد، وخصفي النعل بيدي، وتسليمي على الصبيان لتكون سنّة بعدي<([2]).

يهودي يؤمن برسالة النبي

عن الإمام الكاظم× عن آبائه^ عن أمير المؤمنين× قال: >إن يهودياً كان له على رسول الله’ دنانير فتقاضا، فقال له: يا يهودي ما عندي ما أعطيك، فقالك فإني لا أفارقك يا محمد حتى تقضيني: فقال: إذا أجلس معك، فجلس معه حتى صلّى في ذلك الموضع الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والغداة، وكان أصحاب رسول الله’ يتهددونه ويتوعدونه، فنظر رسول الله أليهم؛ فقال: ما الذي تصنعون به؟ فقالوا يا رسول الله! يهودي يحبسك؟!، فقال’: >لم يبعثني ربي عزّ وجلّ بأن اظلم معاهداً ولا غيره، فلما علا النهار، قال اليهودي: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وشطر مالي في سبيل الله، أما والله ما فعلت بك الذي فعلت إلا لأنظر إلى نعتك في التوراة: محمد بن عبدالله مولده بمكة ومهاجره بطيبة، وليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب، ولا متزيّن بالفحش ولا قول الخناء، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وهذا مالي فأحكم فيه بما أنزل الله، وكان اليهودي كثير المال([3]).

يقترض ويسد حاجة الفقراء

عن الإمام× عن أبيه الباقر×، قال: جاء إلى النبي’ سائل يسأله، فقال رسول الله’: هل من أحد عنده سلف؟ فقام رجل من الأنصار من بني الجبلي (أو الحبلي)، فقال: عندي يا رسول الله، قال: فأعط هذا السائل أربعة أوساق تمر، قال: فأعطاه، قال: ثم جاء الأنصاري بعد إلى النبي’ يتقاضاه فقال له’: >يكون إن شاء الله، ثم عاد إليه فقال: يكون إن شاء الله، ثم عاد إليه الثالثة، فقال: يكون إن شاء الله فقال (الأنصاري): قد أكثرت يا رسول الله من قول: يكون إن شاء الله، قال: فضحك رسول الله، وقال: هل من رجل عنده سلف؟ قال: فقام رجل فقال له: عندي يا رسول الله، قال: وكم عندك! : قال: ما شئت، قال: فاعط هذا ثمانية أوسق من تمر، فقال الأنصاري: إنما لي أربعة يا رسول الله؟ قال رسول الله: وأربعة أيضاً<([4]).

يأكل مع المساكين

وعن الإمام الصادق عن أبيه الباقر‘: >إن المساكين كانوا يبيتون في المسجد على عهد رسول الله’، فافطر النبي’ مع المساكين الذين في المسجد ذات ليلة عند المنبر في برمة (قدر من حجر)، فأكل منها ثلاثون رجلاً، ثم ردّت إلى أزواجه شبعهن <([5]).

هموم الأنبياء

عن الإمام الباقر× قال: كان على عهد رسول الله’ مؤمن فقير شديد الحاجة من أهل الصفة، وكان ملازماً رسول الله’ عند مواقيت الصلاة كلّها، لا يفقد في شيء منها، وكان رسول الله’ يرقّ له وينظر إلى حاجته وغربته، فيقول: يا سعد لو قد جاءني شيء لأغنيتك، قال: فأبطأ ذلك على رسول الله’ فأشتد غم رسول الله’ لسعد: فعلم الله سبحانه ما دخل على رسول الله’ من غمّه لسعد، فأهبط عليه جبرئيل ومعه درهمان فقال له: يا محمد إن الله عزّ وجلّ قد علم ما دخلك من الغم بسعد أفتحبّ أن تغنيه؟ فقال: نعم فقال له: فهاك هذين الدرهمين فأعطهما إياه، ومِرْة أن يتجّر بهما، قال: فأخذهما رسول الله’ ثم خرج إلى صلاة الظهر، وسعد قائم على باب حجرات رسول الله’ ينتظره، فلما رآه رسول الله’، قال: يا سعد أتحسن التجارة؟ فقال له سعد: والله ما أصبحت أملك مالاً أتّجر به، فأعطاه رسول الله’ الدرهمين وقال له: أتجر بهما وتصرّف لرزق الله تعالى؛ فأخذهما سعد ومضى مع النبي’ حتى صلّى معه الظهر والعصر، فقال له النبي’، قم فاطلب فقد كنت بحالك مغتماً يا سعد، قال: فأقبل سعد لا يشتري بدرهم شيئاً إلا باعه بدرهمين ولا يشتري شيئاً بدرهمين إلا باعة بأربعة، وأقبلت الدنيا على سعد؛ فكثر متاعه وماله وعظمت تجارته، فاتخذ على باب المسجد موضعاً وجلس فيه وجمع تجايره (تجارته) إليه وكان رسول الله’ إذا أقام بلال الصلاة يخرج وسعد مشغول بالدنيا لم يتطهر ولم يتهيأ كما كان يفعل قبل أن يتشاغل بالدنيا، فكان النبي’ يقول: يا سعد شغلتك الدنيا عن الصلاة فكان يقول: ما أصنع أضع مالي؟ هذا رجل قد بعته فأريد أن أستوفي منه، هذا رجل قد اشتريت منه فأريد أن أوفيّه، قال فدخل رسول الله’ من أمر سعد غم أشدّ من غمّه بفقره، فهبط عليه جبرائيل×، فقال: يا محمد إن الله قد علم غمّك بسعد، فأيما أحبّ إليك؟ حاله الأولى أو حاله هذه؟ فقال له النبي’: يا جبرائيل بل حاله الأولى؛ قد ذهبت دنياه بآخرته، فقال له جبرائيل: إن حب الدنيا والأموال فتنة ومشغلة عن الآخرة، قل لسعد: يردّ عليك الدرهمين اللذين دفعتهما إليه، فإن أمره سيصر إلى الحال التي كان عليها أولاً، قال فخرج النبي’: فمرّ بسعد فقال له: يا سعد أما تريد أن تردّ عليّ الدرهمين الذين أعطيتكهما؟ فقال سعد: بلى ومئتين، فقال له: لست أريد منك يا سعد إلا الدرهمين؛  فأعطاه سعد الدرهمين، قال فأدبرت الدنيا عن سعد حتى ذهب ما كان جمع وعاد إلى حاله التي كان عليها([6]).

بساطة بلا حدود

قيل للإمام الصادق× حديث يروى عن أبيك أنه قال: ما شبع رسول الله من خبز برّ (حنطة) قط أهو صحيح؟ فقال: لا ما أكل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم خبز برّ قط ولا شبع من خبز شعير قط([7]).

ذروة العبودية

عن أبي بصير عن أبي عبدالله الصادق× قال: كان رسول الله’ يأكل أكل العبد ويجلس جلوس العبد ويعلم أنه عبد<([8]).

لقمة مباركة

قال الإمام الصادق×: مرّت امرأة بدوية برسول الله’ وهو يأكل وهو جالس على الحضيض، فقال: يا محمد والله أنك لتأكل أكل العبد، وتجلس جلوسه، فقال لها رسول الله’: ويحك أي عبد أعبد مني؟ قالت: فناولني لقمة من طعامك، فناولها، فقالت: لا والله إلا التي في فمك، فأخرج رسول الله’ اللقمة من فمه فناولها، فأكلتها، قال أبو عبدالله× فما أصابها داء حتى فارقت الدنيا([9]).

الحلم

عن أنس بن مالك قال: أن النبي’ أدركه إعرابي فأخذ بردائه، فجبذه (جذبه) جبذة (جذبة) شديدة حتى نظرت إلى صفحة عنق رسول الله’ وقد أثرت به حاشية الرداء من شدة جبذته (جذبته) ثم قال: يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه رسول الله’ فضحك وأمر له بعطاء([10]).

وعنه أيضاً قال: صحبت رسول الله’ عشر سنين وشممت العطر كلّه فلم أشم نكهة أطيب من نكهته وكان إذا لقيه واحد (أحد) من أصحابه قام معه فلم ينصرف حتى يكون الرجل (هو الذي) ينصرف عنه وإذا لقيه أحد من أصحابه فتناول يده ناولها إياه فلم ينزع عنه حتى يكون الرجل هو الذي ينزع عنه([11]).

وعنه أيضاً قال: كان رسول الله’ إذا فقد الرجل من أخوانه ثلاثة أيام سأل عنه، فإن كان غائباً دعا له وأن كان شاهداً زاره وأن كان مريضاً عاده([12]).

في سنة 9هـ وجه رسول الله’ علي بن أبي طالب في سريّة إلى بلاد طي في ربيع الآخر فأغار عليهم وسبى، وكان في السبي أخت عدي بن حاتم الطائي، فأتوا بهم النبي’ فصفّوا له فقالت أخت عدي وكان أسمها سفانة: يا رسول الله، نأى الوافد، وانقطع الوالد وأنا عجوز كبيرة ما بي من خدمة، فمنّ علي منّ الله عليك يا رسول الله! قال: من وافدك؟ قالت: عديّ بن حاتم، قال’ الذي فرّ من الله ورسوله؟ قال: فمنّ علي وكان رجل إلى جنبه ترى أنه علي’ قال (علي): سليه حملاناً ـ فسألته، فأطلقها النبي’ وكساها وأعطاها نفقة وأرسلها إلى قومها، فلما رأت عديّاً قالت له: لقد فعلت فعلة ما كان أبوك يفعلها.

قال عدي: يا أخيّة لا تقولي إلا خيراً فوالله مالي عذر.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الخوف من سوء العاقبة
النفس ومراحلها السبعة:
حديث من العرفاء:
أهل البيت^ والعبودية-2
وَالْحُبُّ فَرْعُ الْمَعْرِفَةِ
أهل البيت النور المطلق
التوسل بأهل البيت -2
10. علل اختفاء النعم
11.استكمال البركة
مراحل عبادة العارفين:

 
user comment