ـ كسب الاُمة وكسب الفرد:
نلتقي في القرا´ن، ربّما لاوّل مرّة في تاريخ الثقافة بفهم جديد للاُمة.
واءنطلاقاً من هذا الفهم الجديد للاُمة، ليست الاُمة بمعني تجمع كميمن الناس، وانّما هي حالة بشرية كيفيّة فلا تساوي الاُمة مجموعة الافرادولا يساوي فعل الاُمة واثرها وقوّتها مجموع افعال الافراد وا´ثارهموقوّتهم. وليست الاُمة من حيث الاساس من مقولة الكم، واءنّما هي منمقولة الكيف.
فلا تكون قوّة الجماعة مجموعة قوّة الافراد.. بل «يد الله عليالجماعة» و «مع الجماعة» و «يد الله» امر ا´خر غير المجموعة الكميّةلقوّة الافراد. ولا يختلف في ذلك الاُمة المؤمنة عن غيرها، فاءنّ للاُمة فيالقرا´ن احكاماً وا´ثاراً غير ما لمجموع الافراد من الاحكام والا´ثار.
والاُمة الواحدة لا يحصرها الزمان والمكان ولا يضرّ بوجدتها تعددالمكان والزمان، والقرا´ن يعبّر عن هذه الاُمة المباركة بانّها ملّة اءبراهيم(ومَن احسن ديناً وممّن اسلم وجهه لله، وهو محسن، واتّبع ملّة اءبراهيم حنيفاً).
وعن اءبراهيم(ع) بانّ الاب الاوّل لهذه الاُمة (ملّة ابيكم اءبراهيم هوسمّاكم المسلمين).
وعن هذه الوحدة التي تطوي الزمان والمكان يقول تعالي: (واءنّهذه اُمتكم اُمة واحدة وانّا ربّكم فاتقون).
ويقول تعالي: (اءنّ هذه اُمتكم اُمة واحدة وانّا ربّكم فاعبدون).
واءنطلاقاً من هذا كلّه فاءنّ القرا´ن يقرّر انّ للاُمة فعلٌ و «كسب» غيرفعل الفرد وكسبه ونتائج كسب الاُمة تعم الاُمة كلّها في لاخير والشر، حتّيمَن لم يشارك ولم يكن له دور في هذا الكسب...
اءذا كان يشاركهم في الرضا والسخط، وامّا نتائج كسب الافرادفتخصّهم وحدهم ولا تعمّ غيرهم.
الطائفة الاُولي من الكسب ما يتعلّق بالاُمة مثل الشعائر والاعرافوالاعمال الجمعيّة. وما يرضي عنه الناس ويقرّوه ويدعموه بالتاييد،وتعمّ ا´ثار هذه الاعمال الناس جميعاً مَن شارك فيها ومَن لم يشارك فيالخير والشر معاً.
والطائفة الثانية من الكسب وما يخصّ الافراد، ولا يكون له مردودعلي الهيئة الاءجتماعية بشكل واضح في الدنيا والا´خرة، وعن هذه الطائفةيقول تعالي: (وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ اُخْرَي').
ويقول تعالي: (واءنّ ليس للاءنسان اءلاّ ما سعي، واءنّ سعيهُ سوفَ يُري'، ثمّيُجزاه الجزاء الاوفي).
وعن «كسب الاُمة» الذي يعمّ الاُمة كلّها يقول تعالي: (تلك اُمة قدخلت لها ما كسبت، ولكم ما كسبتم ولا تُسالون عمّا كانوا يفعلون).
لكل اُمة ما كسبت من خير او شر ولا تسال اُمة عمّا كسبت اُمةاُخري، ولا يخصّ كسب الاُمة الذين شاركوا في هذا الكسب. واءنّمايعمّهم جميعاً اءذا عمّوه بالرضا.
اءنّ الخير والشر الذي تكسبه الاُمة يعم الاُمة جميعاً العاملين وغيرالعاملين اءذا عمّوه بالرضا، وهذه السنّة سنّة عامّة في الدنيا والا´خرة.
هذه السنّة تجمع وتفرق، وتُوصل وتفصل تَجمع الناس من بقاعشتّي من الارض، وفي فترات متباعدة من التاريخ فتجعل منهم اُمة واحدةعند ما يجمعهم الرضا والسخط والولاء والبراء.
ويفرق الاُسرة الواحدة والبيت الواحد اءلي اُمتين وجبهتين لا تلتئمانولا تجتمعان اءذا افترقا في الرضا والسخط وفي الولاء والبراء.
وهذه السنّة تصل فرداً با´خر، لا تجمعهم لغة ولا اءقليم ولا زمان ولاتعارف، وتفصل الاخ عن اخيه الشقيق معه في بيت واحد اُسرة واحدة.
فيكسب الاءنسان في الحالة الاُولي ممن لا يعرفه ولا يجمعه به بيتاو مكان او زمان اول لسان، ولا يشاركه في اصل او رحم.. يكسبالاءنسان منه صالح اعماله جميعاً. او سيئات اعماله جميعاً، اءذا كان يجمعهبه الرضا والسخط.
وينتظر في الحالة الثانية الاُسرة الواحدة والبيت الواحد، في السعادةوالشقاء فيعد احدهم بالجنّة ويشقي الا´خر في النار، خالدين فيها، اءذا كانيفترقان في الرضا والسخط.
موارد التعميم:
سنّة التعميم سنّة عامّة شاملة، تشمل الدنيا والا´خرة وتعمْ الخير والشرّومواردها ومصاديقها وانحاؤها فيحياة الناس كثيرة.
ونحن نذكر اءنّ شاء الله فيما يلي بعض انحاء ومواد هذه السنّة الاءلهيةفي حياة الناس في ضوء النصوص الاءسلامية من الكتاب والسنّة: