الخيار الرابع: يرفض البيعة ويدعو لنفسه:
فقال (ع): «مثلي لا يُبايع مثله»، وقد سبق أن وثيقة الصلح التي كتبتبين الاءمام الحسن (ع) ومعاوية اشترط بها ان تكون الخلافة للاءمامالحسن(ع) بعد هلاك معاوية، واءذا حدث حادث فللحسين(ع). وبيعة يزيدأحد مخالفات معاوية للمعاهدة التي عقدت بينه وبين الحسن (ع) وهذاأوّل المبررات، ثم ان يزيد فاسق وفاجر لا تنعقد له بيعة اءضافة الي ذلكقول الاءمام الحسين (ع) الذي نقله عن جدّه: الخلافة محرّمة علي آل ابيسفيان). وقد ذكر هذا في الصفحات السابقة
وقول الرسول (ص): «من رأي سلطاناً جائراً مستحلاّ لحرام الله ناكثاً عهدهمخالفاً لسنّة رسول الله يعمل في عباد الله بالاءثم والعدوان فلم يغيّر عليه بفعل ولا قولكان حقّاً علي الله أن يدخله مدخله، ألا واءن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان وتركواطاعة الرحم'ن، واظهروا الفساد وعطّلوا الحدود، واستاثروا بالفيء، وأحلّوا حرام اللهوحرّموا حلاله، وأنا أحق من غيري».
فالاءمام الحسين (ع) كما تقدم لايرضي البيعة ليزيد، والاخير لابيعة لهعلي الشرائط المطلوبة في الاءمام أوالخليفة، ثم اءذا انعقدت فهي تنفسخلانه لم يلتزم بشيء من لوازمها. وقد تقدم ذكر بعض افعال يزيد.
وقد خطب(ع) بأصحابه في كربلاء قائلاً: «ألا ترون الحقّ لا يعمل به واليالباطل لا يتناهي عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله، اءنّي لا أري الموت اءلاّ سعادة والحياةمع الظالمين اءلاّ برما».
فالاءمام المنصوب من الله تعالي اميناً علي رسالته عقيدة وشريعةيري ان الاءسلام في خطر، ولايمكن السكوت لانّ الاءسلام مهدد، لذلكيقول (ع): «علي الاءسلام السلام اءذا ابتليت الاُمة براع مثل يزيد».
تأسيس خط المقاومة:
لو استقام الامر للطغاة من دون مراقب ومعترض وثائر لوحّدوا الاُمةعلي اتجاه واحد، ولجمعوا كلمتهم علي رأي واحد ولعبّاوهم نحو هدفواحد، لم يكن للدين فيها موقع ولم تغب للسلطان فيها منفعة، معبأة فيطاعة السلطان، فارغة من طاعة الله، وغالباً ما تكون عمليات التحريفالتي تمر بها الاديان السماوية علي أيدي الحكّام الذين مسخرة لخدمةمقامهم، وهذا الفعل يساوق عملية التحريف وهو الغاء للدين واضلالللاُمة ثم استعبادها.
أما تحقيق الاهداف الاءلهية للدين لا تتم اءلاّ باجتباء المولي منيعرف عبوديته واءخلاصهم ومؤهلاتهم الاُخري لمقام الاءمامة، وقد كانذلك في الاديان السابقة، وفي الاءسلام كانت الاءمامة للائمة من العترةالطاهرة، والحسين(ع) أحد الائمة الذين أذهب الله عنهم الرجسوطهّرهم تطهيراً، ولكنه منع من ممارسة دوره، ومنعت الاُمة من انتخابه،فهل يترك الاُمة طعمة لبني اُمية وهي تسير بها باتجاه خطير ومقلق وهواءمام المسلمين، يري ان عليه ان يقف بوجه هذا الانحراف الذييستهدف وجود الاءسلام ؟
لم يكتف الاءمام الحسين (ع) بالقيام والتضحية بنفسه وأهل بيته فيمشروعه للدفاع عن الاءسلام وصيانته للفترة الزمنيّة التي عاشها، واءنّماقام برسم خارطة لبناء اُمة أمينة، تلتزم الحقّ قادرة علي حفظ الخطّالاصيل للاءسلام تكون العلامة والدليل علي طول التاريخ الاءسلامي لبيانالدين الحقّ الذي جاء به النبي (ص) واراده الله لعباده وفرزه عن الدينالمزيّف الذي اوجده الاُمويون.
اُمة تتحرك بهدي القرآن والسنّة النبوية، تأمر بالمعروف وتنهي عنالمنكر كما في قوله تعالي:
(ولتكن منكم اُمة يدعون الي الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكرواُولئك هم المفلحون* ولا تكونوا كالذين تفرّقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البيناتواُولئك لهم عذاب عظيم).
ونتيجة لثورة الاءمام الحسين (ع) وما أفرزته من فكر اءصلاحيومقاومة واتجاه مقاوم؛ حدث توازن للقوي الاجتماعية التي كادت انتكون طرفاً واحداً يضيع معه الاءسلام.
وتحققت اهداف الثورة بقيام طائفة، أخذت علي عاتقها مواجهةالجائرين للدفاع عن الاءسلام. والاُمة بشكل منظّم ومعبّأ، تتحرك عليمنهج واضح وشعارات اصيلة واهداف مقدّسة.
فالاءمام الحسين (ع) أوجد اُمة صالحة وكتلة مؤمنة، علمها طريقالمواجهة والمقاومة، وعيّن لها الاتجاه، وترك الحكم الاُموي لا يعرفالاستقرار والهدوء، فالاُمّة منفصلة عنهم انفصال رفض تام.