عربي
Thursday 14th of November 2024
0
نفر 0

معانی القضـاء والقـدر

تستعمل مادّتا القضاء والقدر لعدّة معان. منها فی ما یخصّ البحث من مادّة القضاء: أ ـ قضى أو یقضی بین المتخاصمین، کقوله تعالى: (إنَّ رَبَّکَ یَقْضِی بَیْنَهُمْ یَوْمَ الْقِیَامَةِ فِیـمَا کَانُوا فِیهِ یَخْتَلِفُونَ ) (1) ب ـ قضى الله الأمر: أَنْبَأه به، کقوله تعالى فی ما أخبر به لوطاً عن مصیر قومه: (وَقَضَیْنَا إِلَیْهِ ذلِکَ الاْمْرَ أَنَّ دَابِرَ هؤُلاَءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِینَ) (2).أی أنبأناه.
معانی القضـاء والقـدر

تستعمل مادّتا القضاء والقدر لعدّة معان. منها فی ما یخصّ البحث من مادّة القضاء:
أ ـ قضى أو یقضی بین المتخاصمین، کقوله تعالى: (إنَّ رَبَّکَ یَقْضِی بَیْنَهُمْ یَوْمَ الْقِیَامَةِ فِیـمَا کَانُوا فِیهِ یَخْتَلِفُونَ ) (1)
ب ـ قضى الله الأمر: أَنْبَأه به، کقوله تعالى فی ما أخبر به لوطاً عن مصیر قومه: (وَقَضَیْنَا إِلَیْهِ ذلِکَ الاْمْرَ أَنَّ دَابِرَ هؤُلاَءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِینَ) (2).أی أنبأناه.
ج ـ قضى الله الشیء، وبه: أوجبه، أمر به، کقوله تعالى: (وَقَضَى رَبُّکَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِیَّاهُ) (3).أی أمر ربّک وأوجب علیکم ألاّ تعبدوا إلاّ إیّاه.
د ـ قضى الله الأمر أو الشیء: تعلّقت إرادته به، قدّره، کقوله تعالى: (وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا یَقُولُ لَهُ کُنْ فَیَکُونُ) (4)أی إذا أراد أمراً.
وقوله تعالى: (هُوَ الَّذِی خَلَقَکُمْ مِنْ طِین ثُمَّ قَضَى أَجَلا) (5).أی قدّر لکلّ انسان مدّة یحیا فیها.
ومنها فیما یخصّ البحث من مادّة القدر:
أ ـ قدر على الشیء أو العمل: استطاع أن یفعله، یتغلّب علیه فهو قادر، والقدیر: ذو القوّة، کقوله تعالى:
1 ـ فی سورة یس: (أَوَلَیْسَ الَّذِی خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالاْرْضَ بِقَادِر عَلَى أَنْ یَخْلُقَ مِثْلَهُمْ) (6).
2 ـ فی سورة البقرة: (وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللهَ عَلَى کُلِّ شَیْء قَدِیرٌ) (7).
أیْ ذو القدرة على فعل کلّ شیء على قدر ما تقتضی الحکمة.
ب ـ قَدَرَ:
1 ـ قَدَرَ الرِّزق علیه ویَقْدِر: ضیّقه، کقوله تعالى فی سورة سبأ: (قُلْ إِنَّ رَبِّی یَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ یَشَاءُ وَیَقْدِرُ) (8).
2 ـ قدر الله الأمر بقدره: دبَّره أو أراد وقوعه، کقوله تعالى فی سورة المرسلات: (فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ) (9).
ج ـ قدّر:
1 ـ قدّر الله الأمر: قضى به أو حکم بأنْ یکون، کقوله تعالى فی شأن زوجة لوط،: (فَأَنْجَیْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِینَ) (10).أی حکمنا، أو قضینا علیها بأن تکون من الهالکین.
2 ـ قَدَّرَ فی الأمْرِ: تَمَهَّلَ وتروّى فی إنجازه، کقوله تعالى مخاطباً داود (علیه السلام): (وَقَدِّرْ فِی السَّرْدِ)(11).أیْ تمهّل وتروَّ فی صُنعه کی تحکم عمله.

 

د ـ القَدَر:
1 ـ القَدَر: المقدار والکمیّة، کقوله تعالى: (وَإِنْ مِن شَیْء إِلاَّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَر مَعْلُوم) (12).أیْ بمقدار وکمیّة معلومة.
2 ـ قَدَرُ الشیءِ: زمانه أو مکانه، کقوله تعالى: (أَلَمْ نَخلُقکُمْ مِنْ مَاء مَهِین فَجَعَلْنَاهُ فِی قَرَار مَکِین إِلَى قَدَر مَعْلُوم) (13).أیْ إلى زمان محدّد معلوم.
3 ـ قَدَرُ اللهِ: قضاؤُه المحکم، أو حکمهُ المبرَم على خلقه، کقوله تعالى: (سُنَّةَ اللهِ فِی الَّذِینَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَکَانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً) (14). أی قضاءً محکماً، وحُکماً مُبْرَماً.
لعلّ تعدّد معانی ما یُنسبُ إلى الله من مادَّتَی القضاء والقدر، قد أدّى إلى لبسِ معنى ما ورد منهما فی القرآن والحدیث، واعتقاد بعض المسلمین بأنّ الإنسان یسیّر فی حیاته، فی کلّ ما یعمل من خیر أو شرّ وفق ما قضى الله علیه وقدّر قبل أنْ یخلقَ.
ویطلق فی الأخبار لفظ القدری على الجبریّ والتّفویضی کلیهما(15)، وعلیه فإنّ القَدَرَ اسمٌ للشیء وضدّه کالقُرْء، اسمٌ للحیضِ والطُّهر معاً.
ولا نُطیل البحث بإیراد أقوال المعتقدین بذلک، والإجابة علیها، وإنّما نکتفی بایراد الأحادیث التی نجد فیها جواباً لتلکم الأقوال توضیحیاً وبیاناً للأمر بحوله تعالى:
ب ـ روایات من أئمة أهل البیت (علیهم السلام) فی القضاء والقدر
أولا: عن أوّل أئمة أهل البیت علیّ بن أبی طالب (علیه السلام)، روی فی توحید الصدوق بسنده إلى الإمام الحسن (علیه السلام)، وفی تاریخ ابن عساکر بسنده إلى ابن عبّاس واللفظ للأوّل قال:
دخل رجل من أهل العراق على أمیر المؤمنین (علیه السلام)، فقال: أخبرنا عن خروجنا إلى أهل الشام أبقضاء من الله وقدر؟ فقال له أمیر المؤمنین (علیه السلام): "أجل یا شیخ، فو الله ما علوتم تلعةً ولا هبطتم بطن واد إلاّ بقضاء من الله وقدر"، فقال الشیخ: عند الله أحتسبُ عنائی یا أمیر المؤمنین، فقال: "مهلا یا شیخ، لعلّک تظنُّ قضاءً حتماً وقدراً لازماً، لو کان کذلک لبطل الثواب والعقاب والأمر والنهی والزّجر، ولسقط معنى الوعید والوعد، ولم یکن على مُسیء لائمةٌ ولا لمحسن محمدةٌ، ولکان المحسن أولى باللاّئمة من المذنب والمذنب أولى بالاحسان من الُمحسن، تلک مقالةُ عبدةِ الأوثانِ وخُصماءِ الرحمن وقدریّة هذه الاُمّة ومجوسها. یا شیخ إنّ الله عزّ وجلّ کلّف تخییراً، ونهى تحذیراً، وأعطى على القلیل کثیراً، ولم یُعصَ مغلوباً، ولم یُطَع مُکرهاً، ولم یخلق السماوات والأرض وما بینهما باطلا، (ذلِکَ ظَنُّ الَّذِینَ کَفَرُوا فَوَیْلٌ لِلَّذِینَ کَفَرُوا مِنَ النَّارِ) "(16).
قال: فنهض الشیخ وهو یقول:
أنت الإمام الذی نرجو بطاعته یوم النّجاة من الرحمن غفراناً
أوضحْتَ من دیننا ما کان مُلتبساً جزاک ربّک عنّا فیه إحساناً
فلیس معذرةً فی فعل فاحشة قد کُنْتُ راکبها فسقاً وعصیاناً(17)
ثانیا: وعن الثامن من أئمة أهل البیت الامام أبی الحسن الرضا (علیه السلام) قال:
أ ـ "إنّ الله عزّ وجلّ لم یُطَعْ باکراه، ولم یُعصَ بغلبة، ولم یُهمل العباد فی مُلکه، هو المالک لما ملّکهم والقادرُ على ما أقدرهم علیه، فإن ائتمر العبادُ بطاعته لم یکن الله منها صادّاً، ولا منها مانعاً، وإن ائتمروا بمعصیته فشاءَ أنْ یحول بینهم وبین ذلک فعل، وإنْ لم یَحُلْ وفعلوه فلیس هو الذی أدخلهم فیه"(18).
یعنی أنّ الإنسان الذی أطاع الله لم یکن مجبراً على الطاعة، والإنسان الذی عصاه لم یغلب مشیئة الله، بل الله شاء أن یکون العبد مختاراً فی فعله.
ب ـ قال:
"قال الله تبارک وتعالى: یا ابن آدم بمشیئتی کنتَ أنت الذی تشاء لنفسک ما تشاءُ، وبقوَّتی أدَّیتَ إلیَّ فرائضی، وبنعمتی قویتَ على معصیتی، جعلتُک سمیعاً بصیراً قویّاً، ما أصابک من حسنة فمن الله وما أصابک من سیّئة فمن نفسک"(19).
وفی روایة: "عملت بالمعاصی بقوّتی التی جعلتها فیک"(20).
وعن الامام أبی عبد الله الصادق (علیه السلام) قال:
أ ـ "لا جبرَ ولا تفویض ولکن أمرٌ بین أمرین". قال: قلت: وما أمر بین أمرین؟ قال: "مثل ذلک رجل رأیته على معصیة فنهیته فلم ینْتَهِ بترکته ففعل تلک المعصیة، فلیس حیث لم یقبل منک فترکته کنت أنت الذی أمرته بالمعصیة"(21).
ب ـ "ما استطعت أنْ تلوم العبد علیه فهو منه وما لم تستطع أن تلوم العبد علیه فهو من فعل الله.
یقول الله للعبد: لِمَ عصیت؟ لم فسقتَ؟ لم شرِبتَ الخمر؟ لمَ زنیت؟ فهذا فعل العبدِ، ولا یقول له: لم مرضتَ؟ لم قصُرتَ؟ لم ابیضضْتَ؟ لم اسودَدْت؟ لأنّه من فعل الله تعالى"(22).
شرح الروایات
إنّ للجبر والتفویض جانبین:
أ ـ ما کان منهما من صفات الله.
ب ـ ما کان منهما من صفات الإنسان.
فما کان منهما من صفات الله فینبغی أخذه منه بوساطة الأنبیاء، وأوصیاء الأنبیاء عن الأنبیاء، وما کان من صفات الإنسان فإن قولنا: أفعل هذا أو لا أفعله دلیل على أنّا نَفْعَل ما نفعله باختیارنا، وقد عرفنا ممّا سبق أنَّ سیر الإنسان فی حیاته لا یشابه سیر الذرّة والکواکب والمجرّات المسخّرات بأمر الله فی کلّ حرکاتها وما یصدر منها من آثار.
ولم یفوّض الله إلیه أمر نفسه وکلّ ما سخّر له لیفعل ما یشاء کما یُحبُّ، وکما تهوى نفسه، بل إنّ الله أرشده بوساطة أنبیائه کیف یؤمن بقلبه بالحقّ، وهداه إلى الصالح النافع فی ما یفعله بجوارحه، والضارِّ منه، فإذا اتبع هدى الله، وسار على الطریق المستقیم خطوة أخذ الله بیده وسار به عشر خطوات ثُمَّ جزاه بآثار عمله فی الدنیا والآخرة سبعمائة مرّة أضعاف عمله، والله یضاعف لمن یشاء بحکمته ووفق سُنَّتِه.أنّ الله أدخلَ الإنسانَ المؤمن والکافر فی هذا العالم فی مطعم له من نوع (سلف سرویس)، کما قال سبحانه: (کُلاًّ نُمِدُّ هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّکَ وَمَا کَانَ عَطَاءُ رَبِّکَ مَحْظُوراً) (23).
فلولا إمداد الله عبیده بکل ما یملکون من طاقات فکریة وجسدیّة، وما سخَّر لهم فی هذا العالم لما استطاع المؤمن أن یعمل عملا صالحاً، ولا الضالّ الکافر أن یعمل عملا ضارّاً فاسداً، ولو سلبهم لحظة واحدة أیّ جزء ممّا منحهم من الرؤیة والعقل والصحّة و... و... لما استطاعوا أن یفعلوا شیئاً، إذاً فإنّ الإنسان یفعل ما یفعل بما منحه الله بمحض اختیاره، وبناءً على ما بیّنّاه، أنّ الإنسان لم یفوّض إلیه الأمر فی هذا العالم، ولم یجبر على فعل بل هو أمر بین الأمرین، وهذه هی مشیئة الله وسنّته فی أمر أفعال العباد، ولن تجد لسنّة الله تبدیلا.
المصادر :
1- یونس/93 و الجاثیة/17
2- الحجر/66
3- الإسراء/23
4- البقرة/117
5- الأنعام/2
6- یس /81
7- البقرة /7
8- سبأ /36
9- المرسلات /23
10- النمل/57
11- سبأ/11
12- الحجر/21
13- المرسلات/20-22
14- الأحزاب/38
15- البحار 5 : 5 .
16- کما فی سورة ص : 27 .
17- توحید الصدوق : 380; وترجمة الامام على (علیه السلام) فی تاریخ ابن عساکر 3 : 231 تحقیق الشیخ المحمودی.
18- توحید الصدوق : 361.
19- توحید الصدوق 328-340، 344،362; والکافی 1 : 160 .
20- التوحید : 362 .
21- الکافی 1 : 160; والتوحید : 362 .
22- الطرائف.
23- الإسراء/


source : rasekhoon
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

أما السؤال الثاني الذي يمكن أن نستمده من سؤالكم ...
اسلوب التفسير بالرأي
أحاديث.. في العلم والحكمة والمعرفة (1)
أمير المؤمنين إمامته وفضائله
الرد على نظرية إثبات الحد لله تعالى، ق(13)
الحساب يوم الحساب
المعاد في التصور اليهودي
نُبوَّة النِّساء
القدرة الإِلهية المطلقة
اثر التقوى في الحياة الزوجية

 
user comment