إن تقوى الزوج وورعه عن الحرام في المأكل والمشرب وعدم الاعتداء على أعـراض الآخرين ولو بالنظر العادي البسيط ، له الأثر الكبير في حياته بشكل عـام وفي الحياة الزوجية بشكل خاص .. حيث ذلك الأثر يجده في زوجته وأولاده .
الوفاء من الزوج :
وذلك أن يكون الرجـل وفيّاً مخلصاً لزوجته وإن كان فقيراً خيراً لها من أن يكون غنياً ولكنه غير وفيٍّ لها .
أن يكون عالماً :
أو متعلماً في العلوم الشرعية ؛ عن أبي حمزة الثمالي قال : قال لي أبو عبدالله ( الإمام الصادق ) عليه السلام: ( أغـدُ عالماً ، أو متعلماً ، أو أحب أهل العلم ، ولا تكن رابعاً فتهلك ببغضهم ) ( 1 ).
وفي صحيحـة جميـل ، عـن ابي عبدالله عليه السلام قال : سمعته يقول : ( يغدوا الناس على ثلاثة أصناف : عالمٌ ، ومتعلّمٌ ، وغثاء ) (2).
عن أبي عبدالله عليه السلام قال : ( لـوددتُ أن أصحابي ضُربت رؤوسهم بالسياط حتى يتفقّهوا ) ( 3).
وقـد يكون الزوج سبباً في نجاة تلك الفتاة وتخرج من الظلمات إلى النور بسببه ، وعلى الأقل أن يكون سلوكها وعباداتها على الوجهة الشرعية الإسلامية
قصة عجيبة :
كان لفتح علي شاه المغفور له صبية إسمها ضياء السلطنة اشتهرت في الكمال والمال والجمال فطلب فتح علي شاه من المرحوم الشيخ ملا حسن يزدي صـاحب مهيج الأحـزان أن يزوج ضياء السلطنة من إبنه فلم يقبل واعتذر عن ذلك بأننا رعايا لسنا أهلاً لأن تدخل بنات السلاطين إلى بيوتنا. والمعروف أن المرحـوم فتـح علي شـاه طلب من الفاضل القمي صاحب القوانين أن يزوج ولده لإحدى بناته وبعد إنقضاء المجلس طلب الميرزا من الله تعالى أنه إذا كان لا بد من زواج إبني مع بنت السلطان فأمت ولدي . انتهى الميرزا مـن الدعاء وكان قد غرق ولده في حوض البيت ومات . ثم ذهبت ضياء السلطنة إلى العتبـات العالية أولاً عند المرحوم السيد محمد مهدي ابن السيد علي الطباطبائي فأرسلت إليه أن يتزوجها فرفض ولم تصل إلى ما تريد وكان السيد مهدي من أزهد زهاد العصر .
بعد ذلك طلبت بنت السلطان ضيـاء السلطنة من الشيخ محمد حسين صاحب الفصول أن يتزوجها فرفض الشيخ ثم أرسلت بعد ذلك إلى السيـد الأستاذ شخصاً يعرض عليه الزواج منها فأجاب بأن مصاريف بنت الملك كثيرة وليس عندنـا إلا الفقر والفاقه ولا نتمكن من تأمين مصاريفها فأرسلت إليه من جديد إنني لا أطلب شيئاً بل أنا مستعدة للصرف عليك وعلى عيالك فأجـاب أن عائلتي وزوجتي وأولادي قد عـاشوا معي في العسر والفقر ولازم الوصل لك أن نحيد عنهم وهذا قبيح فأرسلت إليه من جديد أن تبقى عند عيالك وكل الذي أريده أن أحمل إسمك فأبى السيد الأستاذ حتى يئست بالكلية ( 4).
أن يكون باراً بوالديه :
وصولاً لرحمه حتى ينعكس ذلك على حياته الزوجية وتوفيقاته الإلهية.
أن يكون قنوعاً :
في رزقـه وعمله وزوجته وأهله ؛ فإن القناعة كنز لا يفنى ، والرجل إذا كانت عنده قناعة يؤثر ذلك في استقرار حياته الزوجية .
أن يكون حكيماً عاقلاً :
في تصرفاتـه وكلامـه فيظلل زوجته بحكمته ويعالجها بعقله وصبره ويدفع عنها شرور الحماقة بهدوء اعصابه وحسن تصرفاته وعقلانيته
فتعيش الزوجة هادئة البـال مطمئنة الحال بحسن اعماله وحكمته ؛ فالحكمة ضالة المؤمـن ، وكل ينشدها وهي نعمة إلهية :يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ( 5 ).
الزوج الذي تفتخر به الزوجة :
ينبغي أن تتزوج الفتاة من الزوج الذي هي تفتخر به في علمه وحسبه ونسبه وحبه وعطفه وتستظل تحت ظله ، وأنها بحاجة إليه أكثر مما هو بحاجةإليها أو يفتخر بها في حسبها ونسبها وجمالها .
ينبغي للمرأة السعيدة أن تشعر أنها ضعيفة محتاجة إلى زوجها وتستمد قوتها من قوته وكرامتها من كرامته وتفتخر أن تكون زوجة له وأماً لأولاده.
إلى غير ذلك من الصفات التي تدخل تحت عنوان مكارم الأخلاق .
الصفات السيئة للزوج :
يكـره للمرأة أن تتزوج من الرجال ممن يتصف بالصفات السيئة التي تعكر مزاجها وتهدم سعادتها وهذه جملة منها :
سيء الخلق :
ويدخـل فيه جميع الصفات المذمومة ؛ فقد جاء في صحيحة الحسين بن بشّار الواسطي قال : كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام: إنّ لي قرابة قد خطب إليَّ ابنتي وفي خُلُقه سوء ؟ قال : ( لاتزوجه إن كان سيّء الخلق )(6)
وعن مفضل بن عمر قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلاميقول : ( عليكم بالتفقّه في ديـن الله ولا تكونوا أعراباً ؛ فإنه من لم يتفقّه في دين الله لم ينظر الله إليه يوم القيامة ، ولم يزكّ له عملاً ) ( 7 ).
الفاسق بأي شكل من أشكاله ، وهـو يـدخل تحت عنوان سيء الخلق أيضاً.
شارب الخمر :
والأخبار الوارة في النهي عن تزويج شارب الخمر كثيرة جداً ، منها خبر ابي الربيع ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ( من شرب الخمر بعدما حرمها الله على لسـاني فليس بأهل أن يزوج إذا خطب )( 8 ).
ومـرسل أحمد بن محمد قال : قال أبو عبد الله عليه السلام: ( من زوج كريمته من شارب خمر فقد قطع رحمها )( 9 ).
ومرسل ابن أبي عمير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله ( شارب الخمر لا يزوج إذا خطب )( 10 ).
ومرسل العلا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ( شـارب الخمر إن مرض فلا تعودوه - إلى أن قال – وإن خطب فلا تزوجوه … )( 11 ).
إلى غير ذلك من الأحاديث الناهية عن تزويج شارب الخمر( 12 ).
لأن الخمرة أمّ الكبـائر والتي تتولد عنها مفاسد كبيرة وكثيرة جداً فمن إنحطاط الأخلاق إلى الزنا والسرقة وتدنيس الفروج وهتك الأعراض بل وقتل النفس المحترمة .
وضيع الأصل :
ينبغي للمرأة في زواجها أن تتجنب الرجل وضيع الأصل ، كالمتولد من الزنا أو أن أمه أو اباه غير شريفين ؛ فإنه سوف يصبح عاراً عليها وعلى أولادها والعرق دساس والطبع يغلب التطبع .
الرجل الناشئ في بيئة فاسدة :
فإذا كان الرجل يعيش في بيئة فاسدة من الناحية العقائدية أو الفكرية أو الأخلاقية وهو متصف بذلك فإن هذا الإنحراف سوف يبرز وينعكس على مستقبل حياته الزوجية ويعكّر صفوها .
البخيل :
إن البخل في النساء من الصفـات الحسنـة إلا أنه في الرجال من الصفات السيئة الذميمة .
المسرف المبذّر :
إن المبذرين جعلهم القرآن في عداد إخوان الشياطين الذي يجب علىالإنسـان أن يبتعد عنهم ، قال تعالى :وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا ( 13 ).
فيجب عـلى الإنسـان أن يتجنب البخـل كمـا يتجنب التبذير والإسراف ويكون في حـالة الوسط . قال تعالى :وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ( 14).
الزاني :
ينبغي للفتاة التي تريد أن تتزوج أن تتجنب الشاب المعروف بالزنا ؛ فإن الرجل الزاني سوف يجر على زوجته العار والأمراض الخطيرة كالإيدز والأمراض الزهرية وغيرهـا بالإضافـة إلى أنها سـوف تكون هي مهددة بالإنحراف في يـوم من الأيـام ، ولن يقوم
بالحقوق الزوجية لها وهذا سبيل سيء . قال تعالى :وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ( 15 ).
ومن كان هذا سبيله فلا حياة سعيدة بينه وبين زوجته .
صاحب القمار :
إذا كان الرجل هوايته القمار فلن يفلح في حياته بعد أن ضيّع أوقاته في اللهو واللعب والذي هو من عمل الشيطان ؛ فإنه في آخر المطاف سوف تصبـح نهايتـه الفقر والإستدانة وكل ذلك ينعكس على حياته الزوجية ،والزوجة تتحمل القسط الوافر من نتائج قماره ولعبه ولهوه .
العاق لوالديه :
فـإن من لا يعرف لوالديه حقا وقد ضيّعه ؛ فلن يعرف لزوجته حقا ولن يقوم بمسؤوليتها ، ولأن عقوق الوالدين سوف تعجّل له عقوبته في الدنيا قبل الآخرة ؛ فالفتاة إذا كانت تعرف أن هذا الشاب الذي تريد أن تقترن به عاق لوالديه ينبغي لها أن تترك الزواج منه ، ولو لم تعلم إلا بعد زواجها منه فيجب عليها أن تحثه على بر والديه وصلتها ولا يجوز لها التغافل عن ذلك أو تكون لا سمح الله هي السبب في عقوقـه لهما أو يقطع صلته بهما فإنها هي خاسرة أيضاً كما هو خاسر .
من كانت هوايته الرقص والخلاعة :
فإن الشاب الذي كانت هوايته الرقص والخلاعة والهزل ؛ فإن زوجته لن تستفيد منه ولن يتمكن أن يحقق لها السعادة الزوجية .
إلى غير ذلك من الصفات السيئة والتي تدخل تحت عنوان سيء الخلق والفاسق.
المصادر :
1- الكافي كتاب فضل العلم باب صفة العلم وفضله وفضل العلماء ح3 .
2- الكافي كتاب فضل العلم باب صفة العلم وفضله وفضل العلماء ح4 .
3- الكافي كتاب فضل العلم باب فرض العلم ح8 .
4- قصص العلماء ص16 – 17 .
5- سورة البقرة آية : 269 .
6- الفقيه كتاب النكاح باب 124 ج 3 ص 254 ح 13 ، الوسائل كتاب النكاح باب 30 من أبواب مقدمات النكاح / ح 1 .
7- الكافي ج1 ص31 ح53 .
8- الوسائل كتاب النكاح باب 29 من أبواب مقدمات النكاح ح 25083 .
9- الوسائل كتاب النكاح باب 29 من أبواب مقدمات النكاح ح 25081 .
10- الوسائل كتاب النكاح باب 29 من أبواب مقدمات النكاح ح 25082 .
11- الوسائل كتاب النكاح باب 29 من أبواب مقدمات النكاح ح 25085 .
12- مصدر هذه الصفات يرجع فيها إلى العروة الوثقى ج2 والجواهر ج29 .
13- سورة الإسراء آية : 26 - 27 .
14- سورة الإسراء آية : 29 .
15- سورة الإسراء آية : 32 .