عربي
Saturday 4th of May 2024
0
نفر 0

في ظلال القرآن والسنة

في ظلال القرآن والسنة

[56]

 

[57]

وعنى الاسلام كتابا وسنة بشأن الامام الحسين ( ع ) وأولاه المزيد من العناية والاهتمام لانه من مراكز القيادة العليا في الاسلام التي تطل على هذا الكون فتشرق على معالمه ، وتصلح من شأن الانسان ، وتدفعه إلى السلوك النير ، والمنهج السليم.

لقد قابل الاسلام بكل تكريم واحتفاء الامام الحسين كما عنى به مع أبويه وأخيه ، فرفع ذكرهم وحث باصرار على اتباع سلوكهم ، والاقتداء بهم ، وضمن للامة أن لا تزيغ عن طريق الهدى اذا لم تتقدم عليهم في مجالات الحكم والتشريع وغيرهما ، ونشير - بإيجاز - إلى بعض ما أثر في الكتاب والسنة في حقهم:

في ظلال القرآن:

أما كتاب الله العظيم - الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه - فقد أعلن فضل الامام الحسين في اطار أهل البيت ( ع ) وله في كتاب الله غنى عن مدح المادحين ووصف الواصفين ، وهذه بعض الآيات الناطقة في فضلهم.

آية التطهير:

قال تعالى : " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " ( 1 ) ولابد لنا من وقفة قصيرة للبحث عن هذه الآية.


( 1 ) سورة الاحزاب آية 22 . ( * )

[58]

أ - من هم أهل البيت ؟

وأجمع المفسرون وثقاة الرواة ( 1 ) أن أهل البيت هم الخمسة أصحاب الكساء وهم : سيد الكائنات الرسول ( ص ) وصنوه الجاري مجرى نفسه أمير المؤمنين ( ع ) وبضعته الطاهرة عديلة مريم بنت عمران سيدة النساء فاطمة الزهراء التي يرض الله لرضاها ويغضب لغضبها ، وريحانتاه من الدنيا سبطاه الشهيدان الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، ولم يشاركهم أحد من الصحابة وغيرهم في هذه الآية ، ويدل على هذا الاختصاص ما يلي:

اولا - إن أم سلمة قالت : نزلت هذه الآية في بيتي ، وفي البيت فاطمة وعلي والحسن والحسين فجللهم رسول الله ( ص ) بكساء كان عليه ثم قال : " اللهم هؤلاء أهل بيتي فاذهب عنهم الرجس ، وطهرهم تطهيرا " يكرر ذلك ، وأم سلمة تسمع وترى فقالت : وأنا معكم يا رسول الله ، ورفعت الكساء لتدخل فجذبه منها ، وقال لها : " انك على خير "


( 1 ) تفسير الفخر 6 / 783 ، النيسابوري في تفسير سورة الاحزاب صحيح مسلم 2 / 331 ، ما نزل من القرآن في أهل البيت ( ص 41 ) ، من المخطوطات المصورة في مكتبة الامام الحكيم نقلت من الخزانة المستنصرية سنة ( 666 ه ) تأليف الحسين بن الحكم الخنزي ، الخصائص الكبرى 2 / 264 ، الرياض النضرة 2 / 188 ، خصائص النسائي ، تفسير ابن جرير 22 / 5 ، مسند أحمد بن حنبل 4 / 107 ، سنن البيهقي 2 / 150 مشكل الاثار 1 / 334 . وقد أورد جلال الدين السيوطي في ( الدر المنثور ) عشرين رواية من طرق مختلفة في اختصاص الآية بأهل البيت ، وأورد ابن جرير في تفسيره خمس عشرة رواية بأسانيد مختلفة في قصر الآية عليهم بالخصوص . ( * )

[59]

وتواترت الصحاح بذلك ( 1 ) ، وهي حسب رواية أم سلمة تدل - بوضوح - على الحصر بهم ، وامتيازهم عن غيرهم بهذه المأثرة المشرفة.

ثانيا - إن الرسول ( ص ) قد سلك كل مسلك في اعلان اختصاص الآية بهم ، فقد روى ابن عباس قال : " شهدت رسول الله ( ص ) سبعة أشهر يأتي كل يوم باب علي بن أبي طالب عند وقت كل صلاة فيقول:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهل البيت " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " الصلاة رحمكم الله ، كل يوم خمس مرات " ( 2 ) ، وروى أنس بن مالك : أن النبي ( ص ) كان يمر ببيت فاطمة ستة أشهر اذا خرج إلى الفجر فيقول : الصلاة يا أهل البيت " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " ( 3 ).

وروى أبوبرزة قال : صليت مع رسول الله ( ص ) سبعة أشهر فاذا خرج من بيته أتى باب فاطمة ( ع ) فقال : السلام عليكم " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " ( 4 ).

وقد أكد النبي ( ص ) اختصاص الآية بأهل بيته ونفاها عن غيرهم ارشادا للامة وإلزاما لها باتباعهم وتسليم قيادتها لهم.

ثالثا - احتجاج العترة الطاهرة على اختصاص الآية بهم ، فقد قال الامام الحسن الزكي ( ع ) في بعض خطبه:

" وأنا من أهل البيت الذي كان جبرئيل ينزل إلينا ، ويصعد من


( 1 ) مستدرك الحاكم 2 / 416 ، أسد الغابة 5 / 521.
( 2 ) الدر المنثور 5 / 199.
( 3 ) مجمع الزوائد 9 / 169 ، أنساب الاشراف ج 1 ق 1 ص 157.
( 4 ) ذخائر العقبى ( ص 24 ) . ( * )

[60]

عندنا ، وأنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا " ( 1 ) وتواترت الاخبار من طرق العترة الطاهرة معلنة اختصاص الآية بالخمسة من أصحاب الكساء وعدم تناولها لغيرهم من اسرة النبي.

ب - خروج نساء النبي:

وليس النساء النبي ( ص ) أي نصيب في هذه الآية فقد خرجن عنها موضوعا أو حكما - كما يقول علماء الاصول - وللتدليل على ذلك نذكر ما يلي:

1 - إن الاهل - في اللغة - موضوع لعشيرة الرجل وذوي قرباه ( 2 ) ولا يشمل الزوجة ، وأكد هذا المعنى زيد بن أرقم حينما سئل عن أهل بيت النبي ( ص ) هل يشمل زوجاته ؟ فأنكر ذلك ، وقال:

" لا - وأيم الله - إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع إلى أبيها وقومها ، . . . أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده " ( 3 ).

2 - إنا لو سلمنا أن الاهل يشمل الزوجة ويطلق عليها فلابد من تخصيصه بالاخبار المتقدمة فانها توجب التخصيص من دون شك ، فقد بلغت حد التواتر اللفظي أو المعنوي.

ج - مزاعم عكرمة ومقاتل:

وهناك جماعة من صنائع بني أمية ودعاة الخوارج حاولوا صرف الآية عن العترة الطاهرة ، واختصاصها بنساء النبي ( ص ) متمسكين بسياق الآية ومن الذاهبين إلى ذلك عكرمة ، ومقاتل بن سليمان ، وكان عكرمة من


( 1 ) مستدرك الحاكم 3 / 172.
( 2 ) القاموس المحيط 1 / 331 ، أقرب الموارد.
( 3 ) تفسير ابن كثير 3 / 486 ، صحيح مسلم 2 / 238 . ( * )

[61]

أشد الناس تحاملا على أصحاب الكساء ، وكان ينادي بذلك في السوق ( 1 ) وبلغ من اصراره وعناده أنه كان يقول : " من شاء باهلته أنها نزلت في أزواج النبي " ( 2 ) ، ومن الطبيعي أن نداءه في السوق ، وعرضه للمباهلة انما يدل على بغضه الشديد للعترة الطاهرة التي هي عديلة القرآن الكريم ، ولابد لنا من النظر في شؤون عكرمة ومقاتل حتى تبين اندفاعهما لما زعماه.

عكرمة في الميزان:

عكرمة البربري هو أبو عبد الله المدني أصله من البربر كان مولى للحصين ابن أبي الحر العنبري فوهبه لابن عباس لما ولي البصرة من قبل الامام أمير المؤمنين ( ع ) وبقى رقا حتى توفي ابن عباس فباعه علي بن عبد الله ثم استرده ( 3 ) وقد جرح في عقيدته واتهم في سلوكه ، فقد ذكر المترجمون له ما يلي:

1 - إنه كان من الخوارج ( 4 ) وقد وقف على باب المسجد فقال ما فيه إلا كافر ( 5 ) لان الخوارج ذهبوا إلى كفر المسلمين ، أما موقفهم من الامام أمير المؤمنين فمعروف بالنصب والعداء.

2 - إنه عرف بالكذب ، وعدم الحريجة منه ، وقد اشتهر بهذه الظاهرة فعن ابن المسيب أنه قال لمولاه برد : " لا تكذب علي كما كذب عكرمة على ابن عباس " ( 6 ) ، وعن عثمان بن مرة أنه قال للقاسم : إن


( 1 ) أسباب النزول للواحدي ( ص 268 ) ( 2 ) الدر المنثور 5 / 198.
( 3 ) تهذيب التهذيب 7 / 263 ( 4 ) ميزان الاعتدال 3 / 95 ، طبقات القراء 1 / 15 ، طبقات ابن سعد 5 / 216.
( 5 ) ميزان الاعتدال 3 / 95.
( 6 ) ميزان الاعتدال 3 / 96 . ( * )

[62]

عكرمة حدثنا عن ابن عباس كذا ، فقال القاسم : يابن أخي إن عكرمة كذاب يحدث غدوة حديثا يخالفه عشيا ( 1 ).

ومع اتهامه بالكذب لا يمكن التعويل على أي رواية من رواياته فان اقتراف الكذب من أظهر الاسباب التي توجب القدح في الراوى.

3 - إنه كان فاسقا يسمع الغناء ، ويلعب بالنرد ، ويتهاون في الصلاة وكان خفيف العقل ( 2 ).

4 - ان المسلمين قد نبذوه وجفوه ، وقد توفي هو وكثير عزة في يوم واحد فشهد الناس جنازة كثير ولم يشهدوا جنازته ( 3 ).

ومع هذه الطعون التي احتفت به كيف يمكن الاعتماد على روايته والوثوق بها وقد اعتمد عليه البخاري وتجنبه مسلم ( 4 ) قال البخاري:

ليس أحد من أصحابنا إلا وهو يحتج بعكرمة ( 5 ) ومن الغريب أن البخاري يعتمد في رواياته على عكرمة وأمثاله من المطعونين في دينهم ، ويتحرج من رواية العترة الطاهرة التي هي عديلة القرآن الكريم.

مقاتل بن سليمان:

أما مقاتل بن سليمان بن بشير الازدي الخراساني ، فهو كصاحبه عكرمة كان متهما في دينه ، وذكر المترجمون له ما يلي:

1 - إنه كان كذابا ، قال النسائي : كان مقاتل يكذب ( 6 ) وكذلك


( 1 ) معجم الادباء.
( 2 ) تهذيب التهذيب 7 / 263.
( 3 ) تهذيب التهذيب 7 / 271 ( 4 ) ميزان الاعتدال 3 / 93.
( 5 ) تهذيب التهذيب 7 / 271.
( 6 ) ميزان الاعتدال 4 / 173 . ( * )

[63]

قال وكيع : وقال اسحاق بن ابراهيم الحنظلي : أخرجت خراسان ثلاثة لم يكن لهم نظير - يعني في البدعة والكذب - : جهم ومقاتل ، وعمر بن صبح ، وقال خارجة بن مصعب : كان جهم ومقاتل عندنا فاسقين فاجرين ( 1 ) ومع اتهامه بالكذب لا يصح الاعتماد على روايته ، ويسقط حديثه عن الاستدلال به.

2 - إنه كان متهما في دينه ، وكان يقول بالتشبيه ، قال ابن حبان:

كان مقاتل يأخذ عن اليهود والنصارى علم القرآن الذي يوافق كتبهم ، وكان مشبها يشبه الرب سبحانه بالمخلوقين وكان يكذب في الحديث ( 2 ) وقد استحل بعض الاخيار دمه يقول خارجة : لم استحل دم يهودي ولا ذمي ، ولو قدرت على مقاتل بن سليمان في موضع لا يرانا فيه أحد لقتلته ( 3 ).

3 - عرف مقاتل بالنصب والعداء لامير المؤمنين ( ع ) وكان دأبه صرف فضائل الامام ( ع ) وقد أثر عن الامام أنه كان يقول : " سلوني قبل أن تفقدوني " فأراد مقاتل أن يجاريه في ذلك فكان يقول : " سلوني عما دون العرش " فقام إليه رجل فقال له : إخبرني عن النملة أين أمعاؤها فسكت ولم يطق جوابا ( 4 ) وقال مرة : سلوني عما دون العرش فقام إليه رجل فقال له : إخبرنى من حلق رأس آدم حين حج ؟ فحار ولم يطق جوابا ( 5 ).


( 1 ) تهذيب التهذيب 10 / 281 ( 2 ) تهذيب التهذيب 10 / 284 ، ميزان الاعتدال 4 / 175 ( 3 ) تهذيب التهذيب 10 / 281 ( 4 ) تهذيب التهذيب 10 / 283 ( 5 ) وفيات الاعيان . ( * )

[64]

وهذه البوادر تدل على فساد آرائه ، وعدم التعويل على أي حديث من أحاديثه.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

تأملات وعبر من حياة يوسف (ع) - ج 3
المغول يزمعون غزو بغداد.
التشيع و سقوط بغداد على ايدي المغول .
مصرع طلحة :
البيعة
آية الابرار:
التشيع العقيدي .
ثقات الإسلام
حديثٌ حول صوم الجوارح
بلال ، حضرت فاطمہ (س ) کي نظر ميں

 
user comment