وتواترت الاخبار التي أثرت عن النبي صلى الله عليه وآله : في فضل ريحانته الامام الحسين ( ع ) وهي تحدد معالم شخصيته ، كما تحمل جانبا كبيرا من اهتمام الرسول صلى الله عليه وآله به ، وفيما يلي بعضها:
الطائفة الثالثة:
وتواترت الاخبار التي أثرت عن النبي صلى الله عليه وآله : في فضل ريحانته الامام الحسين ( ع ) وهي تحدد معالم شخصيته ، كما تحمل جانبا كبيرا من اهتمام الرسول صلى الله عليه وآله به ، وفيما يلي بعضها:
1 - روى جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : " من أراد أن ينظر إلى سيد شباب أهل الجنة فلينظر إلى الحسين ابن علي . . . " ( 2 ).
2 - روى أبوهريرة قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وهو حامل الحسين بن علي ، وهو يقول : " اللهم اني أحبه فاحبه " ( 3 ) 3 - روى يعلى بن مرة قال : خرجنا مع النبي صلى الله عليه وآله إلى طعام دعونا له ، فاذا حسين يلعب بالسكة فتقدم النبي صلى الله عليه وآله وبسط يديهه فجعل الغلام يفر ها هنا ، وها هنا ويضاحكه النبى ( ص )
( 1 ) مسند الامام أحمد.
( 2 ) تاريخ ابن عساكر 13 / 50 ، من مخطوطات مكتبة الامام أمير المؤمنين ، سير أعلام النبلاء 3 / 190.
( 3 ) مستدرك الحاكم 3 / 177 ، وفي نور الابصار ( ص 129 ) لفظ الحديث " اللهم إني أحبه واحب كل من يحبه " . ( * )
[94]
حتى أخذه فجعل احدى يديه تحت ذقنه والاخرى في فأس رأسه ( 1 ) فقبله وقال : " حسين منى وأنا من حسين ، أحب الله من أحب حسينا ، حسين سبط من الاسباط . . . " ( 2 ).
ودلل النبى صلى الله عليه وآله بهذا الحديث الشريف على مدى الصلة العميقة التي بينه وبين وليده ، وأكبر الظن أنه صلى الله عليه وآله لم يعن بقوله : " حسين مني " الرابطة النسبية التي بينه وبينه ، وإنما عنى أمرا آخر هو أدق وأعمق فالحسين منه لانه يحمل روحه وهديه ، ويحمل اتجاهاته العظيمة الهادفة إلى اصلاح الانسان ورفع مستواه ، وتطوير وسائل حياته على أساس الايمان بالله الذي يحمل جميع مفاهيم الخير والسلام في الارض ، كما عنى صلى الله عليه وآله بقوله : " وأنا من حسين " أن ما يبذله السبط العظيم من التضحية والفداء في سبيل الدين ، وما تؤديه تضحيته من الفعاليات الهائلة في تجديد رسالة الاسلام ، وجعلها نابضة بالحياة على ممر الاجيال الصاعدة فكان النبى صلى الله عليه وآله بذلك حقا من الامام الحسين فهو المجدد لدينه ، والمنقذ له من شر تلك الطغمة الحاكمة التي جهدت على محو الاسلام من خريطة هذا الكون ، واعادة مفاهيم الجاهلية وخرافاتها على مسرح الحياة ، وقد نسف الامام بنهضته أحلام الامويين ، وأعاد للاسلام نضارته وحياته ، ورفع رايته عالية خفاقة في جميع الاجيال.
( 1 ) وفي رواية " فوضع احدى يديه تحت قفاه ، والاخرى تحت ذقنه فوضع فاه على فيه وهو يقول حسين منى . . . الخ.
( 2 ) سنن ابن ماجة 1 / 51 ، مسند أحمد بن حنبل 4 / 172 ، أسد الغابة 2 / 19 ، تهذيب الكمال ( ص 71 ) ، تيسير الوصول 3 / 276 مستدرك الحاكم 3 / 177 ، أنساب الاشراف ج 1 ق 1.
[95]
كما دلل صلى الله عليه وآله على عظمة حفيده بأن أضفى عليه كلمة السبط ، وأراد بها أنه أمة من الامم بذاته ، ومستقل بنفسه ، فهو أمة من الامم في الخير وأمة من الشرف في جميع الاجيال والآباد.
5 - روى الصحابي العظيم سلمان الفارسي قال : دخلت على النبي صلى الله عليه وآله فاذا الحسين بن علي على فخذه ، وهو يلثم فاه ، ويقول:
" أنت سيد ابن سيد ، أنت إمام ابن إمام أخو إمام ، وأبوالائمة وأنت حجة الله ، وابن جته ، وأبوحجج تسعة من صلبك ، تاسعهم قائمهم " ( 1 ).
6 - قال النبي ( ص ) : " هذا - يعني الحسين - إمام ابن إمام أخو إمام ، أبوأئمة تسعة . . . ( 2 ).
7 - روى أبوالعباس قال : كنت عند النبى ( ص ) وعلى فخذه الايسر ابنه ابراهيم ، وعلى فخذه الايمن الحسين بن علي ، والنبى تارة يقبل هذا وأخرى يقبل هذا ، إذا هبط عليه جبرئيل بوحي من رب العالمين ، فلما سرى عنه قال : أتاني جبرئيل من ربي فقال لي : يا محمد إن ربك يقرؤك السلام ، ويقول لك : لست أجمعها لك ، فافد أحدهما بصاحبه ، فنظر النبى إلى ابراهيم فبكى ، ثم قال : إن ابراهيم متى مات لم يحزن عليه غيري ، وأم الحسين فاطمة وأبوه علي ابن عمي لحمي ودمي ، ومتى مات حزنت ابنتي ، وحزن ابن عمي ، وحزنت أنا عليه ، وأنا أوثر حزني على حزنهما ، يا جبرئيل يقبض ابراهيم ، فديت الحسين بابراهيم ، وقبض ابراهيم بعد ثلاث ، فكان النبي ( ص ) اذا رأى الحسين مقبلا قبله ، وضمه إلى صدره ، ورشف ثتاياه ، وقال : فديت من فديته بابني ابراهيم " ( 3 )
( 1 ) المراجعات ( ص 228 ).
( 2 ) منهاج السنة 4 / 210.
( 3 ) تاريخ بغداد 2 / 204 . ( * )
[96]
8 - روى ابن عباس قال : كان النبى صلى الله عليه وآله حامل الحسين على عاتقه ، فقال له رجل:
" نعم المركب ركبت يا غلام ! ! ".
فأجابه الرسول صلى الله عليه وآله:
" ونعم الراكب هو . . . " ( 1 ).
9 - روى يزيد بن أبي زياد قال : خرج النبى صلى الله عليه وآله من بيت عائشة فمر على بيت فاطمة فسمع حسينا يبكي ، فالتاع ( ص ) من ذلك فقال لفاطمة:
" ألم تعلمي أن بكاءه يؤذيني . . . " ( 2 ).
10 - روى عبد الله بن شداد عن أبيه قال : سجد رسول الله صلى الله عليه وآله سجدة أطالها ، حتى ظننا أنه قد حدث أمر ، أو أنه يوحى اليه ، فسألناه عن ذلك ، فقال:
" كل ذلك لم يكن ، ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن اعجله حتى يقضي حاجته . . . " ( 3 ).
هذه بعض الاخبار التي أثرت عن النبى صلى الله عليه وآله في ريحانته وهي أوسمة شرف ومجد قلده بها ، اشعارا منه بأن ظله ، وحقيقته ستمثل في هذا الطفل ، وسيكون صورة فذة لانسانيته العليا ، وأسراره العظمى.
( 3 ) تهذيب التهذيب 2 / 346 ، تيسير الوصول إلى جامع الاصول 3 / 285 ، سنن النسائي . ( * )
[97]
اخبار النبي بمقتله:
وأحاط النبي صلى الله عليه وآله أصحابه علما بمقتل ريحانته وسبطه ، وأذاع ذلك بين المسلمين ، حتى بات عندهم من الامور المتيقنة التي لم يخالجهم فيها أدنى شك ، يقول ابن عباس : " ما كنا نشك ، وأهل البيت متوافرون أن الحسين بن علي يقتل بالطف " ( 1 ).
وقد بكى النبى ( ص ) أمر البكاء وأفجعه - في غير موطن - على ما سيحل بريحانته من الخطوب والكوارث التي تذوب منها القلوب ، وفيما يلي عرضا لتلك الاخبار.
1 - روت أم الفضل بنت الحارث قالت : كان الحسين في حجري فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وقد حملت معي الحسنين ، فوضعته في حجر رسول الله صلى الله عليه وآله ثم حانت مني التفاتة فاذا عينا رسول الله صلى الله عليه وآله تهريقان من الدموع فقلت له:
" - يا نبي الله - بأبي أنت وأمي - ما لك ؟ ! ! - أتاني جبرائيل فأخبرني أن أمتى ستقل ابني هذا.
وذرعت أم الفضل ، فانبرت تقول:
- تقتل هذا - وأشارت إلى الحسين - ؟ - نعم ، وأتاني جبرئيل بتربة من تربته حمراء ( 2 ).
( 1 ) مستدرك الحاكم 3 / 179.
( 2 ) مستدرك الحاكم 3 / 176 ، وفي رواية ابن عساكر 13 / 62 عن ام الفضل قالت : إن النبي ( ص ) دخل علي يوما وحسين معي فأخذه وجعل يلاعبه ساعة ثم ذرفت عيناه ، فقلت له : ما يبكيك ؟ فقال : هذا جبرئيل يخبرني ان امتي تقتل ابني هذا . ( * )
[98]
وغرقت ام الفضل بالبكاء وهامت في تيارات مذهلة من الاسى والحزن .
2 - روت السيدة أم سلمة قالت : إن رسول الله ( ص ) اضطجع ذات ليلة للنوم فاستيقظ وهو خاثر ( 1 ) ، ثم اضطجع فاستيقظ وهو خاثر دون ما رأيت به المرة الاولى ، ثم اضطجع فاستيقظ ، وفي يده تربة حمراء وهو يقبلها فقلت له:
- ما هذه التربة يا رسول الله ؟
- أخبرني جبرئيل إن هذا - يعني الحسين - يقتل بأرض العراق فقلت لجبرئيل : أرني تربة الارض التي يقتل بها ، فهذه تربته ( 2 ).
3 - وروت أم سلمة قالت : كان النبي ( ص ) جالسا ذات يوم في بيتي ، فقال : لا يدخلن علي أحد ، فانتظرت فدخل الحسين فسمعت نشيج النبي ، فاذا الحسين في حجره " أو إلى جنبه " يمسح رأسه وهو يبكي فقلت له:
" والله ما علمت حتى دخل ".
فقال لي : إن جبرئيل كان معنا في البيت ، فقال : أتحبه ؟ فقلت:
نعم ، فقال : إن امتك ستقتله بأرض يقال لها كربلا ، فتناول جبرئيل من ترابها ، فأراه النبي ( 3 ).
4 - روت عائشة قالت : دخل الحسين بن علي على رسول الله ( ص ) وهو يوحى اليه ، فنزا على رسول الله ، وهو منكب ، فقال جبرئيل:
أتحبه يا محمد ؟ قال : وما لي لا أحب ابني ؟ قال : فان امتك ستقتله
( 1 ) الخاثر : المضطرب.
( 2 ) مستدرك الحاكم 4 / 398 ، كنز العمال 7 / 106 ، سير اعلام النبلاء 3 / 15 ، ذخائر العقبى ( ص 148 ).
( 3 ) كنز العمال 7 / 106 ، المعجم الكبير للطبراني . ( * )